صفحات سوريةعلي العبدالله

ميثاق شرف..قيد الاختبار؟/ علي العبد الله

 

في خطوة مفاجئة اعلنت قوى عسكرية اسلامية( الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام، فيلق الشام، جيش المجاهدين، الوية الفرقان، الجبهة الاسلامية) ميثاق شرف انطوى على توجهات سياسية وفكرية وميدانية جديدة وتتناقض مع مواثيق وبيانات ومواقف سابقة لهذه القوى ما أثار أسئلة وعلامات استفهام كثيرة وكبيرة.

لم والى أين؟.

اعلن الميثاق في ظرف دقيق وضاغط فقد خسرت الثورة مدنا ومناطق، وآخرها مدينة حمص، وانتقلت الى الدفاع في مواقع حساسة في محيط العاصمة بخاصة، وكان لأسلوبها في ادارة المعارك، وتفرق صفوف الكتائب المقاتلة، وغياب أي تعاون او تنسيق حقيقي بينها(نتيجة التعدد التنظيمي والتسييس والتشدد العقائدي، الذي منع سيطرة برنامج واحد لكنه اعاق التعاون والتنسيق في مواجهة النظام كذلك، ناهيك عن ارتباطها بتوجيهات الاطراف الداعمة وتوجهاتها السياسية، حيث تعددت المعارك وتشتت القوى والجهود وتآكلت الانجازات) دور بارز في هذه الخسائر. واستياء شعبي سوري من ممارسات الحركات المتشددة واعتداؤها على الحريات وفرض قيود على نمط حياة المواطنين اليومية وقسرهم على ممارسات لم يعتادوها. وتصاعد التوتر الطائفي وانقسام مجتمعات دول الجوار وتنامي خطر اقتتال طائفي فيها. وتبدل في مزاج دول اصدقاء الشعب السوري، الاقليمية والدولية، والتي تشكل الجهات الداعمة الرئيسة للثورة، نتيجة الهواجس والمخاوف التي أثارتها توجهات التنظيمات والجماعات المتشددة ان لجهة هدفها الرئيس(دولة خلافة وتطبيق الشريعة وفق رؤيتها الجامدة)، وتمدد نشاطها الى دول الجوار، ان بتنفيذ عمليات انتحارية فيها او قصفها عن بعُد، كما حصل في لبنان، او لجهة تجنيد مقاتلين من هذه الدول، وما يمكن ان يترتب عليه مستقبلا عند انتهاء الصراع في سوريا وعودتهم الى بلادهم او انتقالهم الى ساحة جديدة بعد امتلاكهم خبرة قتالية. وهذا وضع مواجهة هذه التنظيمات والحركات على رأس جدول اولوية هذه الدول، وما يعنيه ذلك من فرز التنظيمات والحركات والكتائب المقاتلة وربط الدعم المالي والتسليحي بقطع العلاقة مع المتشدد منها.

لذا جاء الميثاق الجديد استجابة لهذه المعطيات وانطوى على مبادئ تلبي مستدعياتها ان على صعيد تحديد مكون الثورة البشري(السوريون) وخطها العسكري(عملية تشاركية بين مختلف القوى الثورية، حصر القتال بالأرض السورية، مقاتلة النظام وحلفائه وكل من يعتدي على أهلنا ويكفرهم كداعش، رفض ممارسة الثأر والانتقام وإحالة المجرمين الى العدالة) ومشروعها السياسي(اسقاط النظام بكل مرتكزاته، اقامة دولة العدل والقانون والحرية، الحفاظ على وحدة التراب السوري ومنع أي مشروع تقسيمي بكل الوسائل المتاحة، تحقيق الحرية والعدل والأمن للمجتمع السوري بنسيجه الاجتماعي المتنوع بكافة اطيافه العرقية والطائفية، الالتزام باحترام حقوق الإنسان، الترحيب باللقاء والتعاون مع الاطراف الاقليمية والدولية المتضامنة مع الشعب السوري في محنته، التمسك باستقلالية القرار السوري، الحفاظ على ممتلكات الشعب السوري التي يتم تحريرها وتُستخدم فقط في اتمام عملية التحرير). وختم بدعوة القوى الأخرى الى الانخراط في التحالف والتوقيع على الميثاق.

لقد فتح الميثاق الطريق امام التعاون العسكري وخوض معارك منسقة وعلى كل الجبهات لتغيير المناخ السلبي والانطلاق نحو تعديل ميزان القوى ووقف التراجع العسكري في محاور هامة(دمشق وريفها) ومواجهة الحركات المتشددة التي أضرت بالثورة وتوجهاتها السياسية والاجتماعية كمدخل لتحقيق مطالب الثورة في التغيير السياسي واستعادة الحرية والكرامة من جهة، وشكل، من جهة ثانية، تمايزا وافتراقا عن “الجهاديين” الجوالين والتنظيمات المتشددة، خاصة جبهة النصرة، التي تقاتل الى جانب الحركات الموقعة عليه ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، والتي انتقدته ووصفته بـ”التخاذل والانبطاح” وبـ”التخلي عن حاكمية الشريعة” وفق مفتى النصرة في درعا.

واللافت في هذه الخطوة طبيعة التنظيمات والحركات الموقعة عليه حيث التنوع في المنطلقات الفكرية والتصورات السياسية بين الجبهة الاسلامية ذات التوجه السلفي، والتي تقاتل في عدد من المحافظات، وسبق لها وطرحت ميثاقا فكريا وبرنامجا سياسيا يهدف الى اقامة دولة اسلامية واعتبرته البرنامج الوحيد الصالح لسوريا، والاتحاد الاسلامي لأجناد الشام، الذي يقاتل في دمشق وريفها، بخلفيته الفكرية والسياسية ببعديها الاخواني الحركي والإسلام المجتمعي الشامي، وجيش المجاهدين، الذي يقاتل في حلب وريفها، المعبر عن نمط التدين الحلبي مع تقاطع مع جماعة الاخوان المسلمين، وفيلق الشام، يقاتل في حلب ادلب حمص حماة ريف دمشق، الذي نشأ من اتحاد 19 كتيبة واعتبر بديلا لهيئة حماية المدنيين المرتبطة بجماعة الاخوان المسلمين، وألوية الفرقان، وساحة عملها القنيطرة وريفها، بفكرها الاسلامي الوطني والمرتبطة بالجيش السوري الحر. وهذا يثير سؤالا جوهريا حول حقيقة موقف هذه القوى وهل غيرت فكرها وبرنامجها السياسي، وخاصة الجبهة الاسلامية وهدفها المعلن دولة دينية الذي ورد في برنامجها السابق، ام ان الاشتراك في التحالف الجديد والتوقيع على الميثاق مرحلي ويرتبط بالضرورة الضاغطة للحصول على الدعم المالي والعسكري؟.

يفرض المنطق السياسي التعاطي مع الميثاق بحذر وانتظار التطبيق العملي له، لان الاعوام الثلاثة الماضية كانت حافلة بالتغيرات والتقلبات لاعتبارات آنية أو مصلحية سرعان ما تخلى عنها اصحابها بعد ان غدت لبعض الوقت فرس رهان للمواطنين، ولعل مراقبة سلوك الجبهة الاسلامية بعامة، وجيش الاسلام الذي يقوده زهران علوش بخاصة، في ضوء ممارستها السابقة في محاربة النشاطات غير المتفقة مع توجهاتها الفكرية والسياسية وقمع المخالفين بالتصفية والخطف، واعتبار الكشف عن مصير المخطوفين من اعضاء مركز توثيق الانتهاكات (رزان زيتونة وسميرة خليل ووائل حماده وناظم حمادي الذين خطفوا في دوما حيث يسيطر الجيش المذكور)،والعمل على اطلاق سراحهم، هو اختبار لمصداقية وجدية التوجه الجديد للجبهة وجيش الاسلام وزهران علوش.

\\ كاتب سوري \\

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى