ناتاشا ترايثاواي أميرة شعراء أميركا الجديدة
“يمكنك الوصول إلى هناك من هنا.. لكن ما من عودة إلى الديار”
ترجمة وتقديم فوزي محيدلي
يا لها من بداية لكتابة الشعر! حين كانت ناتاشا ترايثاواي في سنتها الجامعية الأولى، أقدم زوج أمها على قتل الأم. “بدأت كتابة الشعر كردة فعل على تلك الخسارة الفادحة، بطريقة استجابة الناس ذاتها مثلاً بعد هجمات “11 أيلول من عام 2001″، تقول ترايثاواي، “الناس الذين لم يكتبوا القصائد أو لم يهتموا كثيراً بالشعر انتبهوا في تلك اللحظات الى الشعر الذي بدا وكأنه الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقول ما لا يقال أو ما لا يُنطق”.
في السابع من حزيران أعلن آل جيمس بيلنغتون القيّم على مكتبة الكونغرس ناتاشا ترايثاواي أميرة شعراء أميركا لعامين 2012-2013 قائلاً إن شعرها يستكشف التاريخ المنسي والمآسي العديدة للحرب الأهلية الأميركية.
“إنها تأخذنا الى التاريخ الذي لم يكتب أبداً. إنها تتناول المأساة الإنسانية الأعظم في التاريخ الأميركي، الحرب الأهلية التي سقط فيها 650 ألف شخص، آخذة بيدنا الى داخلها من دون وعظ أو إرشاد. إنها لمصادفة سعيدة اختيار ترايثاواي مع الذكرى 150 للحرب بين الولايات الأميركية”.
تعتبر ناتاشا إفريقية أميركية رغم كون والدها أبيض وأمها سوداء. ولا بد من الإشارة الى أن الشعر يجري في عروق عائلة ترايثاواي كون والدها إيريك شاعراً وأستاذ تعليم. لكنها حين دخلت الجامعة كانت أكثر اهتماماً بالسرد القصصي وكتابته.
ولدت ناتاشا في غيلبورت في المسيسبي عام 1966. في أعمالها دوّنت شعرياً التاريخ المعقّد لعائلتها وكذلك تاريخ الجنوب. وهي ابنة لأم سوداء وأب أبيض، وكانت زيجة غير مقبولة في حينها. تقول ناتاشا إنه “كان صعباً جداً التجوّل في السيارة مع والدي، أن أظهر علناً مع والدي بين الناس”. مهما يكن تتذكر الشاعرة أن بلدتها اجتاحها إعصار كاترينا. وقد دمرت البيوت القريبة من مكان ولادتها وترعرعها. بعد أن عادت الى ديارها لأول مرة بعد الإعصار وبعد فوز مجموعتها الشعرية “الحرس الوطني” بجائزة بولتيزر قالت: “من الغريب العودة الى هنا بعد كتابة الديوان، ورؤية الأماكن التي كنت أحاول أن أرثيها منذ سنوات حين بدأت نظم قصائد الديوان المذكور، أرثيها بطريقة مجازية لأني كنت بعيدة عن هذه الأماكن، وليس بسبب أن شيئاً ألمّ بها”.
يروي ديوان “الحرس الوطني” عن كتيبة سوداء في الحرب الأهلية كانت مسؤولة عن حراسة مساجين بيض على “جزيرة السفينة”.
أما عملها الشعري الأول فيحمل عنوان “عمل منزلي” (2000)، وقد اختارته الشاعرة الكبيرة ريتادوف كفائز بجائزة كيايف كانيم للشعر كما فاز بجائزة كتاب معهد المسيسبي للفن والأدب (2001) وجائزة ليليلان سميث للشعر (2001).
في مقدمتها لهذا الديوان الأول كتبت ريتادوف: “تحاول ترايثاواي أن تسترد لنا تلك الحياة الداخلية حيث تزدهر الذات الحقيقية والتي إليها نعود في وحدتنا مع أحلام يقظتنا كي نستمد القوة”. أما ديوانها الثاني فيحمل عنوان “بيلوك أوفيليا” (2002)، وديوانها الثالث المعروف بنيله بوليتزر للشعر فيحمل عنوان “الحرس الوطني” (2006).
يمزج شعر ترايثاواي، التي ستتسلم منصبها في أيلول المقبل، الشعر الحر بأشكال تقليدية بهدف استكشاف الذاكرة والميراث العنصري بل العرقي لأميركا.
“إن تعيين ناتاشا ترايثاواي أميرة للشعراء حدث مرحب به”، تقول دانا غيويا، المديرة السابقة للمنح الوطنية على صعيد الفنون. “إنها تكتب غارفة من التاريخ المعقّد للمنطقة وحتى من تاريخها هي المعقّد”. ولعل ما قاله جيمس بيلينغتون يكشف أبعد من ذلك فيما قاله للنيويورك تايمز: “لسنا في حالة تراجع لإيجاد شاعرة أصغر مما اعتدنا انتقاءه. بمقدار ما أُقبل على قراءة شعرها، يبدو لي الشعر الأميركي عامة غني بما لا يقاس بتنوعه، ومواهبه وحرية تعبيره، وتتمتع ترايثاواي بصوت أصيل له خاصيته. أشعر بالانجذاب بل وبصلة روحية بالأميركيين المستقلين المتميزين بفرادتهم، وأعتقد أن ناتاشا واحدة منهم”.
التذكر
أهم موضوع لدى ترايثاواي هو الذكرى، وبشكل خاص طريقة تقاطع التذكر الشخصي مع التاريخ الشعبي وأكثر من ذلك حين يفترقان. تكتب هذه الشاعرة في إحدى قصائدها:
“يتمدد شبح التاريخ بجانبي،
يتقلب، يثبتني تحت ذراع ثقيلة”.
كرست الكثير من عملها لبعث أو إعادة إحياء تواريخ الأشخاص الذين لا تكون لهم حظوة اهتمام نصوص دواوين الشعر. يتمحور ديوانها الأول “عمل منزلي” (2000) حول ما يبوح به العنوان: خامات سود، نساء غسّالات، عاملات مصانع. يقول مطلع إحدى القصائد:
“عيون ثماني نساء
لا أعرفهن
تحدقن من هذه الصورة الفوتوغرافية
قائلات، تذكري”.
حين كانت ترايثاواي في التاسعة عشر حين قُتلت والدتها من قبل زوجها الثاني المتعسّف الذي كانت قد تطلّقت منه. وتشكل جهودها لمحاولة الشفاء من ذكرى والدتها واحداً من مواضيع شعرها الرئيسية الأخرى. “لكن الأحلام هي ما تعيشين”، كتبت في “الحرس الوطني”، لذا أتحاولين الأخذ وليس الترك. ستموتين ثانية في الغد”.
متذكرة موت والدتها، تقول، “مفارقة مستغربة، كانت تلك اللحظة التي شعرت فيها أنني سأغدو شاعرة وشعرت بعدها في الحال أنني لن أكون كذلك. تحوّلت الى الشعر لأفهم ما حدث وبدأت أكتب ما كنتُ أعرف حتى يومها أنها قصائد سيئة. تطلّب مني الأمر ما يقارب العشرين سنة لإيجاد اللغة المناسبة، لكتابة قصائد ناجحة بما فيه الكفاية لشرح مشاعري الخاصة لنفسي والتي قد تكون ذات معنى حتى للآخرين”.
متحدثة عن إمارة الشعر التي نالتها، تقول: “على الواحد منا الاعتراف أن ذلك أمر يخطر في البال”. حين رنّ الهاتف وشاهدت رقم قيّم مكتبة الكونغرس على شاشة الجهاز اعتقدت أن هذه مزحة. “فكرت بيني وبين نفسي قائلة، أحقاً حدث ذلك؟”.
حوار مع ترايثاواي
تعكس قصائد ترايثاواي كما بات معروفاً عناية المؤرخ بالحقيقة، لكن مع موازنة ذلك بدفء شخصي وحيّ. هي تعكف على الحيوات والأصوات التي فُقدت أو “محيت” لتعطيها شكلاً له ديمومة من خلال حتى الشكل الشعري التقليدي. مارك ماك كي قابل الشاعرة وحاورها في معالجتها المتطورة للتاريخ، تناولها للأصوات فضلاً عن طبيعة بنائها لديوان ما.
[ شعرك الى ماذا يهدف؟
ـ … كل قصائدي تنحو صوب البدء بالاستكشاف والمعرفة، ثمة دائماً سؤال ما أطرحه على نفسي. أريد أن أعلم لماذا هذا الشيء له علاقة بالتاريخ وما معنى هذا أو ذاك عبر الزمن والمدى.
[ هل هذا الشيء هو ما بقي ثابتاً عبر القوس الذي يلملم دواوينك الثلاثة، أم أنه مرّ بتغيير ولو بسيط من ديوان الى آخر؟
ـ حري به أن يتغير. حين أفكر في كثير من القصائد التي كنت منشغلة بنظمها في ديوان “عمل منزلي”، وبالأخص تلك القصائد التي بدا أنها تطلع من ذكرى لحظة معينة، صورة شيء ما عالق في رأسي رؤية غرفة بطريقة معينة والناس بداخلها، وكل ما يتعلق بها من صور أخرى له علاقة باللمس أو الرائحة. حينها أتذكر رغبتي في وصف تلك اللحظة وتوسيعها، وأن أخرج من هناك لأخمن ما تعنيه أو لماذا بقيت طوال تلك المدة في ذاكرتي. لا أعتقد أنني عبرت المسار نفسه بالتحديد عبر ديوانيّ الآخرين، مع أنه لا يمكن نفي حدوث ذلك من وقت لآخر. بمقدار ازدياد اهتمامي بالكتابة عن التاريخ وإيجاد معنى لذاتي داخل استمرارية ذلك التاريخ، بمقدار ما كنت ألتفتُ أكثر الى اللوحات، الى الفن. أنظر الى تصاوير الفن لتساعدني على فهم شيء ما حول مكانتي في هذا العالم بمجرد بدء تأملي بعمل فني، أرى نفسي منقادة صوب فهم آخر.
[ تتسم دواوينك كلها بايلاء انتباه مدقق وصعب الارضاء لطبيعة تأليفها. أفكر حول ما يمكن ان يشكل أحياناً تشوش بل فوضى بخصوص عملية صنع القصيدة: كيف هو شعورك حين تنتهي من سوريا؟ ما هي المسودة بالنسبة اليك، وما المطلوب للانتقال من المسودة الى قصيدة؟
ـ الأمر يتميز بشعور مختلف في كل مرة، لدى كتابة “الحرس الوطني” لم اكن أدري انني اشتغل على ديوان واحد كنت قد بدأت كتابة ذلك الديوان لأنني كنت مهتمة بالتاريخ الاشبه بأن يكون غير معروف لأولئك الجنود السود الذين كانوا على الجزيرة القريبة من بلدتي بداية، بدأت باجراء أبحاث حول الجنود السود في الحرب الأهلية، محاولة تصور صوت جندي من أولئك الذين لديهم أشياء لقولها عن زمانهم مقارنة بما قد يقال عن أحوال اليوم. لكني كنت في الوقت نفسه بدأ كتابة رائي لوالدته، حين اقتربت من ذكرى موتها العشرين. هذه المراثي لم يبد ان “لها علاقة باهتمامي بالتاريخ المدفون لجنود الرب الأهلية، أولئك الذين لم يشيد لهم اي نصب تذكاري. لاحقاً قمت بنظم قصيدة هزتني وجعلتني ادرك ان هذه القصائد تنتمي الى بعضها البعض، حالما أدركت انضمامها لبعضها البعض، بدأت بصياغة بل تشكيل ديوان كامل من تلك المجموعات من القصائد.
ديوان “أوفيليا بيلوك” كان مختلفا لأنه تميز باحتوائه على ما يمكن ان يطلق عليه كلمة مشروع اكثر مما كان “الحرس الوطني” ينطوي عليه. كان جزء من “الحرس الوطني” مشروعا ولا سيما الجزء المتعلق بالحرب الأهلية، أما الباقي فلا، بخصوص “اوفيليا بيلوك” كان كامل الديوان عبارة عن مشروع، حيث اهتمت اساسا باجراء بحوث والنظر في الصور الفوتوغرافية والكتابة عنها، متخيلة المرأة اوفيليا وما كانت عليه حياتها وكذلك الأشياء والأمور التي شغلت بالها. بدأت بالكتابة عن الصور الفوتوغرافية افرادياً لأتبين كيف يمكن لها ان تمهد الطريق لقصة حياتها او الى جغرافيتها العاطفية. وصلت الى نقطة كنت أنظر الى ما بين يدي لأقرر اين توجد فجوات. ورحت افكر من ثم كيف لي كتابة قصيدة تساعد في ملء فجوة في تجربتها أو في تطورها هي كذات..
كنت أعلم أن لدي ميلاً طبيعياً للتوجه سرداً ضمن خط مستقيم، وأني أبحث عن طرق لافساد او كسر ذلك. وهكذا في ديوان اوفيليا بيلوك” وسيلتي لتدمير المباشر او المستقيم كانت تلاوة القصة مرة ومن ثم سردها ثانية. لطالما سار الأمر رجوعاً ضمن دائرة لهذه نحو هذه اللحظة الواحدة، ولم يكن تالياً مستقيماً، بل مستديراً. وهكذا فان العدد من القرارات المتعلقة بالشكل التي اتخذتها تتمحور حول الدورات رجوعاً. لذا، يدور السرد رجوعاً على ذاته من دون ان يستطيع الانطلاق أو المتابعة بطريقة الخط المستقيم.
[ بما انك تلجئين غالباً الى اللعب بالأصوات، مع الأصوات المستوطنة للمتكلمين الآخرين، كيف تشعرين حيال ميل القارئ لرؤيتك داخل هذه الأصوات الأخرى أو عدم رؤيتك، بمعنى افتقادك ربما داخل تلك الأصوات.
ـ أصدقك القول، أعتقد أنني سأكون سعيدة كلياً لو ان القراء لا يجدونني داخل تلك الأصوات، بل يجدون بالمقابل شخصية محتملة او واقعية، انسانة عاشت في مكان وزمان معينين، انسانة فكرت وشعرت كما تكشف القصائد. في نفس الوقت فانني لا أنزعج اذا ما سألني قارئ أو أحد الجمهور ممن انتهيت للتو من القراءة أمامهم، سألني عن العلائق بين الشخصية في شعري وبين شعري. صرت أدرك ان قصائدي تفتح الطريق امام أسئلة كهذه، واذا كان ذلك عبئاً فسأتنكبه. لكني أعتقد أيضا انه من المهم التحدث حول كيفية صنعنا للقصيدة، كيف نخلق شخصية من فتات بل مجريات تجربتنا الشخصية، من صميم حياتنا الجوانية. لا أعتقد ان بمقدوري خلقها اذا لم أمدها بأوجه من حياتي الداخلية. أتذكر قراءتي لكتاب كونديرا “خفة الكائن التي لا تحتمل”.
ثمة فيها جزء اعتقد ان المؤلف يتحدث فيه كيف ان كل شخصياته في الرواية هي اشبه بنوع من اجزاء غير متحققة من ذاته، وجب تحققها داخل لغة روايته. ولذلك اراني اعطي بل اضفي من عندياتي على شخصياتي أعطي لأوفيليا مثلا اجزاء من حياتي الداخلية، المشاعر التي أحملها بخصوص اشياء معينة فكرت فيها – بيد اني اعطيها ايضا بعض التفاصيل المادية من وجودي أو حياتي.
[نطريات الزمان والمدى
يمكنك الوصول الى هناك من هنا، لكن
ما من عودة الى الديار.
كل مكان تقصده سيكون مكاناً ما
لم تزره ابداً، جرب التالي:
توجه جنوبا في منطقة المسيسيبي 49،
تشعر بعلامات الميل الواحد تتك
منذرة بانقضاء دقيقة اثر دقيقة من حياتك. اتبع
هذا حتى ختامه الطبيعي – درب مسدود
عند الساحل، ثمة رصيف ميناء الخليج حيث
حبال أشرعة قوارب صيد القريدس أشبه بقطب مرخية
في سماء تنذر بالمطر. اعبر الى
الشاطئ المصنوع بأيدي البشر، 26 ميلاً من الرمال
مرمية فوق مستنقع شجر المغروف – بقعة
مطمورة من الماضي. أحضر معك
فقط ما يجب حمله ـ احد مجلدات الذاكرة
بصفحاته العشوائية الفارغة عند الرصيف
حيث رُفع المركب لنقله الى “جزيرة السفينة”،
سيصورك احدهم بآلية:
الصورة الفوتوغرافية – التي كنتها كشخص
تكون بانتظارك حين تعود
القصيدة مأخوذة من ديوان “الحرس الوطني”
[الخادمة في المطبخ
(من وحي لوحة لدياغو فيلارسكيز
هذه المرأة هي الأواني التي على الطاولة أمامها:
طنجرة النحاس المائلة صوبنا، الإبريق
الأبيض الذي تقبض عليه، رفيقه الأسود المرسوم
الحد بالأحمر، لكنه مقلوب على فتحته. وحين تنحني
يظهر الهاون ومدقته المرتاحة بداخله – لم تزل تتخذ
وضعية الاستخدام. هي ايضا كومة الطاسات
ورأس الثوم الذي بجانبها، السلة المعلقة
بمسمار على الجدار فيما قطع القماش الأبيض رزمة
بداخله وبساط الأرض في مقدمة اللوحة يستدعي يديها.
هي اللطخة على الجدار التي بحجم ظلها –
لون الدم، شكل ابهام، هي صدى
يسوع الى الطاولة، المطر من المشهد الذي خلفها:
هالته البيضاء، قبعتها البيضاء. مصغية،
تنحى طبعاً باتجاه ما تعرفه. يضيء النور نصف وجهها.
[فسبرتينا كوغنشيو
في الأعالي ينساب البجع ثلاثي الصحبة
ظلالها وهي تعبر الرمال
افكار سوداء تعبر الذهن.
فيما وراء حافة الساحل، يرفع صيادو
القريدس شباكهم، موازين حصادهم
بما خسروه في بقية النهار. النور يخبو،
يغدو التركيز نورساً وحيداً
يدور حول ما رماه الصيادون، الأنقاض
تثقل الشبكة وازنة كما الحجارة.
هذا الصيد بشبكة الأعماق طوال اليوم – تحت نخع
الموج – ايقاع ما يبتعد ومن ثم
يدنو ثم يدنو، ويدنو من جديد
[لايمن
اصغيت طوال النهار الى كد
نقّار الخشب ينهش شجرة الكتلبة
قريباً من نافذتي. متفانياً بعمله،
يغدو جسده مفصلة باب، بل مقرعة
لباب المنزل الذي تسوده فوضى الذاكرة
حيث أكاد ألمح وجه امي.
هي هناك ثانية، خلف الشجرة
التي تتدلى قرون حبوبها النحيلة وأوراقها القلبية الشكل
كملاءات مبللة على الحبل – كل واحدة
ستار أبيض رفيع ينتصب بيننا مثابر جداً
نقار الخشب. أنا متأكدة انه
يبحث عن شيء آخر – ليس عن
الخنافس ويرقانات داخل الشجرة، بل عن
هبة اخرى قد تجود بها الشجرة، امضى النهار
بطوله يعمل دون كلل، جاعلاً الأوراق القلبية الشكل ترفرف.
المستقبل