صفحات العالم

مُعسكِرون و مُتَعسكِرون


جهاد الزين

انضم صوت السيد كوفي أنان الى اصوات المسؤولين الغربيين الأميركيين والأوروبيين الذين يحذرون من “احتمال” نشوب حرب أهلية في سوريا.

الفارق بل الفوارق السياسية بين كوفي أنان وبين هؤلاء المسؤولين عديدة وإن كان الرأي الذي يدلي به معهم… واحدا ومخطئاً. فالحرب الأهلية لم تَعُدْ احتمالا منذ الاشهر الأولى للثورة السورية. أي منذ فقدت هذه الثورة سلميّتها، بدايةً مع مبادرة النظام الحاكم الى استخدام العنف في السعي لما أصر على اعتباره مبكراً مجرد “تمرد”، ثم لاحقاً بسقوط بل بإسقاط الثورة قي هاوية “العسكرة” وهذا ما عنى التكريس النهائي لتحويلها الى حرب أهلية مع كل ما أدى اليه ذلك من وقائع وفَتَح على احتمالات.

في الواقع العميق لمجرى الأمور لا تحمل فئاتٌ من المعارضات السورية، لاسيما في الخارج، مسؤولية قرار “العسكرة” بقدر ما تتحمل مسؤولية الرضوخ له. فهو قرارٌ إقليميٌ دوليٌ ساهمت فيه في البداية الولايات المتحدة وفرنسا وتحمّست له السعودية وقطر وتركيا ولا تزال .

كان على معارضة الخارج لاسيما “المجلس الوطني” و”الإخوان المسلمين” ان يقولوا بوضوح “لا للعسكرة” لأنها ستعني فورا تحويل الثورة الى حرب أهلية. ولم يكن ذلك صعبَ التوقع. فبرهان غليون وأصدقاؤه في المجلس ليسوا أقل معرفةً بالوضع الداخلي السوري، ولا من المفترض أن يكونوا أقل حرصاً على الثورة من السجين السوري الأشهر، الرمز رياض الترك، ولا من ميشال كيلو ومنذر خدام وحسن عبد العظيم وغيرهم من مناضلي “الداخل” ولا من هيثم منّاع وأصدقائه. لقد سمعتُ رياض الترك في الحالات النادرة التي أطل بها خلال الثورة واكتشفتُ فيه مستوى رفيعاً من النضج السياسي والمسؤولية رغم العزلة التي يعيشها قياساً بالمعارضين الموجودين في الخارج أو أصبحوا في الخارج. وأشعر اليوم أنه لم يعد ممكناً تلافي نقد المسؤولية المعنوية والسلوكية لمواقفِ “متعسكري” الخارج  ذات الطابع “الاستسهالي” لكلفة الحرب.

المثير أن بعض أصدقائنا من المعارضين حين نلتقي بهم في منتديات في الخارج لا زالوا يصرون أن الحرب الأهلية لم تحصل بعد في سوريا وان ما كانوا يسمّونه “الوقوع في فخ النظام لإشعال الحرب الاهلية” لم يحصل بعد.

إذا لم يكن ما نشاهده  هو الحرب الأهلية التي تدمّر سوريا الآن وربما تفتِّتُها طويلاً… فما هي!!؟

مثلما قلتم للنظام “لا” بمعزل عن ضعف أحوالكم يجب أن تقولوا لِـ”المُعسكِرِين” الدوليين والإقليميين “لا” بمعزل عن ثراء أحوالهم.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى