صفحات الناس

“موموندو”: كلّنا أولاد آدم وحواء/ نينار الخطيب

 

 

أثار إعلان ترويجي أطلقته شركة سفريّات دنمركيّة ضجة على مواقع التواصل، بعد تقديمه معلومات صادمة حول الحمض النووي البشري (DNA) واختلاط العروق. وبحسب الإعلان، فلا وجود لـ «أعراق صافية»، استناداً إلى دراسات علميّة، شكّكت فيها بعض وسائل الإعلام. حقّق الإعلان (5:16 د.) الذي قدّمته شركة «موموندو»، أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة، وأكثر من 23 مليون مشاركة على موقع «فايسبوك». يتضمّن الشريط لقاءات مع أشخاص من بلدان وعروق مختلفة، أُخذت منهم عينات لتحليل الحمض النووي، وسألوا عن توقعاتهم حول أصولهم: «هل تعتقد أنك (ألماني، كردي، بنغلادشي…) بالكامل؟». بعد تحليل الـ DNA، تبيّن وجود نسب مختلفة من عروق أخرى تدخل في تركيب الشيفرة الوراثية لكلّ واحد من المشاركين، ما يعني أنه لا يوجد أشخاص من عروق صافية في العالم.

وذكرت الشركة أن هذا التسجيل جاء نتيجة «مبادرة تهدف إلى هدم الأسوار بين الدول، فتح الحدود، تقبّل الاختلاف، والتأكيد أن الإنسان أيّاً كان عرقه أو الدولة التي نشأ فيها فإنه يتقاطع وراثياً مع جميع البشر على الأرض». وأوضحت أنّ «67 شخصاً جمعوا من كل أنحاء العالم، وأجري اختبار لحمضهم النووي، فاتضح أن لديهم الكثير من القواسم المشتركة مع الجنسيات الأخرى».

يركّز الإعلان على ردود فعل المشاركين فيه، ما ساهم بانتشاره الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي كدليل على أن هناك قواسم مشتركة بين جميع البشر.

إضافة إلى الإعلان، قدمت الشركة مسابقة ترويجية تهدف إلى جمع 500 شخص لتحليل حمضهم النووي ومعرفة «المكونات الوراثية لديهم، ونسب انتمائهم في العالم»، إضافة إلى قرعة لاختيار شخص واحد ستقدم له رحلة كاملة يجوب خلالها جميع المناطق التي تنتمي إليها شيفرته الوراثية. مقابل الضجة الكبيرة التي أثارها الإعلان، شكّكت وسائل إعلام دنمركية بصحة نتائج التحليل، كما كشفت وجود ممثلين شاركوا في الإعلان، ما يضع علامات الاستفهام حول دقّة التجربة من الناحية العلميّة.

صحيفة «سي اف اتش بوست» الدنمركية الناطقة باللغة الانكليزية، نشرت مادة فنّدت مضمون الإعلان. وذكرت الصحيفة أنّ «الشركة سعت من خلال الفيديو إلى الترويج، من دون أسس علمية صحيحة». وتابعت نقلاً عن قناة TV2 الدنماركية أنّ «الفرضية بالأساس غير صحيحة، فعملية البحث عن الأصول الوراثية تحتاج إلى حملة مقارنة صافية، وهي غير موجودة أصلاً، ما يعني أنّه لا يمكن تحديد نسب الجنسيات بدقة، فلا يوجد حمض نووي ألماني أو دنمركي صاف 100 في المئة، يمكن القياس عليه لمعرفة نسبة دنمركية الشخص الدنمركي وراثيّاً على سبيل المثال».

كذلك كشفت الصحيفة أن بعض المشاركين في الإعلان ممثلون. على سبيل المثال، تظهر شخصيّة رجل يدعى يوسف عمران، وهو ممثل بريطاني، كما تشارك في الإعلان ممثلة بريطانيّة تدعى خليلة هاشم. كما يظهر في الإعلان الخبير في الحمص النووي براد أرجنت، المتحدّث الرسمي باسم موقع متخصص بالأصول (Ancestry.com)، علماً أنه حاصل على شهادة دبلوم في مجال الإرشاد.

وسواء كان المشهد تمثيلياً أو يقوم على أسس علمية، يبقى المؤكد أنّ شركة «موموندو» حققت من خلاله «خبطة إعلانيّة كبيرة». ومن المؤكّد أيضاً وفقاً لانتشاره على نطاق واسع، أنّ العالم بات مقتنعاً كثيرا بأنّ البشر يتقاطعون في أصلهم، وأن الألوان والجنسيات هي حواجز وهميّة تجب إزالتها.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى