صفحات العالم

الملف السوري: لا عودة ديبلوماسية الى الوراء


ثريا شاهين

تكتسب المشاورات العربية القائمة في ضوء الرد السوري على البروتوكول المطروح للتوقيع بين الجامعة العربية وسوريا لارسال مراقبين الى دمشق، أهمية خاصة، لا سيما وأن على الجامعة ان تتخذ الموقف المناسب من الرد، وستناقش ما قد يستتبع ذلك من خطوات اذا لزم الأمر.

على ان مصادر ديبلوماسية عربية، أكدت ان الاجتماع الاستثنائي للجامعة مرجح انعقاده في الفترة ما بين 14 و17 كانون الأول الجاري، وان هناك اتجاهاً عربياً لرفض الشروط السورية، لكن مع الابقاء على مجال مفتوح من شأنه اعطاء دمشق فرصة، عبر دعوتها مجدداً لتوقيع البروتوكول من دون شروط. لكن اي خطوات تلي العقوبات الاقتصادية لا تزال مدار نقاش عربي على أعلى المستويات، لاتخاذ الموقف المناسب في شأنها.

أرفقت الموافقة السورية على التوقيع بسلسلة استفسارات، على سبيل من يضمن وقف تمويل المجموعات ووقف التسليح، وانه لم تحصل مشاورات مع السلطات السورية حول تشكيل البعثة ومهامها، وأسئلة حول ما الفارق بين حماية المدنيين وحماية المواطنين، وما المقصود بعبارة “الشبيحة”، ومصير الموقوفين الذين ارتكبوا جرائم فردية. ثم سبل اختيار اعضاء اللجنة، ومتى تبلغ اسماؤهم والمعدات، ودور الحرس الخاص لأعضاء اللجنة، ودور الأمن السوري في حماية الشخصيات، وتفاصيل حول التقارير التي تعدها اللجنة ومتى تصدرها وكيف تبلغ الى سوريا.

وأسباب عدم الموافقة على الشروط السورية تكمن في ما يلي:

ـ ان قرار الجامعة حول المبادرة العربية والبروتوكول الخاص بإرسال المراقبين، يتضمن التوقيع في الجامعة العربية، وليس في سوريا، التي تستند الى النص السابق للمبادرة التي صدرت قبيل صدور قرار الجامعة الأخير. على ان موضوع المكان يمكن ان يتم تجاوزه.

ـ لكن هناك طلباً سورياً يضم كل المراسلات والاستفسارات التي تمت بين الجامعة وسوريا، وأجوبة الأمين العام عليها، الى المبادرة، واعتبارها جزءاً من البروتوكول وهذا في رأي الجامعة يؤدي الى تمييع المرجعية في الحل للوضع السوري. ما يعني ان الالتزام بالبروتوكول يصبح مطاطاً ويجعل البروتوكول مبهماً، لا سيما وأن هناك عدداً كبيراً من الأسئلة السورية والأجوبة عنها من الأمين العام. ويهدف ذلك، الى ليّ ذراع الجامعة. فالأسئلة عامة والأجوبة أكثر عمومية، وأي اعتماد على ان تكون هي مرجعية لا يخدم اهمية دقة ما نص عليه البروتوكول وضرورة العودة اليه.

ـ هناك الشرط السوري بوقف العمل بقراري تجميد العضوية فور التوقيع على البروتوكول. وهذا غير مقبول عربياً لأن المهم التنفيذ السوري للمبادرة والبروتوكول. لان هناك تخوفاً من ان يتم التوقيع وإلغاء العقوبات وتجميد العضوية، ثم ان يحصل عدم التزام بمقتضيات التوقيع.

وإذا تم التوقيع وألغيت العقوبات وبتجميد العضوية، وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة ان كل الأمور تسير بطريقة سليمة، بحسب الفقرة 4 من رسالة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى الجامعة، ولم تنفذ سوريا ما يتوجب عليها، فهذه تصبح مشكلة جديدة.

حتى انه في قرار الجامعة هناك ابلاغ للأمين العام للأمم المتحدة بالقرار، وطلب المساعدة على تنفيذه.

وهذه المسألة بالذات، هي موضع تشاور دولي بالنسبة الى الاجراءات التي قد تلي العقوبات، لا سيما وأن ابلاغ الأمم المتحدة يعدّ نافذة عربية للتدويل.

وتتوقف مصادر عربية أخرى عند عودة السفيرين الاميركي والفرنسي الى دمشق، وما اذا كان ذلك مؤشراً لتطور ما سينعكس حتماً على قرارات الجامعة لدى انعقادها المرتقب. بحيث ان معطيات محددة ربطت الأمر بإعادة الحسابات الدولية حيال سوريا، بعيد فوز الاسلاميين في مصر.

الا ان المصادر العربية أكدت، ان عودة السفيرين يجب الا تفهم خلافاً للدوافع الحقيقية. فعودتهما تعني ان القضية السورية طويلة الأمد، وان واشنطن وباريس لا تريدان فقدان كل اتصال مع الواقع في سوريا. واي خطوة عربية مرتقبة ستأخذ في الاعتبار هذا المعنى.

وبالتالي، لا عودة الى الوراء في الملف السوري، ولا منفعة من الرهان على الوقت وعلى التخويف من الاصولية والاسلام المتشدد، بحسب المصادر. فالأميركيون والأوروبيون راضون عما يحصل في مصر، بحيث تلقى السلفيون ضربة قاضية، فيما الاخوان المسلمون ربحوا وبدل ان تحارب الدول هؤلاء تسعى الى التعاون معهم، ومد أواصر التنسيق، وكانت الدول منذ الأساس تدرك احتمالات مجيء الاسلاميين الى السلطة. وسلوك هؤلاء هو المهم، وليس وصولهم الى الحكم، لانهم سيتفاعلون مع المجتمع الدولي، لذلك فان للسفيرين دوراً يلعبانه في سوريا، ووجودهما في عاصمتيهما لا يفيد دولهما في شيء على الاطلاق.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى