5 خرائط توضح معالم الشرق الأوسط الجديد
تعد الدول القومية هي السمة المميزة للحقبة السياسية الحديثة. فهي تعطي الناس هوية جماعية ومكانة فخرية، حتى عندما يتم رسم حدودهم بشكل مصطنع، كما حدث في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإن القضايا العابرة لحدود الوطنية مثل الدين والإثنية غالبا ما تقف في طريق القومية. ولا يمكن احتواءها من خلال الحدود القومية.
ونحن نرى الدول العربية تفشل الآن في الشرق الأوسط. ويعزى فشلها أساسا إلى عدم قدرتها على إيجاد اقتصادات سياسية قادرة على البقاء. غير أن القضايا العابرة للوطنية، وخاصة التنافس بين الطائفتين السنية والشيعية، تعمل على تضخيم ما يجري.
فشل العروبة
لقد وجدت القضايا العابرة للوطنية منذ فترة طويلة من الشرق الأوسط الحديث. وبدأت الدول العربية الكبرى مثل مصر وسوريا والعراق في مغازلة القومية العربية، وهي إيديولوجية علمانية، يسارية تسعى إلى الوحدة السياسية للعالم العربي، ولكنها شجعت نوعا من القومية التي تحدت منطق الدولة القومية.
فشلت العروبة لأنها لم تستطع أن تحل محل القومية التقليدية التي لم تكن موجودة في التاريخ. ولكن البلدان التي رفضتها لم تتطور حقا إلى كيانات سياسية قابلة للحياة.
إن الإجبار التي تفرضه إرادة الدولة هو ما يجمع الدولة، وليس الأيديولوجية.
ومنذ السبعينيات، واجهت هذه البلدان تحديا من الأفكار العابرة للحدود الوطنية، مثل الإسلاموية (أو الإسلام السياسي). وقد ثبت أنها أكثر فعالية بكثير من العروبة. وقد انتشرت الحركات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ولا تقتصر جذور ذلك فقط بين العرب السنة، ولكن أيضا بين الشيعة. في الواقع، كان الشيعة أول من أنشأ حكومة إسلامية عندما أطاحوا بالملكية في الثورة الإيرانية عام 1979.
ولم يصل الإسلاميون السنة إلى السلطة السياسية التقليدية إلا بعد بالربيع العربي في عام 2011. ولكن قوتهم لم تدم طويلا.
أصول الدولة الإسلامية
كانت الفوضى التي تبعت الربيع العربي أرضا خصبة للجهاديين، وخاصة للدولة الإسلامية. وأصبحت أقوى قوة إسلامية سنية في المنطقة. ولقد كان أساس نجاحها هو قدرتها على استغلال الخلافات الطائفية في المنطقة.
تم استبدال النظام البعثي في العراق من قبل حكومة يهيمن عليها الشيعة فيما حاول السنة الابتعاد عن السلطة. وبالمثل، سعت الدولة الإسلامية و السعودية وتركيا إلى السيطرة على التمرد السني في سوريا، الذي كانت تقوده حكومة أقلية علوية. وكان تنظيم الدولة الإسلامية في أفضل مركز لاستغلال الوضع. وأقام ساحة قتال ربطت شرق سوريا بغرب العراق. وبذلك، فقد دمر ما وصلنا إلى معرفته كدولة ذات سيادة في العراق وسوريا.
إن القومية العراقية والسورية لا يمكن أن توجد بالفعل إذا لم تكن هناك دولة. لقد فقد تنظيم الدولة الإسلامية بعض الأراضي مؤخرا. لكن خسائره تبدو مفيدة للجماعات الطائفية والعرقية التي تتواجد هناك، وليس للدول التي تملك الأرض.
وفي سوريا، فإن القوى العربية السنية ليست جميعها مهتمة بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. والمجموعتان الوحيدتان اللتان ترغبان في ذلك هما قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الأكراد الذين يحاولون إقامة كيانهم، والقوات الحكومية السورية التي تريد استعادة المناطق التي استولت عليها الدولة الإسلامية بعد اندلاع التمرد.
الطائفية حلت محل القومية
حلت الطائفية الآن بدلا من القومية في الشرق الأوسط الحديث. فالسنة، يقودهم اسميا المملكة العربية السعودية. من ناحية أخرى فإن الشيعة، تقودهم إيران.
إن الكتلة السنية في حالة سيئة والكتلة الشيعية آخذة في الصعود. وحقيقة أن إيران فارسية قد سببت في الماضي ثني الشيعة العرب عن الانحياز إلى طهران، ولكن الجهود السعودية لمنع الانتعاش الشيعي (ناهيك عن صعود تنظيم الدولة الإسلامية) جعلتهم يشعرون بالضعف. وهم على استعداد للتخلي عن خلافاتهم من أجل التضامن الطائفي.
الميزان الطائفي للسلطة
هناك سابقة تاريخية لما يحدث في الشرق الأوسط. في القرن العاشر، جاءت السلالات الشيعية والفاطمية إلى السلطة لأن الخلافة العباسية السنية بدأت تفقد قوتها.
ولكن السلالات الشيعية لم تتمكن في نهاية المطاف من البقاء في بيئة ذات أغلبية سنية، خاصة بعد أن تراجعت بعد الفترة من حوالي 1200 إلى حوالي 1600. وانتعش الشيعة مججدا في القرن السادس عشر من خلال الإمبراطورية الصفوية في بلاد فارس، التي اعتنقت الإسلام الشيعي كدولة دينية.
ومن الواضح أن السلطة تتغير بشكل دوري، كل 500 سنة.
والآن، مع تراجع الوحدة العربية السنية ومع تحدي الجهاديين للسلطة السنية، فإن الشيعة في وضع يمكنهم من التوسع مرة أخرى. إنهم أقلية، لذلك ليس من الواضح كيف سيكون تأثير نفوذهم فعلا. ولكن ما هو واضح هو أن القومية الحديثة تحل محلها طائفية القرون الوسطى.
المصدر | جورج فريدمان وكرمان بخاري – مولدن إيكونوميكس
ترجمة وتحرير أسامة محمد – الخليج الجديد