صفحات العالم

هل يقرّب الخوف من المتشددين في سوريا بين أميركا وروسيا في التوصّل إلى حلّ؟

اميل خوري

السؤال الذي يقلق اللبنانيين ولا جواب عنه حتى الآن هو: متى تنتهي الحرب في سوريا بعدما بات في اقتناع الكثيرين أنها كلما طالت ازداد الوضع السياسي والامني والاقتصادي سوءا او تأزما في لبنان. وهذا يؤكد مقولة ان “أمن لبنان من أمن سوريا”، فضلا عن “وحدة المسار والمصير”، في حين أن أمن لبنان ليس من أمن سوريا كما قيل، بدليل ان امن سوريا لم يتأثر بحوادث لبنان عام 1958 ولا باجتياحات اسرائيل له وبلوغ العاصمة بيروت، ولا بالحروب الداخلية فيه وقد دامت 15 سنة، ولا حتى بالحرب مع اسرائيل عام 2006، اذ ان الحياة في سوريا ظلت طبيعية وعادية في حين كانت في لبنان مأسوية.

لذلك فللبنان مصلحة اكثر من اي دولة مجــاورة لسوريا في ان تنتهي الحــرب الداخليــة فيها سريعاً لأن اللبنانيين خلافا لشعـــوب الدول المجـــاورة التي هي ليست منقسمة بين من هي مع النظــــام في سوريـــا ومن هي ضده كما هي الحال في لبنان حيث يتــــأثر كل طـــرف فيــه بنتائج ما يجري في سوريا، وما إصرار “حزب الله” على بقاء الحكومة الحالية رغم الاعتراف بفشلها

وعجزها سوى لدعم المحور المساند للنظام السوري، ويخشى ان يكون تشكيل حكومة جديدة في غير مصلحة هذا النظام.

لقد بات الصراع حول الحكومة بين 8 و14 آذار جزءا من الحرب الداخلية في سوريا، الامر الذي يجعل اللبنانيين مثل السوريين يهتمون بمصير هذه الحرب ويسألون متى تنتهي.

ثمة من يقول ان الولايات المتحدة الاميركية بعد ان تنتهي من انتخاباتها قد تصبح جاهزة اكثر لاتخاذ موقف حاسم من الحرب في سوريا وربما تكون اصبحت اقرب الى التفاهم مع روسيا بعدما باتتا تخشيان صعود الاسلاميين المتطرفين في سوريا وتنظيمات متعددة بحيث تكون لها كلمتها في وضع سوريا بعد الحرب تجعل كلمة القوى الاسلامية المحافظة والمعتدلة دونها وزناً، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة الاميركية ويجعلها ترفض تسليح المعارضة غير الموحدة، وكذلك روسيا التي تخشى ان ينعكس الصعود الاسلامي الاصولي على الاوضاع الداخلية في الدول الاسلامية المحيطة بها. وهذا من شأنه ان يعجل في حسم الازمة السورية باتفاق الدولتين ومن خلال قرار يصدر عن مجلس الامن ولا يواجه بأي “فيتو”.

وهناك من يقول ان في الادارة الاميركية رأيا يحبذ استمرار الحرب في سوريا الى ان يتعب المتقاتلون، وعندها يصير في الامكان جعلهم يقبلون بأي حل ولو بعد أن تكون المرافق السورية والبنى التحتية قد تدمرت وتتطلب إعادة إعمارها سنوات وتحتاج إلى أموال

طائلة.

هذا الوضع يصب من دون شك في مصلحة اسرائيل التي تبدو مرتاحة الى ما يجري في الدول العربية تحت شعار: “الربيع العربي” لأنه سيتحول في نظرها الى خريف اقتصادي يجعلها عاجزة حتى عن التفكير بشن حرب ضدها ولسنوات طويلة لأنها تصبح مشغولة بتأمين لقمة العيش لشعوبها والا واجهت ثورة جديدة على الثورة تكون ثورة الجياع وليست ثورة الحرية والكرامة التي اسقطت الانظمة الشمولية والمستبدة.

الى ذلك، يبقى السؤال المطروح ولا جواب عنه حتى الآن هو: هل تتوصل اميركا وروسيا الى اتفاق على حسم الازمة السورية المتفاقمة والتي كلما طالت تجعل خطر الاسلاميين الاصوليين من “قاعدة” و”جهاديين” وغيرهما يهدد مصالح الدولتين في المنطقة وخارجها لا بل مصالح دول كثيرة، وعندما ترتاح سوريا في ظل نظام ديموقراطي يرتاح لبنان ومعه دول الجوار والمنطقة، ام ان اميركا وروسيا ستظلان على خلاف في التوصل الى حل للازمة السورية يحمي مصالح الجميع لاعتقاد اميركا ان روسيا هي التي ستكون متضررة من صعود الاسلاميين الاصوليين عندما يمتد خطرهم الى محيط روسيا فتضطر عندئذ الى تقديم تنازلات توصلا الى الحل المعقول، عدا ان اسرائيل هي المستفيدة ايضا من استمرار الحرب في سوريا حتى على ايدي الاسلاميين الاصوليين لأنها مطمئنة الى ان هؤلاء لن يحكموا بل يحاولون احيانا التحكم بمن يحكم. وخلاصة الوضع ان لا رحيل للاسد قبل الاتفاق على بديل ولا تسليح للمعارضة في سوريا الا بعد توحيدها.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى