هل نحن نعيش في عالم حر؟؟؟!!!!!
د/ موفق مصطفى السباعي
سؤال عجيب غريب قد يجيب البعض عليه مباشرة بنعم على اعتبار أن أوربا وأمريكا وبعض دول شرق آسيا تعتبر دول حرة ، والحرية مصانة ومحترمة بشكل كامل ، ولكن البعض الآخر سيجيب عليه بلا على اعتبار أن العالم العربي يعيش في عالم الإستبداد والقمع وكبت الحريات .
ولكن ما قصدت بسؤالي أن تكون الإجابة بهذا الشكل البتة
إني قصدت بالعالم الحر هو الذي يتمتع بالمواصفات التالية :
1- أن يكون الإنسان – أي إنسان بغض النظر عن شكله أوطبقته الإجتماعية أومعتقده أوقوميته أو ثقافته أو جنسه – حرا في التعبير عن رأيه بجميع القضايا السياسية أو الفكرية أو الإقتصادية أو الإدارية دون حظر أو حجر على أي مخلوق عاقل ، وأن يفعل ما يشاء تحت سقف الشريعة الربانية ، وبشرط ألا يسبب أي أذى أو ضرر للغير.
ودليلنا في هذا قول أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) .
ودليلنا أيضا حينما وقف أمير المؤمنين عمر على المنبر في المدينة المنورة يدعو المسلمين إلى تحديد المهور فوقفت إمرأة عجوز من عامة المسلمين واعترضت بكل جرأة وقوة وشجاعة وقالت : الله يعطينا بالقنطار وأنت تريد أن تحدد لنا فتراجع عن قراره ورجع فورا للحق وقال قولته المشهور ة أخطأ عمر وأصابت امرأة .
2- لا حصانة لأي إنسان – مهما علا مركزه الوظيفي أو الإداري أو القيادي أوهبط – أمام القضاء حتى ولو كان امبراطورا أو أمير المؤمنين ، الكل يقف أمام القضاء بالتساوي لا تمييز بين أمير ومأمور أو سيد أو مسود أو رئيس أو مرؤوس والكل يخضع للمساءلة والمحاسبة ، ولا توجد أي خطوط حمراء أمام القضاء ، فهو أعلى جهة على الإطلاق في المجتمع الحر أو الدولة الحرة أو العالم الحر .
ودليلنا في هذا الحادثة المشهورة لأمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب حينما قدم يهودي من عامة المجتمع في الدولة المسلمة شكوى ضده مدعيا أن الدرع الموجود لدى علي هو لليهودي فاستدعى القاضي أمير المؤمنين واليهودي وجلسا على مقعد واحد دون أي تمييز بينهما ودون أي اعتبار أو تفضيل على أساس أن عليا هو رئيس الدولة والخصم من عامة الناس أو على أساس أن عليا هو مسلم والخصم هو يهودي ، وحكم بينهما وقضى بالدرع لليهودي .
3- لا حرية للجريمة ولا حرية للمجرمين أن يقتلوا الناس ويذبحوهم في أي مكان في هذا العالم الحر بأي حجة كانت ، ولا يجوز للأحرار السكوت والصمت عن الجرائم التي ترتكب في بقعة ما من الأرض بحجة عدم التدخل في الشؤون الخاصة لأي بلد آخر ، هذه المقولة غير مقبولة وغير صحيحة وغير عادلة لدى الأحرار وفي عالم الأحرار ، لأن الإنسان أخ الإنسان في أي مكان ، ومن الواجب ومن الفرض العيني على الأحرار في أي مكان من العالم الإنطلاق للدفاع عن المضطهدين والمظلومين والمقتولين ظلما وعدوانا ومعاقبة المجرمين والقتلة في أي مكان كانوا ، لأن قتل نفس واحدة هو قتل للناس جميعا .
ودليلنا في هذا هو قوله تعالى : من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا .
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض .
غير مقبول في شرع الله وهو شرع الأحرار أن يقوم إنسان ما في أي مكان من الأرض أن يقتل ويعيث في الأرض فسادا على مزاجه وعلى هواه دون أن يتصدى له الأحرار ويأخذوا على يديه بأي ذريعة أو حجة.
ودليلنا في هذا أيضا أنه حينما سيطر المغول على بلاد الشام – وسوريا هي جزء منها طبعا – وعاثوا فيها فسادا وتخريبا وقتلا للناس – مشابها للحالة بالضبط للتي تحدث الآن في سورية على مغول الأسد – لم ترض هذه الحالة ضمير الأمير الحر قطز حاكم مصر فقرر التصدي لهذا الإجرام وهذا القتل فأعد حملة عسكرية لمعاقبة قائد المغول كتبغا الذي كان يحكم دمشق في ذلك الوقت ، والتقى معه في موقعة يذكرها التاريخ بكل فخر وإكبار إنها موقعة عين جالوت في أرض فلسطين في 25 رمضان عام 658 هجرية فهزم ذلك القائد المجرم وقتل وانتصر الحق والعدل وتحرر شعب الشام من العبودية والمذلة التي كان يعاني منها تحت حكم التتار الإجرامي .
هذا هو العالم الحر في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي .
ونعود للسؤال الكبير الذي طرحناه في بداية الحديث هل نحن نعيش في عالم حر ؟؟؟؟!!!!
الكل يعلم والكل يشاهد في أصقاع المعمورة من اليابان شرقا إلى أمريكا غربا ومن فنلندا شمالا إلى جنوب أفريقيا جنوبا المجازر التي يرتكبها مغول الأسد والدماء التي تسير أنهارا والتعذيب والتهجير الذي يحدث يوميا منذ أكثر من 130 يوما فماذا كان الجواب من دول الكرة الأرضية كلها؟؟؟؟!!!
أولا : دول ومنظمات وهيئات تؤيد وتدعم القتل والإجرام والمجرمين في سوريا علنا وجهارا بل تطالبهم بمزيد من القتل ومزيد من سفك الدماء وهي دولة فارس المجوسية ولبنان المارونية الشيعية الفارسية والعراق الصفوية الفارسية وحزب الشيطان اللبناني الفارسي ومنظمة أمل الشيعية الفارسية وكل الأحزاب الصفوية الفارسية في العراق والأحزاب القومية والبعثية في الأردن ولبنان .
ثانيا : الدول العربية بأجمعها صامتة ساكتة ظاهريا ومؤيدة ضمنيا وأحيانا علنيا ولا تنفك ترسل الوفود تلو الوفود إلى القتلة المجرمين معلنة تأييدها المطلق للنظام المغولي السوري.
ثالثا : دول أجنبية تعلن تأييدها لنظام بشار ولكنها تعلن ألمها وقلقها على الضحايا وتتمنى على النظام المجرم الفاسد أن يصبح صالحا عادلا مثل روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وكوبا وفنزويلا .
رابعا : دول أجنبية تعلن استنكارها للإجرام وسفك الدماء في سوريا ظاهريا وتطالب المجتمع الدولي بإدانة النظام التتري الأسدي لتبرئ ذمتها أمام شعوبها – على أساس أنها تعتبر نفسها دولا حرة ديموقراطية – ولكنها ضمنيا مؤيدة وموافقة على الإجرام الذي يمارسه بشار ، لأنها بصريح العبارة لن تعثر ولن تحلم بإيجاد شخص مطيع لها يحقق مصالحها أفضل منه فكيف تفرط به ؟؟؟!!!
إذن نستخلص من هذا العرض أننا نعيش الآن في القرن الواحد والعشرين في عالم الغاب حيث تستفرد كل قبيلة بالحكم لوحدها تحكم على شعبها بمزاجها وهواها ، وبقية القبائل تتفرج أو تصرخ أو تذرف دموع التماسيح وتمثل على مسرح الحياة أنها تستنكر وتدين ما تقوم به تلك القبيلة الهمجية المجرمة ولكنها على أرض الغاب لا تفعل شيئا يذكر .
إذن نحن مرة أخرى لا نعيش في عالم حر طالما أن المجرم يستمر في إجرامه وقتله لشعبه يوميا لأكثر من أربعة أشهر ولا يوجد فريق صادق في مجابهة هذا المجرم ، وليس من الضروري أن تكون المجابهة بحملة عسكرية ، فقد كانت هذه هي الطريقة الوحيدة قبل ثمانية قرون ، ولكن الآن توجد طرق أخرى تحدث فاعلية أكثر من الحملة العسكرية لإيقاف الإجرام بشرط وجود فريق حر صادق النية .