عودة مشاريع التقسيم؟/ محمد ابرهيم
رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة عاد للحديث عن تقسيم العراق دولاً ثلاثاً بصفته الحل الاخير لمأزق العلاقة بين مكوناته الثلاثة الشيعي والسني والكردي.
قبل ذلك أبدى أكثر من مسؤول أميركي عدم ثقته بحكومة بغداد كإطار قادر على استيعاب سنّة العراق، وتالياً على محاربة “داعش” بالاستناد الى جمهوره أولاً.
لكن ما لم يقله هؤلاء هو أن “الرضوخ” لتقسيم الأمر الواقع في العراق لا معنى له إذا لم يقابله تقسيم آخر في سوريا. وإذا كانت أقرب دول هذا التقسيم من العراق سنية (سورية)، لماذا لا تقوم دولة سنيّة عراقية سورية؟ وما الخطأ في هذه الحالة في اعلان “الدولة الاسلامية”؟ أم أن الخلاف هو على نظام الحكم وليس على مبدأ دولة سنية تقطع التواصل بين شيعة العراق من ناحية، وعلويي سوريا وشيعة لبنان من ناحية ثانية؟
يسهل طبعاً نسبة هذه المواقف الأميركية المعلنة الى مخطط تقسيم يصحح خطأ سايكس – بيكو الذي كان أساس كيانات وطنية ما لبثت أن تعرضت بعد انتهاء الانتدابات الى محن متلاحقة وصولاً الى تقسيم الأمر الواقع الذي ترسم حدوده حركة جبهات القتال اليوم.
لكن يمكن أيضاً نسبتها الى تحذيرات برسم الرعاة الاقليميين للاطراف المتقاتلة على الارض طالما أن تحذير هذه لم يعد له معنى. فأي منها لم يعد يحمل مشروعاً وطنياً. ويمكن ملاحظة علاقة عكسية بين المشاريع الجامعة والبعد عن ساحة المعركة إلى حد أن أفضل المشاريع نجدها في عواصم المنافي، من دون أن يشرح أحد من سيطبقها على أرض الواقع.
التحذيرات هي اذاً برسم الرعاة الاقليميين، أي أساساً كل من ايران وتركيا والسعودية. فهذه هي المعنية أولاً بما يسمى اعادة رسم خرائط المنطقة. والتحذير يفترض أنها، في الذهن الاميركي، غير صاحبة مصلحة في ولادة كيانات جديدة.
فتركيا التي تريد ولا شك نفوذاً في سوريا والعراق، لا تريد بلورة كيان كردي آخر على حدودها يعيد طرح مسألة أكراد تركيا في ضوء جديد.
والسعودية التي ترفض الهلال الشيعي لا تريد كياناً سنياً اصولياً فيما هي تتلقى نتائج انفلات أصولية “داعش”.
وايران التي تعمل على مد نفوذها الى المتوسط لا تريد أن تكون زعيمة كيانات شيعية معزولة تحجّم طموحاتها وتتناقض مع ايديولوجيتها الاسلامية الشاملة.
■■■
بعدما أزال “الاتفاق النووي” الحظر على ايران باتت الأبواب مفتوحة أمام إعادة رسم التسويات، لا الخرائط، في المنطقة. ليعاد “بعث” كل من سوريا والعراق على أساس تعددي، مذهبياً، واتنياً، مع ضمان كل الحصص الخارجية الاقليمية والدولية.
النهار