موت رستم غزالي –مجموعة مقالات-
رستم غزالة رمز الوصاية السورية ذهَبَ مع أسراره عشيّة ذكرى الانسحاب/ سوسن أبو ظهر
كل نفس ذائقة الموت، لكن وفاة ضباط المخابرات لا تمر مرور الكرام في التاريخ. فضحاياها قد تجد بعض العزاء وربما التشفي، والأنصار والحلفاء يبكون ويرثون، وربما شككوا في الأسباب المعلنة. وبين هؤلاء وأولئك، ليست هذه السطور إلا محاولة لقراءة سيرة رجل مثير للجدل فارق الحياة في ظروف غامضة.
إنه رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في الجيش السوري اللواء رستم غزالة، المولود في بلدة قرفا بريف درعا عام 1953. الخبر غدا حقيقة بعد سيل من الشائعات طارده منذ نحو شهرين على خلفية شجار عنيف مع اللواء رفيق شحادة، رئيس شعبة الأمن العسكري سابقاً، تسبب بإقالة كليهما في آذار.
لا يُعرف الكثير عن طفولة غزالة وسني شبابه الأولى، غير أن صحيفة “البشاير” الالكترونية المصرية أوردت بعض جوانبها في سيرة مطولة نشرتها أخيراً. وفيها أن الفتى الفقير انتسب إلى مدرسة الاتصالات السلكية واللاسلكية في دمشق لكونها توفر مساعدة مالية رمزية وتضمن العمل بعد التخرج. وقد توظف في مركز البريد المركزي في العاصمة السورية. ثم تقدم بصفة طالب حر الى امتحان الشهادة الثانوية، وانخرط في الكلية العسكرية وتخرج ضابطاً منتصف سبعينات القرن الماضي، وتابع دورة تدريبية في الاتحاد السوفياتي السابق، وانتقل لاحقاً إلى شعبة المخابرات العسكرية.
أمس اكتفى التلفزيون السوري بالقول إن غزالة قضى نتيجة “وعكة صحية”. وبذلك تبقى أيامه الأخيرة في أحد مستشفيات منطقة المزة لغزاً. فحتى أطراف المعارضة السورية، وما أكثرهم، لا يجمعون على رواية واحدة لما تعرض له. فهل ذهب به مرض في التجويف الصدري نتيجة تسميمه، أم عانى إصابة في الرأس على خلفية الضرب المبرح، أم سُحل لشل الجزء السفلي من جسده وأُرجئ إعلان الوفاة أسبوعاً؟ وهل تمرد ابن درعا على الدور الذي رسمه له النظام وأحرق قصره في مسقطه عمداً في تحد للأوامر لئلا يسلمه إلى مقاتلين “أجانب”، أم فضحت نهايته صراعاً جديداً داخل الأجهزة الأمنية السورية؟ وهل عُذب لأنه “باع صناديق من الوثائق والمستندات” تتعلق بعمله في لبنان لـ”جهة ما”، على ما ورد في بعض المواقع السورية، وفيها أسرار تتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني سابقاً رفيق الحريري؟
حاكم لبنان
من العبث الحديث عن غزالة من دون العودة إلى تلك السنوات التي أمضاها في لبنان، فقد كان الرجل الأقوى فيه، في وصف لوكالة “الأسوشيتد برس”. ولا يمكن ألا يُسجل المرء أن إعلان الوفاة جاء قبل يومين من الذكرى العاشرة للانسحاب العسكري السوري من لبنان بعد “انتفاضة الأرز” التي ضاعت تماماً كما الثورة السورية، وبينما تعيد شهادات صحافيين وسياسيين أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان رسم معالم تلك الأيام السود، خصوصاً أن لجنة التحقيق الدولية استجوبته أكثر من مرة. ولعله كان الشاهد الأخير من أذرع النظام السوري في لبنان على تلك الجريمة وسواها مما سبقها وتلاها، بعد غياب غازي كنعان وجامع جامع.
وفي بداية حياته العسكرية كان غزالة ضابطاً في كتية مدفعية في لبنان. وفي ذروتها انتقل إلى جهاز الأمن والاستطلاع، وخلف كنعان عام 2002 في رئاسة المخابرات العسكرية السورية في لبنان. ومن المفارقات أن يكون الرجلان اللذان جمدت الولايات المتحدة أرصدتهما بعد اغتيال الحريري، انتهيا في ظروف غامضة.
من عنجر أحكم نظام الوصاية قبضته على مفاصل البلاد، وعلى الرؤساء والوزراء والنواب والمؤسسات السياسية والإعلامية والاقتصادية، وما فضيحة “بنك المدينة” التي ارتبط اسم غزالة بها بقوة إلا أحد الأمثلة. وتُقدر الثروة التي جناها من الخوات التي فرضها على سياسيين بينهم الحريري، بنحو 400 مليون دولار.
ويذكر أن غزالة عاد إلى دمشق بعد الانسحاب السوري مزوداً “بندقية المقاومة” التي أهداها اليه “حزب الله” مودعاً. وسرعان ما نُقل إلى فرع المخابرات العسكرية في ريف دمشق. وأنهى مسيرته في خدمة النظام السوري برتبة لواء ورئاسة شعبة الأمن السياسي من عام 2012 الى حين إقالته.
يبقى أن الأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كان غيابه سيقلب المعادلات في درعا، خصوصاً أنه لن يوارى هناك بل في دمشق اليوم، كما نقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” عن مصدر مقرب من أسرته.
النهار
هل قام ماهر الأسد بقتل رستم غزالي؟/ عهد فاضل
نشر موقع موالٍ للنظام السوري، ظهر الجمعة خبراً عن طبيعة وفاة أو مقتل رستم غزالي، رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في سوريا، ورئيس استخباراتها الأسبق في لبنان، مفاده أن أسرة غزالي كانت قد طلبت تحليل عينات من دمه، في إحدى المستشفيات اللبنانية، وأن نتيجة التحليل أكدت تعرضه لحقن بمادة سامة منذ مدة. إلا أن الموقع ما لبث أن سحب الخبر واستعاض عنه بتفاصيل شبه رسمية لا تتعارض مع المعلومات التي يعمل الإعلام السوري الرسمي على ترويجها عبر الإيحاء بالوفاة الطبيعية لرستم غزالي.
وأشار بعض المراقبين إلى أن علاقة الموقع السالف ذكره تعرضت لإحراج مباشر مع النظام السوري بسبب نشر هذا الخبر الذي يشي باغتيال غزالي، لا موته بشكل طبيعي، وأن من شأن هذه المعلومة أن تتهم النظام بقتل أفراده إخفاء لما يمكن أن يحملوه من معلومات خطيرة تتعلق بأسرار النظام الدقيقة للغاية، ومنها أن هناك مصالح مالية مباشرة ما بين العميد ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، وغزالي، كما كشفت سابقا فضيحة لبنك لبناني (بنك المدينة)، ولاتزال التحقيقات جارية في هذا الشأن. وأن هذا هو السبب الحقيقي وراء سحب الموقع للخبر، دون أي تعليق يذكر في هذا المجال.
غزالي وماهر الأسد وفضيحة بنك المدينة
وتنقل المعلومات أن فضيحة البنك التي كان غزالي من أبرز متهميها، تشي أيضاً بأن ماهر حافظ الأسد، الضابط في الحرس الجمهوري السوري، وشقيق رئيس البلاد، كان من بين الأسماء التي أشير اليها، سواء في سحب الأموال، أو إيداعها. إلا أن جهودا كبرى قد بذلت، وقتذاك، لإيقاف الملاحقة القضائية بحق الأسد، كون الأخير مرتبط بأخيه الرئيس، بشكل أو بآخر، وأن من شأن التحقيقات أن توصل الفضيحة الى رأس النظام نفسه. من هنا، فإن قيام الموقع اللبناني بسحب الخبر، يتعلق بإمكانية توجيه التهمة لماهر الأسد صاحب المصلحة المباشر بتغييب غزالي الذي تربطه معه علاقة مالية ضخمة قد تتكشف أبعادها في الفترة القادمة، خصوصا إذا ما قامت عائلة غزالي بكشف ما لديها من معلومات تتعلق بهذا المجال أو سواه. هذا فضلا عن الأسباب الأخرى التي نقلها الإعلام عن صراع ما بين غزالي وأحد ضباط الاستخبارات أدت الى نشوب معركة بينهما دفعت بالأسد الى تسريحهما من الخدمة منذ أيام. إلا أن التكتم الذي رافق طبيعة وسبب الخلاف كان سيد الموقف، فلم يعرف من الذي أوعز لضابط الاستخبارات بالاعتداء على غزالي. لأن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل في سوريا، إلا إذا تلقى المعتدي الحامل لمنصب رسمي، أمرا أو موافقة من جهة ما في الدولة. ما جعل المراقبين للشأن الداخلي السوري يشيرون الى أن ثمة قلقا من داخل النظام، من غزالي نفسه، فهو حقيبة أسرار متنقلة، وحقيبة مالية ضخمة مرتبطة بجهات عليا في الدولة.
مع العلم فإن الموقع اللبناني، الموالي للنظام السوري، كان قد استند في خبره الذي عاد وسحبه، إلى اذاعة صوت لبنان التي نقلت الخبر وأكدت أن تحليل عينات دم غزالي أثبتت تعرضه للحقن بمادة سامة أدت الى وفاته تدريجيا، كون الحقن قد تم منذ مدة. يذكر أن عائلة غزالي لم تنشر أي بيان أو تصريح في هذا المجال.
العربية نت
هل صفى الأسد رستم غزالي لتحديه إيران وحزب الله؟
العربية.نت
لاتزال الكثير من الشكوك تحوم حول مقتل رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في جيش النظام السوري، رستم غزالي. فغزالي أو “أبو عبدو” الذي أعلن عن وفاته، الجمعة، كان في ما يشبه “الموت السريري” منذ أكثر من شهر، بعد أن تعرض للضرب من قبل عناصر تابعين لجهاز مدير شعبة الأمن العسكري اللواء رفيق شحادة، أو ما يعرف بالمخابرات العسكرية. وكان الأسد أقال شحادة في مارس الماضي إثر هذا الخلاف الذي نجم بين غزالي وشحادة.
وبالعودة إلى دخول غزالي المستشفى، أفادت في حينه العديد من الأنباء بأن غزالي لم يدخل في حالة الموت السريري بسبب الضرب الذي تعرض له، بل إن في الأمر قطبة مخفية دفعت النظام السوري إلى التخلص منه عبر حقنه بمادة سامة.
طلاسم تلك القطبة تناولتها بعض المصادر من زوايا متعددة، سواء لجهة خلاف مالي نشب بين غزالي وماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، أو لجهة تورطه في عدد من الملفات، منها بيع النفط للمعارضة السورية، وملف اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، إلا أن الأبرز والجديد ما قيل عن أن غزالي أثار غضباً كبيراً في صفوف زملائه بسبب رفضه السماح لقوات من إيران و”حزب الله” بالتمركز داخل منزله في مرتفعات بلدة قرفا في محافظة درعا. كما أنه انتقد حزب الله وتخاذله في القتال في سوريا، واعتماده على شراء ذمم بعض مقاتلي المعارضة بدل مواجهتهم.
ففي تقرير نشرته صحيفة “لو موند” الفرنسية في مارس الماضي، أشارت إلى أن غزالي قتل بحقنة مسمومة في مستشفى في دمشق، وأشارت بأصابع الاتهام إلى كل من فيلق القدس واللواء جميل حسن، رئيس المخابرات الجوية. ولفتت إلى أنه انضم إلى قائمة الجنرالات الذين تمت تصفيتهم، وهم آصف شوكت واللواء غازي كنعان والجنرال جامع جامع، واللواء عبدالكريم عباس.
وأفادت المعلومات، وفق التقرير الذي نشر قبل شهر تقريباً، بأن غزالي وصل إلى مستشفى “الشامي”، وهو مستشفى خاص يقع قرب القصر الرئاسي في مرتفعات دمشق، يقدم العلاج للنخبة السياسية والعسكرية وعائلة الأسد، في 15 فبراير 2015 وهو في حالة حرجة، ورغم الغموض الذي يلف أسباب دخوله المستشفى، فإن أنصار النظام تداولوا فيما بينهم أخباراً متضاربة حول أسباب وصوله إلى هذه الحالة ومدى خطورتها.
تورط فيلق القدس والجنرال السوري جميل حسن
ولفت التقرير إلى أن من تحدثوا عن وفاة غزالي قالوا إنه تعرض لأزمة قلبية مفاجئة، فيما قال آخرون إنه أصيب بجروح قاتلة في أثناء قيادته لمعارك ضد الجيش الحر في منطقة درعا، لكن روايات أخرى أفادت بأنه قتل على يد عناصر “فيلق القدس” الإيراني الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني. أما الروايات الأكثر تواتراً فهي تفيد باكتشاف بشار الأسد تورط ضباط علويين في مؤامرة للإطاحة به، مما دفعه لإصدار الأوامر بتصفية غزالي.
وأضاف أنه على الرغم من تضارب الروايات وغياب الإثباتات، فإن إمكانية صدور قرار من بشار الأسد بتصفية غزالي تبقى واردة جداً، بالنظر لحادثة وفاة ضابط آخر في دير الزور سنة 2013، نظر إليها وقتها باعتبارها بداية لسلسلة من عمليات الإخفاء المدروسة للمسؤولين الأمنيين السوريين الذين تورطوا في لبنان.
غير أن كاتب التقرير لاحظ أنه رغم كثرة الروايات وتضاربها، فإن هنالك شبه إجماع على أن من أصدر الأوامر بتصفية غزالي هم زملاء له في الجيش بأوامر عليا. وأبرز المشتبه بهم في هذا السياق هو الجنرال جميل حسن، رئيس المخابرات الجوية، الذي يقال إنه أصدر الأوامر للطائرات بقصف محيط منزل غزالي، بذريعة منع مقاتلي الجيش الحر من التقدم داخل بلدة قرفا، ورفيق شحادة مدير المخابرات العسكرية الذي اتهم غزالي ببيع البنزين لمقاتلين معارضين للنظام في جنوب البلاد.
تحدى حزب الله
ووفق التقرير فإن غزالي صرح في وقت سابق، خلال اجتماع تنسيقي بين الجيش السوري والمجموعات الإيرانية واللبنانية المقاتلة إلى جانب النظام في سوريا، بأنه لولا سوريا لما كان “حزب الله” موجوداً، وبأن انتصار الجيش السوري في هذه الحرب يعني نجاة “حزب الله” من الاندثار. كما اتهم الميليشيات الشيعية بالجبن، وقال إنها تحقق الانتصارات من خلال شراء ذمم مقاتلي المعارضة وليس من خلال القتال.
سبب تفجير غزالي لمنزله
إلى ذلك، كشف التقرير أن رستم غزالي كان قد أثار غضباً كبيراً في صفوف زملائه بسبب رفضه السماح لقوات من إيران و”حزب الله” بالتمركز داخل منزله في مرتفعات بلدة قرفا في محافظة درعا، حيث أرادت تلك القوات اتخاذه مركز عمليات ومستودعاً للمدفعية والمدرعات لصد تقدم المعارضة على محور دمشق – درعا. وبدلاً من ذلك، قام غزالي بتفجير منزله بالكامل وحرق مكوناته كافة، ونشر تسجيلاً للعملية على “يوتيوب”، في حركة تحدٍّ واضح للأوامر الصادرة بالتعاون مع الإيرانيين و”حزب الله”.
وأياً تكن الروايات يبقى الأكيد، بحسب الصحيفة الفرنسية، أن ما حصل لغزالي هو رسالة وتهديد من النظام لكل رجال المخابرات الذين بدأوا بالتململ، بسبب تعاظم النفوذ الإيراني وسيطرته على القرار السوري.
العربية نت
رستم غزالة… مات أم قُتل؟
الرأي الكويتية
لم يكن مفاجئاً الاعلان امس عن وفاة رئيس شعبة الامن السياسي المُقال في سورية اللواء رستم غزالة، الذي كان ميتاً سريرياً منذ أكثر من شهرين في إحدى مستشفيات دمشق، بعدما كان تعرض لـ «اعتداء غامض» على يد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء رفيق شحاده وجماعته.
ورغم الروايات المتناقضة عن دوافع «تصفية» غزالة كواحد من رموز «القبضة الحديدية» لنظام الرئيس بشار الاسد، سواء خلال «تحكُّمه» بلبنان إبان عهد الوصاية او في عمليات القمع للثورة السورية، فانه مع موت غزالة يُدفن «الصندوق الاسود» للحقبة السورية في لبنان، التي توالى عليها اللواء غازي كنعان الذي انتحر في الـ2005، والعميد جامع جامع الذي قُتل هو الآخر في العام 2013.
ولم تكن مصادفة مع تساقُط أوراق النظام السوري «ذات الصلة» بلبنان، المعلومات التي كان وزير العدل اللبناني اللواء اشرف ريفي كشف عنها في وقت سابق، ومفادها بوجود خطة لتصفية الوزير السابق (مستشار الأسد) ميشال سماحة خلال نقله من السجن الى المحكمة العسكرية التي اعترف امامها قبل ايام بنقله متفجرات من مكتب اللواء السوري علي مملوك الى بيروت في اطار مخطط فتْنوي في شمال لبنان.
وربّما شكّلت إشارة ريفي في حينه الى ان خطة التخلص من سماحة هدفها إما منع مثوله امام المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وإما أمام المحكمة الجنائية الدولية، الإجابة على السؤال المرتبط بـ «سرّ» عملية التخلص من غزالة، والتي قيل عن ظروفها وملابساتها ودوافعها الكثير في وسائل الاعلام العربية والأجنبية بوصفها حدَثاً غير معزول عن مأزق نظام الاسد الذي بدأ «يأكل» رموزه في الأعوام الأخيرة.
ولم يكن عادياً خبر موت غزالة في بيروت. ففي اللحظة التي كانت الشهادات في المحكمة الدولية في لاهاي «تصدح» بالحكايا عن الدور الذي مارسه الجنرال السوري كـ «عصا غليظة» للأسد ضد مسؤولين لبنانيين كبار وفي مقدمهم رفيق الحريري، كان غزالة يصارع الموت في مستشفى الشامي بعدما أخذ بالاحتضار ولم يعد يقوى حتى على الكلام نتيجة الاعتداء عليه من اللواء شحاده وجماعته، وسط روايات عن «تكسيره» وعن حقنه بالسمّ وما شابه.
وكانت «الراي» نشرت في 15 مارس الماضي تقريراً خاصاً عن ملابسات الحادثة التي تعرض لها «ابو عبدو» (غزالة) وفيها ان جماعة غزالة في مناطق درعا أمعنت في أعمال التهريب والسرقة والاتجار بالممنوعات، الأمر الذي دفع اللواء شحاده الى توقيف بعضهم بعدما «طفح الكيل»، إلا أن غزالة سارع للاتصال بشحاده وكال له الشتائم والسباب والإهانات قبل أن يتوعده بانه آتٍ إليه ومعه حزام ناسف، ثم قصده غير ان حرس رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية صمموا على تفتيش غزالة حين وصل فما ما كان من الأخير الا ان صفع أحدهم على وجهه، فهاجمه الحراس الآخرون وصادروا سلاحه وقاموا بضربه بقسوة و«تكسيره» الى الحد الذي اصابه بـ «عطل دائم قبل ان يدفعوه الى داخل مكتب شحاده الذي قام بلكْم غزالة المدمى بقبضة يده على فمه وكسر له بعض أسنانه.
وبحسب الرواية فان هذه النهاية لرستم غزالة تمت بـ»ضوء أخضر»من كبار في النظام راجعهم شحاده، وان غزالة غالباً ما كان يصاب بالتوتر كلما جرى الحديث عن المحكمة الدولية في اغتيال الحريري لاعتقاده ان الأسد يمكن ان يضحي به عبر تسليمه الى العدالة الدولية.
الا ان رواية أخرى تحدثت عنها»الراي»في التقرير نفسه اشارت الى ان القرار بـ»شطب»غزالة من النظام السوري، يستند الى ظروف تتصل بالصراع داخل»بيت النظام»على الادوار والغنائم في ظل تفسخ ذات طبيعة طائفية علوية – سنية تزداد مظاهرها مع تعاظم النفوذ الايراني في سورية.
وفي هذه الرواية نسب الى غزالة قوله»تسقط القرداحة» (مسقط الاسد) ولا تسقط قرفا (بلدته)، وانه كان يتعقب حركة قائد لواء القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني في سورية، في اشارة توحي الى امتعاض من ظهور سليماني وكأنه صاحب الامر في سورية.
المقداد: الأسد بدأ بتصفية الدائرة المحيطة به
بهية مارديني
وفاة رستم غوالي تطرح تساؤلات حول تورط الأسد
أعلنت وسائل اعلام موالية للنظام السوري اليوم عن وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في سوريا اللواء رستم غزالي، بعد نحو شهر على قرار إقالته من منصبه، فيما طالب معارض سوري بتشريح جثته، وحذر القيادات الأمنية داخل البلاد من أن دورها آت لا محالة، في ظل تصفية كل من يملك معلومات تدين بشار الأسد.
بهية مارديني: قال لؤي المقداد رئيس مركز مسارات وعضو الائتلاف السوري المعارض في حديث لـ”ايلاف” “إن مقتل اللواء رستم غزالي هذا يظهر أن بشار الأسد، مستعد للتضحية بالجميع مقابل بقائه على كرسي رئاسة وهمي”.
وأضاف “سواء مات غزالي بعد واقعة ضربه من عناصر رفيق شحادة رئيس فرع المخابرات العسكرية أو مات مسموما، أو بـ”السيناريوهين” معا، فهذا يعني أن النظام آل الى أفول وأن هناك تفسخا وانهيارا في بنيته، وأن الأسد بات يصفي الدائرة الضيقة حوله”.
ولفت المقداد الى أن “غزالي كان يمتلك بنك معلومات من الممكن أن تلف الحبل حول رقبة الأسد، نظير تورطه في عدة ملفات، لما يعرفه غزالي عن فترة تواجد الجيش السوري في لبنان، ومقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق”.
وأكد المقداد”أن المعلومات التي وردت من دمشق منذ فترة، تظهر أن مشكلة حدثت بين غزالي وشحادة، وأن الأول تعرض للضرب، وهذا بحد ذاته كارثة، حيث أن رؤساء الأجهزة الأمنية يقتلون بعضهم، مما يعني الانفلات الذي تحدثنا عنه”، رغم أنه لم يستبعد أن يكون هناك توجيها بذلك.
إقالة القادة
ولم يستبعد المقداد أيضا التضييق على غزالي بأوامر ايرانية حيث أنه وجه بالتبرع الى الأمن السياسي وجمع الأموال، واصبح له عناصره وميليشياته الخاصة في درعا.
وحول أن بشار الجعفري، رئيس وفد النظام الى منتدى موسكو2 ، قال للمشاركين إن هناك تغييرا في النظام، حيث اقيل قادة كغزالي وشحادة، اعتبر المقداد “أن هذا يعني أن مفهوم الاقالة يعادل الاعدام لدى النظام، فهم أقالوا غزالي كما أقالوا في وقت سابق غازي كنعان “في اشارة الى اغتيال كنعان أيضا”.
وشدد المقداد “أن النظام لو كان بريئا من دم غزالي، لوافق على تشريح جثته من جهة تتمتع بأدنى درجات المصداقي، لنكتشف حقيقة تصفيته”.
نبذة
هذا وظهر اسم غزالي كرئيس لفرع الأمن العسكري في بيروت خلال وجود الجيش السوري في لبنان، ومن ثم عين من قبل بشار الأسد في عام 2002 لخلافة اللواء غازي كنعان رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان، وبعد اغتيال رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان عاد إلى سوريا وجرى الحديث عن تجميده فترة سخونة التحقيقات في اغتيال الحريري، حيث ورد اسمه بين المتهمين باغتياله.
بعد تفجير مبنى الأمن القومي السوري، عينه الأسد رئيسا لفرع المنطقة في إدارة المخابرات العسكرية، وبعد انفجار خلية الأزمة، عين كرئيس للأمن السياسي في سوريا، وغزالي من مواليد خربة غزالة محافظة درعا، ولديه سبعة أشقاء من والدته ومن زوجة أبيه.
وكانت وسائل إعلام ذكرت الشهر الماضي، أن غزالي توفي في مشفى الشامي بدمشق على خلفية خلاف مع رئيس فرع الاستخبارات العسكرية رفيق شحادة، حيث تعرض للضرب في مكتب شحادة من عناصر الاخير، ما دفع بشار الأسد لإقالتهما من منصبيهما، فيما أشارت مصادر متعددة إلى أن إقالة غزالي جاءت رضوخا لمطالبات إيرانية لعدم رضاها عن أدائه وخاصةً إصدار الأوامر بالمراقبة الدقيقة للمسؤولين والضباط الإيرانيين، المتواجدين في سوريا وخاصةً في محافظة درعا .
وكان النائب اللبناني عاصم قانصو أكد إصابة رئيس إدارة الأمن السياسي رستم غزالي بشظايا قنبلة خلال معارك في قرية قرفا بريف درعا.
كما نشر على الانترنت مقطع فيديو أظهر عملية تفخيخ لقصر في محافظة درعا وتفجيره حيث قال المعلق على الفيديو أنه ملك لرستم غزالي ويقع في مسقط رأسه بلدة “قرفا” بالقرب من الشيخ مسكين، وقيل أنه هو من أمر بتفجيره لكي لا يقع بيد المعارضين وذلك قبيل سيطرتهم على اللواء 82 القريب من البلدة أيضاً.
في ذكرى الإنسحاب السوري من لبنان .. مات رستم
مات رستم غزالة. لا يهم كيف ومتى. رحل من حكم لبنان بالحديد والنار، وللصدفة، مات قبل يومين من الذكرى العاشرة لإنسحاب الجيش السوري من لبنان في العام 2005، غداة إغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
في العام 2005 عندما خرج الجيش السوري من لبنان، إنتشرت صور لبعض اللبنانيين على قنوات التلفزة المحلية والأجنبية، يكسرون جرار الفخار، خلف أخر الدبابات السورية، المغادرة من نقطة المصنع بإتجاه نقطة جديدة يابوس. في العام 2015 وبعد عشرة أعوام، يتذكر اللبنانيون ما عانوه من الوصاية السورية ورجالاتها، وأبرزهم غزالة.
صاحب اليد الطولى في لبنان، حكم البلاد بطولها وعرضها. تدخّل في كل الإستحقاقات وكانت له الكلمة الفصل، من الرئاسة إلى أصغر موظف في إدارة رسمية في لبنان. نعت بأكثر من صفة، كلها تشير إلى أن “أبو عبدو” كان حاكماً بأمره في لبنان، ونفوذه لا يفوقه نفوذ، عسكري، أو سياسي.
على مدار الأشهر المنصرمة، تعرف اللبنانيون أكثر على “أبو عبدو” من خلال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية الحريري. بدا رستم عن حق رجلاً حديداً. يهدد، يتوعد، ويمارس سطوة ممنوحة بقوة السلاح، على الطبقة السياسية اللبنانية. وتحت قوس المحكمة أجمعت الإفادات على دور رجل سوريا الأول في لبنان، وعلاقته بالحريري المتوترة، وطريقة تعاطيه مع الملفّ اللبناني، القائم على الإبتزاز المادي، والتهديد الأمني.
يرى البعض في لبنان أن مقتل غزالي حصل بهدف قتل كل من لهم علاقة بجريمة اغتيال الحريري، وذلك لتجنّب المحاكمة، فيما يعتبر البعض الآخر أن دور غزالي في هذا الأمر هو دور هامشي، لا سيما أن علاقته مع الحريري كانت قائمة على مبدأ النفعية وتلقي الأموال، وبالتالي لا مصلحة له بذلك، وحتى من قرّر ذلك لا يحتاج إلى إعلام رئيس شعبة الأمن والإستطلاع في لبنان آنذاك، بذلك، على الرغم من أمره بالضغط على الحريري والتضييق عليه وهو كان يستثمر ذلك لتحقيق مصالح مادية.
مات رستم غزالة. قد لا يجد الخبر صداه في سوريا التي تعاني من آل الأسد، أما في لبنان فللخبر ألف معنى. لا يمكن لأي لبناني أن ينسى غزالة، من الطبقة السياسية الحليفة التي نسقت معه حتى ما قبل إقصاءه، إلى الخصوم، الذين تعاملوا معه، قبل العام 2005، مكرهين أو لتحقيق مصالح فردية. حتى الشعب، سيذكر غزالة ومآثره التي ذاع صيتها. البعض سيذكره عند كل ألم يلم به، بوصفه أخبر رجال سوريا في أساليب التعذيب، وبعض آخر سيذكره، عند كل إهانة سيتعرض لها، حتى الأمكنة ستذكر “أبو عبدو”، من البوريفاج إلى عنجر.
الشماتة في الموت عيب، لكن في حالة غزالة الأمر مختلف، خصوصاً أن في رقبته آلاف من اللبنانيين والسوريين. مات “أبو عبدو”. في أحاديث اللبنانيين، لا خبر آخر. في وجوههم ضحكات، تدل على الفرح. قد يكون غزالة، أكثر الشخصيات، التي ترحل، وتترك كل هذا الفرح، بموتها. تبادل البعض في لبنان التهاني، وبعض آخر سخر من القدر الذي حول مارد العسكر وسجون التعذيب والصفقات والرشاوى، إلى مجرد ضعيف، ينتظر مصيره، الذي حدد في سوريا، وبعض شغلته أخبار غزالة منذ أن سرت تفاصيل تعرضه للضرب، والإشكال مع رئيس شعبة الأمن العسكري السابق رفيق شحادة.
حتى من يؤيد “حزب الله” اليوم، والمعاصر للحقبة السورية في لبنان، طالته أيادي رستم عندما كان في لبنان، لكنه قبيل إنسحاب الجيش السوري من لبنان، خرج الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله مكرّماً غزالي، ومهدياً إياه في حينها بندقية المقاومة، بوصفه رجل سوريا، و”رفيق السلاح”، تماماً كخلية الأمن القومي التي أغتيلت في إنفجار دمشق في العام 2012.
السخرية أبعد. ثمة في الأخبار والشائعات التي تتردد أن غزالة “إنتحروه”، في إعادة للتعبير الذي إستخدم بعيد إعلان خبر إنتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان في العام 2005، كتشكيك في الرواية التي أعلن عنها النظام السوري يومها، خصوصاً أن موت كنعان أتى في العام 2005 وبعد أشهر من إغتيال الحريري.
والسخرية أيضاً، تتجلى في أحاديث وأخبار متداولة عن إحتمال أن يكون قرار تصفية غزالة، يعود إلى التباين الواضح منذ أشهر بينه وبين إيران، نظراً الى دورها وسطوتها، وإن كان كل ذلك سيبقى في دائرة “الضرب في الرمال”، لكن يبقى لافتاً إن صح ما يقال، ويطرح سؤالاً عن “بندقية المقاومة” وورثتها.
مات غزالي ومات الكثير من الأسرار معه، اللبنانية والسورية، لكن بعضاً آخر سيبقى يطارد غزالة في قبره، كلما خرج أحد ليكشف مزيداً من التفاصيل أو الجرائم.
رستم غزالي.. قتله النظام ونعاه
طويت صفحة الضابط الأمني الكبير في سوريا، رستم غزالي، من دون أن يثير الخبر جلبة في أوساط السوريين، إذ إن يد حلفائه سبقت أيادي خصومه من أهل بلده، ولو أنه قتل في مواجهة معهم، ولطالما هدد بها، لكان الأمر مختلفاً ربما، ويتطلب احتفالاً وتسجيل انكسارٍ معنوي جديد للنظام، في درعا، بلد غزالي وخصومه.
روايات مقتل رئيس شعبة الأمن السياسي كثيرة، ولعل أبرزها حالياً هو أن القتيل، كان، مع ازدياد النفوذ الإيراني في سوريا، يرفض فكرة استخدام المقاتلين الشيعة، أفغاناً ولبنانيين وإيرانيين، في بلدته قرفا في محافظة درعا، كمقرٍ لهم لشن عمليات ضد الجيش الحر في الجنوب. وتلك الحال ليست لأنه يحب أبناء حوران، إنما لمعرفته الجيدة بمدى تحكم الميليشيات الإيرانية بقرار أي مكان تتخذه مقراً لها وتصفيتها لأي معترض من السلك العسكري السوري مهما كان عدد النسور والنجوم على كتفيه. فكيف لهذا الضابط الذي أحضر وديع الصافي ونجوى كرم وراغب علامة، للاحتفال بقصره في قرفا، عام 2004، على ما يذكر أهل بلدته، أن لا يكون هو صاحب الكلمة الأولى فيها، وهو الجزّار الذي كان “يذبح بضفره” في درعا، وسوريا عموماً، وعندما حاول الجيش الحر اقتحام قرفا، كان غزالي مع عناصره في المعركة، قبل أن يغادر المنزل الذي مكث فيه بعد استهدافه من قبل الجيش الحر، ليقوم بعدها بتفجير قصره الذي شيّده بعناية واختار أثاثه من لبنان.
سمسار الإيرانيين في تلك المنطقة، كان بحسب ترجيحات مطلعين، هو رئيس شعبة الأمن العسكري، اللواء رفيق شحادة، وهذا اللواء أيضاً ذبّاح كما اللواء القتيل، إذ لم يُعرف أن أحداً في سوريا حاول أن يعصي قراراً أو إشارة له، ولا دلالة على المخيلة الإجرامية له أكثر من صور المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب في فروع الشعبة التي يترأسها، والتي كشف عنها “سيزر”. لكن قدر الرجلين أن يصطدما معاً، فيحاسب القاتل بالإقالة، والقتيل بالموت، إذ إنه نقل إلى مستشفى على قيد الحياة بعد ضربه من قبل حراس شحادة، وهناك تم حقنه بمادة سامة لتطويق القضية، على ما تقول الرواية، التي تسندها حوادث كثيرة تؤكدها، منها أن الجاني أُقيل من منصبه.
في السؤال عن أهل بلدته ووقع الخبر عليهم، تذكر مصادر “المدن” في قرفا أن لا شيء تغيّر، فهم تجنّبوا المواجهة المباشرة مع جماعته في شوارع البلدة منذ البداية، لعلمهم بما كان يمكن أن يفعل بهم إذا ما حاولوا أن “يتفازعوا” على قتاله وإخراج النظام منها. لكن المصادر تشير إلى أن الشيء الوحيد، غير الروتيني في قرفا، أن مساجد البلدة نعت، القتيل، بأنه “شهيد الوطن”.
لن يغيّر موت غزالي، الذي رحل قبل أن يحتفل بميلاده الثاني والستين الذي يحل في الثالث من الشهر المقبل، على مجريات الأحداث كثيراً في سوريا، فهذه النوعية من الضباط متوفرة بكثرة في صفوف النظام، لكن يبدو أن مجموعة “الحرس القديم”، للأسد الابن، شارفت على “الانقراض”.
كيلو يكشف لـ”النهار” تفاصيل لقائه بغزالة: قال لي أن لا علاقة له باغتيال الحريري وعَرف القاتل
محمد نمر
“رستم غزالة مات” وفق ما أجمعت عليه قنوات الاعلام القريبة من النظام السوري وما أكدته مصادر عائلة غزالة، ويبدو أن كثيرين انتظروا هذا الموعد خصوصاً ممن عانوا من ظلم هذا الرجل أيام الوصاية في لبنان حين كان المندوب السامي لآل الأسد، وفضّل سوريون تعذيبه على موته السهل في سريره، جراء ما تعرضوا له من بطش وتعذيب واعتقال وقتل طوال أربع سنوات مع بداية الثورة السورية.
تفكك النظام السوري
رستم غزالة… مات
الأكيد أن موت رئيس شعبة الأمن السياسي رستم غزالة سيدفن معه أسرار النظام وخبايا فترة توليه الوصاية في لبنان، وللمعارض السوري ميشال كيلو رأي خاص بغزالة، فهو على يقين أن النظام وراء موت غزالة، ويرى أن “وفاة هذا الرجل هي إحدى علامات بداية تفكك النظام السوري، خصوصاً بعد الانفجار الذي أودى بحياة مجموعة من قياداته الأمنية والعسكرية الكبرى بتفجير مبنى الامن القومي، ووفاته ناجمة عن صراعات داخل اطار أجهزة الأمن، أدت إلى انزال عقوبة برستم غزالة بدأت بالضرب المبرح ودخوله المستشفى وانتهت باعطائه ما يقال انه علاج من آثار الضرب، لكن على الاغلب أنه علاج أدى إلى فقدان غزالة الوعي ثم إلى وفاته”. هذا الأمر يذكّر كيلو بـ”أيام ألمانيا النازية حينما بدأ الجنرالات يصارعون ويصفون بعضهم”.
ويعتبر أنه “عندما يصل الصراع والتناقض إلى رأس القمة الأمنية المسؤولة مباشرة عن حفظ النظام وصيانة أمنه والدفاع عنه تجاه جميع المخاطر، والقمة الأمنية التي اثبتت خلال 40 سنة قدرتها على الامساك بالمجتمع السوري، فالأمر يعني أن الثورة السورية حققت الاختراق الكبير وأن النظام يسير فعليا نحو الانهيار”.
لقاء بين غزالة وكيلو
قابل كيلو غزالة بداية العام 2006، بعد عودته من لبنان مرتين، ويوضح: “قابلني لرغبته برؤية شخص من المعارضة الديموقراطية وليفهم مني نظرتي تجاه البلد والنظام، وكانت مقابلة طويلة، أما المرة الثانية فكانت زيارة قصيرة حدثني فيها عن لبنان واغتيال الرئيس رفيق الحريري”.
وكشف كيلو عن تفاصيل هذا اللقاء: “قال لي غزالة حينها أن لا علاقة له باغتيال الحريري وأنه لو كان يعرف بالمؤامرة لكان أبلغ الحريري الذي أعطاه قبل نحو عشرين يوماً من اغتياله 800 ألف دولار من أجل بناء مدرسة في قريته (قرفة – ريفا درعا)، وقال لي أيضاً أن الخطط السرية التي كانت تنسج على مستوى النظام السوري بين جماعة السلطة وآل الأسد، لم يكن على علم بها ولا يتدخل فيها”.
كما تطرق غزالة إلى علاقته بكنعان، إذ يقول كيلو: “قال لي إن غازي كنعان لم يترك فعلياً منصبه في لبنان وأنه هو قبل اسبوع من اعادته من لبنان، جاء غازي كنعان إليه وقال له (لغزالة): لا تحسب نفسك أنك أصبحت صاحب الامر والنهي بلبنان وأنا بدعسك متل الصرصور بإجريّ. كما نقل لي غزالة أنه قدم استقالته لكنعان وأن الأسد رفضها”.
يعرف قاتل الحريري
غزالة كان يعرف هوية قاتل الحريري، ويكمل كيلو حديثه: “خلال اللقاء تحدث عن أنه في مرحلة ما باتت لديه معلومات عن هوية الذي اغتال الحريري وأنه لولا خوفه على أسرته وعائلته لكان أوصل هذه المعلومات إلى لجنة التحقيق”، شعر كيلو حينها أن غزالة أراد أن يظهر له “ان وضعه داخل النظام بات ضعيفاً”، ولهذا السبب يعيد كيلو “حماسة غزالة في مكافحة الثورة والقتال ضدها كمحاولة منه لموازنة وضعه داخل اطار النظام، لكنها يبدو فشلت وتم قتله”. ويتابع: “منذ وجوده في لبنان ويعتقد غزالة أن هناك عيناً عليه وأنه مطلوب ويعتبر أنه تورط بقصة لا علاقة له فيها هي قضية الحريري وأنها ستنفجر في نهاية المطاف في رأس أشخاص هامشيين، لا علاقة لهم بما حصل”، لافتاً إلى أن “النظام السوري لديه عصابة خاصة به لتقوم بمهمات صعبة لا يدخلون فيها أهل السنة … لكنهم لا يدخلون أي أحد غير موثوق فيه في عملية، إلا إذا كان من عظام الرقبة، فربما اعتبروا أن غزالة فسد في لبنان وبات يأخذ الاموال ولديه مصالحه، خصوصا أنه عندما عاد إلى سوريا كان مقتنعاً ان النموذج السوري فاشل، ومنذ قبل الثورة لو كان هناك جو احتضن حالته لانشق منذ زمن”، وفق كيلو.
من أبرز انجازات غزالة السيئة “حماسه لقمع الثورة والقضاء عليها فهو قاتل من أجل أن يقدم للأسد الخدمات التي يقدمها أي مخلص لهم”، يقول كيلو مضيفاً: “نحن أمام شخص له وظيفة أكثر من مواصفات، وكان يؤديها على خير وجه بتوجيه من النظام، ومعروف أن لكل مسؤولٍ في النظام شخصيتين واحدة للنظام وواحدة لنفسه، وعندما التقيناه تحدث معي بشخصيته وليس بشخصية النظام التي لاحق بها الثورة والثوار وعذب الناس وقتلهم وحاول أن يثبت عبرها للنظام أنه معه قلباً وقالباً، فيما جماعة النظام كانت لديهم شكوك به فاستخدموه و”كبوه”.
علي المملوك قريباً
لا يزال يحيط حالياً الكثير من الأشخاص بالأسد، ويصف كيلو غالبيتهم بـ”النكرة” قائلاً:”أي واحد ترفعه إلى منصب وتعطيه صلاحيات يتحوّل وحشاً، ويقاتل من أجل أن يبرز على حساب غيره باعتباره انه الخادم الأوفى، أما من العهد القديم فلم يعد هناك سوى علي المملوك وهو أبرزهم حالياً”.
ولا يستبعد كيلو أن ينتهي المملوك أيضاً بالطريقة نفسها، ويتذكر إحدى الروايات عنه ويقول:”في إحدى المرات طلبَ رائد من المملوك أن يشفع لمعتقل لديه، فقام المملوك بضرب المعتقل وتعذيبه وبعد فترة افرج عنه، فزار الأخير الرائد وأخبره بأن المملوك عذبه، وعندما سأل هذا الرائد المملوك عن السبب فأجابه: كيف بدك ياني طلعو وبرر خروجه إذا لم أظهر انني عذبته وضربته وان لا معلومات لديه؟”.
النهار
بهجت سليمان… الناجي من فرقة الأربعة/ بيروت ــ نادر فوز
يبقى المسؤول الأمني البارز في النظام السوري، اللواء بهجت سليمان، الضابط الأخير الذي لا يزال حياً من بين الضباط السوريين الأربعة الذي حضروا الاجتماع الأخير بين الرئيس السوري، بشار الأسد، ورئيس الحكومة اللبنانية السابق، رفيق الحريري، الذي اغتيل في بيروت (14 فبراير/ شباط 2005)، بعد أشهر من هذا اللقاء. إذ سبقه قتلاً أو انتحاراً أو موتاً طبيعياً، كل من غازي كنعان وجامع جامع ورستم غزالي أخيراً. هكذا، يرى كثيرون أن نظام الأسد يكون قد تخلّص ممّن قد يدينه بجريمة هو متهم بها، أي اغتيال الحريري، إلا من بجهت سليمان الذي نعى غزالي، أمس السبت، بلغة أدبية عاطفية. كتب سليمان على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك” عمّا سماها “مزايا” الضابط الراحل، “الذي كان نموذجاً بارزاً في الإخلاص لوطنه ولقائده”، مشيراً إلى أنّ “أبو عبدو” (كنية غزالي)، “عاش أعواماً طويلة في قلب الصراعات التي استهدفت بلده وحزبه وقيادته. وبقي منذ اليوم الأول وحتى اللحظات الأخيرة في حياته الحافلة بالعمل، مدافعاً أميناً وصادقاً عن إيمانه العميق بهذا الوطن وبهذا الشعب، وعن ولائه المطلق لأسد بلاد الشام: الرئيس بشار الأسد”. وبعد هذا الكلام المعسول، كتب سليمان، الناجي حتى الآن من “فرقة الأربعة”، لمحبيه ومتابعيه أنه سيتغيّب عن الكتابة والتواصل معهم لأسبوع واحد “بِسَبَبِ ظرفٍ طارئ”.
” رحل غازي كنعان قبل غزالي بعشر سنوات. المسؤول السوري السابق للوصاية السورية على لبنان (1982 ـ 2002)، وجد في مكتبه منتحراً بثلاث رصاصات في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2005. بعد ثماني سنوات وبضعة أيام، قتل اللواء جامع جامع، في 17 أكتوبر 2013، وهو أيضاً أحد أبرز الضباط الأمنيين ورئيس فرع البوريفاج (أبرز ثكنة أمنية سورية في بيروت). ووصل الدور إلى رستم غزالي الذي مات قبل أيام في سورية، في ظروف لا تزال غامضة.
شارك كنعان وجامع وغزالي إلى جانب الأسد وبهجت سليمان في الاجتماع الأخير مع رفيق الحريري في أغسطس/ آب 2004، ليبدأ بعده مسلسل الاغتيالات السياسية والتوتر الأمني في لبنان الذي انطلق بمحاولة اغتيال مروان حمادة (سبتمبر/ أيلول 2004)، وصولاً إلى اغتيال الحريري وغيره من القيادات السياسية اللبنانية بين أعوام 2005 و2013.
يعدّ اللواء والسفير السابق لدى الأردن و”المثقف”، كما يحلو له أن يدّعي، بهجت سليمان، اليوم من أقرب الأشخاص إلى الرئيس السوري بشار الأسد. تجمعه بغزالي رتبة “اللواء” وبالأسد درجة “الدكتوراه”، وهو بحسب الروايات السورية غير الرسمية، المسؤول عن نشأة وتثقيف أبناء الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد. سبق كل هذا موقعه إلى جانب الأسد الأب في الملفات الداخلية السورية، بالإضافة إلى إدارته الملف اللبناني منذ السبعينيات زمن الدخول العسكري السوري إلى لبنان (عام 1976). بالتالي، ليس من المستغرب مطلقاً أن يحضر سليمان اجتماعاً مماثلاً مع الحريري. واللافت أن بهجت سليمان لا يزال الضابط الأمني الوحيد على قيد الحياة، الذي ورد اسمه في التقرير الأول لمحقق اللجنة الدولية باغتيال الحريري، ديتليف ميليس. يحمل هذا الاسم أسرار النظام السوري، داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى اطلاعه العام على أحوال آل الأسد وحكمهم في سورية، وجريمة اغتيال الحريري تحديداً.
لماذا قتل غزالة؟/ عبد الرحمن الراشد
مات متأثرًا بجراحه، واحد من أسوأ الوجوه السورية التي ظهرت في العشرين سنة الماضية. اللواء رستم غزالة، رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في الجيش السوري. وهو مثل كثيرين سبقوه، نادرًا ما نسمع عن وفاة طبيعية لقيادات النظام، فقد قتل غازي كنعان، الذي سبق غزالة في المنصب، وزعمت الحكومة السورية أنه انتحر، وقبل عامين قتل جامع جامع رئيس الأمن العسكري أحد المتهمين بقتل رفيق الحريري، أيضا.
سوريا الدولة الوحيدة في العالم التي يختفي فيها المسؤولون، بدعوى الانتحار، أو في ظروف غامضة. وفي حال اللواء غزالة فإن معظم الروايات، بما فيها شبه الرسمية، تجمع على أنه قتل بالضرب المبرح. وروجت مصادر مختلفة للحكومة روايات متناقضة، أكثرها مدعاة للسخرية أنه تعرض للضرب المميت بسبب خلافه مع مسؤول أمن عسكري آخر، رفيق شحاتة، لأنه أصر على المشاركة في القتال في بلدته درعا ضد «الإرهابيين». لا أدري إن كان يوجد مغفلون لهذه الدرجة أن يصدقوا مثل هذه الرواية، الاقتتال على البطولة والوطنية. والأكثر سخرية، أن القاتل شحاتة كوفئ قبل أيام بتقليده منصب زميله الذي قتله.
الأرجح أن غزالة قتل بالتعذيب في أحد السجون، والنظام لم يسع لإخفاء رواية القتل، وإن كان قد نشر شائعات متناقضة حول كيف ولماذا. فقد اعتاد الاعتراف بالوفيات الغامضة لمسؤوليه ضمن سياسة زرع الخوف بين قياداته، وكان الميتان قتلا رئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي في عام 2000.
أما لماذا لم يقتل غزالة؟ فالاحتمالات كثيرة، قد يكون له علاقة ما كشفت عنها مسؤولة بنك المدينة اللبناني رنا قليلات، التي هربت إلى البرازيل بعد انهيار البنك، ونشرت اعترافاتها مجلة «الشراع». تحدثت عن عمليات الابتزاز من قبل غزالة وزوجته وزعمت أنهما نهبا عشرات الملايين من الدولارات. وحكت قصصا تثير التقزز، كيف كان يهددها والموظفين عندما كان مسؤولاً في لبنان، بصفته رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في الجيش السوري، والمتصرف بشؤون لبنان. لكن النظام السوري لم يسبق أن عاقب رجاله على سوء تصرفاتهم الشخصية، بل كان يشجعهم ويرقيهم بناء على شراستهم وقدرتهم على السيطرة على المناطق المكلفين بإدارتها بغض النظر عن الأساليب.
وفي محاولة فهم لغز مقتل غزالة، لا ننسى أنه كان من الذين استجوبتهم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري، وعلى قائمة المتهمين بقتله، وبموته اختفى مع معظم القيادات السورية الذين وردت أسماؤهم وماتوا قتلاً في ظروف غامضة خلال السنوات الماضية. والاحتمال الثالث أن يكون غزالة قد قرر الانشقاق، وهذا يكفي لأن يقضى عليه بهذه الطريقة البشعة.
لم يبق كثيرون من قيادات النظام السوري، ما بين قتيل ومغيّب، في وقت يشرف فيه النظام على مرحلة تأهيل جديدة يريد من خلالها، بالتعاون مع حليفته اللصيقة إيران، أن يقود المرحلة السياسية الجديدة، بحجة أنه السلاح الوحيد القادر على مقاتلة التنظيمات الإرهابية. إنما قتل غزالة يذكر الناس بسوء النظام وبطشه ولن يقنعهم بأنه بدل جلده.
الشرق الأوسط
“عشرة عبيد صغار” النظام: بعد غزالي يبقى سليمان/ فارس خشان
تصفية الحلقة الأقوى بين الأسد واغتيال الحريري
تميّز حلول الذكرى السنوية العاشرة لانسحاب جيش النظام السوري ومخابراته من لبنان بالإعلان عن وفاة أبرز رموز تلك الحقبة، اللواء رستم غزالي (مواليد العام 1953).
ويأتي إعلان هذه الوفاة، بعد أنباء مؤكدة عن تنفيذ خطة لاغتيال غزالي، بالتزامن مع صعود نجمه في المحاكمة الغيابية التي تجريها الغرفة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان لخمسة فارين ينتمون للجهاز الأمني في «حزب الله»، إتهمهم الادعاء العام بالإشتراك والتدخل في تنفيذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ويعتبر غزالي، في العلم الجنائي، الحلقة الأساسية والأبرز التي يمكن أن تربط مسؤولية رئيس النظام السوري بشار الأسد بالجريمة، خصوصا بعدما ظهرت وثائق يعتقد بأنها تجسر الهوة الجنائية التي تفصل نظرياً المنفذين الميدانيين بالأسد مباشرة.
وطلب الادعاء العام من غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان القبول بمستندات تتضمن تحليلا لتواصل مباشر بين هاتف بشار الأسد الذي استخرج من قائمة هواتف اللواء المتقاعد جميل السيد وبين بعض المتهمين بتنفيذ جريمة اغتيال الحريري.
وقبيل خروجه من لبنان في إطار استكمال الانسحاب السوري الناجز، تلقى غزالي من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هدية تقديرية للأدوار التي لعبها في لبنان سمّيت «بندقية المقاومة».
وكان غزالي يتربع سعيدا على رأس واحد من أبرز أجهزة النظام السوري الأمنية، حتى دخلت «محكمة لبنان» في مرحلة الدافع السياسي لجريمة اغتيال الحريري، حيث برز الدور الرائد الذي لعبه غزالي، بصفته الممثل الشخصي للأسد في لبنان.
وبالإضافة الى ما رواه الشهود عن أدوار غزالي في ابتزاز الحريري وتوجيه التهديدات له، وكان آخرها يوم السبت الذي سبق جريمة الإغتيال بيومين عبر الشهيد يحيى العرب، بثّ الادعاء العام، تسجيلا للقاء جمع الحريري في مكتبه في قصر قريطم بغزالي بحضور الصحافي شارل أيوب، في إطار محاولة من أيوب لإصلاح العلاقة المتدهورة إلى حدّ العدائية بين الحريري من جهة وبين الأسد من جهة أخرى.
وبالفعل، فمنذ تصدّر إسم غزالي أجواء المحاكمة، مع أولى إفادات الدافع السياسي التي قدمها النائب مروان حماده، بدأت مرحلة إنهاء المكنّى بـ»أبو عبدو».
كانت البداية، مع إقدامه على تفجير قصره الفخم في مسقط رأسه في قرية قرفا في مدينة الشيخ مسكين، في ريف درعا.
تنوّعت التفسيرات حول هذا الحدث، ولكنّ التوقيت وحده كان كفيلا بشرحه، إذ إنه حصل في ظل توتر النظام الأسدي مما تكشفه وثائق «محكمة لبنان» وشهودها.
ومع تقدم الإفادات في تقديم مزيد من المعلومات للمحكمة عن الأدوار التي لعبها لمصلحة بشار الأسد ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان لافتا إدخال رستم غزالي إلى مشفى الشامي في دمشق.
يومها، ادعى النائب عاصم قانصوه أنه زار صديقه في المشفى وتبين له أنه أصيب بشظية قنبلة وهو يقاتل «دفاعا» عن درعا، وأنه بصحة جيّدة، لكن أوساط المعارضة السورية جزمت بأنه تعرض للضرب من حامية مسؤول أمني سوري آخر يدعى رفيق شحاده.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الخلاف بين رئيس شعبة المخابرات العسكرية اللواء رفيق شحاده ورئيس شعبة الأمن السياسي العميد رستم غزالي سببها اعتراض الثاني على الهيمنة الإيرانية في كل من درعا والسويداء.
إلا أنه مع إعلان وفاة غزالي، جزم مصدر وصف بأنه واسع الإطلاع بالرواية التي تحدثت عن أن غزالي جرى اغتياله بواسطة حقنة .
وذكر المصدر أن عائلة غزالي تمكنت قبل أسبوع من «تهريب» عيّنة من دمه إلى مستشفى لبناني «مرموق» لفحصها. ونتيجة للفحص المخبري ظهر في دم رستم «آثار لمادة سامة مركبة روسية الصنع، قاتلة ببطء.»
وأوضح أن السم المركب ليس سماً طبيعياً، بل هو من السموم التي تنتجها مختبرات عسكرية- مخابراتية نتيجة تجميع وخلط عناصر مكونة متعددة، لافتاً إلى أن هذه النوعية من السموم «تستخدمها عادة أجهزة مخابرات لتنفيذ عمليات موت بطيء كي يختفي أثر السم بعد موت الضحية، ولا يظهر في أي عملية تشريح.
وشدد على أن عيّنة دم رستم أرسلت «قبل موته بأسبوع، وظهرت آثار ضئيلة للسم فيها.»
ويعتبر غزالي رابع أهم شخصية ورد اسمها في لائحة المشتبه بهم باغتيال الحريري تجري تصفيتها، بعد اللواء محمد سليمان المسؤول الأمني لدى بشار الأسد ومنسق شؤون التعاون مع عماد مغنية ( في العام 2008) وآصف شوكت( في العام 2012 ) وجامع جامع ( 2013).
ويبقى اللواء بهجت سليمان على قيد الحياة، وهو انتقل من الأمن الى الدبلوماسية بتعيينه، على إثر الشبهات بدوره في اغتيال الحريري، سفيرا لسوريا في الأردن.
وبإعلان وفاة غزالي، تكون قد جرت محاولة لتصفية آخر حلقة يمكن أن تربط مسؤولية بشار الأسد باغتيال الحريري.
وكانت قد سرت معلومات عن أن غزالي وقبل تعرضه لخطة قتله قد تحدث عن إمكان كشف أسرار يملكها عن اغتيال الحريري.
وهذه المعلومات حملها أشخاص على صلة وثيقة بغزالي إلى شخصيات لبنانية مرموقة كما إلى بعض الدبلوماسيين الغربيين العاملين في لبنان.
ويشبه مراقبون الظروف التي تمّت فيها تصفية غزالي بالظروف التي سبق وأدت الى تصفية اللواء غازي كنعان، الذي كان يحتمل أن يكون «شاهدا ملكا» في ملف اغتيال الحريري.
وثمة من يعتقد بأنه في سوريا، ومنذ اغتيال الحريري، تجري «سورنة» رائعة آغاتا كريستي: عشرة عبيد صغار!
المستقبل
خمسة أسئلة حول وفاة غزالة/ عمـاد مـوسـى
لم أحظَ يوماً بشرف التعرّف إلى عالِم الإجتماع الأميركي هارولد دوايت لازويل، المُنتقل إلى فسيح جنانه في العام 1978. لكنّ أحد أساتذتي في المرحلة الجامعية “نخَر” دماغي وأدمغة زملائي بأسئلة Lasswell الخمسة الواجب طرحها لمعرفة مدى صدقية الخبر وتأثيره على المتلقّي، والأسئلة التي يقترحها لازويل هي:
– Who (من؟ أي المرسِل)
– Says What (ماذا يقول؟ أي المضمون المنوي إيصاله إلى الجمهور)
– In Which Channel (قصد الوسيلة)
– To Whom (لمن توجه الرسالة)
– With What Effect (وبأي تأثير؟)
ولا شكّ أن اعتماد هذا النموذج حيال أي خبر يساعد على تحليل مضمونه وفهم تأثيره.
مثلاً صباح الجمعة 24 نيسان 2015، أعلنت قناة “الميادين” وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في سوريا اللواء رستم غزالة.
مَن هو “مُرسل” الخبر للميادين؟ أهي إدارة مشفى الشامي في دمشق؟ وهل من تقاليد هذا المشفى أن يذيع بيانات عن حال مرضاه أو أن يرسل تقارير وفاتهم إلى الأقنية التلفزيونية؟
عائلة أبو عبدو؟ زوجته؟ خليفة أبو عبدو في الأمن السياسي؟ أطبّاء لبنانيون؟ أحد أزلام أبو عبدو المفجوعون في العاصمة اللبنانية؟ لم تذكر “الميادين” مصدر خبرها. وهذا حال الصحافة الإستقصائية التي تتحفظ عن ذكر مصادرها.
أما بالنسبة للمضمون فلم تتبحّر “الميادين” في تحديد تاريخ الوفاة أو سببها. أهو هبوط في ضغط الدم؟ أو حصلت الوفاة نتيجة مرض عُضال؟ أو لا سمح الله تعرّض رستم إلى إعتداء وحشي.
الأجهزة الرسمية في سوريا المشهود لها بالشفافية لم تنجز السيناريو بعد. ومتى اُنجز تتبناه “الميادين” من دون زيادة أو نقصان.
وثالث أسئلة لازويل المتعلّقة بالوسيلة يمكن الإجابة عليها بسهولة، فقناة “الميادين” وسيلة قريبة من النظامين السوري والإيراني. هذه عين وهذه عين، وبالتالي فإنّ إعلان “الميادين” خبر وفاة المسؤول الأمني السابق لا يمكن نفيه أو التشكيك في صحته.
مات رستم، تعني شبع رستم موتاً. لو ورد الخبر نفسه بصيغة “عاجل على العربية”، لخرجت بثينة شعبان لتعلن أن اللواء غزالة ما زال يمارس أعماله كالمعتاد بعد إبلاله من الوعكة الصحية التي ألمّت به.
ولمن أراد المُحرر إيصال الرسالة؟ (السؤال الرابع) فهناك احتمالات ثلاث:
إما أراد مرسل الخبر إبلاغ المحكمة الخاصة بلبنان تعذّر مثول غازي كنعان وجامع جامع ورستم غزالة أمامها في لاهاي بداعي الوفاة.
أو أن المُرسل شاء أن يبعث برسالة تحذير إلى أصحاب الرؤوس الحامية من جمهور رستم.
أو أنّ سيادة اللواء متوفٍ منذ وقت وإرتأى نظام الدكتور الأسد أن ينعيه في يوم مجيد: ذكرى الإبادة الأرمنية. لمَ لا. الرجل إبن التاريخ وإلى التاريخ يعود. فتكون الرسالة إلى مؤرخي هذه الحقبة.
ونصل إلى خامس أسئلة لازويل، المتصل بتأثير الخبر. فالصياغة جاءت مختصرة والمُراد من الإختصار كلمتان واقفتان: من يجب أن يفهم فهِم. ومن لم يفهم بعد فسنُفهمه على طريقتنا. “فهمت ولاه؟”
موقع لبنان ناو