يوسف عبدلكي: النظام يمكن ان يفعل أي شيء للبقاء في الحكم
ايا طير البرق .. أخيراً وصلت
يا طير البرق .. أخيراً وصلت
تحية إلى جيل السبعينات..
حوار صبر درويش
يوسف عبدلكي، اسم من الصعب تجاهله. منذ ما يقرب من النصف قرن، وهذا الرجل لم يكف عن بناء حياته، وبالأحرى تاريخه، خطوة خطوة. وكان في كل الحالات، رجلاً متعدداً، عدوه اللدود التشابه. لم يكن سياسياً، كما لم يكن فناناً، كان فناناً سياسياً، مسكونا بهموم الوطن، والإنسان، الترجمة الحرفية لهذا الوطن.
اختار المنفى منذ وقت مبكر، وآثر الغياب على الاختناق في صيغة حكم الحزب الواحد، واللون الواحد والشعار الواحد….. وكانت باريس وجهته ومنفاه.
في هذا اللقاء لا نطل على عبدلكي بوصفه فناناً، بقدر ما نطل عليه بوصفه إنساناً سوريا مسكونا بلغة الرفض.
“اليد المقطوعة” إحدى لوحاتك، المهداة لجيل السبعينات (جيلك) ماذا تفكر أن تهدي الشعب السوري في انتفاضته الراهنة؟
أنا لا أفكر بمنطق الإهداء، أفكر إلى أي حد يستطيع المرء أن يكون ابن اللحظة، وإلى أي حد يمكنه أن يعيشها وأن يكون جزءاً منها، وأن لا يخون نفسه ومحيطه؛ هذا ما أفكر به. أما مسألة الإهداءات، لا أفكر بها إطلاقاً، واعتبرها الآن سابقة لأوانها.
العلاقة بين الحدث والعمل الفني ليست علاقة ميكانيكية، مباشرة، أو قريبة في الزمن بالضرورة، في بعض الأحيان من الممكن أن تخلق أعمال هي فعلاً بنت اللحظة، وممكن أن تستغرق أعمالا أخرى سنوات طويلة حتى تنجز، لوحة “غرينكا” أنجزت أثناء الحرب الأهلية، وبعد أسابيع من قصف القرية الإسبانية، من قبل الطيران النازي؛ بينما لوحة “الحرية تقود الشعب” لـ “ديلا كروا” رسمت بعد خمس وعشرين سنة من الثورة الفرنسية، بالتالي العلاقة بين العمل الفني والحدث ليست علاقة مرتبطة بالزمن المباشر، بل لها زمنها الخاص، لذا الفنان عليه ألاّ يستعجل العمل وألاّ يؤخره، بل أن يستجيب لمتطلباته الداخلية تجاه الحدث.
تقول ذلك رغم أنك الآن في قلب الحدث!! حدث بهذه الضخامة، كيف يمكن أن تنجو كفنان من تأثيره المباشر على أعمالك؟
في الحقيقة… هناك شيء يمكن أن يقال على المستوى السياسي، ويمكن أن يتحدث به المرء على مستوى عالي من الصدق والأمانة، أما على مستوى اللوحة أو الإنتاج الفني، فهذا شأن آخر، له زمنه الخاص يمكن أن يكون مؤجل أو ابن اللحظة المباشرة، وفي السياسة أحياناً اقتراح أمر ما يكون سابق لأوانه قبل ساعة، أو متأخر عن أوانه بعد ساعة من لحظة ضرورته، العمل الفني له منطق مختلف وزمن خاص، ويجب أن يعبر بصدق وعمق عن اللحظة، أكثر من أن يكون ابن الزمن المستعجل، العمل الفني تأثيره غير مباشر، بل تأثيره على المدى الطويل، لذا ليس المطلوب منه أن ينجز بسرعة، وعلى الفنان أن يتأنى ويعطي نفسه الوقت الكافي.
أعمالك بالمجمل ليست بريئة من الفعل السياسي، سأذكرك بمجموعة لوحات “أشخاص” التي اعتبرتها شهادة من قبلك على مرحلة الثمانينات، كيف بإمكانك الآن بعد أكثر من عشرين عاماً أن تنظر إلى هذه الشهادة؟
ليس فقط “أشخاص”. مجموعة أشخاص قدمتها في أواخر الثمانينات وأوائل السبعينات، لكن مجمل أعمالي من السبعينات وبعد، أيضاً مرحلة العمل على الأحصنة المربوطة والمحتجة والصارخة، لن ترى أياً من أعمالي بعيدة عن السياسة، ولا في أي مرحلة.. حتى المرحلة الأخيرة التي أعمل عليها منذ خمسة عشر عاماً تقريباً والتي تسمى تجاوزاً “طبيعة صامتة”، لم تكن يوماً السياسة بعيدة عن عملي وإن كانت في لحظات تأخذ معنى مباشرا، وفي أخرى تأخذ معنى غير مباشر، دائماً كنت أتحرك بالمحيط السياسي وهذا أمر مفصلي في عملي، بالتالي كوني منخرط في السياسة والمجتمع إلى درجة كبيرة، فمن أكثر الأمور طبيعية أن أنتج شيئا له علاقة بالحدث الآني ، فهذا الحدث اليوم حدث مفصلي في تاريخ سورية والعالم العربي، هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها الشعوب العربية لا تنيب عنها أحد لصناعة حياتها وتاريخها، للمرة الأولى كل الشعوب العربية تكسر جدران الخوف السميكة التي أحاطت بها على مدى نصف قرن، نحن بالمعنى الحقيقي أمام لحظة استثنائية في تاريخنا المعاصر، وطبيعي أن أتعاطى مع هذه اللحظة من موقع المواطن وموقع الرسام وموقع الإنسان، أما متى ممكن أن يخرج العمل أو الأعمال المعبرة عن هذه اللحظة، فهذا الأمر متروك للزمن.
خلال الخمس عشرة سنة الماضية، كان عملك منصباً على الطبيعة الصامتة، وكنت بذلك تحاول الابتعاد عن الهم السياسي وتحاول الاقتراب من الهم الاجتماعي، هل هذا الكلام ساري المفعول لحد الآن؟
أنا لا أرى تقسيماً بين الهم السياسي والهم الاجتماعي.
هذا بناءً على إحدى الردود التي قدمتها في إحدى المقابلات!!!
لا تصدق كلشي بحكيلك ياه (ضاحكاً)
أعمال مجموعة “طبيعة صامتة”، وأسميها بهذا الاسم تجاوزاً، كون العناصر التي أعمل عليها، هي عناصر لها علاقة بالطبيعة الصامتة، مثلما رُسمت منذ قرنين أو ثلاث في كل العالم، هذا الموضوع “الطبيعة الصامتة” بغض النظر عن العناصر الموجودة فيه، هو (لطيف، مهذب، هزيل) يمكن أن توضع اللوحة في غرفة المعيشة أو في الصالون… إلخ، أرسم أحياناً ورد، أسماك …، لكن دلالاتها أو الشحنة التعبيرية الموجودة فيها ليس لها علاقة أبداً، بالشحنة التقليدية التي تحملها الطبيعة الصامتة بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، عندما أرسم أسماكاً رؤوسها مقطوعة أو مربوطة أو زهرة محبوسة بصندوق، أو يداً مقطوعة، أو جمجمة مربوطة…. الخ، كل هذه العناصر يمكن أن تراها في الطبيعة الصامتة، لكن دلالتها والشحنة التعبيرية التي تحملها هي نقيض للشيء الهادئ والتزييني الموجود في لوحات الطبيعة الصامتة المتعارف عليها، لذا المصطلح نفسه مصطلح ملتبس بالنسبة للوحاتي وغير دقيق، أعتقد أن أي إنسان عندما يرى لوحة لسمكة مثبته بمسمار، أو مقطوعة الرأس رغم ذلك تفتح عينيها احتجاجاً على مصيرها، أعتقد أن الدلالة السياسية لهذه اللوحة واضحة، وهناك تعريج على شرط أبعد من الشرط السياسي المباشر، الشرط الإنساني، ومصائر البشر، النكهة السياسية واضحة حتى بهذه المجموعة.
نحن متفقون على أن الفن مثل الفلسفة يأتي بعد الحدث، أحياناً هناك فن تنبؤي إن جاز التعبير، أنا عندما أنظر إلى لوحة السكين والعصفور، أراها حاضرة في هذا الحدث الآن، السكين العملاقة لا تتناسب -ضمن المفارقة المطروحة في اللوحة- مع العصفور اللطيف، لأي درجة قادرة هذه اللوحة أن تكون راهنية كلغة احتجاج لما يجري الآن؟
أعتقد أن المجتمعات العربية كلها، عاشت عسفا فاشيا، لعقود طويلة من الزمن، لإلغاء كل ما هو مختلف عن الفكر الرسمي والمؤسسة الرسمية، ووجهة النظر الرسمية في الحياة والثقافة والسياسة، بالتالي عشنا بمجتمعات بُذلت مجهودات خارقة من قبل السلطات العربية في سبيل تدجينها، وأعتقد أنها بشكل أو بآخر نجحت في مكان ما، لو كانت فاشلة كل الوقت، لما استمرت نصف قرن؛ بالتالي هذه اللوحة من ضمن لوحات كثيرة تحمل مقاربة بين الجمال والرقة من جهة، وبين شراسة العنف من جهة أخرى، وهي تعريج على هذه المسألة، التي طحنت مجتمعاتنا منذ عقود مضت، بالتالي إلى أي حد ممكن أن تعبر هذه اللوحة عن لحظة نعيشها اليوم، يخرج فيها متظاهر ليقول كلمة مكونة من أربعة أحرف فيصاب برصاصة بجمجمته، بمجرد التفكير بصورة كهذه تُستفز إلى أقصى درجة كإنسان، كيف يمكن أن يدفع الإنسان حياته ثمناً لكلمة، رغم أن الطرف الآخر السلطوي كان ممكن أن يجاوبه بكلمة أخرى من عشرة أحرف مثلاً، بكلمة لا برصاصة، لا بسجن و لا بتعذيب؛ أي مواطن يعيش بمجتمعات تمارس مثل هذه الممارسات الهمجية لا بد أن يخرج هذا بعمله، عندما نقرأ أشعار محمد الماغوط ونزيه أبو عفش، نرى هذه الصور بمنتهى الوضوح، المفارقة موجودة بين رقة الإنسان وشفافيته، وهمجية الآلة التي تواجهه، الآن نعيش لحظة تحمل تصعيد لهذه الهمجية المستمرة منذ حوالي أربعين عاماً، وليست وليدة اليوم.
هل فاجأك الحدث في سورية؟
نعم ولا.
لا … بمعنى أن كل العوامل الموجودة، في المجتمعات العربية الأخرى، التي قامت بها حركات الاحتجاج والثورات موجودة في سورية.
نعم… فوجئت لأنه خلال فترة طويلة، ظننت أن جملة التعقيدات المتعلقة بالمجتمع السوري، والتركيبة الدينية الموجودة من جهة، وعدم حيادية مؤسسة الجيش من جهة أخرى، كلها عوامل يمكن أن تؤخر هذا الحدث، لكن لحسن الحظ أن شجاعة البشر هي أفضل وأرقى من توقعات المراقبين، ومن ينظروا ببرود، للعناصر المحيطة بأي مجتمع.
مجتمعنا مهدد في هذه اللحظة بانفجارات طائفية أو غير ذلك، يرفضها الشارع، رغم التسويق الإعلامي الموجود للطائفية، برأيك هذا التخريب السياسي والإعلامي الممنهج، عبر العقود الأربعة الماضيةً، هل يمكن أن يشجع على أشكال من الصراعات التي لا نقبلها كمثقفين ومسيَّسين؟
دعنا لا نكون فقط أبناء اللحظة الراهنة، ولنعترف بأن الخلافات الدينية والمذهبية موجودة في بلادنا منذ مئات السنين، وليست وليدة هذه اللحظة، يمكن لأي نظام سياسي أن يخفف من حدة هذه التناقضات، ويصهرها في البوتقة الوطنية، ويمكن له أن يلعب دور تصعيدي لإثارة هذه النعرات، أعتقد بأن اللحمة الوطنية عند السوريين كانت فيما مضى، أرقى بكثير من اللحظة الراهنة، وأظن أن السلطة السياسية تتحمل المسؤولية الأولى عن الاحتقان الديني الموجود في البلد اليوم؛ أعتقد أن النخب السياسية والثقافية في سورية لديهم توجهات مدنية لا دينية، لا تفرق بين مواطن وآخر بناء على دينه أو مذهبه، وهذا نراه في المظاهرات التي تقع، شعار “الشعب السوري واحد” أو غير ذلك، خير مثال على ذلك؛ لدى هذه النخب إحساس كبير بالخطر الطائفي الذي يحيق ببلدنا، وبالتالي تقوم باستباقه والإجابة عليه، وتقول كلمتها بأننا شعب واحد ومصير واحد، بالمقابل أظن أن السلطات التي لعبت على هذا الوتر منذ أربعين سنة، تزيد اللعب عليه في الوقت الراهن، في معمعة دفاعها عن استمرارها، واستماتتها للإمساك بزمام مقاليد المجتمع والسياسة كما مسكتها منذ أربعين سنة، وهي مستعدة لارتكاب أي جريمة وطنية من هذا القبيل، من جهة أخرى الاحتقان خارج النخب السياسية والثقافية موجود، وهناك خطر حقيقي على بلدنا اليوم من أن يصبح هناك تفجرات لها طابع طائفي، واجب النخب اليوم أكثر من أي لحظة سابقة أن تكون حاسمة وواضحة وديناميكية، لعدم ترك هذه التفجرات تحدث.
عبر العقود الماضية تم تفريغ الساحة السورية من كل العمل السياسي بكل مضامينه، والثورة السورية فاجأت الجميع، لأي درجة الآن هناك مسافة تفصل بين النخب المثقفة والسياسية وحركة الشارع المنفصلة عن تلك النخب؟
النظام السياسي في سورية منذ أربعين عاماً عمل بشكل منهجي على إفراغ السياسة من معناها، وبالتالي إفراغ البلد من العمل السياسي، الذي يعني بجوهره وجود أحزاب لديها رؤى مختلفة لحلول مشاكل البلد، والحلول المقترحة لها، الأحزاب السياسية الموجودة في سورية كان لها مصيران إما الالتحاق بالسلطة لتتحول إلى اللا أحزاب، وهذا ما عملته أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية العتيدة، أو تتحول إلى أحزاب سرية تواجه بالاعتقالات والسجون والتعذيب والمنافي، وهذا خيار مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية المعارضة، وبهذه الطريقة تم تفريغ الساحة السورية من الأحزاب والمشاريع السياسية، وأصبح هناك انفصال كبير بين الشارع السوري والأحزاب المعارضة، ورغم أن هذه الأحزاب كانت دائماً موجودة، إلا أنها كانت دائماً ضعيفة، وبالتالي وصلنا إلى لحظة أصبح الإنسان يشعر بنفسه أمام خارطة جديدة فيها السياسيون وأحزاب وتصورات ورؤى ومسافة كبيرة بينها وبين الشارع ، ويرى الناس أنفسهم مباشرة عراة في مواجهة عنف السلطة، ليس لديهم أي دعم معنوي أو سياسي من أحزاب، كان من المفروض أن تعبر على أشواقهم ورؤاهم وآمالهم بمجتمع مختلف، تتوفر فيه الحريات، من انتخابات نزيهة كحد أدنى من الديمقراطية؛ لذا تبدو التحركات اليوم أشبه بتحركات من دون رأس؛ لكن هذا الكلام غير دقيق، لأنه رغم عفوية التحركات من جهة، فإن المعارضين السياسيين الذين استقال العديد منهم من العمل السياسي موجودون جميعهم بشكل أو بآخر في هذا الحراك، ربما ليسوا تحت رايات حزبية كما كان يفترض، لكنهم موجودون بتصوراتهم وخبراتهم، ودعمهم للتحركات الشعبية الموجودة، إذاً الحديث عن انفصال تام بين الشارع والأحزاب السياسية ليس دقيقاً، وأيضاً القول أن العامل الحزبي في هذه التحركات قوي أيضاًَ ليس دقيقاً، الأحزاب موجودة رغم كل ضعفها وابتعادها الإجباري عن الشارع السياسي السوري، ومع الأيام التحركات ستفرز قيادات سياسية جديدة، هي خليط بين الحركة العفوية، أو الناشطين الأكثر ديناميكية وفهم وخبرة من بين “الناشطين العفويين” في سورية، وبين الآخرين الذين لديهم خبرات متراكمة عبر عقود، وهذا بشكل أو بآخر يمثل نوع من المخرج لحالة الاحتجاج التي ليس لها أفق في الوقت الراهن، باعتبارها لا تملك برنامجاً محدداً حتى اللحظة؛ لكن إذا راقبنا ما حصل في تونس ومصر نجد أن الحراك نفسه أفرز بشكل أو بآخر قادته، وأفرز الأشخاص الأكثر خبرة وديناميكية وعمقا في هذه التحركات، ووضع الثورات على سكة السلامة، السكة المختلفة عن كل ما نعرفه من ثورات لها طابع انقلابي، هذه ثورات تنجز برامجها على المدى الطويل.
برأيك لا خوف على “الثورة” بسبب غياب قيادات سياسية واضحة المعالم، ومن الممكن استمرارها رغم الغياب الجزئي للقياديين؟
أعتقد بأن الناس الذين لديهم خبرات سياسية موجودون لكن تأثيرهم تأثير ثانوي وليس فاعلاً، لدي ثقة كبيرة بأن الحالة الثورية ممكن أن تربي الناس بفترات قياسية، ما يحتاجه الإنسان في الحالة العادية من وقت ليتحول إلى كادر سياسي، يمكن بلحظة ثورية أن يحتاج عشره ليتحول إلى كادر لديه خبرة، ويعرف كيف يطالب ويمارس ضغوطه ويناور ويحصل على مطالبه، الحالة الثورية تجعل الناس تكتسب خبرات هائلة بزمن قياسي؛ بتصوري المخاطر اليوم أمام حركة الاحتجاجات ليست من عدم وجود خبرات سياسية عند الناس، المخاطر الحقيقية هي من جهتين، تكمن في حمام دم يمكن أن تغرق فيه البلد من قبل النظام، وإمكانية حصول تفجرات لها طابع طائفي مُفتعل.
(العسف الدموي وإمكانية تفجر احتقانات طائفية هما الخطران اللذان يهددان الثورة).
ماذا عن لوحتك “قيد الإنجاز”؟
اللوحة غير مكتملة، لا تزال في إطار تجريبي…
لقد رسمت لوحة لانتصار الثورة في مصر، وأسميتها بالكلمات الأولى من أغنية الشيخ إمام، (صباح الخير على الورد اللي مفتح..)، أما هذه اللوحة، لم أنته منها، ولم أوقع عليها، يمكن أن أضيف عليها أو أحذف منها، أو أحذفها كلها…. لكن لدي حالة عاطفية في داخلي، لم أستطع التعامل معها بعد بانضباط كما هي عادتي، في أسوأ الأحوال يمكن أن تكون هذه اللوحة بداية لسلسلة لوحات عن الوضع الذي تمر فيه البلد الآن، رغم أني بالمعنى النظري لست مستعجلاً على إنجازها، لكن لدي ضغوط عاطفية شديدة تجعلني أعمل وأقف، أعمل وأحجم، وأتابع وأتريث… لذا لا بأس سأعطي اللوحة المزيد من الوقت، لكي تريك نفسها كما هي، أو تتغير ، أو تحذف نفسها، أو تولد منها لوحات ثانية.
سأدع الزمن يلعب اليوم أيضاً كما كانت عادته دائماً، وسأحاول ـ ولست واثقاً من نجاحي ـ ألّا أدعه يلعب على هواه.