صفحات العالم

هل تستحق سوريا او غيرها من الدول العربية كل هذه التضحيات ?


جوزيف شلال

منذ اكثر من اربعة عقود سوريا تحكم بقبضة من الحديد والنار بواسطة لصوص وعصابات وقتلة ومن ارباب السوابق في الاجرام والاغتيالات من آل ألأسد والزمرة المستفيدة الانتهازية المنبوذة والمحتقرة , ليس فقط من غالبية الشعب السوري بل ايضا من اتباع الطائفة العلوية نفسها التي ارادت الطلاق من هذه الزمرة الحاكمة المستبدة والنظام القمعي الذي حاول تشويه سمعة العلويين وربطهم بالنظام الايراني المتخلف باتفاقيات استراتيجية مزيفة او من خلال تصرفات العائلات المتنفذة الاسدية والمخلوفية والغزالية ومن لف لفهم بتصرفاتهم المشينة والغير اخلاقية والمخزية والسيطرة على مقدرات الدولة والشعب وسرقة الاموال والهيمنة الاقتصادية باسم رفع الشعارات العربية المعروفة كفلسطين والعروبة والقومية والممانعة والمقارعة والصمود والتصدي وشعار البندقية ومحاربة العدو الخارجي الوهمي والاستعمار والمؤامرات والدسائس وما الى ذلك من تلك وهذه الشعارات التي باتت تختفي شيئا فشيئا لتحل محلها شعارات الفاشيون الجدد كالاسلام هو الحل والخلافة والرجوع الى الثوابت والقيم والشريعة والحلال والحرام والجهاد والفتوحات والغزوات والخ من شعارات الاستحواذ والهيمنة والتخلف والسيطرة التي استعملتها شعوب المنطقة المنكوبة والمغضوب عليها وانظمتها السارقة والفاشلة والدكتاتورية والاستبدادية والفاشية والنازية والقمعية والارهابية .

في الربع الاول من عام 2011 سوريا اصابها مرض وعدوى تغيير الانظمة , شملها الربيع العربي كما يطلق عليه من قبل مروجيه وداعميه وحاميه .

لكن كما يعرف البعض بان سوريا كانت موضوعة على قائمة المخططات والسيناريوهات المرسومة بدقة منذ عدة سنوات في دهاليز اروقة غرف المخابرات والاستخبارات الدولية مع الترتيب والتنسيق والتعاون مع دول عربية اسلامية من بينها قطر والسعودية .

نجزم من خلال اعتقادنا بان الثورات العربية التي نفذت الى الان في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا او في الدول التي تنتظر دورها ونهايتها الماساوية الموجود اسمها على لائحة التغيير المسرحي المزيف , ما هي الا عمليات دراماتيكية وتمثيليات هزلية ساخرة يقدمها المسرح العالمي الجديد وهي بصمة عار وخزي واحتقار لشعوب المنطقة والعالم الحر وحتى تعتبر اهانة كبرى للشعوب التي تؤيد وتقف مع هذه الثورات الكارتونية وسوف يندم العالم الغربي والشرقي على اليوم الذي وقفوه مع الفاشيون الجدد بمساعدة ومباركة ومساندة الاموال السعودية والقطرية وبدعم اجهزة مخابرات دولية وبتأييد صندوق البنك الدولي والتجارة العالمية ومروجي العهد والعالم الجديد .

ثورات الثيران الهائجة التي تقودها غالبية الشعوب العربية المندحرة المهزومة في كل شيئ وقد قدرت بحدود 70 % , كانت تتكون من التيارات والجماعات والاحزاب الاسلامية والمتاسلمين وكل من يؤيد اقامة وانشاء امارات او انظمة راديكالية وخلافة اسلامية ومشورة .

اما ما قيل ويقال عن الشباب وثوراتهم القرقوزية المزيفة ما هي الا مهزلة اخرى تضاف الى مهازل هذه الشعوب التي روضتها الانظمة السابقة طيلة اكثر من ستة عقود الى ان اصبحت بغالبيتها لا تعرف سوى الطعام والنكاح والتهريج والرقص في الشوارع كالحيوانات والقرود واصبح لديها مانع للذاكرة والتفكير بعد ان تم تجريدهم من العلوم والاخلاق والقيم والمبادئ والمحبة والسلام والتعايش مع الغير وكره الاخر واحتقاره عن طريق تلك المناهج والكتب وخطب الجمعة وغيرها الى ان فقدوا انسانيتهم وضمائرهم .

هؤلاء الشباب ليسوا الا فئة تابعة الى التيارات الاسلامية بعد ان اصابتهم عدوى الصحوة الاسلامية الصفراء التي اتت من ايران وتركيا ودول اخرى مريضة مثل باكستان وافغانستان والسودان والصومال وغيرها .

هذا الشباب اثبت فشله وعدم قدرته وزيفه بعد ان انتهت على سبيل المثال الثورات في تونس او مصر وتمت عملية الاقتراع والانتخاب وقيام الشباب مع غيرهم من الاسلاميين بانتخاب القوائم والاحزاب والكتل الاسلامية .

في سوريا الى الان اكثر من 7000 قتيل والاف مؤلفة من الجرحى والمفقودين والمعتقلين والنازحين والمهجرين , الاقتصاد السوري قد دمر تماما , سوريا اصبحت معزولة دوليا , الاوضاع الاجتماعية في خطر ومتدهورة بمختلف اشكالها وانواعها , الحياة معطلة والقادم سيكون الاسوا . . .

هنا نطرح السؤال الذي بدأنا به المقدمة :

هل تستحق سوريا على سبيل المثال كل هذه التضحيات لكي يتم تغيير النظام من السيئ الى الاسوأ ?

السيئ هو النظام الحالي الدكتاتوري القومجي الارهابي , الاسوأ هو النظام او الحكم القادم حتما سيكون اسلامي ثيوقراطي فاشي ونازي ومتخلف وشعارهم / لا اعرف ما ذا اريد , الافضل الرجوع الى السلف وحياة البادية والصحراء والبعران والمقايضة والجواري والمحارم والمتعة والمسيار والعرفي وفتاوى النكاح والدبر والاستك وزواج الرضيعة والصغيرة ورضاعة الكبير وبول البعير والحيوانات والاعجاز والطب الشعبي وما الى ذلك من الاساطير والخرافات . . .

مع تقديرنا لثلاثون في المائة من الشعب السوري تحديدا والشعب العربي في الدول الاخرى من الاخوة المسلمين وباقي الاديان والطوائف والقوميات وغيرهم , ومع احترامنا ايضا للمعارضات غير الاسلامية في دول اخرى وللمعارضات السورية خصوصا الذين يريدون ويطمحون اقامة انظمة عادلة ومتعددة وديمقراطية وعلمانية وفصل الدين عن السياسة وترسيخ دور المواطنة للجميع فوق اي اعتبار اخر , مع منع قيام وتشكيل احزاب دينية ومشاركتها في العملية السياسية والسلطة . . . , نراكم الان في سوريا على الاقل تساهمون في مسرحية ومهزلة تسليم الحكم والنظام الى الاسلاميين وعلى راسهم الاخوان المسلمون بعد رحيل وزوال نظام ال اسد ومرتزقته ومع الاسف نقولها ! .

المشكلة كما نتصورها ونراها لا تكمن في المعارضة ولا في الثلاثون في المائة من الشعوب العربية او من الشعب السوري , بل المصيبة والمشكلة هي في الغالبية الكبرى من هذه الشعوب المنكسرة والمهزومة التي انتخبت ورشحت الاسلام السياسي للاستحواذ والهيمنة على مقدرات الدولة والشعب كما حصل وسوف يحدث في تونس ومصر وليبيا وباقي الدول المرتبة على قائمة التحولات .

يقول البعض , اذن ما هو الحل اذا كانت الغالبية من الشعوب تحبذ وترغب قيام انظمة وخلافة اسلامية تحكمها ?

نقول وبكل تواضع للحل لا وجود له الا طريقتان للتعامل مع الوضع الحالي والقادم لعدة سنوات :

الاولى / ان تترك الاوضاع والامور تسير كما هو مخطط ومرسوم لها والقبول بالامر الواقع .

العامل الزمني في المستقبل القريب كفيل بان يثبت فشل ونجاح هذا المخطط وتجارب الحكم الاسلامي , بعد ذلك تقرر نفس الشعوب التي جلبت الاسلاميين بعد ان تشاهد وتلمس مدى الخراب والدمار والحروب التي حصلت في هذه الدول .

منذ مثات الاعوام هذه المناطق والتي تسمى الان بدول كانت حقل للتجارب للحاكمين سواء كانوا خلفاء او امراء او ملوك او رؤساء او سلاطين . . . , بغياب دور المواطن والمشاركة وعليه ان يقبل مرغما ما ياتيه من الفوق ! .

اذن اعطاء خمس او عشر سنوات لهذه التجربة الجديدة ليست بطويلة او مستغربة او مستهجنة من عمر الشعوب التي تطمح للحياة الافضل والحرة الكريمة اذا ارادت ذلك ! .

الثانية / استمرار المعارضات غير الاسلامية ومعها الاقلية والاقليات الاخرى من الشعوب العربية التي لا تؤمن بالاسلام السياسي وقيام انظمة متعصبة اسلامية بالاستمرار في الاحتجاجات السلمية وعدم المشاركة في العملية السياسية ومقاطعة النظام والحكومات الاسلامية مع استخدام كافة انواع واشكال حرب اللا عنف في صراعها ضد الفاشيون الجدد الى ان تتحقق المطالب باقامة انظمة مدنية علمانية مؤسساتية يشارك فيها الجميع باستثناء الاحزاب الدينية مهما كانت ومن اين اتت . . .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى