صفحات العالم

2016 سنة اللاجئين/ علي بردى

 

 

لا أولوية تنافس الحرب على الجماعات الإرهابية في ٢٠١٦ غير التصدي لمشكلة اللاجئين. تتجه الأمم المتحدة، ودول فاعلة كالولايات المتحدة، الى اجراء مناقشات رفيعة المستوى هذه السنة في شأن ٦٠ مليون انسان مُهجّرين عبر العالم حالياً. لا نظير لهذا العدد منذ الحرب العالمية الثانية. شرّدت الحرب الأهلية في سوريا نحو عشرة ملايين من مواطنيها، بينهم أربعة ملايين صاروا لاجئين. هؤلاء والفلسطينيون يشكلون أكثر من ربع سكان لبنان.

أدى التدفق الكبير للاجئين في اتجاه الدول الأوروبية الى إعادة خلط الأوراق والحسابات لدى كل منها. سوريا مصدر رئيسي للهجرة واللجوء. ظهر من جديد رهاب الأجانب بين مواطني الدول الغربية على رغم أن أكثر اللاجئين السوريين استقروا حتى في لبنان والأردن وتركيا. استحقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لقب “سيدة عام” ٢٠١٥ بمواقفها من أخطر أزمة انسانية تواجهها أوروبا منذ تفكك يوغوسلافيا في تسعينات القرن الماضي. تجاوزت الضغوط وقالت إنه “من المهم عدم اتباع أولئك الذين، بالبرود أو حتى بالكراهية التي تملأ قلوبهم، يريدون الإدعاء أن ألمانيا لهم وحدهم حصراً ويستبعدون الآخرين”.

لو كانت في هذا العالم عدالة لكان لبنان استحق لقب بلد هذا العام وما سبقه من أعوام اللجوء السوري والفلسطيني اليه. لا تكفيه الإشادات الدولية بالكرم وحسن الضيافة بين الحين والآخر من الدول المانحة وفي تقارير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون وغيره من المسؤولين الإنسانيين الدوليين الكبار. يقتضي الإنصاف أيضاً أن يكف البعض عن “تربيح جميل” للبنانيين الذين اضطرتهم الحرب الإسرائيلية على لبنان عام ٢٠٠٦ الى اللجوء في سوريا مدة ٣٥ يوماً. لم يسمع اللبنانيون كلمة شكر واحدة من الحكومة السورية على قيام لبنان بواجبه الإنساني استقبال زهاء ١,٢ مليون من اللاجئين السوريين على أرضه مدة تزيد عن أربع سنوات ونصف سنة حتى الآن. يوازي هذا العدد في لبنان تدفق زهاء ٧٠ مليون لاجىء الى الولايات المتحدة!

على رغم التصريحات المقيتة لبعض مرشحي الرئاسة الأميركيين، تنظر إدارة الرئيس باراك أوباما بإعجاب الى ميركل التي تقود الرأي العام الأوروبي، وحتى الدولي، في الإستجابة الإنسانية لحال البؤس هذه باعتبارها “فرصة لبناء ألمانيا أقوى”. يعترف الأميركيون بأن العبء ثقيل على لبنان، وعلى استقراره الهش أصلاً. ينبغي أولاً إنفاق المزيد من الموارد الدولية على تعليم من هم في سن المدرسة من هؤلاء السوريين بما لا يضعف التعليم الذي يتلقاه التلامذة اللبنانيون. ثم يجب تعزيز القدرات الأمنية والعسكرية اللبنانية ليس فقط لمواجهة الجماعات الإرهابية على الحدود الشمالية والشرقية، بل أيضاً لاستدراك الأخطار الناجمة عن تسرب خلايا إرهابية “نائمة” الى قلب المدن والبلدات اللبنانية.

يعتقد كثيرون أن استمرار الأزمة السورية يعني استمرار تدفق اللاجئين. وقف الحرب يوقف تدفق اللاجئين. يعيد اللبنانيين المنغمسين في حرب يحتاج لبنان الى وقت طويل – على الأرجح – للتخلص من تبعات التورط فيها.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى