صفحات الثقافة

موت كهذا عصي عليك


إسماعيل الرفاعي

(إلى روح الشهيد خضر دعار الخضر)

موت غادر كهذا لن يقوى عليك،’

منذ التقيتك في أول الدرب’

كنت تنثر القرى التي تأبطتها،

وتقصّ علينا مراعيك..’

موت كهذا لن يقوى عليك يا خضر..’

لن يقوى على ذكرياتنا في حيّ الموظفين’

حين كنا نقرع نافذتك بعصافير الشعر’

في المساءات الغابرة.

انهض إذاً يا خضر..’

دع موتك الآن وانزع عن رأسك’

مخالب المعدن وما تناثر من شظايا’

حتى ننهي لعبة الشطرنج،’

وأعيد لك ما خسرته من كتب في الرهان الأخير،’

وأقص عليك غربتي حتى لحظة الوداع يا صديقي.

***

موت كهذا عليه أن ينتظر..

حتى ترى بعينيك

كيف تطبق ضفاف الفرات

على فلول الطاغية،

وكيف يفيض بمائه الجليل

على تخوم دمشق،

يغسل فسيفساء المسجد الأموي،

ويمسح رأس قاسيون بزيزفون يديك..

عليه أن ينتظر قليلاً يا خضر.

نجمة روحك أكبر من سماء الرحيل

وحلمك ينزّ من عينيك المغمضتين

على الجسد المسجى،

يسند ظهرك قليلاً..

حتى ترى الطيور التي جفلت على رؤوس الحور

حين دهمك الموت.

ترى الدوريّ والقبرات

يحملن روحك يا صديقي

من حويجة الدم، إلى بساتين الغوطة

يعرفونك على أخوتك الرابضين

على متاريس أرواحهم هناك،

يعيدون دمشق إلى دمشق..

ويقصّون عليك ما فاتك من سير الشهداء الذين لحقوا بك يا صديقي

موت كهذا عصيّ عليك.

***

أسمرٌ كظل نبتة في براري الفرات.. يا خضر

منذ نعومة روحك،

منذ الخطوات التي أدمنتها بين الجسر المعلق،

وسوق الحنطة..

منذ أن تخدّد وجهك بالهمّ،

وأنت ترفع كأسك بصحة الحياة..

تلك التي أشاحت بوجهها عنك،

فأجلستها القرفصاء

وقرأت عليها قصيدة عن الحب

وأنت تعلم أنّ عريكتها لن تلين إلا بالنشيد..

وأنّ حلمنا الذي جلسنا الليالي نتسامر حوله،

لا بد سيصغي آخر المطاف..

وكنت تعلم أنك كعادتك ستهبّ قبل الجميع،

وأنك ستقود قافلة الشهداء

إلى عرس البلاد.

*شاعر من سورية يقيم في الامارات

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى