صفحات العالم

واقع سوريا والمنطق الروسي

تركي عبدالله السديري
أسهل مهمة تمارسها القوى الدولية إما تحقيقاً لأهدافها أو استمرارية لتدخلاتها تتواجد في عالمنا العربي.. والمؤسف ألا يكون عالمنا هذا في حاجة إدراك لأبعاد هذه الممارسة، أو ذو سلوكية وطنية واعية تجعل الشأن المحلي مسؤولية وطنية لا تقبل مؤثرات غيرها.. والشواهد كثيرة..
ليس من قوة دولية واحدة فقط؛ لكن لأن أمامنا تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فإننا نتوقف عند هذه التصريحات، وهي بعدم موضوعيتها شاهد تبرير غير منطقي للتدخل في أوضاع العرب والبحث عن منفذ من خلال سوريا، فلا نستطيع أن نفهم ما هو مبرر أن تطرح الأوضاع المأساوية القائمة في سوريا على أنها مظاهر صراع بين فئات إسلامية.. وكأن روسيا تجهل بأن أكثرية الدول العربية محكومة بشخصيات سنة التي هي تمثل الأكثرية الإسلامية في العالم العربي.. وأيضاً هذه الأكثرية لم تسعَ إلى صراع طائفي، وتم أيضاً رفض محاولات التدخل من قبل إيران بتحريضها المبررات الطائفية..
سوريا ليس فيها اقتتال ديني، ومضحك جداً أن يعتبر المسؤول الروسي ضرورة التدخل على أنها دفاع عن النظام العالمي وليس عن النظام الروسي.. سوريا تحدث فيها يومياً مواجهات قتل بين مواطنين لم يرفعوا أي شعار طائفي ديني لكنهم يطالبون بمعادلة حكم منصفة بين فئات المواطنين وليس بين فئات الأديان.. هذه المواجهات لا تتم بين قوى متماثلة القدرات، لكن لأنها تحدث بين مختلف قدرات الدولة العسكرية وبين مواطنين لا يفعلون إلا التظاهر ولغة المطالبة بالحقوق، فإن ما عرفه الوزير الروسي بالنظام العالمي يقتضي أن يتم وجود موقف إنقاذ لهؤلاء المواطنين وليس افتعال صراع فئوي ديني غير صحيح.. يستطيع الوزير الروسي أن يجد في مظاهر الحكم داخل سوريا تشابه تسلطات محلية تقوم باستبداد كل إيجابيات لأقليتها ضد أكثرية المواطنين مثلما كان الحكم الشيوعي يفعل في روسيا، واستطاع المواطن الروسي أن يسقطه..
هل من المنطق أو المعقولية أن تناقش أوضاع اجتماعية قاسية الظروف والنتائج بمثل هذه اللغة البعيدة تماماً عن أي مصداقية وضوح أو مبررات تدخل.. وهل بمقدور الوزير الروسي أن يقدم لنا شواهد تدخلات دينية سورية أدت إلى اغتيالات، في الوقت الذي تكشف لنا مختلف قدرات الإعلام آلاف المواطنين وهم يعلنون فقط مطالبتهم بالحقوق التي لم تحمل أي شعارات انتماءات دينية أو أخرى سياسية وطنية، كل الذي نشاهده هو تورّط المواطنين بحكم استبدادي نعرف أنه لم يحترم أي رقابة دولية، ولعلم الوزير الروسي هناك توجهات مصالح دولية وليس توجهات ضوابط حقوق..
الرياض

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى