هل ستفلح لوحة “ملائكة سوريا” بلفت نظر العالم لمأساة الأطفال السوريين؟ بعيداً عن الاستخدام السياسي
دمشق، سوريا (CNN)– عشيّة الاحتفال بيوم الطفل العالمي (20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014)؛ رسم فنّانون سوريّون ما وصفوه بـ “أكبر لوحة في العالم”، تحت عنوان “ملائكة سوريا”، تمهيداً لعرضها بهذه المناسبة أمام البرلمان الأوربي.
وتوثّق اللوحة بحسب القائمين على هذا المشروع: “لأسماء 12 ألفًا و490 طفلًا سوريًا من الذكور والإناث، سقطوا ضحية الصراع المتواصل بين النظام والمعارضة حتى تاريخ الخامس تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا”.
تبلغ أبعاد اللوحة (21 × 21.5 بمساحة إجمالية بلغت 441 مترًا مربعًا)، وتأخذ شكل: “صورة طفلة سورية لها أجنحة ملائكة، مقيدة بأغلال عليها قفل، ورسم على القفل خريطة العالم، كما أن الطفلة ممسكة بساعة فيها أرقام مقلوبة بجهة عكسية وبدون عقارب في دلالة لتوقف الزمن”.
وجاءت هذه التفاصيل في تصريحاتٍ صحفية لرسام الكاريكاتور حسام السعدي، وهو عضو بـ (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) الذي يتخذ من مدينة اسطنبول التركيّة مقراً له، وأوضح السعدي أن تكلفة لوحة “ملائكة سوريا”: “بلغت الآن 40 ألف دولار، ودعمتها الكتلة الديمقراطية في الائتلاف الوطني، كما تلقت دعمًا مباشرًا من رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا، وعمل فيها الفنان التشكيلي حسام علوم بشكل أساسي، وساعده الفنان عبد الجليل الشقفي، فيما كتب الأسماء الخطاط أحمد الطلي.”
ويخطط القائمون على مشروع اللوحة، لعرضها أيضاً: “في أكثر من بلد أوروبي، منها فرنسا، والسويد، وألمانيا، وربما الولايات المتحدة، ومن ثم العودة بها إلى إسطنبول.” كما يسعون لإدراجها ضمن سجلات موسوعة “غينس” للأرقام القياسية.
الصحفية راما الجرمقاني وهي ناشطة في منظمة “جذور” للمجتمع المدني بدمشق، وملتقى سوريات يصنعن السلام؛ لا تجد مشكلةً من حيث المبدأ: “في الاعتماد على الفن لإرسال رسائل إنسانية”، لكنّها حذّرت في تصريحٍ خاص لموقع CNN بالعربية، من “الاستخدام السياسي” للوحة “ملائكة سوريا”، وأضافت موضحةً: “يخشى في ظل الانقسام الذي يسود الحالة السوريّة، إقحام الأطفال بنزاع الجلاّد والضحيّة، لأن الطفل هو ضحيّة هذه الحرب، أياً كان القاتل”.
ونوّهت الجرمقاني لما وصفته بـ”أعمال فنيّة رائعة” قدمّها فنانون سوريّون عن الأطفال في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، كـ “وسام جزائري، وتمّام عزّام”، وأشارت إلى أن “التوثيق أمر مختلف عمّا ترمي إليه لوحة ملائكة سوريا،” من وجهة نظرها، وفضّلت لو تم صرف الأموال التي أنفقت على هذه اللوحة في مشاريع تنموية تستهدف الأطفال.
السجال أو تراشق الاتهامات حول استهداف الأطفال في سوريا، الذي أشارت إليه الصحفية راما الجرمقاني، ليس بعيداً عمّا حدث مؤخرا حينما سقطت قذائف مجهولة المصدر على مدرسة “الحياة” بحي “القابون” على أطراف العاصمة دمشق يوم الأربعاء الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وأودت بحياة أحد عشر طفلاً و13 في روايةٍ أخرى، وتسببت بجرح أطفالٍ كثر آخرين، وزاد من غموض ملابسات هذه الحادثة، أن المدرسة التي تعرضت للهجوم تقع في منطقة تماس، أو اشتباكات بين المعارضة المسلحة، والجيش السوري.
كما تعرضت مدرسة عكرمة المخزومي، بمدينة حمص وسط سوريا (الخاضعة لسيطرة الجيش السوري)، لتفجيرٍ انتحاري، مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أودى بحياة نحو 24 طفلاً، وإصابة كثر آخرين.
ورصدت الأمم المتحدة في الشهور التسعة الأولى من سنة 2014 وقوع 35 حادثة أودت بحياة 105 أطفال وإصابة 293 آخرين، ونحن نعلم أن الأرقام الفعلية أعلى بكثير، وهناك ما يشير إلى أن الهجمات في بعض المناطق كانت هجمات متعمدة. بحسب بيانٍ صادرٍ عن هانا سينجر، ممثلة منظمة اليونيسف في سوريا.
ولم يسلم الأطفال السوريون أيضاً، من الغارات التي شنتّها “قوى التحالف” على ما اعتبرته مواقع لـ “تنظيم الدولة” شمالي سوريا.
فهل سيفلح الفن، في تسليط الضوء على مأساة الأطفال في البلاد.. بعيداً عن السجال، والاستخدام السياسي؟