صفحات العالم

هل يؤدي اسقاط الطائرة السورية لحرب مع تركيا؟

رأي القدس

أكدت وسائل إعلام وسلطات مسؤولة تركية إسقاط طائرة عسكرية تركية لطائرة حربية سورية انتهكت حدودها أمس الأحد. رئيس الحكومة التركيّ أردوغان هنأ جيشه على اسقاط الطائرة ووعد برد قاس من الآن فصاعداً بينما اعترف ناطق عسكري سوري بالحادث واعتبرت وزارة الخارجية السورية الأمر تغطية لدخول مجموعات مسلحة من الأراضي التركيّة الى سوريا.

بالمقاييس العسكرية فحسب يعني إسقاط الطائرة قراراً تركيّاً بحماية الحدود الجويّة لأنقرة وعدم السماح لقوات النظام السوري بالاقتراب منها او اختراقها، كما يحمل تأكيداً صارماً من المؤسسة العسكرية التركية بعدم السماح للنظام السوريّ باستغلال الأوضاع السياسية الحرجة التي تمرّ بها حكومة أردوغان لتمرير ضربات جزاء ضد القيادة السياسية التركية أو ضد مؤسستها العسكرية.

بل إن هذه الأوضاع السياسية التي يمرّ بها رجب طيب أردوغان وحكومته تشكّل مبرراً إضافياً لاتفاق القيادتين السياسية والعسكرية على توجيه رسالة واضحة للنظام السوري لمنع استغلال هذه الأوضاع بأي شكل كان.

تزامن هذا الحدث مع معارك المعارضة السورية المسلحة ضد قوات النظام في مناطق ريف اللاذقية الشمالي اللصيقة بالحدود التركيّة أمّن عملياً، وللمرّة الأولى منذ بدء الثورة السورية، تغطية جويّة للمعارضة بعد أن خاضت كل معاركها تحت قصف صواريخ وطيران القوات السورية، مما ألحق بها وبحواضنها الاجتماعية أضراراً هائلة، ودمّر عملياً البنى التحتية للكثير من المدن والبلدات والأرياف في أكبر عملية انتقام جماعي من بلد بأكمله.

يمكن ربط الحدث أيضاً بما جرى من سيطرة ‘حزب الله’ وقوات النظام السوري على منطقة القلمون وقلعة الحصن خلال الاسبوعين الماضيين، الأمر الذي أغلق الحدود اللبنانية بوجه المعارضة السورية ودفعها للهجوم على جبهات جديدة في الجنوب لتأمين الحدود الأردنية واستشراف إمكانيات التقدم نحو دمشق، والشمال لفتح منفذ بحريّ لها وكشف ارتهان النظام السوري لأجندة ‘حزب الله’ ومصالحه العسكرية بحيث ترك معقله الساحليّ و’بيئته الحاضنة’ معرّضين للخطر.

وقد أثار أنصار النظام على وسائل التواصل الاجتماعي هذه المفارقة الأخيرة قائلين ما منطوقه ‘ربحنا يبرود وها نحن نخسر اللاذقية’، مطالبين الرئيس السوري بشار الأسد بسحب جنوده الذين يحرسون ضريح والده (الرئيس الراحل حافظ الأسد) في القرداحة بالذهاب للدفاع عن الساحل السوري بدل التكاسل والتبطّر وشرب ‘المتّة’ قرب الضريح.

لا يمكن، أيضاً، النظر الى قضيّة إسقاط الطائرة دون وضعها ضمن دائرة تأثيرات قرار روسيا إلحاق شبه جزيرة القرم وتحشيدها جيشها على الحدود مع اوكرانيا، وهو ما قدّم، للمرّة الأولى خلال ولايتي الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كسراً لـ ‘الهدنة’ الروسية الأمريكية وتوازناتها العالمية، وأعاد الفاعلية لأسلوب ‘القوة هي الحق’ (Might is Right)، وفتح، افتراضياً، بالتالي، المجال لكسر ‘الستاتيكو’ السوريّ.

يجيء إسقاط الطائرة السورية في لحظة عالمية وإقليمية حرجة ويقدّم إمكانيات مفتوحة لتطوّر الوضع التركي السوري لسوريةنحو سيناريوهات لم تكن ممكنة من قبل، مما يسمح لأردوغان، في الوقت المستقطع قبل الانتخابات، بفرصة نادرة للهروب من أزماته من خلال تحشيد الوطنيّة التركيّة ضد خصومها وكسر المعادلات الإقليمية التي استغلقت طويلاً.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى