صفحات العالم

نوري المالكي وبشار… ماالذي تغيَّر؟


أيمن الهاشمي

 ما الذي جرى بحيث أن نوري المالكي وجماعته من أتباع وموالي طهران, في المنطقة الخضراء, يتحولون بين ليلة وضحاها من معاداة نظام بشار الأسد, والتهديد بإحالته إلى محكمة جنائية دولية لجرائمه بحق الشعب العراقي? يتحولون 180 درجة إلى حلفاء ورفاق مصير واحد? وان بقاء الأسد في السلطة ضمان لأمن الشرق الأوسط?

يا ســـلام… ماذا جرى?

لنقرأ أخبار ما قبل عام من اندلاع ثورة الشعب السوري ضد نظام بشار:

ا ـ في يوم 4 سبتمبر عام 2009 قال المالكي أمام رؤساء البعثات الديبلوماسية المعتمدين ببغداد: “إن الأجهزة الأمنية العراقية رصدت اجتماعا في الزبداني في الثلاثين من يوليو 2009 ضم بعثيين وتكفيريين بحضور رجال مخابرات سوريين لزعزعة الأمن في العراق”.

2 ـ يوم 5 سبتمبر 2009 نوري المالكي يتهم سوريا علناً بدعم منفذي الاعتداءات الاخيرة في بغداد والمحافظات وقال بالحرف الواحد: “لدينا معلومات تفيد ان التدخل والتدريب واحتضان ودخول الإرهابيين لم يتوقف”. واضاف “إن العمليات الإرهابية التي حدثت اخيراً كان ثلاثة من المسؤولين عنها من حزب البعث, ويتلقون الدعم من حزب البعث في سورية وقد اعترفوا بذلك”.

3 ـ نوري المالكي يطالب الامم المتحدة بتشكيل محكمة أو لجنة تحقيق دولية لمحاسبة منفذي التفجيرات التي أودت بحياة 340 شخصا في بغداد ويقف وراءها النظام السوري الداعم للإرهاب.

4 ـ أدت تلك المطالبة إلى أزمة ديبلوماسية بين دمشق وبغداد, بعد أن عمدت الحكومتان إلى استدعاء السفيرين للتشاور, وتصعيد اللهجة حيال كل منهما.

5 ـ الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا يعقد مؤتمرا صحافيا يعرض فيه تسجيلاً مصوراً لما قال انه اعترافات مواطن سعودي تمكن من الدخول الى العراق عبر الحدود السورية, حيث اعترف للسلطات الأمنية العراقية بتلقيه التدريب لتنفيذ هجمات داخل العراق في معسكرات داخل سورية تحت رعاية المخابرات السورية.

6 ـ كان الرد سريعاً من وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي حيث قال: ” إن قرار العراق طلب تشكيل محكمة دولية شأن داخلي عراقي مطالبا بان تتم محاكمة المسؤولين عما سماه الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي منذ الغزو الأميركي للعراق”. وقال “أن سوريا هي التي ستطالب المنظمة الدولية بعقد هذه المحكمة للنظر في جميع الأعمال الإرهابية التي حصلت في العراق منذ عام 2003”.

7 ـ أما الرئيس السوري فكان رد فعله ان وصف اتهامات المالكي والسلطات العراقية التي تحدثت عن تورط قياديين في حزب البعث يعيشون في سورية بتفجيرات الاربعاء 19 اغسطس 2009, بأنها “لاأخــــــــــلاقية”!

8 ـ وقتها أخرجت حكومة المالكي تظاهرات لأنصارها في عدد من المحافظات شارك فيها المحافظون ورفع المتظاهرون لافتات كتب على واحدة منها “اللاأخلاقية تعني قتل الابرياء بدم بارد يا بشار”.

ما الذي حدث?

لقد تغيرت بوصلة اتجاهات الاطراف السياسية العراقية الطائفية الموالية لإيران, تجاه الثورة الحاصلة في سورية, إذ بعد ان كانت هناك قطيعة بين المالكي وبشار الاسد بسبب دعم الاخير للإرهاب في العراق, فجأة يتحول الموقف الى دعم ومساندة سياسية ومادية من المالكي إلى بشار ونظامه, والسبب واضح في المعادلة وهو النظام الايراني الذي له نفوذ كبير على المالكي ومن معه.

ليس الأمر يتعلق بالإسناد اللفظي أو المعنوي, بل تحول نوري المالكي ونظام حكمه إلى أداة طيعة بيد إيران لتقديم الدعم اللوجستي إلى نظام القتلة في دمشق الذين كان بالأمس يهاجمهم ويتهمهم بالإرهاب, فصاروا اليوم في نظره مجاهدين ضد الوهابية والسلفية والإرهاب! فقد تبين أن المالكي زوَّدَ نظام بشار الاسد بمعدات أميركية للرقابة على اتصالات الانترنت والهواتف, كانت اميركا قد زودت العراق بها حصرا لمتابعة أنشطة الإرهاب في العراق.

ما الذي تغير اليوم?

فتلك تصريحات المالكي قبل عامين, واليوم المالكي هو ذاته يقول إن “استقرار المنطقة ككل مرتبط باستقرار سورية وأمنها”, ومحذرا من كارثة في الشرق الأوسط إن تم إسقاط النظام السوري. فيا سبحان مغير الأحوال?

الطائفية التي كان المالكي يحذر منها, ومن شرورها, نراها اليوم تتجسد في موقفه المعلن والخفي, عندما تتجاهل حكومته ثورة الشعب السوري من أجل الحرية والديمقراطية, وتؤيد النظام السوري الذي يمارس القتل والقمع ضد شعبه منذ أربعين عاماً.

يتناسى المالكي ان مصلحة الشعب العراقي بكل طوائفه تكمن في الوقوف مع الشعب السوري في ثورته من أجل الانعتاق وليس في مساندة نظام زائل لا محالة, أو الرضوخ لمصالح حكومة الملالي الآيلة للسقوط تحت ضربات شعوبها المطالبة بالحرية والديمقراطية.

السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى