صفحات العالم

ميسلون جديدة؟


    سميح صعب

كلما اتخذت الاحداث في سوريا منحى تصعيدياً زادت احتمالات التفجير في المنطقة على نطاق واسع. ومخطئ من يظن ان إسقاط نظام الرئيس بشار الاسد سيأتي بنظام ديموقراطي يحترم الحريات ويصون حرية التعبير بمعايير لا تقل عن تلك السائدة في الولايات المتحدة واوروبا. ان مرحلة ما بعد النظام الحالي هي مرحلة التفتيت لسوريا من دون الاستطراد كثيراً في وجود مؤامرة وإنما لحسابات تاريخية تتعلق بالنسيج الاجتماعي للبلد. وحتى الوحدة الاسمية القائمة في العراق ما بعد الغزو الاميركي لن تكون قابلة للتحقق في سوريا.

تقول واشنطن ان تنحي الاسد هو اقرب الطرق الى تجنيب سوريا الحرب الاهلية. فيما الواقع ان الحرب الاهلية باتت واقعاً بعدما اقدم العرب وتركيا والغرب على تسليح المعارضة باسم الدفاع عن نفسها في ابتعاد واضح عن بداية حركة الاحتجاج التي رفعت مطالب اصلاحية كان اقصاها رفع حال الطوارئ والغاء المادة الثامنة من الدستور.

ومنذ رفع شعار اسقاط النظام دخلت سوريا منطق الحرب الاهلية. لم يعد الموضوع موضوع اصلاحات وانما باتت المسألة مسألة تغيير الموقع الجيوسياسي لسوريا. وهذه فرصة الغرب وبعض العرب لتغيير موقع سوريا وإبعادها عن ايران و”حزب الله” (ولم يعد مهماً إبعادها عن “حماس” لأن “حماس” هي التي ابتعدت عن سوريا والتحقت بالانظمة الاسلامية الناشئة).

وما كانت تحاول واشنطن والعرب وتركيا ان تفعله طوال الاشهر الاخيرة هو احداث تغيير في سوريا من دون حرب اهلية. أما روسيا فكانت وجهة نظرها ان ثمة استحالة لتغيير النظام من دون حرب اهلية، فكان رد الغرب على موسكو ان سحب دعمها للاسد سيعجل في عملية اسقاطه وتالياً تتجنب سوريا الحرب الاهلية. ومن ضمن هذا المنطق تحمّل الولايات المتحدة الاسد مسؤولية كل الدماء التي تراق في سوريا لأنه لم يرحل عن السلطة بملء ارادته.

ولكن لا الولايات المتحدة ولا العرب يقولون كيف يمكن تجنيب سوريا الحرب الاهلية اذا سقط الاسد، وهل المعارضة السورية المشرذمة مؤهلة لقيادة سوريا؟ هنا يصير الأمر وكأن ليس مهماً من يحكم سوريا بعد الاسد، المهم هو اسقاط هذا النظام وليس مهماً ما سيلي ذلك من تداعيات.

والحرب الاهلية في سوريا غيرها في ليبيا المؤلفة من قبائل تملك آباراً للنفط من غير أي وزن سياسي. فسوريا بموقعها كانت دوماً الأكثر جذباً للصراع والمواقف. وللتذكير في 24 تموز 1920 خاض وزير الدفاع السوري يوسف العظمة معركة ميسلون ضد الجيش الفرنسي بمدفع واحد وعشرات البنادق، وكان يعرف انه لن يعود من المعركة، لكنه خاضها.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى