مواطنون من سورية … ضد الطائفية
حبيب عيسى
( 1 )
لا يمكن النفي أن هناك في الوطن العربي ، وفي القوى الدولية الطامعة من يراهن على الفتن الطائفية والمذهبية والقبلية والعرقية ، ولا يمكن النفي أن في كل جماعة بشرية حكماء وسفهاء ، ونحن سنقف في هذه العجالة عند الحكماء منهم لأننا نواجه في واقع الحال سفه السفهاء السفيه ، ولأننا في حاجة ماسة إلى سيرتهم العطرة هذه الأيام علها تخففّ عنا ثقل الأحداث الدامية ، ففي ختام الربع الأول من القرن العشرين حمل الحكماء ، ليس من دولة سورية الحالية ، وحسب ، وإنما من سورية ولبنان وفلسطين وشرق الأردن والعراق راية الثورة ضد المستعمر يسلمونها إلى سلطان باشا الأطرش ، وعندما أعلنت فرنسا على لسان غورو أن جيشها جاء يحمي المسيحيين في المشرق توجه فارس الخوري في يوم الجمعة التالي إلى المسجد الأموي ثم يصعد إلى المنبر ويخطب بالمصلين قائلاً : “إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سورية لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين فأنا كمسيحي من هذا المنبر : أشهد أن لا إله إلا الله …. فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف وطافوا به في أحياء دمشق القديمة في مشهد وطني لن تنساه دمشق أبداً ، أما جبال اللكام التي تسمى اليوم جبال العلويين الساحلية فسنقف عند الحكماء منهم بشيء من التفصيل ، ذلك أن البعض ينشر هذه الأيام ما يسميه وثائق الخارجية الفرنسية التي تتضمن أن البعض في جبل العلويين كان مؤيداً لمخططات فرنسا بإقامة الدولة العلوية ، وبغض النظر عن الحقيقة والتزوير في تلك الأوراق التي تنشر ، فإن مما لا شك فيه أنه كان في جبل العلويين من كان يتعامل مع الاستعمار الفرنسي ويتجسس لحسابه ويخدم مخططاته ، لكن هل كانت منطقة في سورية خالية من مثل هؤلاء ؟ ، المهم أنه ، ومما لا شك فيه أيضاً ، أن الكتلة الرئيسية والغالبة والمؤثرة في الجبل كانت في خندق الثورة والمقاومة ، وإلا كيف فشلت جيوش فرنسا ، التي كانت عظمى تلك الأيام ، في إقامة الدولة العلوية ؟ ، ومن أفشلها غير المواطنين في جبل العلويين ؟ ، نقول ذلك تأكيداً للفكرة التي تقول أن في كل جماعة بشرية ، في كل طائفة ، في كل مذهب ، في كل منطقة حكماء وسفهاء ، وطنيون وخونة ، أخيار وأشرار ، مثقفون وجهلة ، مقاومون وعملاء ، حلماء وقتلة مأجورون ، وبما أنه ، وفي فترات المحن خاصة ، يسود الحديث عن السلب والرفض والتكفير للآخر بما يصح وبما لا يصح ، فأننا لن ندخل في مماحكة مع أحد ، وإنما سنفترض أن كل ما يقولونه صحيحاً ، لكن الوثائق الصحيحة كما خطتها أقلام أصحابها ناطقة بأن ما يقولونه على فرض صحته هو جزء صغير هامشي من الصورة حيث المقاومين والثوار والحكماء أفشلوا المخططات الاستعمارية وأقاموا عبر تكتل وطني شامل الجمهورية السورية ، وإذا كنا سنقصر الحديث في هذه العجالة عن المقاومين والثوار والحكماء والوطنيين في جبل العلويين فإننا نقدم ذلك كنموذج فمقابل كل ثائر ومقاوم وحكيم يرد ذكره نجد مثيلاً له أو أكثر في كل منطقة أو طائفة أو مذهب آخر ، وقد تم التعبير عن ذلك في منصة الاستقلال حيث شكري القوتلي وصالح العلي وسلطان باشا الأطرش وفارس الخوري وابراهيم هنانو والقائمة تطول فهل كان على هامش تلك الصورة من هم على النقيض من كل هؤلاء ؟ ، نقول نعم ، وأولئك السفهاء كما كانوا مخربين للوحدة الوطنية استمروا في التخريب ، وحتى الآن .
نحن إذن سنسلط الضوء على الشرفاء الأخيار المناضلين في جبال اللكام ، ونبدأ بالمقاوم الأول ، الثائر الذي كان أول من أطلق النار على جيوش الاستعمار الفرنسي الشيخ الثائر صالح العلي ، ولنتركه يعبّر عن نفسه شعراً ، وهو يتحدى جيوش المستعمرين ، والأهم أنه يبرز هوية المواطنين في هذا الجبل الأشم التي لا يملك أحد من داخله ، أو من خارجه تزييفها ، يقول الثائر المجاهد في قصيدة طويلة نقتطع منها هذه الأبيات :
يا فرنسا لا تظني أننا نقبل الخُسف ، فما نحن عبيد
كفاكم خداعاً وافتراء وخسة وكيداً وعدواناً لأبناء يعرب
سوف تلقين من العرب وقد أجمعوا رأيهم يوماً شديد
تودون باسم الدين تفريق أمة تسامى بنوها فوق دين ومذهب
تعيش بدين الحب قولاً ونية وتدفع عن أوطانها كل أجنبي
وما شرع عيسى غير شرع محمد وما الوطن الغالي سوى الأم والأب
( 2 )
ثم ، وفي مطلع العشرينات من القرن المنصرم بُعيد الاحتلال الفرنسي لسورية امتدت يد السوء الاستعمارية تحت مبدأ “فرق تسد” إلى إذكاء روح البغضاء بين المواطنين العرب المسلمين من “العلويين والسنة” في منطقة بانياس الساحلية ، فحدثت الفتنة ، وبغض النظر عن الأسباب ، والمسبّب ، انتهت إلى أن البعض من “المسلمين العلويين” أحرقوا ونهبوا كل ما وصلت إليه أيديهم من مال وحيوان للمسلمين السنة ، فوقف الشيخ الجليل سليمان أحمد قاضي قضاة الجبل غاضباً مستنكراً ، وأصدر فتواه الشهيرة التي ننقلها حرفياً :
“إلى سائر إخواننا من أهل الولاية”
( إن هذه الفوضى خارجة عن الدين والإنسانية معاً ، فالواجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ويوالي العترة الطاهرة أن يبذل وسعه لإرجاع هذه المسلوبات إلى أربابها . ومن منعته الجهالة والعصبية من الانقياد إلى أمر الله وطاعة المؤمنين ، فليُهجر ولا يُعاشر ولا يجوز أن ُتقبل منه صدقة ولا زكاة ولا يُصلى عليه إذا مات حتى يفيء إلى أمر الله ، وبما أنه لا قوة لنا على تنفيذ أحكام الشرع الشريف في هذه المسألة ، فنحن نفعل ما يجب علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لئلا نقع تحت طائلة الوعيد . فإن المنكر إذا فشا عمّت عقوبته الحُلماء والسفهاء معاً ، فالعقوبة تقع على الحلماء لترك النهي ، وعلى السفهاء لعدم التناسي ، وإذا وُجد من المشائخ من يتساهل مع أهل الجهالة يُعامل معاملتهم . اللهم إنا نبرأ إليك من هذه الأعمال الجائرة وممن يُقرّها . ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . )
– خادم الشريعة الإسلامية المقدسة : سليمان أحمد
لم يكن الشيخ الجليل يمتلك أية سلطة زمنية رادعة ، فقط كانت سلطته على الوجدان والضمائر ، فبعد أن ندّد بالفعلة الجرمية فوجئ الجهلة بهذا الموقف الحازم ، فتهافتوا على المراكز المخصصة يعيدون كل ما لديهم من أسلاب ونهائب ، وأمُنّ المسلوبين والمنهوبين ، واستدعوا لهذه المراكز ليتعّرف كل منهم على دوابه ومسلوباته ، ويأخذها آمناً مطمئناً ، فتهدأ النفوس وتفشل الفتنة .
إننا نورد هذه الواقعة لنبّين لكل من يعنيهم الأمر أن الشعب في ظروف المحن يحتاج إلى صوت الحكمة والعقل ، لمواجهة الغرائز والتوحش والجهالة ، لم يتطرق الشيخ لمن تسبّب بالفتنة لأنه يرفض تبرير الجهالة بالجهالة ، وهو قاضي قضاة المذهب العلوي الإسلامي الذي اعتمد الفقه الإسلامي مصدراُ لأحكام المحاكم المذهبية في جبال العلويين عام 1922 فساء ذلك الحاكم الفرنسي آنذاك الجنرال “بيّوت” الذي كان يسعى لعزل الجبل ، وذلك إمعاناً في تقسيم ما تبقى من سورية إلى دول طائفية ، فسعى الحاكم الفرنسي لمقابلة الشيخ يُزيّن له الأخذ بنظام العرف والعادة والتخلي عن التشريع الإسلامي ، ويغمز من ناحية الفتاوي التي صدرت عن البعض من المسلمين السنة ُيحّل فيها قتل العلويين وسبي نسائهم … استمع الشيخ الجليل بانتباه للجنرال ، وعندها تبيّن الهدف الخبيث من الزيارة ، انتفض مُغضباً ناسياً رهبة السلطان ، وجبروته ووقف معلناً نهاية اللقاء وهو يخاطب الجنرال : ( يا جنرال : “إن الغرض يُعمي ويُصم” ، سيادة الجنرال :سواء عبدنا الحجر أو عبدنا المدر ، فليقيننا أن هذا هو ما جاء به محمد بن عبد الله ، فلشاكّ أن يشك في صحة فهمنا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا شك في انتسابنا واتباعنا له . ) . لم يكن الموقف موقف حوار ، وإنما كان موقف حسم ، أراد الشيخ أن يضع المذهب في إطاره الصحيح ، وهكذا كان فعاد الجنرال بخفي حنين .
( 3 )
ولم يتوقف جنرالات الاستعمار عن محاولاتهم في تقسيم سورية ، وفصل جبل العلويين لتحويله إلى كنتون يخدم مصالحهم ، فحاولوا عن طريق التبشير ليس بهدف ديني وإنما بهدف استعماري وعندما فشلوا أصدروا قانون الطوائف 1939 الذي ُيفرّق بين المسلمين ، “سنة وعلويين” ، فوجّه الزعيم إسماعيل هواش ، وهو زعيم عشيرة من أهم عشائر جبل العلويين ، إلى زعيم عشيرة هامة أخرى من عشائر الجبل الرسالة التالية ينبه إلى مخاطر الفتنة بين المذاهب الإسلامية ، جاء في الرسالة وننقلها كما جاءت بخط يده : ( لحضرة الأستاذ الفاضل الشيخ يس أفندي عبد اللطيف الأكرم .سلام الله عليكم ، وبعد . لا ُيخفى عليكم القرار الصادر عن المفوض السامي بخصوص قانون الطوائف . الذي كنتم تحاربوا هذه الفكرة قبل ظهورها ، أي من يوم ابتداء التبشير والتنصير في عشيرة السيد أمين رسلان ، وكنتم تعملون على خنق هذه الروح الخبيثة . وعقدتم اجتماعات شتى وقدمّتم الاحتجاجات للمفوضية العليا ووزارة الخارجية الأفرنسية وجامعة الأمم . فما بالكم بعد أن سمعتم المفوض السامي يذيع في الراديو بتوقيف تنفيذ القرار على السنة المسلمين من دوننا ، أو من دون المذاهب الإسلامية الأخرى . أرضيتم بذلك ؟ ، أم أنكم ستجابهون هذا التصريح بتصريح من عندكم كما صرح المجتهد الشيخ محسن الأمين ، وأعلن استنكاره ، وتحملون الزعماء والمشايخ والعلماء والوجهاء على استنكار هذا الموقف الشاذ . فو الله إذا لم تقوموا قومة الرجل الواحد ، وتقفوا أمام مظالم هذا القرار عمتنا البلوى، واستهدفنا التبشير والتنصير ، وأصبحت أبنائنا من بعدنا طعمة سائغة للاستعمار الأجنبي ، وعلى كل ، فالمسؤولية توجه عليك أولاً ثم يتبعكم الزعماء والعلماء ، والله تعالى يأخذ بيدنا لنصرة الحق والإسلام . والسلام .
عن دمشق : 19 آذار /1939 زعيم عشائر المتاورة : اسماعيل هواش )
غني عن القول أننا هنا بمواجهة موقف استعماري يستهدف محاصرة الداخل من الساحل ، ومحاصرة الساحل من الداخل لتسهيل مهمة الاحتلال ، وأن الموقف هنا في الجبل كان موقف مقاومة لمخططات المستعمر ، ولا علاقة له بالدين إلا كوسيلة للفتنة من قبل المستعمرين ، وهذا ماعبر عنه الصهاينة من خلال ما أسموه فيما بعد “استراتيجية إسرائيل في ثمانينات القرن الماضي” حيث الوطن العربي كما يريدونه بين المحيط والخليج دويلات طائفية ومذهبية وعرقية تدور في فلك العنصرية الصهيونية .
( 4 )
ثم ، كانت سلطات الاستعمار الفرنسي قد أمعنت في تقسيم سورية وأعلنت نيتها إقامة “الدولة العلوية” فقاوم أبناء الجبل ورموزه المخلصين ، وشكلوا وفداً يمثل المواطنين في الجبل يضم مختلف الفئات من الطوائف والمذاهب توجّه إلى دمشق ، ولعله من المفيد نقل الخبر كما ورد في مصطلحات تلك الأيام ، فقد نشرت “جريدة الشعب” التي تصدر في دمشق على صدر صفحتها الأولى في عدد يوم الثلاثاء : 10 آذار 1936 الخبر التالي “مانشيت” مُرفقاً بصورة كبيرة لأعضاء الوفد ، وننقل الخبر كما ورد في الصحيفة دون أي تصرف :
“وفد زعماء البلاد العلوية في دمشق”
“الكتلة الوطنية وزعماء البلاد يحتفلون بالوفد العلوي احتفالاً عظيماً”
(وصل دمشق في أول أيام العيد وفد كبير من كبار زعماء البلاد العلوية وأقطابها وزعماء شبابها ، فاحتفلت بهم دمشق احتفالاً عظيماً منقطع النظير ، وزارهم في نزل “أوريان بالاس” ، حيث نزلوا ، حضرة رئيس الكتلة الوطنية السيد هاشم الأتاسي ، والسادة فارس الخوري ، وجميل مردم بك ، لطفي الحفار ، شكري القوتلي ، مظهر رسلان ، إحسان الشريف ، فائز الخوري ، عفيف الصلح ، نجيب البرازي ، أحمد اللحام ، وغيرهم من كبار وجوه المدينة وأعيانها وشبابها وطلابها .
وقد تألفت المظاهرات الشعبية الرائعة لتحيتهم والترحيب بهم ، وكانت تفد إلى الساحة الواقعة أمام الفندق العظيم ، هاتفة لهم مرحبة بهم ، ُمحيّية فيهم شعورهم الوطني الرائع الذي حملهم على زيارة العاصمة دمشق تأييداً لمطالبهم في الوحدة السورية ، وسعيهم لإعلان رأي مواطنيهم في تاليف الدولة السورية الكبرى .
وقد كان أعضاء الوفد العلوي الكريم يخطبون في الجماهير الزاحفة بتحيتهم ، وكان أكثرهم خطباً في المظاهرات ، الأستاذ عبد الله العبد الله ، والإستاذ بولس ديبة ، والإستاذ إبراهيم الخوري ، والإستاذ فائز الياس .
وقد تمكنا من أخذ هذه الصورة لفريق من حضرات اعضاء الوفد الكريم ، وهم : الأستاذ فائز الياس ، الشيخ علي شهاب ، الشيخ علي كامل ، اسماعيل بك الهواش ، محمود بك عبد الرزاق ، الأستاذ بولس ديبة ،الأستاذ ابراهيم الخوري ، والأستاذ عابدين حمادة ، حامد بك المحمود ، منير بك العباس ، يونس بك اسماعيل يونس،الدكتور بشور ، فالأستاذ عبد الله العبد الله ، فدباح بك الدندشي ، فعلي بك عبد الكريم الدندشي ، فنديم بك عباس ، فشوكة بك عباس .
هذا ، وقد غادرنا الوفد العلوي عائداً إلى بيروت شاكراً لدمشق الحفاوة الرائعة التي قوبل بها ، وأرسل إلينا كلمة الشكر التالية : يغادر الوفد العلوي دمشق الجبارة ، أم البلاد السورية ، شاكراً مالقيه فيها من حفاوة وتكريم ، متأثراً بتلك العواطف الطيبة التي أحاطه بها زعماء الكتلة الوطنية ، والوجوه والأعيان والشباب الوطني حاملاً إلى بلاده ، أثمن الذكريات ، وأجملها عن هذه الزيارة التي أراد بها الوفد تأييد البلاد العلوية وتضامنها مع سورية الكبرى في جهادها وعملها لتحقيق الوحدة السورية العامة التي تجمع شمل البلاد ، وتمتعها بكيانها الدولي . ) .
( 5 )
ثم ، وفي ستينات القرن المنصرم أصدر عدد كبير من العلماء والشيوخ في جبل العلويين بياناً في مواجهة الفرقة والفتن جاء فيه : ( إن أكثر ما يفرّق بين الناس جهلهم بحقيقة بعضهم البعض واتباعهم لما تزين لهم أهواؤهم واعتمادهم في التحدث عن سواهم على الأقاويل دون تمحيص أو تثبت. وهذا الجهل المفرّق بين الناس أعطى تاثيره السيء في الماضي والحاضر ، في الماضي : جعل الناس يتراشقون بالتهم إبان التخاصم السياسي ، فكان كل فريق ُيسّجل على الآخر مايتهمه به في دينه ودنياه . وفي الحاضر لايزال المتزمتون والمغرضون يتناقلون التهم المسجلة في الماضي على انها حقائق تاريخية ، ويروجّها أعداء العرب والمسلمين ، حتى لتكاد تقطع كل صلة رحم دينية … والعرب والمسلمون اليوم – في محنتهم السياسية ، وفي يقظتهم الحاضرة – مدعوون أكثر من أي وقت مضى إلى تمحيص تلك التهم ونبذها . وهم مدعوون إلى التسامح الإسلامي في الخلافات حول الفروع ، وعلى الأخذ بما يقرّه العقل والدين ، لا بما يتقوّله أو يسجله الجهلاء والمغرضون . ومصلحة جماعات العرب والمسلمين في هذا الظرف الحرج تقتضي من عقلاء كل جماعة اليقظة والحذر من التشنيع على الغير بما عند جماعتها مثله ، أو شبيه به . ولا يخلوا أي مجتمع من انحرافات دخيلة ، صار بسببها عرضة للتشهير والتحامل . والمصلحة ، كل المصلحة ، في المبادرة إلى إصلاحها ، والتخلص منها ، بدلاً من الاستمرار في التشهير بأخطاء الآخرين ، والتنديد بها . وما من خطة للأصلاح أجدى من الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة) ، ثم تطرّق البيان لأصول علوم الدين الإسلامي لدى المذهب يدحض ما يُشاع ، وقد وقّعّ البيان العلماء والشيوخ الأفاضل مع حفظ الألقاب ، وهم السادة : ابراهيم جمال ، ابراهيم سعود ، ابراهيم صالح معروف ، ابراهيم حرفوش ، ابراهيم حسن النجار ، ابراهيم الكامل ، أحمد علي حلوم ، احمد محمد رمضان ، أحمد علي الخير ، اسماعيل شحود ، حسين سعود ، حسن عباس ، حبيب صالح معروف ، حامد عامودي الطرابلسي ، حمدان الخير ، حسن محمد علي ، حيدر محمد حيدر ، سلمان خليل الوقاف ، رجب سعيد خليل ، سلمان احمد سلمان ، سلمان حسن، سلمان أحمد خضر ، سليمان عيسى مصطفى ، صالح علي صالح ، عبد الرحمن الخير ، عبد اللطيف ابراهيم مرهج ، عبد الكريم علي حسن ، عبد اللطيف الخير ، عبد الكريم الخطيب ، عباس ميهوب حرفوش ، عبد اللطيف شعبان ، عبد الله عابدين ، عبد الهادي حيدر ، علي عبد الله ، علي عبد الرحمن ، علي احمد محمد كتوب ، علي حسن علي ، علي محمود منصور ، علي معروف ابراهيم ، علي عيسى حسن ، علي عزيز ابراهيم ، علي ابراهيم حسن ، علي سليمان الأحمد ، غانم ياسين ، فضل فضة ، فضل غزال ، كامل حاتم ، كامل الخطيب، كامل صالح معروف ، محمود صالح عمران ، محمد حامد ، محمود صالح يوسف ، محمد حمدان الخير ، محمود سليمان الخطيب ، محمد علي أحمد ، محمد محرز ، محمد يوسف حمدان عمران ، محمود مرهج ، محمد علي رمضان ، محمود أحمد عمران ، محمود محمد سلمان ، محمود علي الشريف ، محمود سعيد ، محمود علي سلمى ، محمد بدر ، مسعود صالح حلوم ، مصطفى السيد ، معلا محمد عبد الرحمن ،منصور صالح عمران ، معروف بدر ، نصر الدين زيفا ، ياسين محمد اليونس ، ياسين عبد الكريم محمد ، يوسف حسن يوسف ، يوسف حلوم ، يوسف صارم ، يوسف ابراهيم اليونس ، يونس حسن خدام ، يونس محمد ، يوسف غانم الخطيب .)
هكذا نستعيد هذه السيرة العطرة لبعض المواقف الإيجابية ، نقدمها إلى الجيل الشاب ليواجه الجهالة المعاصرة كما واجه أجداده جهالة تلك الأيام ، فيكون جيلاً ثائراً وحكيماً في الوقت ذاته ، حيوياً ، واعياً ، شجاعاً ، منفتحاً على ما يحدث في العالم واثقاً بقدراته يستفزه التخلف عن ركب الحضارة ، ويرى فيه أنه تخلف مُفتعل بفعل فاعل ، لهذا قرر أن يواجه هذا الفاعل ، والطريق ليست مفروشة بالورود ، لكنه جيل بات يعرف أن الحرية هي طريق التحرر والتطور والبناء ، وهو صمم أن ينتزعها مهما كان الثمن ، ولعله يردد مع بدوي الجبل :
كل حكم له – وإن طالت الأيام – يومان : أول وأخير
كل طاغ – مهما استبد – ضعيف كل شعب – مهما استكان – قدير
( 6 )
لقد حطمّ هذا الجيل حاجز الخوف ، وبدأ الخطوة الأولى على الطريق الصعب الطويل ، المهم الآن أن يحدد المسار إلى المستقبل … لصياغة حضارة جديدة ، إننا أمام شباب يكتبون بالتضحيات والدماء عقداً وطنياً ، فسورية وطن لجميع أبنائها ، المواطنون فيها متساوون في الحقوق والواجبات يتمتعون بالحقوق الأساسية للمواطنة ، حرية الرأي والنشر والتعبير مصانة للجميع دون تمييز أو امتياز أو تهميش أو إقصاء ، إن المواطنين جميعاً على من بغى منهم ، أو ابتغى عدوان ، أو فساد بين المواطنين ، وإن أيديهم عليه جميعاً ، ولو كان ولد أحدهم ، إن المواطنين سواسية أمام القانون والنظام العام الذي يقرّونه بإرادتهم لا فرق بينهم ، إنهم يد واحدة على الظالم منهم حتى يرتدع عن ظلمه ، إنهم مع المظلوم منهم حتى ترتفع عنه الظلامة ، إنهم يواجهون العدوان على وطنهم أياً كان مصدره ، ولا يعتدون على الغير ، إنهم يحتكمون للديمقراطية وصناديق الاقتراع ، يحترمون الخصوصيات في إطار الوحدة … إنهم يستعيدون الإرادة والقرار ، والقلم لكتابة تاريخ جديد … القلم لكم يا شباب الوطن، أكتبوا عقدكم الوطني ، وتمسكوا بالمواطنة ، واعتصموا بها ، ونحن من بعد …..
دمشق : 3/9/2012
حبيب عيسى
كلنا شركاء