اليونيسيف وأطفال سورية
بيروت من آية الزعيم: لا تشبه رسومات أطفال سوريا، ولا أحلامهم أو تمنياتهم سواها لدى أطفال العالم. فأن يكون طموح ابن 12 عاما العودة الى بلده ومنزله، وحلم طفلة الـ11 عاما قطف الأزهار من حديقة بيتها، فذلك يؤكد أن هؤلاء الأطفال ليسوا بخير.
وتعمل المنظمات الانسانية المحلية والدولية وعلى رأسها منظمة الامم المتحدة للطفولة اليونيسف التي تقدر عدد الأطفال السوريين الذين تأثروا بالنزاع المستمر في بلادهم منذ حوالي 3 أعوام بأكثر من 4 ملايين، على معالجة الآلاف منهم من خلال مساعدتهم على استعادة الشعور بالامان ومنحهم الفرصة للتعبير عن انفسهم وخلق طرق بناءة للتأقلم مع النزاع.
وتركز مؤسسة نجدة ناو للإغاثة والتنمية الإنسانية السورية حاليا على سلسلة من النشاطات التي تهدف للترفيه عن آلاف الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان والأردن وتركيا، من خلال حثّهم على التعبير عمّا يختلجهم كي لا تتحول المشاكل النفسية الصغيرة التي يعانون منها اليوم عقدا مستعصية تطاردهم في المستقبل.
ونظّمت نجدة ناو مساء الثلاثاء الماضي معرض رسومات لأطفال سوريين لاجئين في لبنان في مقر السفارة الفرنسية في بيروت، ضم عشرات اللوحات لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 6 و 12 عاما، جسّدت رؤيتهم لواقعهم الأليم ولمستقبلهم المفقود.
واشارت المشرفة على المعرض عروبة ديب الى انّها المرة الثانية التي ينظمون فيها عرضا مماثلا خاصا بلوحات اطفال سوريين لاجئين، لافتة الى أنّه نتاج ورشة عمل استمرت ثلاثة اشهر.
وأوضحت ديب ان نشاطات كهذه لها انعكاسات ايجابية جدا على نفسية الاطفال ومخيلتهم وتعتبر محاولة لاخراجهم من واقعهم الاليم والترفيه عنهم، مشيرة الى أن رسوماتهم هذا العام خلطت بين مشاهد الواقع الاليم واحلامهم وامنياتهم.
وفيما بدت الكثير من اللوحات ملونة ومشعة حيث الأطفال فرحة تركض وتمرح بفساتين متطايرة، ظلّت مشاهد الدمار والقتل مسيطرة على عدد آخر منها.
فمحمد العدلان (8 أعوام) النازح من حماة السورية الى لبنان، وقف قرب لوحته ولم يتردد بالحديث بنبرة قوية تعكس معاناته الداخلية، فقال رسمت طائرة تقصف منزلا، فيما يحاول رب الاسرة ان يحمي اولاده من القصف والقتل.
ورد العدلان خيار موضوع اللوحة لـالظلم الحاصل في سوريا، وأضاف: يجب أن تتحسن الاوضاع في بلدنا، فأنا شاهدت هذا المنظر.
ولا يطمح ابن الثماني سنوات كغيره من أولاد جيله لاقتناء كمبيوتر أو هاتف ذكي، فكل ما يريده العودة الى منزله وأن يحل الامان في بلده.
مشاهد الحرب كانت حاضرة أيضا في لوحة الطفل ايهم بيك (12 عاماً)، فالدبابات والطائرات والدماء كلها موجودة باشكالها وألوانها المختلفة، وهو يلخص ما جاء في رسمته قائلا:هناك دبابة وفي الجهة الاخرى طائرة تدمران منزلا، وهناك شخص يضرب رجلا غطته دماؤه. ولا ينتظر بيك سؤاله عن سبب اقدامه على رسمة مماثلة، اذ يقول مستطردا رسمت هذه اللوحة لأظهر للعالم حقيقة ما يحصل في سوريا.
أما رشا الحارك ابنة الـ11 عاماً، فتستذكر من خلال لوحتها مشاهد تركتها في بلادها التي اجبرت على مغادرتها بسبب قساوة المعارك.
هي رسمت، كما تقول، فتاة خرجت من المنزل، قطفت وردة وامامها شجرة، وأضافت: هكذا كنت اعيش وهكذا كنت اقطف الزهور من حديقة منزلنا، كم احب ان تعود تلك الايام الجميلة.
حلم الأطفال السوريين الثلاث العدلان وبيك والحارك، مشترك، العودة الى سوريا.
وتظهر احدى الرسومات المعبرة في المعرض عائلة من 4 افراد يهرعون خارج منزلهم هربا من قوة الاشتباكات فيما تزرف الام والاطفال الدموع حزنا.
وتصوّر لوحة أخرى صفاء مخيلة طفل لا يريد سوى ان يلعب ويضحك تماما كما كان يفعل في بلده، فأسماء (9 سنوات) رسمت نفسها الى جانب رفاقها يلعبون ويلهون في حديقة خضراء تتوسطها الاشجار والازهار المتطايرة بألوانها الصارخة.
فعلى الرغم من قساوة المشهد في سوريا، الا ان مخزون الابداع عند الاطفال لم تطفئه مشاهد الموت، وهذا ما ظهر بشكل واضح في هذا المعرض.
وكانت اليونيسف أعلنت في تقرير لها في ايلول سبتمبر الماضي ان النزاع السوري ادى الى اصابة اطفال سوريا بجراح غير مرئية جراء العنف والتشريد وفقدان الأصدقاء وأفراد الاسرة وتدهور الاحوال المعيشية. (الأناضول)
القدس العربي