صفحات سورية

موسكو تدحض خطة ترامب السورية/ بسام مقداد

 

 

إلتزم الكرملين بالصمت خلال الساعات التي تلت تسريب خطة ترامب “غير المكتملة ” للتسوية في سورية الثلاثاء المنصرم  ، والتي أبلغها وزير الخارجية الأميركي إلى القيادة الروسية خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى موسكو . ورفض المسؤولون الروس ، طيلة هذه المدة، تأكيد الخبر أو نفيه ، مما دفع الإعلاميين إلى الإلحاح على وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الأربعاء المنصرم  على تأكيد الخبر أو نفيه ، على قول الصحيفة الروسية الرسمية “روسيسكايا غازيتا”. فقال لافروف ، إن خطة التسوية في سورية موجودة بالفعل ، “لكن ليس في واشنطن، بل في نيويورك ، وهي تتمثل في قرار مجلس الأمن 2254 ، الذي يعدد جميع جوانب التسوية السلمية على أساس ، أن الشعب السوري وحده يقرر مصير بلده” . وتقول الصحيفة ، بأن لافروف قد وضع بذلك النقاط على الحروف بشأن خطة ترامب المذكورة، وأن أجهزة الإعلام الغربية تظهر “مرة أخرى ، بأنها تقدم ما ترغب به  على أنه الواقع ” .

وقالت الصحيفة ، أن لافروف قد خاض “نقاشا بالمراسلة” نهار الإثنين المنصرم مع نائب الرئيس الأميركي مايكل بنس ، الذي أعلن عن انتهاء “صبر واشنطن الإستراتيجي” . فرد عليه لافروف ، بأنه ، إذا كان نائب الرئيس يعني، بقوله هذا، التهديد باستخدام القوة من طرف واحد، “فإن هذا الطريق خطر للغاية”. وقال، بأن روسيا لا تقبل الأعمال النووية ـــ الصاروخية المغامرة ، والمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي ، لكن هذا لا يعني ، أنه يمكن بهذا الشكل خرق القانون الدولي من خلال خرق ميثاق الأمم المتحدة ، و آمل ” انه لن تكون هناك أعمال من طرف واحد ، على غرار ما شهدناه في سوريا مؤخراً” .

الإشارة الأولى إلى تسلم الكرملين هذه الخطة، بالفعل ، من ريكس تيلرسون ، جاءت على لسان رئيس لجنة العلوم والتربية والتعليم في مجلس الدوما فيتشسلاف نيكونوف خلال برنامج التوك شو الأميركي الشهير باللغة الروسية “60 دقيقة” مساء الثلاثاء الفائت . لكن الرجل نفى طابع السرية عن الخطة، وقال ، إن بنودها الأربعة المسربة، خاصة في ما يتعلق بإزاحة الأسد، ” ليست من السرية بشيئ ، بالنسبة للقادة الروس، الذين فاوضوا تيلرسون ، بل هي سرية بالنسبة للإعلاميين الغربيين فقط “. وقال ، بأن جميع البنود، التي ذكرتها الخطة ، معروفة ، وينادي بها الغرب وأميركا منذ سنوات . وقال ، بأن روسيا لا يمكنها أن تتخلى عن الرئيس بشار الأسد “القائد الأعلى لأكبر قوة في الشرق الأوسط !!! والذي أظهر ما يدهش من الصمود والثبات ، مما لم يظهره من قبل لا صدام حسين ولا معمر القذافي ” .

لكن ، من جانب آخر، صدرت عن موسكو ، خلال هذه الأثناء ، إشارات كثيرة ترد فيها موسكو، بشكل غير مباشر على خطة ترامب المذكورة . فقد نشرت صحيفة “nezavisimaia” الأربعاء المنصرم مقالة بعنوان ” ليس للولايات المتحدة من استراتيجة في محاربة “الدولة الإسلامية”” . قالت الصحيفة ، أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يقوم بجولة الآن في بلدان الشرق الأوسط ، يبحث خلالها الحرب على “الدولة الإسلامية ” وتسوية الحروب الأهلية في سوريا واليمن ، لكن “عدم وضوح موقف واشنطن من كل من هذه القضايا يمكن أن يسيئ إلى علاقاتها مع الحلفاء ” .

وفي سياق الردود غير المباشرة أيضاً على خطة ترامب المسربة ، جاءت كذلك المقابلة ، التي أجرتها صحيفة “الإزفستيا” نهار الخميس في العشرين من الجاري مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الإتحاد كونستانتين كوساتشيف . قال الرجل في مقابلته ، أن موسكو “تدعو الغرب إلى العمل المشترك ضد الإرهاب في سوريا ، لكن على أسس قانونية . والإئتلاف الفعال تحتاج إليه روسيا، كما الغرب، إلا أنه ينبغي أن تتحقق شروط معينة من أجل تشكله”.

كما لا يخرج عن إطار الردود غير المباشرة هذه استطلاع الرأي ، الذي قامت به مؤسسة “استطلاعات الرأي الروسية المركزية “حول رأي الروس في استمرار العملية العسكرية الروسية في سوريا، ونشرته وكالة نوفوستي صبيحة الخميس أيضاً. وذكرت الوكالة ، أن 82% من الروس اعتبروا ، أن القصف الأميركي لسوريا في 7 من الشهر الجاري، هو “استفزاز يهدف إلى زعزعة الوضع في سوريا” ، وأن 6% فقط من الروس يعتبرون أن العمل الأميركي جاء رداً على استخدام قوات الأسد للسلاح الكيميائي . كما قالت الوكالة ، أن 53% من المواطنين الروس يؤيدون استمرار العملية العسكرية في سوريا .

لكن الرد الرسمي المباشر على خطة ترامب للتسوية في سوريا جاءت على لسان نائب وزير الخارجية الروسي للشؤون الأميركية سيرغي ريابكوف ، وذلك في مقابلة معه أجرتها صحيفة “kommersant” ونشرتها صبيحة الخميس كذلك في 20 من الشهر الجاري . في رده على سؤال الصحيفة ، كيف يقيم خطة المراحل الثلاثة للتسوية في سوريا ، التي سلمها ركس تيلرسون للجانب الروسي  ، قال ريابكوف ، إن اقتراحات الجانب الأميركي حول “الشؤون السورية تمثل ، في الكثير منها ، استمرار للخط ، الذي كانوا ينتهجونه سابقاً”. وقال ، بان ثمة “سلسلة عناصر جديدة ، لكننا لا نشعر ، أن هناك ما هو راديكالي مبتكر غير ما كان يقوله الزملاء الأميركيون سابقاً”.

وقال ريابكوف، أن الروس يعملون، من جانبهم، لحل المشكلة السورية سلمياً، وأن عملية أستانة وعملية جنيف موجودة من أجل هذه الغاية .  والمسار السياسي هو السبيل الوحيد الممكن لمعالجة المشكلة ، التي برزت بعد “الحادث في خان شيخون” .  ويكرر الدبلوماسي الروسي المطالبة بإيفاد بعثة دولية من الخبراء إلى خان شيخون وقاعدة الشعيرات العسكرية ، وهو السبيل، الذي لا بديل عنه، على قوله .

وحول اللقاء بين الرئيسين بوتين وترامب ، قال ريابكوف ، بأن الجانب الروسي قد أكد استعداده أكثر من مرة لعقد مثل هذا اللقاء ، لكن العمل على ترتيب جدول أعماله يتطلب إتصالات على مستوى رفيع ، “نحن نعلن دائماً عن استعدادنا لتنظيم مثل هذه الإتصالات مع الزملاء الأميركيين” . لكنه رفض تحديد موعد معين للقاء الرئيسين  ، لأن “اللحظة الراهنة في علاقاتنا مع الولايات المتحدة   تقول ، أن من السابق لأوانه الإعلان عن معطيات محددة تلعب، على الأغلب، دوراً سلبيا في هذا المجال”.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى