صفحات العالم

إيران في سوريا… من يوقف تمددها؟

 

 

آلاف المقاتلين وعلى رأسهم حزب الله على حدودنا يهددون الاستقرار في إسرائيل

على الورق يعتبر التحالف بين إيران وسوريا غير مفهوم. فالأولى، دولة فارسية وثيوقراطية، تسعى إلى تحقيق هيمنة في المجال الذي هو عربي في معظمه؛ أما الثانية ـ فجمهورية عربية يقف على رأسها حزب يرفع علمي العلمانية والوحدة العربية. ولكن التحالف الذي عقده حافظ الأسد مع إيران روح الله الخميني يصمد منذ قرابة أربعين سنة. وبينما اعتبر الحلف على مدى السنين عبئا على سوريا في الشرق الأوسط أكثر مما هو ذخر، تصرف إيران الأن سند دينها ـ مع فائدة. وإن لم يكن مؤكدا على الإطلاق بأن الأسد الأب كان سيسعده أن يتبين أن ابنه ـ خليفته أصبح متعلقا على نحو شبه مطلق بحلفائه الإيرانيين.

عمليا، غيرت الحرب في سوريا المكانة الإقليمية لإيران، إذ أن نجاحها في حفظ الأسد في الحكم، بل وأكثر من ذلك ـ تحقيق قواعد دائمة في سوريا ـ هو لبنة أخرى في مبنى الهيمنة الشيعية في الشرق الأوسط. فالهلال الشيعي الذي يمتد من إيران، عبر العراق وسوريا وينتهي في لبنان، لم يبرز أبدا بهذا القدر في المنطقة؛ وفي هذه الأثناء تقف الدول السنّية، وعلى رأسها السعودية ومصر، بانعدام حيلة. وفضلا عن ذلك، فإن الخصومة السنّية الداخلية بالذات بين السعودية، تركيا وقطر أسهمت في النجاح الإيراني ـ الشيعي وأضعفت القوة السنّية وعلى رأسها المعارضة السورية للنظام. وكتحصل حاصل، بينما تتقاتل قطر والسعودية على السيطرة على «الائتلاف الوطني السوري» وتساعد منظمات الثوار المتخاصمة كان بوسع إيران أن تبعث بقواتها كقوة موحدة لنجدة الأسد.

تعمل في سوريا اليوم سلسلة من القوات الإيرانية: قوة القدس، الحرس الثوري ومليشيا البسيج. وإلى جانبهم بعثت طهران بآلاف المتطوعين الشيعة من لبنان (بمن فيهم حزب الله أيضا)، من العراق، من أفغانستان ومن الباكستان. وهكذا نجحت في إكمال صورة المساعدة الخارجية من جانب مؤيدي النظام السوري. لقد وفرت إيران الجواب البري من خلال نحو 20 ألف مقاتل، بينما أعطت روسيا الجواب الجوي أساسا. وفي الوضع الحالي ـ ولا سيما في ضوء التفاهمات الأمريكية ـ الروسية بالنسبة لوقف النار في سوريا ـ هناك آثار بعيدة المدى ليس فقط في إسرائيل بل أيضا في الدول السنّية المؤيدة للغرب في الشرق الأوسط: أولًا، كما أسلفنا، وضعت إيران نفسها قوة لا يمكن تجاهلها في كل ما يتعلق بالتسوية في سوريا الأسد. وإضافة إلى ذلك، فإن وجودها العسكري والسياسي في المجال السوري ـ اللبناني يمنحها قدرات تأثير ومناورة حيال مصالح دول المنطقة، بل وحيال مصالح القوى العظمى.

ثانيا، في كل دولة نالت فيها إيران نفوذا فإنها استخدمته خشبة قفز لدولة أخرى. ومن هنا، سيواصل نظام آيات الله مساعيه لتصدير الثورة الإسلامية وإطلاق أذرعه الأخطبوطية أيضا إلى أهداف أخرى كالأردن، اليمن، البحرين، السعودية وباقي دول الخليج الفارسي، إلى جانب تركيا، غزة، سيناء ومصر نفسها. وسيكون تحت تصرف إيران آلاف المقاتلين المدربين والمسلحين جيدا، وهي ستستخدمهم سواء للتآمر على الأنظمة السنّية في المنطقة أم سوطا تهدد به كل محاولة من أعدائها وخصومها لهز استقرارها أو المس ببرنامجها النووي. وفي النهاية، فإن الوجود الإيراني، على مسافة كيلومترات قليلة فقط من الحدود في هضبة الجولان، إلى جانب قدرة عمل آلاف المقاتلين وعلى رأسهم حزب الله، هي عامل مهدد يضع سلسلة طويلة من المخاطر على إسرائيل، بدءا من الجانب الاستخباري، عبر تنمية قدرات الإرهاب (حفر الأنفاق، بناء «المحميات الطبيعية» و المنظومة الصاروخية) وانتهاء بخلق معادلة العملية ـ الرد على خطوات الجيش الإسرائيلي في لبنان، حيال حزب الله، وفي سوريا.

في أيار 2016 كتب السفير الأمريكي في الرياض في حينه، جيمز سميث، يقول إن «المسائل الثلاث الأساس للسياسة الخارجية السعودية هي إيران، إيران وإيران». في ضوء عدم المبالاة الأمريكية، وفي ضوء الهيمنة الشيعية والتهديد الإيراني ليس فقط على إسرائيل بل أيضا على جيرانها، يمكن القول إنه لن يكون أبدا وضع يكون فيه مطلوبا التعاون الإقليمي العام في مصلحة تعطيل منظومة المخاطر الإيرانية.

اودي بلنجا

اسرائيل اليوم 16/11/2017

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى