هل من وصفة لدرء التداعيات السورية؟
عبد الوهاب بدرخان
كيف السبيل لإبعاد لبنان عما يجري في سوريا، اي عن المخاطر؟ يبدو، حسب النائب ميشال موسى، ان الرئيس نبيه بري لديه الوصفة السحرية. لا احد يدري ما هي تحديدا. انتظروا تروا. الشكل يعيد الى الاذهان مبادرة الحوار في مجلس النواب، وقد انتجت في آذار 2006 توافقات، سميت “ثوابت”، ما لبثت ان تفككت ولم يبق شيء، بل لم يبق حتى اي اثر في النفوس. بل انه يذكّر ايضا بدعوات من الرئيس بري الى التصدي لمسألة “إلغاء الطائفية”، ثم تبين انه اختار التوقيت الخطأ، رغم ان الهدف نبيل ويستحق العمل من اجله في كل الاوقات، شرط ان يكون على الاجندة الوطنية، لا على اجندات آخرين، ولأهدافهم الآنية. ها هو، اذاً، يبحث عن مبادرة داخلية لدرء تداعيات الازمة السورية عن لبنان. حسن. لكن كيف؟
لا بأس بالمحاولة، غير ان مسعى كهذا يتطلب شخصية ذات مواصفات لم تعد، للاسف، متوفرة في اي من رجالات السياسة اللبنانية. ففي البلد انقسام حاد حول كل ما مر به منذ 2005 حتى اليوم: الاغتيالات السياسية، المحكمة الدولية، حرب تموز 2006 والازمة نتجت عنها، 7 ايار 2008، اتهام عناصر من “حزب الله” باغتيال الرئيس رفيق الحريري، الحكومة السابقة، والحالية… وهناك الآن انقسام واضح حول الازمة السورية. فالذين لم يكترثوا للاغتيالات في لبنان هم انفسهم الذين لا يكترثون للمجازر الوحشية التي ترتكب حاليا في سوريا. والذين سعوا الى الحرية والاستقلال عبر خروج الجيش السوري من لبنان هم الذين يؤيدون مطالب الشعب السوري بالحرية عبر اسقاط النظام. هذا التداخل فرضه نظام الوصاية، ووكلاؤه بعد خروجه، ولذلك لم يعد ممكناً ابعاد لبنان عما يجري في سوريا.
بلغ الانقسام حول سوريا ان مؤيدي النظام في لبنان لا يكتفون بتظاهراتهم المناصرة له، بل يعتبرون انهم ملزمون مواجهة التظاهرات والوقفات المؤيدة للشعب السوري وانتفاضته. اي ان انصار النظام يحشدون بغية ردع الآخرين عن نصرة الشعب، ثم انهم بداوا يتوعدون بأن لا يسكتوا عن اي “اساءة” للنظام في لبنان. فكيف يعالج هذا الانقسام اذا كان الجنرال ميشال عون يقول في حديث الى قناة “الكوثر” الايرانية ان “بعد المعركة الاخيرة في حمص وادلب يكون الوضع (في سوريا) قد انتقل الى التنظيف”. اي انه غير معني بمئات المدنيين الذين يقتلون يوميا؟
طالما ان الحكومة اختارت “النأي بالنفس”، وهي فخورة به، كما لو انها عثرت على كنز كان مفقودا. وطالما ان السيد حسن نصرالله زكّى سياسة “النأي” هذه، حفاظا على الحكومة وعلى الاستقرار، فأين المشكلة في “التداعيات”. هناك احتمالان: اما سقوط مفاجئ للنظام، لكن نصرالله بشر مرارا بانه مستبعد. وإما حرب اهلية مفتوحة في سوريا، واللبنانيون يعرفون شيئا عن ذلك. الكل يخسر.
الحياة