هل روحي على قيد الحياة؟
هيفاء بيطار
جسدي على قيد الحياة، لكن هل روحي على قيد الحياة !
علي أن أثبت لنفسي كل يوم أن روحي على قيد الحياة.
كيف يمكن لروح السوري أن تكون حية في وطن يدمر بطريقة وحشية، وشعب يقتل بالبساطة التي يباد فيها سرب من الحشرات بمبيد حشري؟
كيف يمكن لروح السوري أن تكون حية حين يستيقظ كل صباح ليتذكر جحيم اليوم السابق ولينتظر جحيم اليوم الحالي والتالي؟
كيف يمكن للسوري (المخلوق على صورة الله ومثاله) أن يصير لا شيء في سوريا؟
كيف يتحول (في سوريا) الوجود الإنساني المقدس إلى عبث طاغ؟
كيف يتحول وطن عظيم، مهد الأبجدية، الى بحر من الدماء، يعوم على مقابر جماعية؟
كيف يمكن أن يصير طعم الماء والخبز والدموع دما متخثرا في أفواه السوريين الباقين على قيد الحياة حتى اللحظة! غير عارفين انهم وبالزمن الذي تستغرقه رفة عين يمكن أن يقذفهم صاروخ أو رصاصة الى عالم الموت؟
أتأمل المواطن السوري كيف يتحول من الذهول إلى تمثال حي من الألم. وهو يتفرج على أشلاء أحبائه المتناثرة حوله وعلى أشكال إبداعية للشر؟
من قال أن الشر لا يبتكر؟
لأول مرة أشعر أن حبر قلمي هو دم السوريين.
لأول مرة أدرك أبعاد عبارة الكتابة بالدم.
أعي تماما «كملايين السوريين أحبائي وشركائي في المأساة أي معنى أن نعيش في وطن يتحول إلى مقبرة بلد الموت حيث لا سكينة ولا ملاذ ولا مودة. لأن الحزن نخر القلوب فانكفأ كل سوري داخل شرنقة فجيعته.
أي حوار خلبي هذا سينقذ البلد؟ أي حوار بين النظام والمعارضة مسبوق بحفلة دمار وموعود بمزيد من الدمار؟
أظن أن الحوار الوحيد الذي قد ينفع في سوريا هو الحوار مع الموت. علينا أن ندعو الموت للحوار بلا شروط سوى شرط واحد فقط هو أن يخفف من عشقه لسوريا وللسوريين والا يتخذ من سوريا موطنا له.
لأنه لم يعد من شيء حي في سوريا سوى الموت، انتظرت بلهفة الحوار مع السيد الأخضر الإبراهيمي، انتظرته كما ينتظر الغريق التعلق بقشة. لكن الشيء الوحيد المؤكد الذي فهمته منه أن اسرائيل قويه جداً جداً. وأنها غير مبالية بكل العرب وكل ما تلهفت لسماعه لأتمسك بشيء من أمل أو يقين ضاع، كل أجوبته كانت من نوع ربما، قد، سنرى ، لا أعرف. وكم كان السؤال الأخير مؤلماً حين سألته متى ستستقيل!
يا لسذاجتي أما زلت أكتب وأنا جالسة في فوهة بركان أو جرح مفتوح نازف وملتهب اسمه سوريا.
يا لسذاجتي حين أجد أن صراخ القهر في روحي قد وصل حتى السماء لأسأل الخالق أي كائن هو الإنسان؟
السفير