ميليشيات عسكرية تفرض المناهج الكردية وتعتقل المدرسين السوريين في محافظة الحسكة/ هبة محمد
ألغى القائمون عليها «التربية الدينية» ووضعوا أخرى تستلهم من «الزرادشتية»
أثار قرار الميليشيات الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي والذي يقضي بفرض المناهج الانفصالية، ضمن خطة دراسية جديدة تعتمد على المنهاج الكردي، حفيظة السكان العرب في المناطق التي تفرض القوات الكردية سيطرتها عليها في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
فقد حيث داهمت ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي «ب ي د»، امس الاحد، حي غويران ذا الأغلبية العربية، واعتقلت اثنين من الموجهين التربويين، وأغلقت جميع المدارس في الحي، بسبب رفض الهيئات الادراية والتدريسية تدريس الطلاب المناهج الكردية.
وقال مصدر مطلع من حي غويران في اتصال هاتفي مع «القدس العربي» ان دوريتين مكونتين من أكثر من 30 عنصراً من « ب ي د» داهمت حي غويران، وأغلقت المدارس بشكل كامل، وذلك على خلفية رفض إدارات المدارس استلام الكتب المدرسية التي أعدتها هيئة الإدارة والتعليم «الإدارة الذاتية الكردية» التابعة لحزب « ب ي د».
فيما اكد «ابراهيم حبش» مدير شبكة الخابور الإعلامية لـ «القدس العربي» أن عناصر «ب ي د» قاموا بالاعتداء على الموجهين التربويين «ابراهيم خليف وخالد السليمان» واعتقالهما وسوقهما إلى جهة مجهولة، حيث اتى ذلك على خلفية مظاهرات شعبية حاشدة عمت حي غويران خلال الايام الفائتة، طالبت حزب الاتحاد الديمقراطي «ب ي د» بالكف عن سياسيته التعسفية في رفض المنهاج الكردية ضمن المناطق العربية، وهو ما ولد حالة غضب وغليان واسعة في المحافظة.
ويرفض العرب ومعظم الأكراد في محافظة الحسكة المناهج الكردية التي وضعتها ميليشيات «ب ي د» حيث تدرس بالعربية والكردية، فيما لم تحصل تلك المناهج على اي اعتراف سواء من مقبل النظام السوري او من الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة، حيث ألغى القائمون على هذه المناهج مادة التربية الدينية، ووضعوا بدلاً عنها التربية الأخلاقية التي تُستلهم من الفلسفة الزرادشتية، كما ألغت مادة القومية واستبدلوها بالأمة الديمقراطية التي تمجد افكار «عبد الله اوجلان» زعيم حزب العمال الكردستاني، كما تصف المناهج الوجود العربي على أنه احتلال.
نقيب المعلمين الأحرار في الحسكة «عبد الحافظ كلش» قال في تصريح خاص لـ «القدس العربي»: إن تغيير المنهاج السوري وفرض منهاج باللغة الكردية في المناطق السورية التي تحتلها قوات YPG سيدمر حاضر أجيال المنطقة ومستقبلها، عازياً الأمر إلى أن «هذا المنهاج الانفصالي المصمم على طريقة التجميع والنسخ واللصق ليس له اي قيمة علمية، بالإضافة إلى أنه منهاج غير معترف به دولياً وحتى إقليمياً، بل إنه غير مرغوب به حتى على صعيد أغلب الأكراد في محافظة الحسكة بوصفه منهاجاً فرضته ميليشيا عسكرية تمتهن القتل والتهجير وهذا ما فعلته في اهل الحسكة».
واضاف الاستاذ التربوي «كلش» ان قرض المناهج من قبل ميليشيات مسلحة تفرض سطوتها على المنطقة بقوة السلاح جعل الكثير من الأهالي الأكراد أنفسهم يمتنعون عن إرسال أبنائهم إلى المدارس التي تدرس المنهاج الكردي، خوفاً من ضياع مستقبل أبنائهم، فضلاً عن عدم توافر الكوادر المؤهلة تربوياً وأكاديمياً، وإقحام المناهج بالعديد من أفكار وصور شخصيات «حزب العمال الكردستاني» كعبدالله اوجلان المصنف على قائمة الإرهاب العالمي، هذه الأفكار التي لا تتناسب مع خصوصية وتراث وحضارة المنطقة التي يشكل العرب فيها الأغلبية الساحقة.
وكانت هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية في مناطق عين العرب وعفرين ومناطق الشهباء ومنبج والطبقة وتل أبيض ومنطقة الجزيرة، قد اصدرت خطةً دراسيةً جديدةً سيبدأ تطبيقها في الموسم الدراسي القادم 2017-2018 مصنفة المناطق تلك ضمن ما وصفتها بـ «أقاليم».
ووفق الخطة الجديدة التي اطلقتها هيئة التربية الكردية، والتي من المفترض ان تطبق على مراحل «في إقليم الجزيرة، سيبدأ التعليم بالمنهاج الكردي للمرحلة الابتدائية، والإعدادية – الصف الأول حتى التاسع- فيما إقليم الفرات، وإقليم عفرين سيكون المنهاج الكردي مطبقاً حتى المرحلة الثانوية -الصف الأول حتى التاسع- كما ويجري العمل على توفر منهاج حديث باللغة العربية، ومناهج لبقية الأقليات في غربي كردستان، حيث سيتمكن أبناء القوميات الأخرى من الدراسة بلغتهم» وذلك وفقا لهيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية.
وأهلت الهيئة في مدينة عين العرب، 2060 معلماً ومعلمة، لتغطية 422 مدرسة ضمنهم 28 مدرسة سيتم استحداثها و394 مدرسة قديمة سيتم تجهيزها من أجل العام الجديد لاستقبال ما يقارب 35 ألف طالب وطالبة حسب المصدر الذي أكد أيضاً على تدريب 109 من مدرسي اللغة الكردية لتوزيعهم على 340 مدرسة في منبج وريفها، حيث سيتم تدريس اللغة الكردية في مدارسها رسمياً العام الدراسي المقبل بمعدل حصتين في الأسبوع مبدئياً، إلى جانب اللغة العربية، ومجموع الكادر التعليمي بلغ 3600 معلم ومعلمة، خضع منهم 1578 لتدريبات على المنهاج الجديد.
كما يجري حالياً تأهيل 300 مدرسة في عفرين ومناطق الشهباء، ويتوقع أن تستقبل 50 ألف طالب وطالبة، وعدد الكادر التدريسي تجاوز 2200 معلم ومعلمة، فيما تم تأهيل 73 مدرسة في الطبقة لاستيعاب حوالي 4 آلاف طالب وطالبة. والخطة جارية لتأهيل المزيد من المدارس مع فتح دورات تأهيل للمعلمين، والمعلمات لإعدادهم كمدرسين» حسب المصدر.
وذكرت المديرية انه تم تأهيل 1000 مدرسة لاستقبال 500 ألف طالب وطالبة، في منطقة الجزيرة، منهم 200 ألف طالب في المرحلة الابتدائية و300 ألف للمرحلة الإعدادية والثانوية، اضافة إلى تأهيل 480250 مدرسة من أصل 480 في تل أبيض، فيما يقدر عدد المدرسين بقرابة الـ 700 مدرس.
وطبعت المديرية المعنية 3 ملايين نسخة أغلبها كتب المنهاج الدراسي الجديد باللغة الكردية، تغطي 9 سنوات دراسة -المرحلتين الابتدائية والإعدادية – وتم اعتماد منهاج جديد للعرب والسريان ليتمكنوا من الدراسة بلغتهم، فيما يتوقع ان يتجاوز عدد الطلاب من مختلف المراحل الـ 160 ألفاً.
القدس العربي