هل رُسمت خرائط أستانه النهائية؟/ منهل باريش
النظام السوري يسيطر على «سكة قطار الحجاز»
أكد قيادي عسكري في جيش إدلب الحر أن فصائله «أرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المحور الغربي المقابل بلدة أبو الظهور بهدف وقف تقدم النظام باتجاه سراقب»، ونوه خلافا لما يشاع بأن قرية حلبان الاستراتيجية، التي تقع على تقاطع طريق معرة النعمان ـ أبو الظهور وتصل مناطق ريف المعرة الشرقي بريف سراقب الشرقي، مازالت تحت سيطرة الثوار، إضافة إلى السيطرة على تل الخطرة وباريسة وراس العين. وتعتبر هذه القرى على المحور نفسه، الممتد من الجنوب إلى الشمال.
إلى الشمال من أبو الظهور، سقطت نحو عشرين قرية وبلدة في ريف حلب الجنوبي خلال الأسبوع الأخير، بعد بسط قوات النظام والقوات الرديفة له سيطرتها على مطار أبو الظهور العسكري، ومع السيطرة على قرى وسيطة مثل التويم، تليجينة، تل الفخار، الواسطة، تل عقارب، تل علوش وعطشانة وأم الكراميل، التي تمر بها جميعا سكة قطار الحجاز، وأصبحت كامل السكة تحت سيطرة قوات النظام.
في السياق صرح الناطق الرسمي في جيش النصر (أكبر فصائل المعارضة في حماة) الملازم أول اياد الحمصي، أن فصائل الجيش الحر المنضوية في غرفة عمليات «رد الطغيان» وفصائل أخرى «عُززت أمام المناطق التي تقدم إليها جيش النظام والميليشيات غرب أبو الظهور، ومنعت تقدمه غربا». وأشار إلى أن «عشرت النقاط المدعومة بقواعد الصواريخ والمدفعية والدبابات والرشاشات الثقيلة قد اكتمل تحصينها». من جهتها تابعت هيئة «تحرير الشام» انسحابها من دون أي مقاومة تذكر لجيش النظام والميليشيات الحليفة، ليصل مجموع ما انسحبت منه في ريف حلب الجنوبي وحده إلى ما يزيد عن ثمانين بلدة وقرية ومزرعة، في كامل المنطقة الممتدة من خناصر وجبل الحص وتل الضمان وصولا إلى جزرايا. على الصعيد الإنساني قال رئيس مركز الدفاع المدني في سراقب: «إن الطيران الروسي وطيران النظام نفذا أكثر من ألف غارة على سراقب والمنطقة الشرقية، وركز قصفه على البلدات الواقعة على طريق سراقب ـ أبو الظهور». وأوضح أن الطيران استخدم «البراميل المتفجرة، والصواريخ العنقودية والنابالم الحارق، إضافة إلى صواريخ الراجمات». وحاول الطيران خلال أسبوع من القصف شل الحياة من خلال فتح نيران رشاشاته الثقيلة عيار 14 ملم وقذائف متوسطة، واستهدف النازحين على الطرقات في كامل مناطق في الشمال السوري.
تكتيكات الهجوم التي يتبعها النظام واختبارات التقدم في ريف حماة الشرقي وريف إدلب الجنوبي تعني أن الهدف المرحلي والمباشر للعملية العسكرية سينتهي مع سيطرة قوات النظام والميليشيات المرافقة له على بلدة جزرايا أكبر بلدات مدن ريف حلب الجنوبي، ومع إحكام السيطرة على هذه البلدة ستسقط تلقائيا قرى زيارة المطخ وتل ممو ومكحلة ومريودة، إذ تعتبر القرى الثلاث الأخيرة خط مواجهة مع معقل وقاعدة عمليات حزب الله والميليشيات الإيرانية في ريف حلب الجنوبي. وكانت هذه نقطة انطلاقها في عام 2016 إلى بلدتي الفوعة وكفريا (أغلبية سكانية من الشيعة)، والتي تعتبرهما إيران تحت وصاياتها وتهدف إلى استعادة السيطرة عليهما منذ خسارتهما في معركة إدلب الكبرى، ربيع 2015، وقد ضغطت من أجل إجلاء نصف سكانها المدنيين في اتفاق «تسليم حلب» نهاية 2016. وتحاول إيران عبر مفاوضات سرية مع هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية إجلاء من تبقى من المدنيين والمقاتلين منها، والذين يقدر عددهم بنحو ثمانية آلاف، بمقابل مادي بعد أن اشترط الفصيلان إخراج قوائم من المعتقلين لدى النظام. لكن الصفقة لم تنضج حتى اللحظة وهو ما يجعل إيران أقل التزاما فيما يتعلق بمطالب أستانة 6.
من جانب آخر تعثر انتشار الجيش التركي في نقاط مراقبة جديدة ضمن منطقة «خفض التصعيد». والتوتر الذي حصل، من خلال اعتراض تقدمه والقصف المدفعي من معسكر الحاضر الذي تتمركز به الميليشيات الإيرانية إلى الطريق الذي سلكه الرتل لعسكري التركي، يدل دلالة واضحة على حجم الاعتراض الإيراني على انتشار نقاط المراقبة التابعة لأنقرة. ذلك تسبب في تراجع الرتل إلى غرب بلدة الأتارب، في انتظار أن يصار إلى تفاهم وموافقة طهران على تقدمه. وربما كان هذا ضغطا على الضامن التركي من خلال ربط انتشاره بملف المفاوضات المتعلق بالفوعة وكفريا.
الواقع العسكري المتردي الذي يعيشه الشمال السوري، وانشغال تركيا بمعركة «غصن الزيتون» في عفرين، يشيران إلى احتمال تغير في حدود ترسيم مناطق «خفض التصعيد» لحساب النظام وحلفائه، في عملية ابتزاز محتملة لأنقرة لإكمال عمليتها في عفرين. من الصحيح القول إن هناك مصلحة روسية في توكيل تركيا بضرب حليف الأمريكان في الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن هذا لن يمنع من تعطيل انتشار تركي في 12 نقطة مراقبة في محافظة إدلب. وليس بالضرورة أن يكون الاعتراض روسياً هذه المرة، بل إن الدور الإيراني على الأرض هو أكبر بكثير مما يمكن تخيله.
وهذا يعني أن الحلف الروسي الإيراني أكبر من أن يفسر بالمصلحة الآنية التي تجمع الطرفين، وهو ما يعول عليه بعض من أفراد المعارضة السورية ولا يتوقفون عن الإشارة إلى خلاف بين الطرفين.
القدس العربي