صفحات العالم

نيرون سوريا… ولبنان


    احمد عياش

يقول مرجع أمني لكاتب هذه السطور ان من يريد أن يتبصر في ما يجري التحضير له لطرابلس هذه الايام عليه أن يتذكر ما جرى للبنان بعد زيارة الرئيس أنور السادات للقدس في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي عندما أشعل معارضو السادات ومؤيدوه النيران في هذا البلد ضمن حسابات خاصة لكل منهم ليلتقوا في النهاية على تدمير لبنان وهذا ما فعلوه.

الأمبراطور الايراني في هذا الزمن وحاكم إحدى ولاياته في دمشق ومعهما الجندي اللبناني في جيش ولاية الفقيه قرروا اليوم اشعال حريق طرابلس كما نيرون روما لاخضاع الخاصرة الصلبة لنظام بشار الأسد التي تمتد من حمص شمالاً الى طرابلس الشام جنوباً. فيما يعتبر “حزب الله” ان سائر أقضية لبنان الثلاثة: بيروت، الجبل والبقاع تدور في فلكه. فبيروت أخضعت في 7 أيار 2008 والجبل موزع بين توازن رعب انتهى الى تفاهم مع زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وبين التحاق كامل من الزعيم البرتقالي ميشال عون. ويترامى سهل البقاع جزراً تائهة وعاصية وموالية يقرر مصيرها حزب السلاح. أما الجنوب، وهنا قصة مختلفة. فالقرار 1701 الذي نظم الادارة الدولية لهذه المنطقة بعد حرب تموز 2006 أنتج في نهاية المطاف ثلاثية حقيقية غير تلك الملفقة “جيش وشعب ومقاومة” قوامها “اليونيفيل” و”حزب الله” وجيش يفرض الاستقرار على غرار استقرار الجولان والسوري المحتل والذي خرج من قاموس النظام السوري منذ حرب عام 1973.

العارفون ببواطن محور طهران – دمشق – بيروت ينقلون عن المرشد الأعلى لهذا المحور ان الغلطة التاريخية التي تمثلت في خذلان الإمام الحسين قبل 14 قرناً لن تتكرر اليوم مع الأسد الذي يجب أن يبقى حاكماً لسوريا. ولترجمة هذه الفتوى أنشئت في الضاحية الجنوبية لبيروت غرفة عمليات بقيادة الطرابلسي (س. أ) تتولى تنظيم العمليات في طرابلس حالياً بالتعاون مع قوى مموّلة بالكامل من طهران. وليس الديك الذي يصيح فوق جبل محسن وحيداً في ساحة المعركة التي يجري تحضير بروفتها مع باب التبانة.

هل جاءت رسالة المندوب السوري الى الأمم المتحدة التي تضم حرفياً برقيات أمنية لبنانية بمثابة تحضير لمخيم طرابلس الحار بعد انهيار امارة مخيم نهر البارد بقيادة صنيعة المخابرات السورية شاكر العبسي؟ ربما تندفع الامور في هذا الاتجاه. لكن من باب المؤكد ان “حزب الله” هو العبسي الفعلي اليوم، وكم تبدو مضحكة ومحزنة دعوة الرئيس بري الى الحوار. ولعله يدرك بعد قرار حظر السفر الخليجي الى لبنان ان شرف التشاطر لن يخفي الخطر الداهم الذي يقتضي مؤتمر حوار سياحي طارئ على الأقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى