صفحات العالم

هل من رابط بين نقل المخزون الكيماوي والمجازر؟


    روزانا بومنصف

سوريا قد تقترب من حكم ذاتي مثل كردستان

تشكل مجزرة التريمسة الاخيرة في سوريا، والتي تعد الاكبر حتى اليوم بين سلسلة المجازر منذ اندلاع الثورة في آذار من العام الماضي، تحديا للمجتمع الدولي الذي تذرع طويلا بعدم امكان التدخل في سوريا ما دامت لم تقع مجازر على غرار البوسنة مثلا. ولذلك يتصل السؤال الابعد من التنديد الدولي بالجريمة بما اذا كان رد الفعل سيتجاوز الاستنكار والتنديد الى اجراءات عملية على رغم استبعاد مصادر معنية هذا الامر في ظل موقف روسي مستمر في دعمه للنظام وفقا لما خلص اليه معارضون سوريون معتدلون زاروا موسكو الاسبوع الماضي. اذ استنتج هؤلاء ان روسيا مصرة على موقفها من دون اي تغيير ولا يعول عليها في اي شكل من اجل وقف العنف الدموي، بحيث لا يبقى امام الشعب السوري الا الصمود والقتال.

لكن السؤال عما يمكن ان تؤدي اليه مجزرة التريمسة يكتسب بعدا آخر في ظل ما اثير عن تحريك النظام السوري مخزونه من الاسلحة الكيماوية واحتمال استخدامه في ما اعتبره الاميركيون خطا احمر، مما يعني ان ذلك ربما يقود الى التدخل في سوريا، او استفزاز المعارضة للهجوم على المواكب التي قد تكون تنقل هذه الاسلحة لافتعال، او التسبب بكوارث، او ايضا نقل مخزون هذه الاسلحة الى مناطق يضمن النظام نفوذه فيها طائفيا. والعامل الاخير بدا مرجحا في رأي مصادر معنية في ضوء استهدافه للتريمسة السنية بعد سلسلة استهدافات لقوى سورية من لون طائفي معين وفق خطة مقصودة بدت لمراقبين كثر متوافقة في اتجاه بدأ يطرح اكثر فأكثر في اوساط المراقبين المتابعين للتطورات السورية من كثب.

فهناك احتمالان لم يعد في الامكان القفز فوقهما ايا تكن نتيجة ما ستؤول اليه الاوضاع في سوريا على ما يقول هؤلاء: احدهما عدم امكان حكم الرئيس السوري سوريا بعد اليوم حتى لو استطاع ان يحسم الوضع عسكريا لمصلحته مع استبعاد كلي لهذا الحسم للاعتبارات المعروفة.

والاحتمال الآخر هو تقسيم سوريا الذي لا يبدو قابلا للحياة. الا ان ما يبدو ممكنا في ضوء السيناريو الذي يحصل “على الارض” هو فرض امر واقع في ضوء فقدان السيطرة على جزء كبير من الاراضي السورية، وكذلك في ضوء التجربة في موضوع اي صيغة حكم مستقبلية تأخذ في الاعتبار مخاوف الاقليات، ومن بينها مثلا لامركزية ادارية موسعة وفقا لما تم الاتفاق عليه في لبنان سابقا من اجل طمأنة الاقليات.

والامر الواقع المذكور يرجح احتمال تمهيد النظام لتقوية نفسه على اساس قوة تفرض نفسها داخل سوريا المقبلة على نشوء مناطق مماثلة لما هو الوضع القائم في العراق وعلى طريق صيغة حكم ذاتي ككردستان العراقية.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى