نافذة للحلول السياسية/ ماجد كيالي
بحسب “المرصد السوري لحقوق الانسان” لقي 184 شخصاً مصرعهم، يومي السبت والأحد الماضيين، جراء قيام الطيران المروحي للنظام بالقصف بالبراميل المتفجرة وبصواريخ الطائرات الحربية على مناطق في حلب وريفها، وفي ريف الحسكة ودير الزور وادلب ودرعا وحمص، ومنطقة المرج بغوطة دمشق الشرقية، وحي الحجر الأسود جنوب العاصمة.
المؤسف أن القصف، لا سيما بالبراميل المتفجرة، بات أمراً عادياً، ونهجاً للنظام الذي أخذ البلد نحو منطق الصراع على الوجود، وفق منطق: “الأسد او نحرق البلد”، باعتبار سوريا بمثابة ملكية خاصة للعائلة الحاكمة، وفي تأكيد لغربة هذا النظام عن شعبه. لكن ما يثير الانتباه، هذه المرة، في هذا الإصرار على القصف الوحشي، أن النظام بات يخسر على الأرض، وباتت مكانته تتضعضع، فضلاً عن أن المعطيات الإقليمية والدولية من حوله باتت تختلف، ورغم ذلك فهو ما زال لا يبدي أي بادرة تفيد بإدراكه لهذا الواقع، والتصرّف على أساسها.
بكلام أخر، قد يكون النظام ذهب، في البداية، نحو استخدام البراميل المتفجرة لرفع كلفة الثورة، بتدمير البيئات الشعبية الحاضنة لها، وتوخّياً لحسم سريع للصراع لمصلحته، بيد أن هذا لم ينجح، وفوقه فإن الأوضاع اختلفت كثيراً اليوم، الأمر الذي يفترض منه الإقدام على مراجعة لأحواله، وسياساته، لاسيما بعد أن بات قرابة ثلثي البلد خارج سيطرته، وبعد أن تبيّن أن خسارته على الأرض لاتعوضها الهجمات من السماء، كما اثبتت التجربة.
واضح من كل مايجري، ومن الإبقاء على هذا النهج الوحشي، أن النظام لا يتصرّف ولو بحد أدنى من الواقعية أو العقلانية، وأنه على العكس يتصرف بنوع من العناد واللامسؤولية، وفي انفصام وغربة عن الواقع وعن العالم.
والحال، مازال أمام الأسد، ورغم كل ماجرى، فرص بإمكانه الاشتغال عليها، لتجنيب البلد مزيد من الدمار، لاسيما بعد أن بات يقينا أن الأحوال لايمكن ان تعود إلى ماكانت عليه، ولا بأي شكل.
مثلا، مازال ثمة امكان للاستفادة من التقديمات الدولية والاقليمية المتعلقة بضمان خروج آمن للطبقة الحاكمة، وإمكان لإيجاد نوع من مرحلة انتقالية يمكن خلالها ضبط التحولات السياسية في البلد، وتمنع حصول مزيد من التدهور فيه، كما ثمة حديث عن عقد مؤتمر “جنيف 3” للتوصل إلى حلول تضع حدا للانفجار او للخراب الحاصل. القصد أن فكرة الحل السياسي مازالت مطروحة، مع حوامل دولية واقليمية لها، بخاصة مع عدم قدرة أي طرف على حسم الصراع لمصلحته، بيد أن ماهو مطروح اليوم، كفرص لحلول سياسية ربما لايكون غدا. والقصد أن المبادرة بشأن الانتقال لحل سياسي هي بيد النظام تحديداً، وأولها، وقف القتل والقصف، لاسيما بالبراميل المتفجرة وبغيرها.
النهار