وجهة نظر: إلى السيد ياسين الحاج صالح
باسم خزام
أستاذ ياسين..
تحية من القلب.. سورية خالصة
أعرف أن البعض على صفحتك سيعتبرني من الأبواق كما فعلوا ذلك غير مرة كون رأيي يخالف رأيهم في بعض الأشياء.. ولكني رأي آخر فقط.. تغيبه المعارضة من بين الآراء الأخرى التي تغيبها في إطار إيغالها في التطرف تماما كالطرف الذي تعارضه
أقول لك..
أنا أتابع صفحتك شخصيا وأعجبت بصدق ونبل ما قلته عدة مرات.. وأتعاطفك مع تاريخك الوطني وأفخر بإنتاجك الفكري..
والكل يعلم أن خلفك آلاف المريدين وأنك عرابهم وهذا شيء طبيعي .. لدرجة أن موقفك الذي تعلنه من مبادرات النظام يتبناه الكثيرون.. وهذا يدلل على قيمتك الكبيرة كمفكر وطني..لكنني أقول لك الآن.. إنني من ملاحظتي لما تكتبه على صفحتك ومن إعلان مواقفك فأنا أعتقد أنك تدفع باتجاه إسقاط النظام من اليوم الأول.. وهو رأي شخصي يعبر عني فقط.. بدليل مسارعتك إلى تفريغ مبادرات النظام من محتواها وتسخيفها مباشرة بعد صدورها.. وعدم تبنيك أي مباردة توافقية حتى لو من طرف واحد .. بالإضافة إلى أن صفحتك تشبه تلفزيون الدنيا لناحية كونها تنقل بعض الجقائق وتعتم على بعضها الآخر.. وهذه صفة النقيضين هذه الأيام.. المعارضة والنظام
الآن .. وقد تفاقم الوضع إلى ما نحن عليه.. فإن موقعك الهام على الطرف النقيض من النظام يتطلب منك عدة أشياء لم تفعلها.. على الأقل ليس في هذه الأحداث الأخيرة
– في ظل الأصوات اللي بدأنا نسمعها عن الاستعانة بالخارج.. أطالبك شخصيا بأن تدعو لرفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري.. إن كان عسكريا أو استخباراتيا أو تمويلا أو غيره.. وأن يكون كل ما يحدث في سوريا شأنا سوريا داخليا يحله السوريون.
– لم أسمع منك أي عبارة عن شجب العنف الذي تعرض له الجيش والقوى الأمنية والمدنيين على يدي عصابات مسلحة.. أطالبك بشجب كل أنواع العنف وليس فقط العنف الذي يتعرض له المتظاهرون من قبل السلطة.. وإن كنت لا تعتقد بحدوث أي نوع من العنف من قبل المتظاهرين تجاه أي كان.. فأرجو على الأقل أن تشدد على الدعوة لتجنب هذا العنف
لقد وصلت الأحداث إلى ما وصلت إليه.. واستفحلت الشروخ الطولانية والعرضانية في بنية المجتمع السوري..و أعتقد أنه حان الوقت ليتوقف الجميع ويتساءل إلى أين نذهب بالوطن..
أراك سيدي تدفع باتجاه إسقاط النظام دون أن تطرح بديلا ولا برنامجا ودون أن تحل مشكلة الجماهير غير الممثلة في الشارع ومتجاهلا الاحتقان الطائفي الذي طفا بوضوح.. ولا أتفق معك تماما بأنه شيء تروج له السلطات وهو غير موجود.. بغض النظر عن من عززه إلا أنه موجود الآن.. والمطلوب نزع فتيله فورا
قل لي سيدي صراحة هل تريد سقوط النظام أم لا؟؟
مهما كان جوابك.. أطالبك بحكم مسؤوليتك كمثقف وطني ينظّر للكثير من السوريين أن ترسم لنا خطوطا عريضة للمراحل المقبلة وأن تقول لنا ما هو التصرف الأمثل في كل حالة من الحالات التي قد ينزلق إليها المجتمع خصوصا الحالة الطائفية وحالة الفراغ السياسي والظهور المسلح لبعض الفئات .. وأن لا تكتفي بتمنية النفس والثقة بأن لا تقع هذه الأمور..
أرجو أن لا ترد عل كلامي – إن رددت- بحجة أنني أساوي بين القاتل المقتول.. فقد تجاوز الموضوع هذه المرحلة وأصبح وطن القاتل والمقتول في خطر..
دعني أيضا أشكو إليك الأسلوب التهكمي الاستغبائي الذي ينتهجه المعارضون في وجه الموالين.. مما لا يجعل المعارضين أفضل حالا من الموالين.. أنا بالنسبة لي .. لا فرق بينهما.. كلاهما متطرفان إلغائيان ضاربان بعرض الحائط مستقبل الوطن.. وعلى سيرة الإلغاء أرجو أن تشرح لي أكثر ما نقلتَه مؤخرا عن أحدهم:
“أصدقائي الذين يريدون إصلاح الوطن مع القتلة..أصلحوه وحدكم ، واسكنوا معهم، بالرفاه والبنين”
هلا حددت من هم القتلة؟؟ هل هم عصابة أم فئة أم طائفة أم ماذا.. ؟؟ أرجو أن لا تترك هذا مبهما.. لكي لا يفهمه كل على هواه.. وأنت أعلم بتفاوت المستوى الفكري واستقلال الرأي لدى السوريين
أرى أن مواصلة التحريض ضد النظام في ظل عدم وجود بديل واضح وعدم دراسة وافية لما قد تحمله الأيام القادمة.. هو دفع بالبلد للمجهول لا يجب يتورط فيه أي مثقف سوري.. دعم المطالب المحقة للمتظاهرين والمطالبة بحق الشهداء شيء ضروري لكن يجب أن يترافق مع عدم تجاهل المخاطر الكبرى التي قد يمر بها الوطن ربما لعشرات السنوات.. ولا تجاهل المخاطر التي قد تحيق بسوريا لناحية موقعها السياسي العسكري في المنطقة ومشاريع الغرب فيها
حتى لو تعنت النظام وماطل.. أتمنى من موقعك أن تقدم دراسة لكل الاحتمالات الممكنة وأن تعلنها صراحة على الجمهور على شكل مقال مطول أو سلسلة مقالات قاصدا الحل الذي يحمي سوريا كبلد قوي في المنطقة وكنسيج اجتماعي متعايش سلميا..
حمى الله سوريا بلدا للجميع