هل قاد الجفاف الى الثورة السورية؟
أمستردام – محمد موسى
النظرية التي يقترحها العنوان ليست تفسيراً غريباً يتوخى الإثارة لأسباب إنطلاق الثورة السورية، فبرنامج «سنوات من العيش بخطورة» الذي يعرض على قناة «شوتايم» الأميركية، يجد في ملفات وزارة الخارجية الأميركية، من التي جرى تسريبها في الأعوام الماضية، وثيقة بتاريخ يسبق ثورات الربيع العربي في الشرق الأوسط، تُحذر من أن الجفاف الذي يضرب سورية منذ خمس سنوات سيقود الى ثورة عنيفة فيها.
تخصص الحلقة الاولى من البرنامج الاميركي الضخم الانتاج، ثلث وقتها للتحقيق في القصة السورية، فيدخل الصحافي توماس فريدمان من صحيفة «نيويورك تايمز» الى سورية عبر الحدود التركية، ويقابل مزارعين سوريين، هم الآن أعضاء في «الجيش السوري الحرّ»، والذين سيصفون صعوبة سنوات الجفاف الكبير في سورية، وكيف وجدوا أنفسهم من دون موارد للدخل. أما كيف قادت الأزمة الإقتصادية التي عاشوها الى مشاركتهم في الثورة السورية، فهذا ما ستفسره سيدة سورية تعيش في العاصمة السياسية الاميركية واشنطن، والتي تتحدث عن هجرات واسعة لأبناء الريف السوري الى المدن السورية الكبيرة، والذين سيخرج منهم المسلحون الذين يقاتلون سُلطة الرئيس السوري بشار الأسد.
يتناغم التحقيق السوري من الحلقة الاولى من البرنامج مع الأجزاء الاخرى، من حيث البناء والأهداف، والذي يتلخص بإستقدام نجوم او شخصيات عامة للتحقيق في ما فعله «الإنسان» بالطبيعة وما سبّبه جهله وجشعه غير المحدود في تدمير بيئات طبيعية غاية في الجمال، والإقتراب من بيئات أخرى الى حافات النهاية.
تقدم الحلقة الاولى النجم هاريسون فورد، أحد نجوم السينما الأميركية القليلين من الذين ما زالوا يملكون وهج هوليوود الغابرة، والذين لا تجذبهم وسائل الإعلام وبخاصة التلفزيون.
فورد سيسمح لكاميرا البرنامج بالدخول الى بيته ومرافقته لأيام في لوس انجليس، حيث يعيش، ثم السفر معه الى إندونيسيا للتحقيق في قضية تدمير الغابات الطبيعية هناك، وزرع نباتات تستخدم في صناعة المنتجات الإستهلاكية التي يستعملها العالم الصناعي الحديث بكثرة اليوم بدلاً منها.
كما تقدم الحلقة الاولى دون تشيدل، وهو ممثل سينمائي موهوب (من أفلامه «تصادم» و «فندق رواندا»)، في مهمته في التحقيق عن آثار الجفاف في أجزاء من ولاية تكساس الأميركية، وكيف أدى الى إغلاق مصانع وتسريح آلاف العمال منها.
يحاول الممثل ذو الأصول الأفريقية الذي ولد ونشأ في الولاية، أن يصل الى خلاصة ما تخص الجدل الذي تثيره موضوعات البيئة، بخاصة وسط أجواء التشكيك بنظريات المدافعين عن البيئة في الولايات المتحدة والذي يصل أحياناً الى الهزء والتسخيف.
يستفيد البرنامج التلفزيوني من حماسة نجوم السينما والفن في العقد الأخير لقضايا البيئة، فيقنعهم بأن يشتركوا في التحقيق في قضايا معينة. وسيقود التحقيقات في الحلقات المقبلة من البرنامج نجوم آخرون، مثل أرنولد شوارزنغر ومات ديمون، ما يمنح البرنامج إثارة كبيرة، بخاصة عندما يصوّر غضبهم وحزنهم أو يومياتهم العادية وهم يحاولون أن يجدوا أجوبة عن أسئلة مُعقدة، ظلت على رغم جهد البرنامج بلا إجابات حاسمة. فالتحقيق في قضايا البيئة، ومنها قضايا الجفاف يحتاج الى سنوات من البحوث العلمية، ولا يمكن حتى للمشاهير الذين شاهدناهم يحلون مُعضلات قصص الأفلام بسهولة، من الوصول الى خواتيم سعيدة.