انتهى آذار والثورة مستمرة
أسعد حيدر
ينقل “أسديون” عن الرئيس بشار الأسد: “أن المرحلة الرمادية قد انتهت. حان الوقت لأن يحسم المترددون مواقفهم، ويقرروا مع من هم وفي أي صف يقفون”.
يتابع “الأسديون” مقومين الوضع: لقد وعد الأسد بأن نهاية شهر آذار ستكون نهاية التمرد. ها هو يفي بوعده. قد تقع بعض المواجهات والانفجارات، لكنها ستكون محدودة. على الصعيد الاستراتيجي ربح الأسد وربحنا الحرب. الأسد باقٍ ليس بالضرورة الى الأبد، لكن على الأقل حتى العام 2027 أي بعد أن يكمل ولايته الرئاسية الثانية حسب نص الدستور الذي أقرّ. معركة بابا عمرو نهاية المعارك والمواجهات الواسعة. جولة الأسد لها تأكيد ميداني للنصر، كما أن زيارته للسويداء إثبات على ولاء الدروز السوريين له”.
يضيف “الأسديون”: “قمة بغداد ترجمة واقعية للوقائع التي قامت على الارض. العرب سلموا باستمرار الأسد وأن الحل سيكون تحت سقفه. أما عن كوفي أنان فللأسد شروطه، تلبى فينجح. ترفض فيفشل. هنا الفشل سيكون على حسابهم وليس علينا”.
ويتابع الأسديون: التمرد أصبح محصوراً في خط جغرافي يجمع بين ادلب ودرعا وحمص. الباقي هادئ. يمكن التعامل معه لوقت طويل. المهم أن المعارضة تعبت واتعبت الجميع بخلافاتها وعجزها. الحلف الروسي ـ الصيني ـ الإيراني، ازداد وحدة وتصلباً. لا يبدو هذا الحلف مستعداً لتقديم أي تنازلات للولايات المتحدة الأميركية أو الدول العربية الممانعة أو الرافضة للنظام الأسدي.
سقوط نظام كالنظام الأسدي يتطلب اصابته في “عقب اخيل” قائم فيه، أي الاقتصاد والجيش والأمن معاً. سوريا لا تشكو شدة من الحصار الاقتصادي. وضعها أفضل من العراق أثناء الحصار رغم ثروة النفط العراقية. إيران تقدم الدعم المالي بلا حساب، والعراق يشتري انتاج مصانع حلب بما يضمن استمرار هدوء سكانها وتجارها مثلهم مثل الدمشقيين. أما الجيش والأمن فقد ثبت تماسكهما بطريقة اثارت الدهشة في واشنطن، وغيرها من العناصر. أما المعارضات السورية فحدث ولا حرج عن انقساماتها وعدم وجودها على الأرض. كان الوضع أسوأ بكثير في العراق وصمد نظام صدام أكثر من عشر سنوات بعد “عاصفة الصحراء”.
المعارضة العراقية كانت أقوى وحاضرة أكثر. الشمال الكردستاني كان شبه مستقل ويؤوي هذه المعارضة، والغرب ومعه الكثير من العرب ضده بشراسة غير مسبوقة.
أما الجبهة الأخرى المشكلة من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا خصوصاً فرنسا وانكلترا منها وتركيا وبعض الدول العربية فإنها تتفكك وتندفع في مسار تتواضع فيها مطالبها. لم يعد تنحي الرئيس الأسد شرطاً للحل.
القمة العربية فشلت. تواضع سقف مطالبها يؤكد هذا الفشل.
باراك أوباما مشغول بالانتخابات الرئاسية ولا يريد ان يسمع بالحرب المحدودة أو الشاملة في الشرق الأوسط. فرنسا غارقة في حملة انتخابات باهتة ستنتهي على الأغلب بسقوط نيكولا ساركوزي، في جميع الأحوال لن تتبلور السياسة الفرنسية الخارجية قبل انتهاء عطلة الصيف في مطلع أيلول المقبل.
باختصار أمام النظام الأسدي فترة سماح تمتد حتى نهاية الصيف.
طبعاً ليست هذه المدة بلا حركة. لذلك “النظام الأسدي” سيشتري “الوقت”. من محاولات شرائه للوقت بتوجيه روسي شديد المركزية، قبول مهمة كوفي أنان. سيتم تفخيخ عملية “الشراء”، بمطالب ظاهرها بريء مثل مطالبة “المجموعات الارهابية” بتوقيف نشاطها. علماً أن لا أحد يملك مثل هذا القرار طالما أن هذه المجموعات إرهابية.
هدف النظام الأسدي، عدم سحب الدبابات والتوقف عن استخدام السلاح الثقيل ضد المدنيين في القرى والمدن، لأن هذا التوقف سيتيح مقتله. مجرد حصول ذلك، يعني خروج المتظاهرين بمئات الألوف على امتداد سوريا. فشل مهمة كوفي أنان يجب أن يأتي من الاسد، حتى ينكشف ظهره أمام الروس والصينيين.
ماذا عن الثورة والثوّار؟
بعد مرور سنة كاملة على الثورة، حان الوقت للقيام بمراجعة حقيقية للأوضاع، لا يمكن التعامل مع النظام الأسدي وكان عام من الثورة قد مرّ دون أن يسقط. صحيح أن الثورة لم تمتد لكن كما يقول معارضون وطنيون حلبيون يجب قراءة الوضع بعقلانية ثورية وليس بعواطف ثورية، يجب تحديد القوى وقدراتها ومساراتها. واشنطن لن تذهب بعيداً في دعمها للمعارضة حتى تعرف “هوية” البديل. إسرائيل يهمها ضمان وجود نظام يضمن حدودها، كما فعل النظام الأسدي منذ العام 1973من جهته، وان يضبط حركة حزب الله في لبنان من جهة أخرى، لا يمكن للمعارضة تجاهل روسيا موقفاً ودوراً، أيضاً إيران، موسكو بما لها من علاقات تاريخية مع سوريا منذ العام 1954 يمكن ان تلعب دور الضامن للحل بعد ان تضمن مصالحها ووجودها. وإيران قادرة على تدوير الزوايا والتعامل مع كل المستجدات المتوقعة منها والطارئة بمقدرة حائك السجاد ولاعب الشطرنج في وقت واحد. وحزب الله ممكن ان يلعب دوراً إذا ما شعر بالاطمئنان. يدرك المعارضون أنفسهم “أن الحزب قلق من حصول تغيير لأنه سيخسر حليفه الأسد وسيجد نفسه في “بحر سني” رافض له ولذلك يمكن طمأنته وان كان عليه أن يستوعب المتغيرات وأساسها انه لن تبقى يده طليقة كما يريد في لبنان”.
كل ذلك يؤكد أن مرحلة المراجعة ستكون غنية بالحركة والمتغيرات الايجابية، يستطيع “الأسديون” أن يعلنوا “انتصارهم” كما يقول المعارضون الوطنيون. لكن الواقع أمر آخر خصوصاً اننا نعرف ويعرف كل الشباب في الداخل: “أن طلب الحرية مثل لعق العسل عن الشوك”.
المستقبل