رئيس الوفد المفاوض للمعارضة السورية أسعد الزعبي: حلب لن تكون ورقة تفاوض وليس أمام النظام والروس سوى السلاح النووي
رلى موفّق
يبدي رئيس الوفد المفاوض للمعارضة السورية إلى محادثات جنيف العميد الطيار أسعد الزعبي كثيراً من الثقة في أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلى الوراء، وأن تغييرالجغراقيا العسكرية في حلب أضحى مستحيلاً بعد سقوط «قلعة ماجينو» كما يسميها النظام، نظراً إلى التحصينات الضخمة التي كان يحتويها المجمع العسكري جنوب غرب المدينة، معتبراً أن كل ما يلوّح به النظام والروس من تهديدات لا يُفيد، إلا إذا استخدموا القنابل النووية.
واعتبر أنه لم يكن أمام الإيرانيين أو الروس أي خطوط حمراء، لكن احتلال حلب كان أمراً مخيفاً بالنسبة للثوار فهبّوا مباشرة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه، لا بل لتحرير كامل حلب، متمنياً من موقعه العسكري تحقيق ذلك، لافتاً إلى أن ذلك يجعل الموقف التفاوضي للمعارضة أصلب، واصفاً خطوة جبهة «النصرة» بانفصالها عن «القاعدة» بأنها «أتت متأخرة لكنها إيجابية وفي الاتجاه الصحيح».
وإذ أكد أن حلب لن تكون ورقة تفاوض، رأى أن القبول بهدنة 3 ساعات هو إجازة مفتوحة للروس بأنهم يستطيعون أن يقتلوا الشعب السوري في الـ21 ساعة الباقية، معرباً عن ثقته أن التاريخ سيسجّل أن باراك أوباما هو من قتل 600 ألف من الشعب السوري، وأن اللوبي الإيراني هو من يدير الإدارة الأمريكية.
وهنا نص الحوار:
○ اعتبرت أن معركة فك الحصار عن حلب هي انتصار حقيقي وتاريخي للمعارضة السورية، وأن المعادلات العسكرية قد تغيّرت بشكل كامل بعد معركة حلب. هل تتخوّف من أي تغيير جديد في الخريطة العسكرية مع الحشود الضخمة للنظام والإيرانيين وأذرعهم العسكرية من الميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانية المدعومة بكثافة من الغارات الروسية؟
- أنا أؤمن بنظرية عسكرية تسمّى «السقف». النظام استهلك كل القدرات الكامنة والمتوفرة لديه. هذا السقف وصله منذ الفترة الأولى لانكساره. عندها ستدعى عناصر «حزب الله» الذين سدّوا قليلاً من النقص عند النظام ودفعوه خطوة إلى الأمام، ولكن عاد مرة أخرى وانكسر، فجاءت الميليشيات العراقية والأفغانية والقوات الإيرانية، فجاء الروس الذين دخلوا بنحو 20 ألف مقاتل وبأكثر من 120 طائرة حربية، حيث استخدموا أحدث الطائرات من طراز «سوخوي 35» و «توبوليف» وأحدث القنابل الفراغية والمسمارية والفوسفور والنابالم. ولكن ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أننا نتحدث اليوم عن تقدّم الثوار في حلب وفي ريف اللاذقية وريف حماه ومناطق شتى.
○ ماذا تبقى للنظام وحلفاؤه من خيارات؟
- النظام استخدم كل شيء من الطيران والبراميل المتفجرة والكلور والأسلحة المحرّمة وغير المحرّمة. فعل كل ما في وسعه، حتى الاغتيالات والتفجيرات والحصار والتجويع. لم يبقَ لديه شيء مما يسمى فائض القوة العسكرية. ما عاد بالإمكان تغيير الموازين لصالحهم. فسقوط حلب، من وجهة النظر العسكرية، ليس سقوط مدينة، بل سقوط القلعة التي تفتح المدينة، والتي أسماها النظام «قلعة ماجينو» (تيمناً بخط الدفاع المحصّن – خط ماجينو- الذي يعد نموذجاً للتحصينات الدفاعية الثابتة الفرنسية على حدودها مع المانيا خلال الحرب العالمية الثانية). ما فعله الثوار أنهم أسقطوا القلعة الممتدة من أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية إلى الحمدانية والراموسة مروراً بكلية المدفعية وكلية التسليح ومعهد التأهيل الملاحي ومعهد تأهيل الطيارين. كل هذه المناطق هي عبارة عن مناطق حصينة سقطت من دون أن يكون لدى الثوار سلاح صاروخي. ومع سقوطها أصبحت كل المناطق الأخرى التي يسيطر عليها النظام في حلب مناطق هشة عسكرياً.
○ ولكن المعارك مستمرة لاستعادة المواقع التي خسروها؟
- النظام أفلسَ من حيث التحصينات، ومن حيث تحقيق المفاجآت وأساليب تكتيكية جديدة. هو يقوم بعمليات عسكرية ليحاول أن يعطي صورة أنه لا يزال قوياً. كل ما يلوّح به النظام والروس من تهديدات لا يُفيد، إلا إذا استخدموا القنابل النووية، وعندئذ سوف يتم إبادة كل شيء على الأرض. لم يبق لديه إلا هذا السلاح. وبالتالي أي حديث عن تغيير في الجغراقيا العسكرية أضحى مستحيلاً في حلب.
○ النظام وحلفاؤه تحدثوا عن إقفال الثغرة التي فتحها الثوار في الخاصرة الجنوبية الغربية لمدينة حلب؟
- هم قصفوا بالبراميل المتفجرة والمدفعية المنطقة التي تم فيها فتح الطريق ما بين الراموسة وحي الشيخ سعيد الذي كان محاصراً. من هذا المنطلق تحدث النظام عن أنه استطاع إغلاق هذا الطريق. قضية إغلاق أي ممر في العلم العسكري سهلة عبر استهدافه بالرمايات أو القصف، وهو استهداف بالنار وليس احتلالاً عسكرياً ما يجعله مقفلاً أمام حركة المدنيين.
○ كيف يتم التعامل واقعاً مع هدنة الثلاث الساعات اليومية التي أعلنها الروس؟
- لأكن صادقاً، الثوار في حلب ليسوا بحاجة إلى هدنة كالتي رسمها النظام والروس أو اعتمدتها الأمم المتحدة، سابقاً كانت عبارة عن هدنة خادعة حقق من خلالها النظام ما لم يستطع أن يحققه خارجها. لذلك فإن الحديث عن هدنة في ظل تواجد أو قصف روسي أو حتى في ظل وجود حماية من قبل الأمم المتحدة هو غير حقيقي. ما يجري الآن أن الروس يقفلون الممرات بالقنابل من أجل أن يضغطوا على الأمم المتحدة للقبول بهدنة الثلاث ساعات.
○ ولكن واشنطن رحّبت بالخطوة الروسية وإنْ اعتبرتها الأمم المتحدة غير كافية؟
- نحن بصراحة ننظر بعين الريبة والشك والتخمين إلى أن الولايات المتحدة متآمرة مع روسيا ضد الشعب السوري. الأمم المتحدة ليست سوى أداة تنفيذ ولا تستطيع أن ترفض طلب أحدهما. إن معنى القبول بهدنة 3 ساعات، هو من الناحية العسكرية إجازة مفتوحة للروس بأنهم يستطيعون أن يقتلوا الشعب السوري في الـ21 ساعة الباقية. عن أي هدنة نتحدث؟ هناك مجازر يومياً في إدلب وحماة وحمص والغوطة الشرقية والغوطة الغربية. داريا وحدها تعرضت لـ40 برميلاً و30 صاروح أرض – أرض. الحديث عن أي هدنة يجب أن يكون هدنة شاملة، وعندها يمكن القول أن الأمم المتحدة تقوم بعملها الإنساني. ما عدا ذلك هو عبارة عن لعبة دولية خبيثة تقوم بها روسيا من أجل أن تضفي شرعنة على ضرباتها الجوية، وتعطي نفسها الصفة الإنسانية باقتراح الهدنة فيما هي ترتكب المجازر.
○ يتم دائماً الحديث عن تفاهمات أمريكية – روسية حول سوريا، ولكن الملاحظ أنه عند كل تفاهم نرى تحولاً سلبياً على الأرض في ما يخص المعارضة. ماذا يمكن أن يؤول إليه ما يُحكى عن تفاهمات جديدة فيما الإدارة الأمريكية دخلت حال الشلل على أبواب الانتخابات الرئاسية؟
- هناك جملة مشهورة أرددها منذ أكثر من عام، أنه كلما وضع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يده في يد نظيره الروسي سيرغي لافروف تحلّ الويلات والمصائب بالشعب السوري. فالرجلان ينتميان إلى عصابة واحدة وكيان واحد. أعتقد أن تكليف كيري بالملف السوري جاء بهدف القضاء على الشعب السوري وثورته. فعلى سبيل المثال، عندما طرح الهدنة السورية في 27 شباط/فبراير، كانت عبارة عن هدنة إعلامية. من يريد فرض هدنة يجب أن تكون شاملة جميع المناطق السورية وليس منطقة بعينها، وعليه أن يشكل لجنة ويرسم مخططاً لها، عبر أناس محايدين، وليس تكليف روسيا بمراقبة الهدنة وهي التي تخرقها.
في الأول من شباط/فبراير كنا في الجولة الأولى، بدأ التصعيد الروسي على حلب وكأن ثمة ضوءاً أخضر للروس للسيطرة على حلب، تمهيداً للضغط على الثورة السورية والمفاوضين. يومها قلت: «لا يمكن أن نُدخل ورقة حلب في أي تفاوض، ورقة حلب مستقلة». اليوم هناك محاولة لتعديل أسباب التفاوض من أسباب إنسانية تتعلق بالمساعدات وفك الحصار وإطلاق سراح المعتقلات إلى ورقة حلب. ربما يريد كيري ولافروف جعل العالم ينسى أن في القرار 2254 فقرات تتعلق بالجانب الإنساني يجب أن تتحقق قبل التفاوض. اليوم هم ينقلوننا إلى ورقة أخرى هي ورقة حلب، بمعنى أنه إذا أردتم التفاوض يجب وقف إطلاق النار في حلب. أقولها صريحة: «حلب لن تكون ورقة تفاوض، هذا لن يناله لا كيري ولا لافروف».
الإدارة الأمريكية أغمضت عينيها عن عشرات الآلاف من المرتزقة الذين وفدوا من إيران وأفغانستان والعراق. ثم من هي «داعش»؟ لماذا لم تستطع الإدارة الأمريكية القضاء عليها؟ «داعش» هي من أجل الإبقاء على بشار الأسد، وهي لعبة مخابراتية دولية، «داعش» موجودة من أجل تشتيت الثورة السورية. الإدارة الأمريكية دعمت فصائل كردية، بينما لم تدعم «الجيش الحر» ومنعت عنه السلاح من الداخل! لماذا منعت قيام المناطق الآمنة والعازلة؟ الشعب السوري يموت جوعاً ويُقتل بالبراميل المتفجرة من دون أن تحرّك الإدراة الأمريكية ساكناًّ. هي تنسّق مع الجانب الروسي، ولكن هل التنسيق أن تدخل روسيا بطائراتها وصواريخها وتقتل من تشاء من الشعب السوري؟ لم تنفذ روسيا غارة واحدة ضد «داعش»! التاريخ سيُسجّل أن باراك أوباما هو من قتل 600 ألف من الشعب السوري، وأن اللوبي الإيراني هو من يدير الإدارة الأمريكية وكذلك اللوبي الصهيوني الذي اتّجه إلى روسيا. هناك عشرات الأصوات الدبلوماسية ومن داخل الكونغرس تنتقد سياسة أوباما وكيري في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا.
○ هناك توتر قي العلاقة بين واشنطن وتركيا، تلاه لقاء بين بوتين وأردوغان بعد اتجاه واضح لتحسّن العلاقات التركية – الروسية، هل لديكم خشية من أن يأتي التقارب التركي – الروسي على حساب سوريا، أم أنكم تثقون بموقف تركيا من الإزمة السورية وبالتحديد حول ضرورة رحيل الأسد؟
- نحن نتفهم المصالح التركية، والضغوط التي تتعرّض لها من الولايات المتحدة الأمريكية أو من بعض الحلفاء الأوروبيين من خلال قضية اللاجئين، ولكن الحقيقة تقال أن تركيا لم تتلكأ يوماً في خدمة الشعب السوري والوقوف بجانبه. هناك تأكيدات من الخارجية التركية ومن القيادات العليا باستحالة التنازل عن شرط رحيل بشار وزمرته الحاكمة.
○ ماذا يمكن أن تقوم به تركيا حين يقول وزير خارجيتها أنهم يبنون آلية قوية مع روسيا للتوصل إلى حل بشأن سوريا؟
- نقاط الخلاف بين روسيا وتركيا ليست محصورة فقط بالثورة السورية، هي تتعلق بموقف روسيا من حزب العمال الكردستاني (PKK) ومن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الذي تعتبره تركيا جزءاً من الـ PKK والذي يعمل على انفصال القسم الشمالي من سوريا. وهو افتتح ممثلية له في موسكو، أعتقد أن هناك قراراً بإقفالها. هناك عموماً موقف روسيا من الأكراد وعملية دعمهم لإنشاء كيان كردي. نحن نتفق تماماً مع تركيا في أننا لن نسمح بقيام كيان كردي، ولن نسمح بالفيدرالية، ونعترف بحق تركيا بأن لها مصالحها التجارية والعسكرية مع موسكو. في مؤتمر الرياض وردت توصية مهمة حول مراعاة ثقافات وتقاليد كل مكونات الشعب السوري، بمن فيهم المكوّن الكردي، وأيضاً وردت عبارة الديمقراطية واللامركزية الإدارية، وهذا يعني أن هناك ضوءاً أخضر أو سماحاً بإدارة المحافظات والثروات، وهذه نقطة مهمة جداً.
○ هناك من اعتبر أن النظام السوري وحلفاءه وروسيا تجاوزوا الخطوط الحمر في حلب بسيطرتهم على طريق «الكاستيلو» وفرضهم الحصار على الأحياء الشرقية للمدينة، وهو ما اعتبره الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله انتصاراً استراتيجياً وتغييراً في المعادلات الإقليمية وسقوط أحلام الأمبراطورية، ولكن اندفاعة الثوار وإلحاق الهزيمة بالنظام وحلفائه أوحى أن من يتجاوز الخطوط الحمر المرسومة يُضرب، هل توافق على هذه النظرية؟
- مَن رسم الخطوط الحمر والخضر منذ بداية الثورة هما الولايات المتحدة وروسيا. روسيا رسمت خطاً أحمر حول النظام وبشار الأسد والإدارة الأمنية ووزارة الدفاع والجيش، والولايات رسمت خطوطاً حمر حول دمشق والمنطقة الساحلية وبالتالي لم نستطع حتى الآن التوجه نحو الساحل. هناك ضغوط منعت الثورة إلى الآن من دخول دمشق، لكن بالنسبة لحلب الوضع مختلف، لأن المطلوب كان الضغط على الثورة من خلالها، عشرات الآلاف من المرتزقة الإيرانيين بدأوا بالزحف على جنوب حلب منذ اليوم الأول للتفاوض. كانت خطة روسية – إيرانية مدعومة أمريكياً. الولايات المتحدة اكتفت بالقول أنها ستضغط على الروس لوقف معركة حلب، لكنها لم تحرّك ساكناً حتى احتل الإيرانيون ريفي حلب الجنوبي والشمالي وصولاً إلى نبّل والزهراء.
في رأيي أنه لم يكن أمام الإيرانيين أو الروس أي خطوط حمراء، بالعكس كانت خضراء، من أمريكا وبالتنسيق مع كيري، لكن احتلال حلب كان أمراً مخيفاً بالنسبة للثورة لأنه يطوّق إدلب ويقطع كل خطوط الإمداد مع تركيا، ويشكّل محاصرة للداخل المُحاصَر أساساً. لذلك هبّ الثوار مباشرة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه، لا بل لتحرير مدينة حلب بالكامل. فلو كان لدى الروس والإيرانيين جزء من الشرف العسكري لانسحبوا كلياً من حلب أمام ضربات هؤلاء الأبطال.
ما كان يسعى إليه الروس، من خلال احتلالهم حلب، هو تحقيق هدفين: الأول فرض التقسيم بعد سيطرتهم على حلب وإقامة كيان كردي مستقل، والدعوة إلى إقامة كيان علوي وكيان سني وكيان درزي وكيان شيعي وما إلى هنالك، وعندها ستكون لحسن نصرالله و «حزب الله» دولة في سوريا. أما الهدف الثاني، فهو تحديد نطاق «سوريا المفيدة» بحلب وإدلب وحماه وحمص ودمشق والساحل، وتبقى سوريا في الداخل عبارة عن حرب مستمرة بين «داعش» و»الجيش الحر»، أو «داعش» والفصائل الأخرى. لقد بدّد الثوار أحلامهم هذه، لذلك لا أستبعد أن يعيدوا الكرّة، فالثوار عقدوا العزم على أن لا تكون أمامهم أي خطوط حمراء تمنعهم من تحرير حلب.
○ كيف تنظر إلى ما أعلنته جبهة «النصرة» عن فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، وهي اليوم تشكل قوة رئيسية ضمن قوى المعارضة التي شاركت في معركة تحرير حلب؟
- نحن طالبنا «النصرة» منذ أكثر من عامين بضرورة فك الارتباط، لا نريد لأحد أن يقاتل في سوريا تحت شعارات تابعة لقيادات أخرى. نريده أن يدافع عن الشعب السوري ورفع الظلم عن السوريين، بغض النظر عن انتمائهم الطائفي أو العرقي أو الديني. فجميعهم متساوون في الحقوق والواجبات. مَن يريد أن يشارك في الثورة السورية عليه أن يقتنع بهذه المبادئ. منذ البداية قلنا لـ «النصرة» أننا نختلف معهم من حيث المبدأ والهدف. لا يمكن أن نقبل بأيمن الظواهري أو غيره، لا نقبل إلا بمقاتل سوري يرفع بندقيته في وجه الظلم.
نحن نعتبر أن هذه الخطوة التي اتخذتها «النصرة» أتت متأخرة لكنها إيجابية وفي الاتجاه الصحيح. مع تقديرنا لما قامت به «النصرة» من جهد عسكري لدعم الثورة، ولكن في الوقت نفسه نحن نستنكر بعض الأعمال التي قامت بها في سوريا، مع تمنياتنا بمتابعة بقية الخطوات.
○ ولكن رغم تغيير الاسم، تبقى «النصرة» إرهابية بالنسبة لعدد من الدول؟
- المجتمع الدولي يطالب الأمم المتحدة منذ عشرات السنين بتوضيح مصطلح الإرهاب، وتحديد مَن هو الإرهابي وما هو الإرهاب، لكنها تشيح بوجهها، والولايات المتحدة وروسيا لا يناسبهما هذا التحديد، فبشار الأسد يعتبر أن كل الشعب السوري إرهابي، بينما روسيا تعتبر «جيش الإسلام» و»أحرار الشام». أمريكا تطالب بوضع «النصرة» على لائحة الإرهاب، هناك أيضاً دول تطالب بوضع فصائل من «الجيش الحر» المعتدل على لائحة الإرهاب، أعتقد أنها قضية مزاجية تتعلق بالدول وأهدافها. الإرهاب هو قتل الناس بغير حق، أينما كان هذا القتل. الأسد هو رأس الإرهاب، وحسن نصرالله إرهابي، والخامنئي وروحاني إرهابيان، ومَن يقتل السوريين من القيادة الروسية إرهابي، فلماذا لم تضعهم أمريكا على لائحة الإرهاب؟
○ هل في رأيك أن الثوار سيستكملون معركة تحرير حلب؟
- أتمنى كعسكري أن يستكمل الثوار معركتهم لتحرير حلب بالكامل. وأعتقد كرئيس وفد التفاوض أنه في حال تحرير حلب سيكون موقفنا التفاوضي أصلب.
○ لكن ثمّة مَن يعتبر أن على المعارضة أن تكتفي بما حققته من انتصار واستعادة للتوازن كي لا تتعرّض لانتكاسة في معركة يسود الاعتقاد بأنه ممنوع على أحد أن يربحها ويتخطى الخطوط الحمر؟
- هنا، أود أن أسال مَن يقول ذلك: إذا اكتفى الثوار بما حققوه في حلب، فهل يكتفي النظام، أم أنه سيعاود الكرّة في محاولة تدمير ما تبقى من حلب؟ هذا النظام لا يُؤمِن إلا بالحل العسكري، ولا يمكن أن يقف عند حد، طالما هناك داعمين له من قبل روسيا وإيران وعشرات الآلاف من المرتزقة. النظام لن يتوقف إلا في حالة واحدة، وهي عندما يقف المجتمع الدولي وقفة شرف حقيقية ويمنع المرتزقة من دخول سوريا. عندئذ سوف ينكفئ النظام ويقول: «نعم، آن أوان الحل السياسي».
○ هل هناك إمكانية للعودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف؟
- النظام لا يريد الحل السياسي. الشعب السوري والائتلاف والهيئة العليا هم فقط من يريدون الحل السياسي. تمت اجتماعات في جنيف واتخذت قرارات وعملنا من أجل الحل السياسي، وكنا سعيدين بأننا سوف نرفع الظلم والقهر عن شعبنا والحفاظ على بلدنا وإعادة بناء ما تهدّم، لكن خطابات بشار وكل الملتفين حوله تريد حلاً عسكرياً. أنا أقولها صراحة: لا المجتمع الدولي ولا الأمم المتحدة ولا روسيا ولا أي دولة في العالم تريد أن يكون هناك حل سياسي في سوريا باستثناء الأخوة العرب الداعمين لنا، وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والكويت، نحن نحترم كل الجهود التي قاموا بها، لكني على اقتناع بأن مفتاح السلام في سوريا واحد ويتمثل برحيل الأسد وعصابته.
القدس العربي