يسري نصر الله: “أكره الأسد”..مناف طلاس ساعدنا في “باب الشمس”، ولا علاقة جيدة لي بأي نظام
محمد فارس
تصريحات نصر الله جاءت في لقاء مع “درج”، على هامش الدورة السابعة لمهرجان مالمو للسينما العربية 2017 جنوب السويد، حيث عرض فيلمان من تأليفه وإخراجه هما “بعد الموقعة” (2012)، و”الماء والخضرة والوجه الحسن” (2016).
أكّد نصر الله أن “السينما العربية، باستثناء المغرب ربما، تعيش أزمةً لأنها بلا قوانين ولا آليات تسمح لها بأن تموّل نفسها”. وأضاف أن بلداً كمصر، يفترض أن فيه صناعة سينما، وعدد سكانه يقارب الـ100 مليون، لديهم 600 دار عرض سينمائي فقط. وأرجع المشكلة إلى ارتفاع الضرائب، وعدم وجود مركز قومي للسينما، والتعامل مع الإنتاج الثقافي كرفاهية بينما هو ضرورة. وشدّد على أن “الرغبة الرهيبة في التحكم” هي رأس تلك الأسباب.
“لماذا تنتج الدولة فقط الأفلام في سوريا مثلاً. أين هو القطاع الخاص؟”، تساءل نصر الله، “لأن الثقافة بطبيعتها ديموقراطية”. وتحدّث نصر الله عن نقاشات “غريبة” جرت مع لجان قراءة السيناريو في سوريا عام 2000، بعد تقديم نص فيلمه “باب الشمس – الرحيل والعودة” (2004). وقال: “سألوني كيف صوّرت البنت المقاوِمة على أنها بائعة جنس. وكان جوابي أن بائعة الجنس تتقاضى أجراً لقاء خدمة. لكن وبالرغم من علاقتها الملتبسة بالرجال، لم تكن شمس، (التي قامت بدورها الممثلة السورية حلا عمران)، تتقاضى أجراً على علاقتها تلك. وهي لا تعمل في تجارة الجنس!”.
وسخر نصر الله من الطريقة “الوحيدة” التي استطاع من خلالها أن يصوّر فيلم “باب الشمس” في سوريا. فعلى الرغم من أنه قدم السيناريو للمدير العام للمؤسسة العام للسينما محمد الأحمد “تحديداً”، إلا أن الأخير “أجّل وماطل لمدة طويلة”. لاحقاً التقت شقيقة منتج الفيلم الفرنسي هامبيربالزان صدفةً في صالون تصفيف شعر للسيدات، بناهد طلاس العجة شقيقة العقيد، حينها، مناف طلاس. وتطرّقت السيدتان إلى الحديث عن مشاكل تصوير الفيلم. وفي ما بعد، ساعدت شقيقة طلاس، عبر أخيها مناف، وهما أبناء وزير الدفاع الأسبق العماد أول مصطفى طلاس، بتوفير التصريح اللازم للشروع بالتصوير.
خدم العميد مناف طلاس في الجيش السوري حتى خروجه من سوريا في تموز (يوليو) 2012، بعد أن كان قائداً للواء 104 في الحرس الجمهوري. وحرص نصر الله على إيراد شكر لمناف في نهاية الفيلم. “ولو قيل إنني عميل للنظام السوري، لا مشكلة. فأنا أكره الأسد بتاعكوا. وليست لدي أي علاقة جيدة بأي نظام. صورت في شاتيلا التي يتحكم فيها حركة أمل وحزب الله. هل هذا يعني أن علاقتي بهما جيدة؟ لا طبعاً، ليست جيدة”، تابع نصر الله.
فكّر نصر الله أثناء عمله على “باب الشمس” أن يصوّر داخل فلسطين، لكنه تراجع حين أدرك أنه سيضطر للتعامل مع الجيش الإسرائيلي، “وتلقائياً أقول: لن أصور في إسرائيل. لكننني سأفكر كثيراً قبل أن أفعلها لو اقتضت الضرورة. أنا لا أريد ذلك وأعتقد أنني لا أستطيع. وهذا موقف غير مبني على الإحساس بالضغط عليّ. وفي ما لو اقتضى الأمر، سأختار أشخاصاً أرتاح إليهم وأشعر بالألفة معهم، وأنا لا أرتاح مع صهيوني أو أحد يمثل سلطة”، أردف نصرالله.
هو يرى أن تواجد الفيلم العربي خارج الوطن العربي، يتيح لصنّاع السينما العرب أن يخاطبوا العالم، و”يصطدموا” مع التوقّعات المسبقة، التي يحملها المشاهدون في الغرب عمّا يمكن أن تقدّمه السينما العربية. “وهذا يشكّل ضغطاً على السينمائي في رأيي، فأنا لست سياسياً ولا إعلامياً. أنا أريد من المشاهد أن يشعر بي”، قال نصر الله.
وشدد على أن حضور السينما العربية في مهرجانات سينمائية دولية “فرصة لغير العرب أن يتعرفوا إلينا خارج إطار الإعلام اليومي”.
وتذكّر المخرج المصري كلمات قالها له أستاذه المخرج المصري الراحل يوسف شاهين: “هل كان من السهل على الأميركيين أن يرموا قنابل على العراقيين لو كان لدى العراق سينما كويسة (جيدة) تُعرض في أميركا والغرب؟”.
وتساءل نصر الله، لو أن الأفلام “الهايلة” (الهائلة)، التي يصنعها السوريون تُوَزّع في أميركا والغرب، هل كان من السهل أن تقنع المواطن الأميركي والغربي بضرورة قصف سوريا مثلاً؟، “الغربي ببساطة لا يعرفهم!”.
ويفكّر نصر الله بردّة فعلنا كمشاهدين عرب أثناء أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، إذ بدت نيويورك “مألوفةً جداً بالنسبة إلينا بسبب السينما الأميركية”، على حد تعبيره”. وقال: “أسأل نفسي: لماذا نحن أشبه بكائنات فضائية بالنسبة إليهم لهذه الدرجة؟ التغيير لديهم يكون حين يبدأون برؤيتك كإنسان، يستطيع أن يسرد الحواديت (القصص)، ولديه خيال، وليس آلةً لإنتاج الأزمات على الشاشة”.
درس نصر الله الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وأخرج فيلمه الأول “سرقات صيفية” عام 1988. وعُرضت أفلامه “مرسيدس” 1993، و”صبيان وبنات” 1995، والمدينة 1999، و”باب الشمس” 2004، و”جنينة الأسماك” 2008، و”احكي يا شهرزاد” 2010، للمرة الأولى في مهرجانات سينمائية دولية.