صفحات الناس

“وكالة الفضاء السورية” ترصد “أهدأ مكان في الدنيا”/ شـادي عـلاء الديـن

الصورة الأبرز والأكثر وضوحاً التي ستلتقطها “وكالة الفضاء السورية” التي أُنشئِت حديثاً، هي صورة عالية الجودة والوضوح لـ”أهدأ مكان في الدنيا”، وفق التوصيف الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، في لقاء جمعه مع نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، والذي تم تسريب تفاصيله أخيراً.

بوغدانوف قال وفق التسريب: “كان لي لقاء مع الشيخ محمد رعد والسيد حسن نصرالله، حيث اجتمعت مع الأخير في منتصف الليل، واستمر الاجتماع حتى الثالثة فجراً. قال لي إن الأصدقاء في سوريا هم الذين يحتاجون السلاح الآن، وتستطيعون أن تنقلوا للإسرائيليين أن أهدأ مكان في الدنيا هو على الحدود اللبنانية الجنوبية، لأن كل اهتمامنا منصب على ما يجري في سوريا، وأنه لا توجد لدينا نيّة لفعل شيء في هذه المنطقة. أدركت أن هذا لمصلحة إسرائيل لأن اهتمام حزب الله تحول إلى سوريا بدلاً من إسرائيل فقط، وأنه أصبحت موارد حزب الله تستنزف في معارك سوريا”.

من ناحية أخرى أعلنت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن مجلس الوزراء برئاسة وائل الحلقي أعلن عن تأسيس “وكالة الفضاء السورية”، وأقرّ قانون “إحداث  هيئة عامة ذات طابع بحثي يهدف إلى الإستفادة من تقنية الفضاء لاكتشاف ومراقبة الأرض وتوظيفها في خدمة التنمية عن طريق تنفيذ مشاريع ودراسات وبحوث لمصلحة وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة”.

كان من البارز أن هذه السياقات الفضائية المتزامنة، جاءت بعد أن تم الاتفاق على صيغة شعرية ميتافيزيقية لبيان الحكومة اللبنانية الوزاري يعلن عن حق المواطنين في مقاومة الاحتلال الإسرئيلي.

من هم المواطنون الذين أعطى البيان التوفيقي الموفّق لهم الحق في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؟ هل هم مواطنون غير جمهور أشرف الناس المنهمك في تدبير شؤون الانتصارات الحاسمة على الشعب السوري؟ أم هل هو جمهور آخر يحاصره الحزب في عرسال التي قدمت أول شهداء جبهة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي؟

أي أرض ستكتشفها وكالة الفضاء السورية؟ أهي الأرض التي تفلحها براميل القائد الأبدي يومياً لتجعلها صالحةً لزراعة جميع أنواع الموت والخراب أم أنها أرض سرية لم يصل إليها أحد من قبل؟

هل هي عبارة عن قارة جديدة لم يكن اكتشافها ممكناً من قبل، لكن التطورات والمستجدات خلال سنوات ثلاث من ثورة الشعب السوري ضد النظام الأسدي، وسقوط مئات آلاف القتلى بنيران كتائبه، فرضت إنشاء وكالة فضاء  تكمن مهمتها في اكتشاف قارة “أهدأ مكان في الدنيا”؟

هذا المكان الأهدأ كان ولا يزال حاضناً للجغرافيا الأسدية فعلياً. هو لم يكتف بنشر هدوئه الممانع  في كل مكان يخضع لسيطرته، بل جعله بنية عامة تسم سياسته الممانعة التي لم تهادن الإسرائيليين وحسب، ولكنها قدمت لهم كل الضمانات التي يحتاجون إليها عبر عملية تصفية مدروسة وممنهجة لكل حركات المقاومة الوطنية اللاطائفية، واستبدالها بمقاومة إلهية فاخرة محصورة بطائفة واحدة، وتركها تقاوم وتقاوم حتى تصل في نهاية المطاف إلى استكمال تنفيذ مشروع “أهدأ مكان في الدنيا”.

ربما يجدر الآن تعديل صيغة البيان الوزاري، واستبدال فقرة حق المواطنين في مقاومة الاحتلال بحقهم في الاستفادة من وجود “أهدأ مكان في الدنيا”، والقيام بجولات سياحية ومشاريع إنمائية وتجارية تشرف عليها وكالة الفضاء السورية، وتمدها بالدعم التقني اللازم والدراسات المعمّقة التي تساهم في نشر روح هذا المكان على كامل الوضع اللبناني والسوري.

ربما يجب نقل طريق اللبوة عرسال المقطوع  وكل الطرقات التي أغلقت احتجاجاً على حصار عرسال وسد شريانها الحيوي إلى تلك المنطقة. يجب كذلك نقل كل المحال التجارية المحمية بدشم الانتصارات الإلهية على الشعب السوري بكامل أناقتها وبهجتها إلى تلك المنطقة الغارقة في الهناء والطمأنينة.

نقترح كذلك وبكل محبة على مسؤولي إنتاج التكليفات الشرعية في حزب “أهدأ مكان في الدنيا” إصدار تكليفات جديدة مناقضة لتلك التي جعلت كل الدم السوري حلالاً تقوم على شعار “إن اليد التي تمتد إلى أهدأ مكان في الدنيا ستقطع”.

يجب كذلك حث فريق الإنشاد النوعي الممانع على إطلاق أناشيد جديدة تمجد السلام الكوني الذي يشع من تلك المنطقة، بدل الأناشيد الصاخبة من قبيل نشيد “احسم نصرك في يبرود” وسواها، ولتكن كلماته على الشكل الآتي مثلا:

تعا بورد  تعا بورد عالحدود

ما بقا في بواريد ولا بارود

ومهما عدتم مش حنعود

بدنا نقاتل بعد بعد يبرود

منشان نعمل دولة للأسّود (دلع للأسد)

بعدها فليعم الهدوء التام تمهيداً لتصوير فيلم “اهدأ مكان في الدنيا” من بطولة الممانعة. هذا الفيلم يقتصر على مشهد وحيد وطويل ونهائي هو مشهد سقوط الممانعة في حفرة الهدوء الرهيبة التي تظهر واضحة حين تطل عليها من فضاء الناس الثائرين من أجل استرداد أرضهم من جحيم البراميل المتفجرة، وسمائهم من طائراته القاتلة وطقوس عبادته الجوفاء.

موقع لبنان ناو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى