صفحات العالم

… ومهمة لافروف المستحيلة؟!

    راجح الخوري

كل المؤشرات تدل على ان موسكو تنخرط الآن في البحث عن حل للازمة السورية بعدما ألقت واشنطن تلك الكرة النارية في احضان فلاديمير بوتين ورفاقه الحالمين باستعادة دور روسيا في اطار الاستقطاب الثنائي البائد، لكن كما كانت مهمة مستحيلة مع الاخضر الابرهيمي وكوفي انان فقد يثبت انها ايضاً مهمة مستحيلة مع سيرغي لافروف!

وهكذا بعدما حاول دميتري ميدفيديف ان يفتح كوة في الجدار الروسي المقفل، عبر الايحاء بان موسكو بدأت تنظر ضمناً الى سوريا ما بعد الاسد، جاء الجواب سريعاً من دمشق تصعيداً في السياسة وتصعيدا في قصف المدن والاحياء، لكن كان من المثير ان يبشرنا ميدفيديف بأن موسكو ترى ان مستقبل الاسد امر ثانوي امام “الاولوية الروسية المتمثلة بايصال القوى السياسية الى نوع من التوافق للخروج من الازمة وان الحرب الاهلية لن تتوقف حتى لو رحل الاسد”، بما يعني ضمناً ان هناك محاولات روسية لهندسة خريطة سياسية لسوريا خالية من الاسد.

لكن الكلام المهين الذي صدر في دمشق قبل يومين رداً على دعوة الابرهيمي الى ممارسة الضغط على النظام للانخراط في الحل السياسي، بدا وكأنه رد ممهور بالتوقيع الايراني على كلام ميدفيديف “ان شكل النظام وطبيعة الحكومة والانتخابات شأن سوري والرئيس الاسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع اي احد غير سوري، وان الابرهيمي غير قادر على فهم المنطق السوري…”!

واذا كانت الاوساط الديبلوماسية الغربية قد وضعت تصريحات ميدفيديف في خانة بدء تفكير روسي فعلي بسوريا خالية من الاسد، وأنه لا بد من حل يوقف الحرب الاهلية، فمن الضروري ان نتذكر ان الذي اوصل سوريا الى “الحرب الاهلية” ليس سوى الموقف الروسي الذي عطّل مجلس الامن وحال دون قيام معالجة دولية لهذه الازمة الدامية التي يندى لها شرف الشرعية الدولية. فكما يقول الامير سعود الفيصل ان العالم لم يتخلّف عن تقديم المساعدة الى الشعب السوري فحسب، بل منع هذا الشعب من الحق الانساني والقانوني في الحصول على السلاح الذي يساعده في الدفاع عن نفسه في مواجهة القصف الجوي ومدافع الميدان.

لست ادري في الواقع كيف ستتحرك الديبلوماسية الروسية بحثاً عن حل يمكن ان يقبل به ايضاً الشركاء المضاربون في طهران، الذين يعرفون ان خسارتهم النظام السوري ستعني بالتأكيد بداية خسارتهم تلك العمارة السياسية التي اقاموها، سواء في العراق عبر صفقتهم المشبوهة مع الاميركيين، او على تخوم القضية الفلسطينية وهي محور الوجدان القومي العربي عبر “حزب الله” وحركة “حماس”، كما انها تعني خسارة ثلاثة عقود من الاستثمار السياسي والمادي ستؤدي الى سقوط كل احلام طهران بدور محوري في الاقليم.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى