2014:انتهاكات نظام الأسد طاوَلت الإعلام الموالي/ وليد بركسية
ما كان تراجع حرية الإنترنت في سوريا، إلى مستويات منخفضة جداً خلال العام الماضي، لولا اجراءات تقويض الحريات التي اتبعها النظام السوري، في حين تواصلت مسرحيات الإعلام السوري المنفصلة عن الواقع. وبرزت مشاكل النظام في منعه للإعلام الخارجي من دخول البلاد لتغطية الأحداث فيها للعام الرابع على التوالي.
وتمددت تدابير النظام ضد الاعلام الموالي، عبر منعه من العمل بحرية من دون أذونات سياسية وأمنية مسبقة، ونتج عن ذلك إغلاق قناة “الميادين” مكتبها في دمشق وسحبها المراسلة ديما ناصيف من هناك إلى بيروت، وأوقفت بث برنامج “حديث دمشق” في نيسان/إبريل الماضي، قبل أن تعود المياه لمجاريها بين الطرفين في وقت لاحق. كما ألزمت السلطات السورية في آب/أغسطس الماضي مراسلي الفضائيات في دمشق بمنع تغطية المؤتمرات الصحافية التي تعقدها شخصيات معارضة في العاصمة السورية، قبل الحصول على إذن خطي منها.
وتجلت مسرحيات النظام طوال العام في عدة قضايا، أبرزها كان تعاطي الإعلام الرسمي مع الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو الماضي، وفي الحملة الشرسة التي شنها إعلامه الرسمي وشبه الرسمي بقيادة قناة “سما/ الدنيا” على راهبات معلولا بعد تحريرهن من قبضة “جبهة النصرة” في آذار/مارس المنصرم. كما تابع الإعلام الرسمي تخبطه مع الأحداث غير المتوقعة في البلاد وفي مقدمتها الضربات الجوية لقوى التحالف ضد “داعش” بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وصولاً إلى محاولة قناة “تلاقي” الرسمية كسر الجمود الذي يكتنف الإعلام السوري عبر إطلاقها “ماراثون” لأطول بث مباشر بهدف دخول كتاب غينيس للأرقام القياسية الشهر المنصرم.
وتراجعت سوريا ثلاث درجات قياساً للعام 2013 في مؤشر “حرية الإنترنت 2014” الصادر في الرابع من كانون الأول/ديسمبر الجاري عن مؤسسة Freedom House الأميركية، برصيد 88 نقطة من أصل 100 يحددها التقرير، ما يضع البلاد في مصاف الدول التي تنعدم فيها حرية الإنترنت.
وصنف التقرير سوريا ضمن أسوأ ثلاث دول في مجال الانتهاكات لحرية الإنترنت مع إيران والصين، حيث تمارس السلطات السورية حظراً على استخدام المواطنين للإنترنت وحجباً يطاول مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع سياسية واجتماعية مختلفة، فضلاً عن حجب منصات التدوين واعتقالها مجموعة من الناشطين والمدونين والمواطنين الصحافيين.
أبرز ما قامت به السلطات السورية في هذا الإطار خلال العام 2014 كان محاكمتها 1000 سوري بتهمة بث الشائعات عبر “فايسبوك” حسبما أوردت صحيفة “الوطن” السورية، منتصف أيار/مايو الماضي، في حين فشلت النداءات والمطالب الدولية في إقناع النظام بإطلاق سراح أبرز المدونين والناشطين السوريين المعتقلين لديه حتى اللحظة، وعلى رأسهم طلّ الملوحي، ومازن درويش، وحسين غرير وغيرهم.
على صعيد الأداء الإعلامي، حافظ النظام، للعالم الرابع على التوالي، على انفصاله التام عن الواقع وإصراره على رؤيته الأحادية للواقع السوري، بالأسماء واللغة الخشبية ذاتها التي يتعامل بها مع الجمهور. وباستثناء إطلاقه إذاعة “زنوبيا” المحلية، لتعزيز وجوده في حمص التي أعاد السيطرة عليها، لم يقدم جديداً يذكر.
في السياق ذاته، يعتبر اعتقال النظام السوري لرئيس تيار “بناء الدولة السورية”، لؤي حسين، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، من أبرز الأحداث التي مست حرية التعبير في البلاد. فبغض النظر عن الطبيعة السياسية للاعتقال أو الدوافع الخفية له، كانت التهمة التي وجهها القضاء السوري لحسين هي “التسبب بوهن نفسية الأمة”، على خلفية نشره مقالاً في صحيفة “الحياة” اللندنية. وتبرز التهمة الكوميدية مدى استخفاف النظام السوري بمفهوم حرية التعبير نفسه، وتوجيهه تحذيراً مبطناً لجميع السوريين في الداخل من نشر ما قد يغضب السلطات في دمشق في وسائل الإعلام الخارجية أو حتى في مواقع التواصل والمدوّنات.
المدن