صفحات العالم

هنيئاً لكم ببشار الأسد


نجم عبد الكريم

هنيئاً لأولئك اللبنانيين، الذين يظهرون على الفضائيات وقد رهنوا مصيرهم بمصير طاغية سوريا. وهنيئاً لمن ربطوا بين ما يجري في سوريا الآن وبين وضعهم الطائفي، فقبلوا بالشيطان الذي يعرفونه. وهنيئاً للدول العظمى التي لعبت على أوتار أحاسيس العالم وعواطفه وبدت وكأنها ضد بشار وضد خططه ومشاريعه. وهنيئاً لتلك الأقلام التي توارت حينما أصيب شعب سوريا ولا يزال بأعظم الفواجع، ولم تقل شيئاً مما تقوله اليوم في قضايا أخرى تمويهية لا تتعرض لمصائب هذا الشعب وويلاته. وهنيئاً لذلك النفر الذي لم تعنيه بشيء حياة الملايين من السوريين في وطنهم المعذب وسعيهم من أجل الحرية والديمقراطية. هنيئاً لهؤلاء جميعاً، فبشار باقٍ بعد أن قبلت ببقائه نفس تلك الدول العظمى التي مثَّلت دورها بجدارة في سبيل امتصاص المزيد من المكاسب الاستراتيجية في المنطقة على حساب سلام واستقرار شعوب هذه المنطقة، فهم قلقون على مستقبل إسرائيل، ولتحترق المنطقة برمتها. لقد اطمأن بشار الأسد لوجوده في السلطة بعد أن غيرت زعيمة العالم الحر الولايات المتحدة موقفها من بقائه رغم تصريحاتها المتكررة سواء من أوباما أو من وزيرة خارجيته. وإذا استبشر مجلس الأمن بقبول بشار للمراقبين الدوليين، فهذا يعني استمراره بالحكم إلى ذلك الوقت الذي يُراق فيه المزيد من دماء الشعب السوري. ولكن هل يجوز للإنسانية أن تتفرج على موت هذا الشعب وتدميره، بينما لا تحرك ساكناً ضد شخص واحد وحيد ألا وهو بشار الأسد؟ إن بقاء بشار في الحكم يعني بقاء الشر وبقاء الظلم وبقاء النوايا المريضة.. نوايا تدمير شعب بأكمله ونوايا تدمير المنطقة كلها، فنظام بشار لا يمكن أن يتحول إلى عامل أمن واستقرار وسلام، فهو كفتيل البارود الذي ينتظر الزمن المناسب لإحراق كل شيء، كما هدد هو بنفسه أكثر من مرة. فأين ذهبت الوعود الأوروبية والأمريكية ومراهنتها على إزاحة بشار؟ وإنها لن تتسامح في قضية إزالته من على سدة الحكم وإقامة نظام ديمقراطي آمن، أكان ذلك للتمويه والمخاتلة والخديعة التي أوقعت فصائل المعارضة في الداخل والخارج في مأزق، لاعتقادها أن هذه الدول ستقف معها في خندقٍ واحد لإزالة بشار؟ وبكل أسف ها هي فصائل المعارضة قد وصلت إلى مرحلةٍ من التمزق والتشرذم، بينما جرائم بشار في سفك دماء الشعب السوري لم تتوقف. وإذا كان لابد من كلمة نختتم بها هذا الموضوع، فنتوجه بها للمعارضين: إن خلافاتكم، بل اختلافاتكم ومراهناتكم على جامعة الدول العربية ومجلس الأمن وتركيا وغيرها، كل ذلك أدى إلى تصدع موقفكم كمعارضين، سواء انتخبتم برهان غليون أو هيثم مناع أو المالح أو غيرهم.. ليس هذا هو لب المشكلة، الثوار الحقيقيون يسلكون طريقاً واحداً لتحقيق النجاح في ثورتهم، بكل أسف أنتم تعثرتم في إدراك السبيل لذلك الطريق. أعيدوا النظر وتجنبوا أخطاءكم الماضية، فالثمن الذي يدفعه الشعب السوري فادح، وعليكم أن تكونوا جديرين بمسؤولية ذلك الثمن.

العربية نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى