رضوان زيادةصفحات سورية

وحدة المعارضة السورية

رضوان زيادة
كلا النظامين المصري والتونسي سقطا بسبب قيام ثورات شعبية ضدهما، ودون أن تكون وحدة المعارضة السياسية شرطاً أساسياً من أجل تحقيق ذلك. فالثورات الشعبية العربية فاجأت المعارضات السياسية التقليدية وكانت متقدمة كثيراً عليها. لذلك لم تستطع هذه الأخيرة مواكبتها. فضلاً عن أن يكون لها دور في قيادتها.
ولذلك، عندما انطلقت الثورة السورية العام الفائت، لم يكن موضوع وحدة المعارضة موجوداً على أجندتها. لقد كانت أولوية الثورة السورية إسقاط النظام وتحقيق العدالة والكرامة لكل السوريين. لكن النظام السوري أمعن في القتل وارتكاب المجازر والمذابح اليومية وبدى واضحاً انه لا بد أن يكون للجامعة العربية و للمجتمع الدولي دور أساسي في الدفاع عن السوريين وحمايتهم من آلة البطش القاتلة. وهنا أصبح توحيد المعارضة السياسية مطلباً أساسياً للثورة السورية وللمجتمع الدولي مجتمعين. فلابد من صوت واحد يتكلم ويحدد مطالب الشعب السوري وينقل مطالب الثوار على الارض إلى المجتمع الدولي ولذلك سمى الثورة أحد جمعهم باسم جمعة توحيد المعارضة بهدف الضغط على كل المعارضين السياسيين في الداخل والخارج من اجل توحيد صفوفهم وخطابهم بما يحمي الثورة السورية ويمكنها من تحقيق أهدافها.
حاولت المعارضة تشكيل أطر سياسية مختلفة من أجل توحيد جهودها. والأهم إدماج قوى الحراك الثوري بين صفوفها. فتتالت المؤتمرات والاجتماعات من أنطاليا ثم استانبول فالقاهرة وغيرها… حتى استطاعت المعارضة تشكيل المجلس الوطني السوري في اكتوبر من العام الفائت. أي بعد ستة أشهر تقريباً من بداية الثورة.
ولادة المجلس كانت عسيرة للغاية. إذ ليس لديك في سورية قوى سياسية ناضجة لها ثقلها وتأثيرها في الشارع بسبب أربعين عاما من الدكتاتورية المطلقة التي صحرت الحياة الثقافية والسياسية بالمطلق.
يعتبر المجلس الوطني أوسع مظلة سياسية تنطوي تحتها المعارضة السياسية لنظام الأسد في سورية. فهو يضم كل الإثنيات العرقية والطوائف الدينية والقوى السياسية ممثلة بإعلان دمشق والإخوان المسلمين والأحزاب الكردية والعشائر العربية وغيرها من القوى السياسية التي نشأت في الفترة الاخيرة كما يضم الكثير من الشخصيات المستقلة على اختلاف توجهاتها الاسلامية والعلمانية والليبرالية وغيرها
ولذلك حتى استطاعت القوى السياسية الموجودة بكل أخطائها وعثراتها في الداخل والخارج تشكيل المجلس الوطني كان هذا إنجازاً فعلاً. لكن النظام السوري عمل باستمرار على خلق معارضة مستأنسة تخدمه بشكل غير مباشر وتشكك باستمرار في صدقية المجلس ودوره.
لابد من القول أيضاً أن المجلس نجح في بناء مؤسسة للقوى المعارضة لا تقوم على الأسس الطائفية كما جرى الحال في العراق ولبنان. إذ لم يتأسس المجلس بناء على التكوينات الطائفية السورية والتي يصعب التخلص منها فيما بعد كما هي حال المجلس الانتقالي في العراق. بل تشكل عبارة عن تحالف قوى سياسية واجتماعية وشخصيات مستقلة، شرط أن تأخذ هذه القوى تعددية المجتمع السوري بعين الاعتبار عند تسمية شخصياتها القيادية في هياكل المجلس وهو أمر يحسب للمجلس الوطني بكل تأكيد. لكن وبنفس الوقت فإن التحالف الائتلافي الذي انشأه المجلس كأي تحالف ائتلافي سياسي عبر العالم سيكون هشاً وعرضة للانشقاق والانقسام عند كل هزة سياسية وعند كل منعطف.
وهو ما يحصل مع أعضاء المجلس باستمرار عندما يعلنون استقالتهم بسبب عدم الرضى على أداء المجلس ودوره في قيادة المعارضة وتوجيه خطابها. وهو بالتأكيد ما يتحمل مسؤوليته قيادة المجلس وعدم مرونتها في تجاوز كل هذه الخلافات. لكن سياسياً لن يكون هناك بديل سياسي عن المجلس كقوة معارضة بل يكاد يكون الأكثر تمثيلاً اليوم للمعارضة السياسية بكل قواها وتشكيلاتها.
بالتأكيد هناك أسئلة كثيرة تطرح على تفككه وضعفه وهو ما يثير باستمرار سؤال وحدة المعارضة السورية، فلو أظهر المجلس صلابة وقوة في أدائه لاختفى السؤال المتكرر باستمرار فيما يتعلق بتوحد المعارضة ، فضلاً عن أن المجتمع الدولي غالبا ما يستغل عدم توحد المعارضة كحجة لعدم القيام بالتدخل الضروري من أجل حماية المدنيين السوريين.
وأهمها قرار الجامعة العربية في شهر كانون الثاني / يناير الماضي من ضرورة إرسال قوات حفظ سلام عربية – أممية مشتركة. لكن فشل مجلس الأمن في اتخاذ القرارات الضرورية، بسبب الفيتو الروسي والصيني، منع من تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع وترك السوريين لمصيرهم في مواجهة آلة القتل اليومية التي يملكها نظام الاسد عبر قواته ومليشياته.
هنا تأتي مسؤولية المعارضة وعلى رأسها المجلس الوطني بضرورة بتوحيد صفوفه وتوجهاته وخططه من أجل الحصول على الدعم العربي والدولي الضروريين.
لذلك لابد من دعم المجلس الوطني ومساعدته على تنظيم صفوفه عبر دعمه سياسياً وإعلامياً وذلك من خلال تسهيل زيارات أعضاءه البارزين للدول العربية والغربية وتسهيل لقاءات أعضاءه مع وزراء الخارجية والمسؤوليين العرب والغربيين مما يعزز صورته وشرعيته لدى السوريين بانبثاق بديل عن نظام الاسد.
كما لابد من دعم الجيش السوري الحر و إبقائه تنسيق كامل مع المجلس الوطني عبر إمداده بالسلاح الضروري وخاصة مضادات الدبابات التي يستخدمها الأسد بكثافة. وإمداده بالمعلومات الاستخبارية الضرورية من أجل ضرب أهدافه بسهولة وتقديم كل انواع الدعم اللوجستي والمادي الضروري له .
http://www.alsabahsyria.com/index.php/opinion/203-2012-03-25-15-40-12

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى