ياسين الحاج صالح : مـا يجـري فــي سوريـــا انتفاضــة.. والنظــام لا يقترح بديلا غير الفوضى أو الحرب
غادر منزله قبل 100 يوم، كي يستطيع الكلام من دون مداورة. لا يعرف إن كان مطلوباً، ولكنه لن يسهّل القبض عليه في حال كان هناك “أشخاص” يبحثون عنه، “أشخاص” سبق لهم أن اعتقلوه لمدة 16 عاماً. هو الكاتب السوري المعارض ياسين الحاج صالح، المنحاز بكليته للانتفاضة، من دون أن ينخرط في أيّ من تشكيلاتها.
من تعريف “الحدث السوري”، إلى احتمالاته وآفاقه، مروراً بتفاصيله وخصوصيته وطبيعة الفاعلين فيه، نظاما ومحتجين ومعارضة تقليدية، يطلّ على المشهد من زاوية أكثر اتساعاً من دون أن تكون أقل دقّة.
ينفي الحاج صالح تماماً الرواية الرسميّة التي تتحدّث عن “عصابات مسلّحة تروّع الآمنين”، ويشبّهها، مستعيراً من فيروز والرحابنة، بـ”راجح” النظام السوري. “راجح” الذي لا يخلقه إلاّ “صاحب المصلحة في إثبات وجوده”. ويشرح: “الغرض من القول بوجود حركات سلفية هو نسبة الانتفاضة بالكامل إليها، وذلك لإثارة مخاوف طائفية من جهة، وتسويغ سحق الانتفاضة من جهة ثانية، وإقناع القوى الغربية بأن النظام يواجه قوى دينية متطرفة وإرهابية من جهة ثالثة”.
ويرى الحاج صالح أن التخوف من الفوضى وارد للأسف، فالنظام أصلا لا يقترح على السوريين بديلا له غير الفوضى أو الحرب الأهلية، وهو جاد في ما يبدو في ألا يرثه أحد إلا الخراب العام، كما يقول. ويضيف: “تقديري أن البلاد ستواجه أزمنة صعبة ومضطربة بعد السقوط المحتمل للنظام، بسبب ما تعرضت له من إفقار سياسي شديد في العقود الماضية”.
لكنه، في المقابل، يرفض اشتراط وجود قيادات مقبولة من كل أطياف الشعب لتغيير النظام في البلد باتجاه ديموقراطي. “لا أعرف بلدا في العالم فيه قيادات مقبولة من كل أطياف الشعب. هذه واحدة من أكاذيب المستبدين. التغيير المطلوب في سوريا هو باتجاه الحريات السياسية والفكرية التي تشكل مناخا عاما مناسبا لظهور قيادات سياسية واجتماعية، وهو باتجاه توفير آليات تضمن تداول السلطة. ليس المطلوب قيادات تحظى بالإجماع. ما ينبغي أن ينال الإجماع هو الدستور”.
لدى ياسين الحاج صالح، الطبيب الذي لم يمارس الطب، الكثير ليقوله، لكنّه “كثير” من النوع الذي يضفي على قراءة الحدث السوري أبعاداً ورؤى جديدة. وفي هذا السياق جاءت أجوبته على أسئلة مشتركي “شباب السفير”..
إعداد: محمد دحنون
ياسين الحاج صالح، هنا والآن، من أنت؟!
شارك في السؤال:
أعرّف نفسي بالتجربة الأساسية في حياتي، وهي الاعتقال المديد طوال سنوات الشباب، بين العشرين والسادسة والثلاثين من العمر. إن لم تتحطم بعد أمد كهذا، فربما تصبح شخصية عامة. ولقد فضلت دورا عاما يعتمد على أدوات الثقافة، وليس السياسة. يحصل أن أقوم بدور سياسي، وبخاصة منذ تفجّر الانتفاضة، لكني مثقف ولست سياسيا. وأتطلع إلى أن تنتصر الانتفاضة كي أنشغل أكثر بالثقافة والصراعات الثقافية، وأقل بالسياسة وصراعاتها.
حتى اليوم اعتقل أخوان لك على خلفية الاحتجاجات، والثالث ملاحق، كيف تتعامل مع الأمر، لاسيّما أنّ لديك تجربة طويلة مع الاعتقال التعسفي امتدّت لستة عشر عاماً؟
شارك في السؤال:
أحد أخوي المعتقلين، خليل، أفرج عنه بعد 8 أيام من التوقيف، في اليوم الذي اعتقل فيه أخي الآخر، فراس. وأخي أحمد الذي تسأل عنه المخابرات، يتدبر أموره. خليل اعتقل بتهمة المشاركة في مظاهرات الرقة. وفراس لأنه شارك في اعتصام من أجل الإفراج عن خليل وزملائه. وأحمد للسبب نفسه، ولأنه ربما لم يستطع أن يصمت كما هو مفروض عليه.
أحاول عموما تفهّم الأمر بنسبته إلى قضية عامة، قضية حريّة السوريين وحريّة سوريا. لكن تمرّ أوقات أختنق فيها بالتفهم الذي لا ينتهي، وأتساءل: متى يُعترف بآلامنا؟ ومتى تنتهي هذه الآلام؟ أما آن لنا أن نعيش بأمان وكرامة، متحررين من الخوف والمخيفين؟
تتحرك اليوم بعيداً عن أعين أجهزة الأمن، كيف يؤثّر ذلك على تفاعلك مع الحراك؟
شارك في السؤال:
لم أكن “مطلوبا” حين تركت البيت قبل 100 يوم. كانت قناة فضائية عربية اتصلت طالبة تعليقا على خطاب الرئيس الأول، ووجدت نفسي أقول كلاما مدوّرا، أملس. فقررت أن أترك البيت كي أتكلم، وأكتب، بحرية. لا أريد أن أدوّر زوايا الكلام، حين كل شيء يكون ناتئا وجارحا في سوريا. وفي الوقت نفسه لا أريد أن أسهّل أمر اعتقالي. ولا أعلم اليوم إن كنت مطلوبا.
بالطبع هذا يحدّ من مشاركتي الميدانية. أحاول المساهمة في الانتفاضة بالكتابة والكلام، دفاعا عما أعتقد أنه تطلعاتها الجوهرية.
يلاحظ البعض أن “اللغة” التي تُكتب من خلالها البيانات التي تصدرها “لجان التنسيق المحليّة في سوريا” تحمل الكثير من “لغتك” الخاصّة، فضلاً عن الأفكار؟ بماذا تعلّق؟
شارك في السؤال:
لا تعليق لدي. أنا منحاز بالكامل للانتفاضة والتشكيلات الجديدة التي تنشط في نطاقها وتستمد منها الشرعية. ومستعد للمساعدة في كل وقت. لكني لست منخرطا في أي من هذه التشكيلات.
كيف تصف ما يجري في سوريا اليوم؟ أزمة.. انتفاضة.. ثورة، غير ذلك؟!
شارك في السؤال:
استخدم تعبير انتفاضة أو انتفاضة شعبية لوصف مجمل الحراك الاحتجاجي الجاري في البلد. وأتكلم على أزمة وطنية لوصف الوضع العام في سوريا، المتولّد عن التعامل الحربي للنظام مع الانتفاضة. أما كلمة ثورة فهذه ربما يستخدمها المؤرخون يوما ما لوصف الانتفاضة السورية. الثورة شيء يشمل الاحتجاج، والتغيير الذي يمكن أن يتمخض عنه، والتحولات السياسية والاجتماعية والفكرية التي قد يطلقها هذا التغيير. العبرة على كل حال أن نُعرّف الكلمات التي نستخدمها، وأن نستخدمها بصورة متسقة، فلا نتحول من دلالة لها إلى أخرى خلسة.
النظام لن يكسب المواجهة.. ومؤتمر الحوار استمرار للحلّ الحربي
على الرغم من التشابه، النسبي، في الأوضاع المستعصية التي تتشاركها المجتمعات العربيّة، إلاّ أن الربيع العربي قدّم سيناريوهات عدّة لمشاريع الخروج من تلك الأوضاع، ما هو تقديرك وتصوّرك للسيناريو الخاص بالحالة السوريّة؟ وفي السياق: سوريّاً، ما المعنى الذي يتخذه لديك شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”؟
شارك في السؤال:
حتى اليوم، السياق السوري مكون من انتفاضة شعبية سلمية، تواجه بالقمع المنفلت من قبل نظام متمرس بالقمع، وقائم على امتيازات غير شرعية: حكم أبدي وراثي، وأجهزة أمنية متمتعة بالحصانة المطلقة، ونفاذ امتيازي، غير عادل وغير شرعي، إلى الموارد الوطنية. “إسقاط النظام” يعني في نظري الانتهاء من هذه الأوضاع الامتيازية غير العادلة. والسيناريو المفضل هو الجمع بين الاحتجاج الشعبي السلمي وبين مخرج سياسي تفاوضي حين يجنح النظام إلى مخرج كهذا. لا أرى علائم على هذا الجنوح حاليا. ومن جانب آخر لا أعتقد أن النظام يمكن أن يكسب هذه المواجهة بحال. ما أخشاه هو أن تنفلت أوضاع البلاد من السيطرة وتصبح سوريا غير قابلة للحكم. لكني لا أعتقد أن هذا احتمالا قويا، وسيكون قصير الأمد إن حصل. الشعب السوري لن يسمح بضياع بلده.
في الأوساط المعارضة اليوم، هناك من يدعو إلى نوع من الائتلاف بين الفاعلين على الأرض، تنسيقيات وغيرها، وبين المعارضة التقليدية، بغية تأمين مظلة سياسية للحراك السوري القائم، في حين يتخوّف آخرون من ذلك انطلاقاً من وجوب بقاء الحراك الشعبي بعيدا عن التسيّيس الحزبي، فضلا عن ضرورة تجنيبه الإصابة بعوارض الخصومات التاريخية بين تلك الأحزاب؟ كيف ترى إلى هذه المسألة؟
شارك في السؤال:
نعم، هناك حاجة إلى غطاء سياسي للانتفاضة، لكن ليس أي غطاء ولا بأي ثمن. المطلوب هو طرف سياسي موحد الموقف إلى جانب الانتفاضة، ومنحاز إليها كفاعلية احتجاج وكأهداف سياسية، ويمكن الاعتماد عليه للتفاوض باسمها عندما يحين الأوان.
اليوم النظام في أزمة، والكرة في ملعبه، وعليه هو أن يقدم ما لديه. ما قدمه حتى الآن غير جدي وغير مقبول، ولا أرى أن يمد أحد من المعارضة يده إليه، أو أن يشغل نفسه بتقديم مبادرات للنظام. لدينا مبادرة كبرى هي الانتفاضة، وعلى النظام أن يستجيب لها بغير القتل وبغير التحايل. فإذا استجاب لمطالب طيّ صفحة الحكم الأبدي، ورفع الحصانة عن الأجهزة التي تقتل، وأقر بمبدأ التوجه نحو سوريا ديمقراطية، يمكن إطلاق مسار تفاوضي عام للنظر في إيقاعات التحول والضمانات المتبادلة والإجراءات العملية اللازمة للتحول.
ورغم أني لا أقر بالاكتفاء السياسي للتنسيقيات، فإني أفضل أن تصون استقلالها عن الأحزاب السياسية التقليدية، وأن لا تتيح لأحد أن يمتطي ظهرها. والمأمول من المعارضة التقليدية أن تساعد الانتفاضة فكريا وسياسيا، لا أن تحاول استتباعها أو التطفل عليها أو نقل أمراضها وانقساماتها إليها.
اعتبرت أن “اللقاء التشاوري” الذي جرى في فندق “سميراميس”، كان خصماً من حساب الانتفاضة لصالح النظام، بمعنى أنّه أعاد زمام المبادرة إليه، هل لديك موقف مستجد بناء على رفض “هيئة المتابعة” التي انبثقت عن اللقاء الحوار مع السلطة؟ وبالمناسبة، هل تمت دعوتك للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وهل ستحضر إذا دُعيت؟
شارك في السؤال: علي ديب
بنيت تقييمي للقاء “سميراميس” على السياق السياسي الذي اندرج فيه، وربما بدراية مسبقة من أساسيين في اللقاء لإمكانية هذا الاندراج، حسبما يستدل من معلومات وتحليلات لاحقة توفّرت في صحف أجنبية. ولم ابن تقديري على احتمال مشاركتهم في الحوار مع السلطة. أعرف أنهم لن يشاركوا، وهم بالطبع على حق في ذلك. كنت أفضل أن يعقد اللقاء في مكان خاص، وبعيدا عن وسائل الإعلام، من أجل أن تكون السيطرة على توظيفه أفضل.
لم أدع للمشاركة في حوار “صحارى” (مؤتمر الحوار الوطني) الذي لا أراه إلا استمرارا للحل الحربي في مواجهة الانتفاضة لكن بوسائل أخرى، أرخص. وما كنت لأحضر لو دعيت. لا أتشرف.
يرى البعض أن المعارضة تبدو أحيانا كالنظام حين تنفي وجود حركات سلفية وترد الأمر كله إلى كذب النظام، هل تنفي وجود حركات سلفية تستغل الحراك الشعبي لمشاريع مشبوهة؟
شارك في السؤال: نزار عواد
لكن المسـألة ليست استدلالا منطقيا، بل معلومات موثوقة. أريد دليلا واحدا نصف جدي على وجود حركات سلفية تواجه النظام بالقوة. هل لدى أي كان شبه دليل يقدمه لنا وللعالم؟ لاحظ أن النظام بالذات توقف منذ أكثر من شهر عن الكلام على أمارات سلفية مسلحة، وصار يتكلم اليوم على جماعات مسلحة غير واضحة المعالم، ولا يعرف أحد من هي وماذا تريد. كانت منظمة “القاعدة”، وهي قائمة على عقيدة السلفية الجهادية، ناشطة في مجال الإعلام بقدر لا يقل عن نشاطها الجهادي، وكان الإخوان المسلمون السوريون بين أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات ناشطون بدورهم في إصدار البيانات، وكانت لهم مجلة. فهل لك أن تشرح لي من هم هؤلاء السلفيون الذي لا يصدرون بيانا واحدا، أو يطلقون تصريحا يقول ماذا يريدون، أو لهم موقع على شبكة الانترنت يُعرِّف بهم؟
إذا كان هناك شيء لم يره أحد ولم يظهر لأحد، ولم يعلن عن نفسه يوما، والطرف الوحيد الذي يتكلم عنه هو الطرف صاحب المصلحة في اختلاقه، فالأرجح أنه غير موجود. إنه مثل راجح في مسرحية فيروز والرحبانيين، الذي لم يره أحد إلا المختار، صاحب المصلحة في إثبات وجوده. وتعلم أنه إذا اعتمدنا على روايات النظام فإن حرب حزيران كانت نصرا، ومذبحة حماة 1982 لم تقع!
ثم إن الغرض من القول بوجود حركات سلفية هو نسبة الانتفاضة بالكامل إليها، وذلك لإثارة مخاوف طائفية من جهة، وتسويغ سحق الانتفاضة من جهة ثانية، ولإقناع القوى الغربية بأن النظام يواجه قوى دينية متطرفة وإرهابية من جهة ثالثة. ومصلحة النظام في اختلاق هذه القصة التي لا دليل عليها، تكفي لعدم تصديقها.
النظام هو المركّب السياسي الأمني… ولا معنى للإصلاح دون المساس به
بعض الآراء تقول إن التغيير في سوريا غير ممكن عبر التظاهر وحده، ما رؤيتك لطرق التغيير الممكنة في سوريا والتي يجب أن تكون مترافقة مع التظاهرات؟ وما الخصوصية التي تراها في الثورة السورية عن باقي الثورات العربية؟
شارك في السؤال: أوس سوريا
أجيب من الأخير. أرى أن خصوصية الثورة السورية تتمثل في افتقارها التام إلى السند الداخلي المنظم، والقوة الخارجية الضاغطة. في تونس كان الجيش محايدا، والاتحاد التونسي للشغل انحاز للثورة سريعا. وفي مصر لم ينحز الجيش إلى مبارك. وسجلت الولايات المتحدة موقفا قويا ضد مبارك، أسهم في تحييد الجيش والحفاظ على وحدته. في سوريا لا شيء من ذلك. لا سند مؤسسيا داخليا للانتفاضة من أي نوع. درجة تصحير النظام للمجتمع السوري وتفريغه من أية مؤسسات مستقلة تتفوق كثيرا جدا على كل ما تحقق في تونس ومصر، وتضاهي نظيرتها الليبية، هذا رغم أن المجتمع الليبي أقل في الأصل تنوعا وتطورا وأفقر مؤسسيا من المجتمع السوري.
لذلك تعتمد الانتفاضة السورية حصرا على التظاهر، والأنشطة الاحتجاجية عموما. وهذا يسبغ عليها طابعا ملحميا، يمزج بين البطولي والمأسوي، ويشكل مأثرة مشرفّة للشعب السوري. من كان يتصور قبل شهور قليلة أن تتفجر حركة احتجاجية واسعة في سوريا، وأن تستمر الاحتجاجات على النظام السوري، وهو شهير بوحشيته، بهذا الزخم والاتساع، وبهذه الدرجة من السلمية، وبهذا الإصرار على وحدة السوريين؟
هل يتغير النظام بفعل التظاهر وحده؟ لا نملك غيره. ويبدو حتى الآن أنه مؤثر جدا. وهو قبل أن يكون نشاطا مناهضا للنظام وعامل تغيير سياسي في البلد، هو محرك تغيير نفسي وأخلاقي وثقافي مهم في المجتمع السوري.
لكن الافتقار إلى سند داخلي أو خارجي قد يتسبب في تمادي الأزمة الوطنية شهورا أو حتى سنوات على ما قال الرئيس السوري نفسه في خطابه الأخير. وقد يكون هذا التمادي، والأكلاف البشرية والمادية العالية له، هو الثمن الذي لا بد من دفعه لتغيير نظام التصق بجسم البلد، وقد يصعب فكه عنه من غير صراع مديد، مأساوي.
على أن من شأن تمزقات داخل نخبة السلطة أن تسهم في تقصير أمد الصراع وفي تجنيب البلد أسوأ مخاطره. ليس هناك علائم منظورة لهذا الاحتمال، لكن لعل طول الأمد، واستحالة أن يكسب النظام هذه المواجهة، تدفع إلى ظهور هذه التمزقات.
العمر المديد للنظام السوري، أنتج شبكة مصالح داخلية وخارجية قوية، هل يمكن اعتبار ذلك تفسيرا للعزوف الجزئي وشبه الكلي للمدن الكبرى عن الانخراط بالحراك، وإلى أي مدى يشكل هذا العزوف خطورة على نجاح الحراك في بلوغ أهدافه؟
شارك في السؤال: saleh alhaj saleh
يبدو لي أن السياسة الاقتصادية للنظام في عهد “التطوير والتحديث” محابية للمدن على حساب الأرياف، وللمدن الكبرى على حساب المدن الصغرى، ولمراكز المدن أكثر من محيطها وضواحيها. لذلك تفجرت الانتفاضة من مدن وبلدات طرفية نسبيا، شهدت تراجعا في مكانتها في العقد الأخير، وارتفاعا لنسب البطالة والفقر فيها.
دمشق وحلب كانتا أقل تأثرا لكونهما مركزين اقتصاديين كبيرين بالمقياس السوري. بالمقابل رأينا مشاركة نشطة لكل الضواحي المحيطة بدمشق في الانتفاضة، وكذلك في أحياء دمشقية مثل الميدان وبرزة وركن الدين، يبدو أن علاقتها بسوق العمل الجديد هامشية. وفي حلب خرجت التظاهرات أيضا في بلدات مثل الباب ومنبج وتل رفعت وعين العرب، وفي أحياء مثل سيف الدولة وصلاح الدين، ثم الصالحين وباب النيرب، بصورة تحاكي وضع دمشق.
ألاحظ عموما أنه في المدينتين هناك اختراقات وشراكات كبيرة من قبل رجال السلطة (الأمنية والبيروقراطية والحزبية) مع قطاعات مقتدرة من مجتمعهما. وهو ما أسهم في الحد من مشاركتهما في الانتفاضة.
لكن مشاركة حلب ودمشق تتنامى طردا مع ظهور الآثار الاقتصادية للأزمة الوطنية التي تسبب فيها نمط معالجة النظام للاحتجاجات الشعبية. ربما لهذا السبب يسابق النظام الزمن لقمع الانتفاضة، متخذا من إدلب ومن حماة (بعد درعا وبانياس ودوما والرستن وتلبيسة وتلكلخ) مثالين إيضاحيين لما يستطيع بلوغه من قسوة، ومحذرا الشوام والحلبيين.
قدّم النظام السوري، ما يعتبره، حزماً من الإصلاحات، لجان للحوار وقانون جديد للأحزاب وآخر للإعلام سبقها رفع لقانون الطوارئ وغير ذلك، هل تعتقد أن النظام السوري مقتنع بحتمية التغيير الديمقراطي أم أنّه يفصّل تغييراً على قياسه يتجنب من خلاله الخسارة الكبرى، أي فقدان سدة الحكم؟
شارك في السؤال: زياد محمود
“النظام السوري” هو المركّب السياسي الأمني، أي الحكم المطلق الأبدي والأجهزة الأمنية كليّة الحصانة. ولا معنى لإصلاح أو تغيير في البلد دون المساس بهذا المركب. أما قوانين للأحزاب والإعلام والانتخابات فغاية ما يمكن أن يتحصل منها هو نظام يشبه نظام مبارك في مصر قبل ثورة 25يناير. وهو كما نعلم نظام كان يُعِدُّ جمال لوراثة أبيه، وكان قائما على حصانة مطلقة للأجهزة الأمنية، الأمن المركزي بخاصة. ليس من أجل نظام كهذا قدم السوريين نحو ألفي شهيد وآلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين والمعذبين.
عموما، كما أنه لا حلول أمنية وحربية لمشكلات سياسية وطنية، فلا حلول قانونية لها أيضا. الحلول سياسية، إن في وسائلها (التفاوض) أو في حصائلها (نظام سياسي جديد). الانتفاضة هي أرفع سياسة عرفتها سوريا منذ بداية الحكم البعثي، وهي جهد جبار للاستحواذ على السياسة المحتكرة من قبل نخبة السلطة، والقوة الدافعة نحو التغيير السياسي في البلد، وأساس الشرعية السياسية في سوريا ما بعد البعثية. لذلك الانتفاضة هي الحل.
يطالب المحتجون السوريون اليوم بإسقاط النظام، بغض النظر عن إمكانية تحقيق ذلك، ماذا بعد السقوط المفترض أو المحتمل؟ ماذا بعد سقوط النظام في ظل غياب قيادات في المعارضة تحظى بقبول كافة أطياف الشعب؟
شارك في السؤال: منى حاوي
لا يلزم وجود قيادات مقبولة من كل أطياف الشعب كي يكون مطلوبا تغيير النظام القائم في البلد باتجاه ديمقراطي. ولا أعرف بلدا في العالم فيه قيادات مقبولة من كل أطياف الشعب. هذه واحدة من أكاذيب المستبدين. التغيير المطلوب في سوريا هو باتجاه الحريات السياسية والفكرية التي تشكل مناخا عاما مناسبا لظهور قيادات سياسية واجتماعية، وهو باتجاه توفير آليات تضمن تداول السلطة. ليس المطلوب قيادات تحظى بالإجماع. ما ينبغي أن ينال الإجماع هو الدستور، بوصفه سجلا للمشتركات الوطنية والقيم الموحدة للسوريين، وكذلك كمجموعة قواعد ضابطة لعمل النظام السياسي.
كيف هو شكل النظام الذي تطالبون به؟ برلماني؟ رئاسي؟ احادي، تعددي؟!
شارك في السؤال: منى حاوي
يبدو لي أن النظام الرئاسي أنسب لمجتمع مركب كالمجتمع السوري، مع وجوب وضع ضوابط دستورية ومؤسسية تحول دون الدكتاتورية. نحتاج إلى سلطة تنفيذية قوية، لكن أيضا إلى برلمان قوي يستطيع أن يساءل الرئيس. ومن شأن استقلال القضاء، وحرية الإعلام، وتعدد الأحزاب، أن يسهم في الحد من مخاطر الدكتاتورية.
والنظام الديمقراطي المأمول تعددي بطبيعة الحال. فهو يفترض تعدد المصالح الاجتماعية وشرعية تعبيرها عن نفسها، وعلى ذلك تتأسس التعددية السياسية. لكن لا بد أن تكون السيادة واحدة، ومقرها الدولة التي تحتكر وحدها العنف الشرعي والولاية العامة. مشكلة سوريا اليوم أن لدينا نظاما أحاديا مفروضا بالغصب على مجتمع تعددي مركب. لقد أصبح هذا النظام ثوبا ضيقا على سوريا، فإما يتغير، وهو ما تتطلع إليه الانتفاضة، وإما تتقزم سوريا وتختنق.
الا تتخوفون من الفوضى إن سقط النظام؟
شارك في السؤال: منى حاوي
بلى، التخوف من الفوضى وراد للأسف. النظام أصلا لا يقترح على السوريين بديلا له غير الفوضى أو الحرب الأهلية، وهو جاد فيما يبدو في أن لا يرثه أحد إلا الخراب العام. وتقديري أن البلاد ستواجه أزمنة صعبة ومضطربة بعد السقوط المحتمل للنظام، بسبب ما تعرضت له من إفقار سياسي شديد في العقود الماضية، وخروجها منهكة من تحت الظل الثقيل لنظام الحزب الواحد والحاكم الخالد والمخابرات. لكن كما أن احتمال سقوط الطفل ليس ذريعة لعدم تعلمه المشي فإن احتمالات الأوضاع المضطربة ليست حجة مقنعة ضد التغيير السياسي. سوريا كبيرة والنظام صغير، فلا بد من تغيره كي نطور هياكل سياسية أكثر مرونة وقابلية لتطور البلد.
المطلوب التحوّل إلى الديمقراطية.. والأسد غير قادر على قيادة الإصلاح
هل توافقون على أن الرئيس الأسد قادر على قيادة عملية الإصلاح والتغيير؟ وما هي هذه العملية من وجهة نظركم؟
شارك في السؤال: منى حاوي
جوهر التغيير المطلوب في سوريا هو، مرة أخرى، التحول نحو الجمهورية الديمقراطية، الجمهورية الثالثة إن شئت، والانتهاء من الحكم الأبدي الوراثي الذي يجعل السلطة العمومية شأنا خاصا وعائليا، وهو أيضا رفع الحصانة عن الأجهزة الأمنية ووضعها تحت سقف القانون. فلا يحق لها أن تعتقل الناس كما تشاء ومتى تشاء وتعذبهم وربما تقتلهم دون أن تساءل أو تحاسب. هل يمكن أن يقود الرئيس هذه العملية؟ لا.
هل تخشى حرب أهلية؟ ولماذا؟
شارك في السؤال: منى حاوي
لن تقع حرب أهلية في سوريا إلا إذا حرص النظام على وقوعها. لا يبدو أن أحدا من السوريين يرغب فيها أو يعمل من أجلها أو يمارس العنف المنظم، أو يعتزم الثأر من أحد. لكن قد تساق البلاد نحو الحرب الأهلية إذا أصر النظام على أن يحكم بالطريقة نفسها، بالغصب، مجتمعا يرفض أن يحكم بهذه الطريقة.
هل تخاف على مصير المقاومة؟ ولماذا؟
شارك في السؤال: منى حاوي
مصير المقاومة؟ تعني حزب الله؟ أخاف عليه من التغيير في سوريا؟ لا سبب لذلك. أجزم أن سوريا لن تكون يوما على ودّ مع إسرائيل، ولو استعادت الجولان. وأن سوريا ديمقراطية ستكون سندا للبنان في مواجهتها، وليست عبئا على لبنان في هذه المواجهة. لكن لا ينبغي أن تكون عونا لأحد من اللبنانيين ضد لبنانيين آخرين. وأرى أن أول ما يُخاف على حزب الله منه هو شيء واحد: غروره وصلفه.
هل تعتقدون بضرورة أن يقوم حزب البعث بمراجعة نقديّة لمسيرته، وإعادة تعريف لنفسه في السياق السوري الحالي والمستقبلي؟
شارك في السؤال: زياد محمود
هذا شأنه. بالي ليس مشغولا بهذا الحزب الجسيم. أظنه سيكون ملزما بإعادة هيكلة نفسه، سياسيا وتنظيميا وفكريا، حين يجري فصله عن الدولة. لكن هل يستطيع حزب البعث أن يعيش منفصلا عن الدولة؟ أرجح أنه سيكون حزبا صغيرا. لكني ضد حظره أو اجتثاثه. أحب أن أراه حزبا عاديا، قليل الشأن.
في ظل الغياب التاريخي لثقافة الحوار في سوريا، كيف ترى مشروع تكريس فكرة المواطنة في سوريا في ظل هذه الأزمة؟ وكيف ترى إلى إمكانية فتح حوار مع القاعدة الاجتماعية للنظام كخطوة تأسيسية على طريق الاعتراف بالآخر؟ ألاّ تعتقدون أن الخطاب المعارض يتناسى هذه الفئة إلاّ من خلال خطابه التهكمي عبر الفيسبوك وغيره؟ ثمّ ألاّ تعتقد أنّه مقصّر في أخذ مخاوف هذه الفئة، أو بعض شرائحها، على محمل الجد؟
شارك في السؤال: حسن أبوعلي
أرى أن العائق الأكبر أمام المواطنة اليوم في سوريا هو نظام سياسي يمنح الأولوية العليا لبقائه في الحكم، ويكرس الموارد الوطنية لهذا الغرض، ومستعد للذهاب بعيدا جدا لضمان بقائه. هذا وضع غير عادل وغير شرعي، ويجب أن يتغير. تغييره لا يحل مشكلات اجتماعية وثقافية وحقوقية واقتصادية متنوعة تواجه السوريين الآن، وسوف تواجههم أكثر في المستقبل، لكنه ربما يتيح كسب قوة بالغة الأهمية في مواجهة هذه المشكلات، أعني سلطة الدولة. اليوم هذه السلطة مسخّرة أولا وأساسا لدوام الطاقم الحكم.
وتبدو لي الانتفاضة مدرسة للتعلم السياسي لم يتح مثلها للسوريين منذ نصف قرن، بل منذ استقلال البلد. وهي تثير أسئلة سياسية وفكرية وأخلاقية حول معنى الدولة والشعب والمواطن والحرية والثورة، قد لا تجري الإجابة عليها اليوم، لكنها تحفز الأذهان، وتؤسس لثقافة جديدة في سوريا. أرى أن المشاركة في الانتفاضة والانشغال بهذه القضايا هو تدرّب عملي على المواطنة، يحجم تأثير الروابط الأهلية، ويفتح الباب لتعارف سوري أوسع، غير ممكن في ظل النظام الحالي.
“قاعدة النظام الاجتماعية” ليست “آخر”. إنها قطاع من الشعب السوري له مصالح اجتماعية وسياسية تتعين مراعاتها من جهة، وإقناع هذه القاعدة من جهة ثانية أن ضمانتها هي عموم السوريين وليس النظام. وأنا بالفعل لا أرى أساسا لأية مخاوف طائفية، ولا أجد لها سندا في تاريخ سوريا الحديث، ولا في توجهات الطيف المعارض، التقليدي منه أو الحديث (الانتفاضة). لا أقول أن الأمور “سمن على عسل”، لكن لن تكون هناك مشكلات خطيرة في تقديري.
وأخشى أن خطاب المخاوف أوثق صلة بالامتيازات السياسية والمادية لا بالتمايزات الاجتماعية الثقافية بحد ذاتها. وبينما ينبغي احترام التمايزات إلى أقصى حد، فلا يجوز الإقرار بأية امتيازات. نتطلع إلى سوريا قائمة على المواطنة، أي المساواة بين السوريين، دون تمييز على أساس الدين أو المذهب أو العرق أو الجنس.
سوريا بعد البعث ستكون إلى جانب لبنان.. لا إلى جانب بعضه
هناك ميل لدى البعض، من الشباب وغير الشباب، لتقديس الحركة الشبابية وإنكار دور باقي الفئات العمرية، في حال كنت مقتنعاً بوجود مثل هذا الميل، فما هي الأسباب برأيك؟
شارك في السؤال: sami hasan
بلى. من جهة الشباب، ربما يعود هذا الميل إلى ما تمنحه المشاركة الشخصية في المظاهرات والنشاط الميداني، وتجربة الاعتقال التي تعرض لها كثيرون (ربما أكثر من خمسين ألفا)، من ثقة بالنفس، يحصل أن تبلغ حد الغرور. يعززها أيضا أن الجيل الأكبر ضعيف المشاركة المباشرة في الجانب الميداني من الانتفاضة، ولم يقم بما كان ينتظر منه من توفير معادل سياسي لها.
أما من جهة غير الشباب، فهناك في تقديري عقدة النقص حيال الجيل الجديد الشجاع، والافتتان بمشاركته الواسعة، بالألوف وعشرات الألوف في الانتفاضة، بينما كانت تجارب هذه الجيل ضيقة على العموم، ودون بعد ميداني.
وكذلك انقلاب علاقة المعلم/ المتعلم لمصلحة الشباب بفضل تقنيات الاتصال التي يتفوق فيها الأصغر سنا على الأكبر. وتعلم أن لهذه التقنيات دور مهم في الانتفاضة السورية.
هل تعتقد أن أساس المشكلة القائمة في سوريا كانت بسبب الخلط بين المدني والعسكري وخصوصاً فيما يتعلق بتسييس الجيش في المرحلة التي تلت الاستقلال؟
شارك في السؤال: عموري عموري
هذه محاكمة بمفعول رجعي لتطورات حصلت قبل ستين عاما في مجتمع ما كانت منازل العسكري والمدني راسخة التميز فيه. بل كانت كل الظروف تدفع باتجاه عسكرة الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. وبالتحديد نشوء الكيان الإسرائيلي، واستقطابات الحرب الباردة ومشاريع “الدفاع عن الشرق الأوسط” التي رأى فيها الجيل العربي آنذاك، بحق، قناعا لعودة الاستعمار، وكذلك المشكلة الفلاحية وانتشار الفقر. وكل ذلك مشفوعا بمناخات إيديولوجية تتكلم على السياسة بلغة الحرب والمواجهة والمعارك والدماء، وتعلي من شأن الإرادة الثورية، ولا تتردد في تمجيد العنف. القصد أن أوضاعنا التاريخية حينها هي ما ينبغي النظر فيه لتفسير تصدر العسكر حياتنا السياسية، وليس مجرد الخلط الذهني بين المدني والعسكري.
لكن الأهم اليوم هو إخضاع الأجهزة الأمنية للمراقبة الاجتماعية، ومنعها من التفرعن على ما فعلت في سوريا في الأربعين عاما الأخيرة. ما نعرفه في العقود الأخيرة هو “أمننة” (إضفاء صفة أمنية) السياسة والجيش معا، وما يلزم هو نزع هذه الصفة عبر ضبط الأجهزة الأمنية وتقييدها.
كيف تنظر إلى موقف “حزب الله” من الحراك السوري؟ وفي حال حدوث التغيير في سوريا ما تصوّرك لعلاقتها مع حزب الله؟
شارك في السؤال:
موقف الحزب غير مشرف. لم أكن أنتظر منه أن يدعم الانتفاضة السورية، لكن كان يتوقع منه أن ينأى بنفسه عن الاصطفاف الحاسم إلى جانب النظام، ويمتنع عن تخوين السوريين المطالبين بالحرية.
أفترض أن سوريا ما بعد البعثية ستكون إلى جانب لبنان كله ضد إسرائيل، وليست إلى جانب بعض لبنان ضد بعضه الآخر.
ما رأيك بزيارة نواب سلفيين من مجلس الأمة الكويتي أمثال الطبطبائي وغيره إلى مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا؟ وما رأيك بطلب هؤلاء النواب أنفسهم بطرد السفير السوري من الكويت؟
شارك في السؤال: رهام حداد
ما كنت سمعت قبلا بهذه الزيارة، ولا بالقائمين بها. ولا علم لي بما يدفعهم إليها. من المحتمل أنها تندرج في استقطابات سياسية ومذهبية إقليمية، سنية شيعية من جهة، وخليجية إيرانية من جهة ثانية. ومن المحتمل أيضا أن النواب السلفيين الكويتيين يخاصمون النظام السوري لأسباب مذهبية، ويتماهون مع خصومه وضحاياه للأسباب نفسها. وربما في هذا السياق دعوا حكومة بلدهم إلى طرد السفير السوري.
هذا على كل حال يقول شيئا عن مقاصد النواب الكويتيين المعنيين، ولا يقول أي شيء عن الانتفاضة السورية.
هل باعتقادك أن الغرب سيلجأ لعمل عسكري بواجهة تركية في سوريا في حال فلتان الوضع الأمني نهائيا أو في حالة الحرب الأهلية؟ وما هو موقفكم من الأمر لو تمّ؟
شارك في السؤال: علي علي
في الإجابة على السؤال الأول، أوافق لمرة واحدة مع ما قاله وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، من أنه لن يكون هناك عمل عسكري غربي أو تركي ضد النظام السوري. التدخل العسكري يكلف مالا وموارد، ولا مصلحة لهذه القوى لتدخل مكلف لا يرجح أن تجني منه شيئا. ثم إن هذا التدخل ليس مطلب أحد في سوريا.
لكن لا يبعد أن تفرض تركيا حزاما أمنيا إذا سارت الأمور السورية باتجاه “فلتان الوضع الأمني نهائيا” كما يقول السؤال، أو عند تفجر حرب أهلية. وسيكون هذا خاضعا لاعتبارات تتصل بأمن تركيا القومي لا بالمصلحة الوطنية السورية.
ومن جهتي أنا قريب من الإجماع الواسع في صفوف المعارضة والانتفاضة ضد أي تدخل عسكري خارجي. مثّلت الانتفاضة أقوى حضور للداخل السوري في الشأن الوطني منذ عقود، فلا شيء يبرر إهدار هذا الحضور على يد التدخل الخارجي الذي لن يكون مختلفا عن إهداره على يد الاستبداد.
ماذا كنت تفعل لو أنك الرئيس بشار الأسد؟
شارك في السؤال: صلاح الدين
أيا يكن الرئيس، أعتقد أن المطلوب هو أن يتصرف بدلالة منصبه العام لا بدلالة روابطه الخاصة. وتاليا أن تكون الأولوية لخدمة شعبه، وليس لبقائه الدائم في الحكم.
السفير