صفحات العالم

سوريا: سبت تجميد العضوية؟


علي حمادة

بالامس نزلت مدن سوريا وقراها من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها الى الشوارع تحت شعار “جمعة تجميد العضوية”، واتى ذلك في رسالة مباشرة الى جامعة الدول العربية التي يجتمع مجلسها الوزاري اليوم في القاهرة للبحث في امر امتثال النظام في سوريا للمبادرة العربية بعدما سبق ان اعلن الموافقة عليها الاربعاء ما قبل الماضي. واليوم بعد مرور عشرة ايام قتل النظام مئات المواطنين السوريين العزل في مجمل المناطق الثائرة، واجتاح مدينة حمص التي تتجاوز بيروت حجماً، وفي عدد سكانها. واخيرا جاءت رسالة وليد المعلم الى الامانة العامة للجامعة العربية يعلن فيها التزام النظام تنفيذ معظم بنود المبادرة العربية خلال اسبوع، لتضاف الى قائمة طويلة من الاساليب الملتوية في التعامل مع قضية بحجم احراق سوريا وتدميرها على رؤوس اهلها. والمعروف ان النظام، الذي اعتاد القتل وسيلة لحسم الخلافات، ما برح يعتمد الكذب اساسا في التعامل مع السوريين والعرب والعالم، وبالتالي فإنه عديم الصدقية، وعلى هذا الاساس ينبغي التعامل معه.

قبل ايام اعلن بشار الاسد ما مفاده ان لا خيار امامه سوى المضي في المواجهة، على قاعدة انه يتعرض لمؤامرة ! واستتباعا يصير قتل المئات منذ الاعلان عن قبول المبادرة العربية مفهوما. فالنظام في سوريا يتعامل مع المساعي العربية باعتبار انها نافذة له تكسبه مزيدا من الوقت وهو يحاول حسم الامور على الارض باخماد الثورة في المدن الكبرى. وهمه الصمود وامرار الوقت ايضا ريثما يحدث تحول ما في المنطقة، إما بالانسحاب الاميركي من العراق، او بتوسع نطاق المواجهة لتشمل النزاع الايراني مع المجتمع الدولي على برنامجها النووي، لتتحول الورقة السورية جزءا من الصفقة الكبرى في المنطقة. ويدرك بشار الاسد انه حاجة اساسية للجمهورية الاسلامية في ايران، فهو جسرها الوحيد الحقيقي الى صلب المشرق العربي، ولا تقل اهميته الحيوية بالنسبة الى موقع ايران الاستراتيجي عن “حزب الله” الذراع العسكرية الامنية المتقدمة لطهران.

في مطلق الاحوال، تتداخل اليوم في القضية السورية الثورة الشعبية الواسعة النطاق، التي اعيت بشار الاسد ومحيطه لشدة بأسها وصمودها الاسطوري في وجه اعتى ماكينات القتل في المنطقة، بالصراع الواسع على الاقليم بين الشرعية العربية ومعها الغرب وايران الامبراطورية الاسلامية الوجه الفارسية الجذور، ويتوهم الاسد الابن ان في مقدوره الانتصار.

لقد انتهى النظام في الداخل، وتحول بسلوكه الدموي قوة احتلال لا تختلف كثيرا عن الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين.

إن الجامعة العربية معنية اليوم بتجميد عضوية سوريا فيها، ودعوة الدول الاعضاء الى قطع العلاقات الديبلوماسية مع النظام، واحالة الملف على مجلس الامن،وتشكيل وفد يزور موسكو وبكين لانهاء مهزلة حماية نظام يقتل شعبه في القرن الحادي والعشرين. وثمة من يميل الى تسليح الجيش الحر وفرض حظر جوي على سوريا، وقد حان الوقت.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى