المرحلة الانتقالية فرصة للروس والنظام السوري شكوك في تحرير الرقة والموصل مع أوباما/ روزانا بومنصف
على رغم ان ادارة الرئيس باراك اوباما لم تعلن مرة خصوصا في الاشهر الاخيرة انها تعمل على غير استهداف تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في كل من العراق وسوريا والتي توجتها اخيرا بتحفيز العمليات العسكرية في اتجاه الموصل في العراق قبل اسابيع قليلة والرقة في سوريا من خلال اجتماعات لكبار المسؤولين العسكريين الاميركيين مع المسؤولين الاتراك في تركيا في الخامس من الشهر الحالي، فان مصادر ديبلوماسية تعتقد ان الجهود التي بذلها وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف انما تمت في شكل اساسي على خلفية محاولة تحييد حلب والحؤول دون استعادة السيطرة عليها من النظام بمساعدة روسية. فالهاجس الاساسي كان ولا يزال ان يترك اوباما الرئاسة وفي ارثه انه انهى مراكز القوة الاساسية لداعش في منطقة الشرق الاوسط. لكن وفيما انشغل العالم بأسره بالانتخابات الرئاسية الاميركية الاسبوع الماضي والتي اتت بالجمهوري دونالد ترامب الى الرئاسة على عكس كل التوقعات فان الحرب في حلب وعليها استؤنفت على وقع جملة امور في مقدمها الارباك الذي احدثه وصول ترامب الى الرئاسة في كل انحاء العالم والحاجة الى بعض الوقت لاستيعاب ما يعنيه ذلك وتقويم المرحلة المقبلة على وقع التطورات الجديدة وعلى وقع زخم استفاد منه النظام بوصول ترامب الذي اعلن انه سيوقف الدعم للمعارضة السورية المعتدلة وعلى وقع تطورات اكدت الانشغال عن النظام. وهذا حصل منذ بعض الوقت، في اتجاه انهاء ملف داعش قبل الانصراف الى الاهتمام ببت مصير النظام السوري او مستقبله فكان اعلانه منذ ايام انه باق في منصبه حتى نهاية ولايته في 2021. ومع ان الانذارات لحلب من النظام وروسيا من اجل اخلائها ليست جديدة بل باتت متكررة من اجل ابقاء سيف التهديدات مسلطا فوق رؤوس ابنائها، فان المسألة مدعاة للتساؤل انطلاقا من احتمالين احدهما يقول بان الوقت متاح لتسجيل امر واقع امام الولايات المتحدة علما ان عدم ايلاء اميركا سوريا اولوية لا يكسب اي مما يحدث اهمية لانه ليس مهما بالنسبة اليها. والاحتمال الآخر يقول بان اميركا لا تستطيع الا ان تولي مصالحها البعيدة او مصالح حلفائها في المنطقة والانعكاسات المحتملة اهمية لاعتبارات متعددة اقلها ان تراجع اميركا او انسحابها من المنطقة وفق عقيدة اوباما والتي قد يكرسها ترامب على رغم اختلاف الموقف بينهما سيكون له انعكاسات خطيرة. فالرئيس الاميركي المنتخب في رأي البعض قد لا يبقى على مواقفه السابقة متى وازن علاقات بلاده في المنطقة وفي حال قرر ان يضع حدا لايران باعتبار ان موضوع وقف دعم المعارضة السورية يتناقض كليا مع لجم توسع ايران او نقض الاتفاق النووي معها، لا بل يسهل الامور بالنسبة اليها انطلاقا من ان الوضع في سوريا اكثر تعقيدا من تركه في عهدة روسيا او على مسؤوليتها لانها ليست وحدها في الميدان على رغم وجودها العسكري الذي يتعزز باستمرار وكان آخره وصول حاملة الطائرات “ادميرال كوزينتسوف” الى الساحل السوري قبل يومين. ولعل الدول الاوروبية هي من بين اكثر الجهات والدول المعنية بهذه التحولات الكبيرة وقد تركت مواقف بعض الرؤساء الاوروبيين انطباعات واسعة عن النية في بحث موضوع سوريا مع الرئيس الاميركي المنتخب كونه احد المواضيع الحساسة بالنسبة الى مجموعة من حلفاء الولايات المتحدة. كذلك ليس ادل على الهامش الواسع لايران في سوريا من العرض العسكري الذي اقامه “حزب الله” في القصير السورية كمؤشر على انفلاش النفوذ الايراني وحريته بحيث من النافل الحديث عن اعادة سيطرة النظام على مدن سورية او قدرته على لم شمل بلده بمقدار ما هو توسيع وتثبيت نفوذ دول كبرى واخرى اقليمية في اطار حرب مديدة لن تنتهي بخسارة او كسب مدينة ايا تكن اهميتها الاستراتيجية.
لكن بالنسبة الى المصادر المعنية فانها باتت ترى صعوبة في ان يحقق اوباما الارث الذي اراده ان في تحرير الموصل او في تحرير الرقة من “داعش” انطلاقا من ان الحملات على الموصل لم تعط ثمارا ومن المرجح انها قد تستغرق وقتا اطول مما كان يعتقد وكذلك الامر بالنسبة الى الرقة على وقع محاولة واشنطن تنسيق المواقف ومواءمتها بين الاندفاع التركي للعب هذا الدور واعتماد العاصمة الاميركية على الاكراد السوريين، لذلك فانه قد يكون جيدا في ارث اوباما الا يترك الروس والنظام السوري يستفيدون من الفترة الانتقالية الفاصلة عن تسلم الرئيس المنتخب مهماته في 20 كانون الثاني المقبل فيسجلون نقطة سلبية ستحسب في خانته عبر انهاء وضع حلب وتدميرها وإلحاقها بسيطرة النظام وحلفائه. وبهذا فانه بدلا من استعادته الرقة والموصل يكون قد توج نهاية ولايته بخسارة حلب، ولو انه لم يبد استعدادا لأي انخراط بالوضع السوري، مع ما يعنيه ذلك بالنسبة الى طبيعة الصراع في المنطقة من جهة والذي يجري في سوريا كما طبيعة الصراع الدولي القائم هناك ايضا من جهة اخرى خصوصا ان غالبية الدول الدائمة العضوية منخرطة عسكريا ولو بنسب مختلفة في ما يجري في سوريا. وبات يعتقد على نطاق واسع ان روسيا تسعى الى الانطلاق مع الرئيس الاميركي الجديد من امر واقع جديد في سوريا قد يرسي قواعد جديدة للتفاوض متى حان الاوان لذلك والاستفادة من الوقت الضائع بين انتقال ادارتين الى تحسين الموقع والاوراق.
النهار