صفحات العالم

نصر الله مع القاتل


أيمن جزيني

“ما في شي بحمص”! جملة تعني، بالنسبة لقائلها، أن دماء الناس في حمص ليست ذات أهمية تذكر، فليقتل نظام بشار الأسد ما شاء له القتل. ليس ثمة ما يستدعي منا التفكير لحظة واحدة في طبيعة موقفنا واصطفافاتنا.

صاحب عبارة “ما في شي بحمص” هو الذي يحلو له تكرار لازمة “انتصار الدم على السيف”. في حمص ثمة سيف ودم أيضا. هل يعتقد صاحب العبارة النافية أن الدم طبقات، بعضه عزيز ومنيع ومنتصر وبعضه منذور للإراقة من دون حساب؟ هذا ضرب من التمييز لم يسبق له مثيل.

“ما في شي بحمص”. عبارة يبدو أنها تأخرت كثيرا قبل أن يطلقها من أطلقها. يوم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خرج نائب رئيس الجمهورية العربية السورية من اجتماعه مع مبعوث دولي ليطلق تصريحا مطابقا: “لقد حدث انفجار في لبنان أودى بحياة بعض الأشخاص”. تصريح هو المرادف التام والكامل لعبارة “ما في شي بحمص”. وعلى النحو نفسه، يبدو أن هذا الذي اسمه “ما في شي” سيجبر أهل السيف على التراجع والهزيمة، مرة أخرى.

“ما في شي بحمص”، تخالف، كعبارة أيضا، مقال مندوب سوريا في الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري. ادعى السفير المزمن أن ثمة عصابات في حمص تقتل الناس ورجال الأمن، تحدث عن ألغام تزن قرابة الأربعين كيلوغراما يفجرها “الإرهابيون” في المباني التي يدخلها جنود الجيش النظامي. والدمار الذي تنتشر صوره من حمص هو بسبب هذه الألغام. لن نسأل السيد الجعفري من أعطاه هذه المعلومات الانفجارية الفذة؟ ومن أسرّ له بقول مثل هذه الأقوال التي لا تصرف على بطنها أو على ظهرها.

هذا أمر من اختصاص نظام بشار الأسد الذي لا يأبه أصلا بالحقائق. بالمناسبة: لماذا لم تكشف المخابرات الجوية السورية هويات منفذي تفجيرات دمشق وحلب “الإرهابية” حتى الآن؟ الجواب معلوم لمن يريد أن يعلم. إنما يجدر بنا أن نسأل السيد الجعفري عن تفصيل صغير: ما دام يقر أن صور المباني المهدمة صحيحة، فهل له أن ينورنا عن الأسباب التي جعلت سقوف البيوت في حمص وجدرانها تعج بالفجوات؟ أهذه أيضا ألغام زرعها الإرهابيون لقتل جنود النظام؟ أم أنها فقط مثابة فتحات تهوئة طبيعية انشأها أهل حمص لتهوية بيوتهم؟

“ما في شي بحمص”. النظام السوري يقول: “في شي بحمص ونص”. من أين أتى لقائد المقاومة هذا اليقين؟ إنه يقين من يريد أن يقول بطريقة أخرى، فليمت من يمت، وليتعذب من يتعذب. الظلم والجور الواضحان للعيان، لن يغيرا مواقفنا الثابتة في مناصرة الظالم والجائر، وفي الدفاع عن القاتل ضد القتيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى