هل فشلت خطة أنان؟
د. غانم النجار
ليس مكتوباً لكل خطة سلام أن تنجح بالضرورة، وقد أعطيت خطة أنان كل الدعم الدولي لكي تنجح، فهي ثنائية الشكل؛ تمثل مجلس الأمن والجامعة العربية، كما أنها كانت بمنزلة المنقذ للنظام السوري من السقوط. أقول “كانت” لأنها تتدحرج نحو الهاوية إلى غير رجعة، وصار على المجتمع الدولي أن يبحث في البدائل بدلاً من الإصرار عليها والتمسك بتلابيبها وهي قد تبخرت. الحقائق على الأرض تفيد بأن عودة حكم نظام حزب البعث إلى سورية قد ولت إلى غير رجعة، وأن من يظن بسلطة العسكر في هذا الزمان فإن عليه مراجعة حساباته، كما أن الرهان على عامل الزمن لن يفيد النظام بل سيكسره في إطار استمرار تجدد الحالة النضالية للشعب السوري.
بالنظر إلى خطط السلام، وبالذات في حالة معقدة وطنياً وإقليمياً، كما هي الحالة السورية، والتي دخلت في إطار إيقاف أعمال عدائية للنظام السوري فيها اليد الطولى فإن النتيجة معروفة. إن عدم إيقاف تلك العدائيات يضعف من حجج النظام حجة تلو الحجة، ويؤدي إلى تراجع الحلفاء الدوليين حليفاً تلو الحليف، ويعطي تأكيدات بأن قبولها من قبل النظام لم يكن إلا لكسب الوقت وإعطاء الحليفين الرئيسين روسيا والصين حجة يجادلان بها، وليس أدل على ذلك من ليونة نسبية في الموقف الروسي من حيث عدم اعتراضه على رحيل الأسد.
الخطة البديلة من المفترض أن تبنى على تهالك الخطة الحالية، وأن تبدأ ضمن مجموعة معطيات، أولها إحالة ملف سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية فوراً ودون تأخير، وهو ما سيعطي قدراً من الحصافة للنظام الدولي، وثاني مكوناتها يتم بدعم إنشاء المناطق الآمنة بالنسبة إلى اللاجئين السوريين على الأقل في الدول الثلاث الرئيسة، ولئن كانت تركيا قد منحت صفة حماية اللاجئين للسوريين فمن المفترض أن تتضمن الخطة تعاملاً مشابهاً من الأردن ولبنان وربما العراق كذلك، أما ثالث عناصر الخطة فيتمثل بتكثيف الدعم وتقوية الدور الأممي على الأرض مع حماية العاملين ورصد ما يجري من انتهاكات وتوثيقها، ورابع عناصر الخطة وهو الأكثر حساسية وصعوبة فهو التوصل إلى صيغة عملية لكيفية نقل السلطة إلى حكومة منتخبة بإشراف دولي ضمن جدول زمني محدد في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. من المهم أيضاً أن يتم في إطار الخطة ضمان حقوق كافة مكونات المجتمع السوري بأقلياته الدينية والعرقية والمذهبية المختلفة.
والحرص كل الحرص على تجنب عدم تحول الوضع إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. ولعله بات واضحاً أن هناك قلقاً متزايداً من بعض الأقليات على مصيرهم إن حدث تغيير جذري، فهم قد يتمسكون بالنظام، ليس حباً فيه، ولكن خوفاً مما هو قادم، ولذا وجب العمل على تبديد تلك المخاوف، سواء بمواقف واضحة ومستمرة من المعارضة السورية أو وضع ضمانات كافية من المجتمع الدولي.
خطة أنان انتهت، وخسر النظام فرصة تاريخية، ويبدو أن أوان الرحيل قد حان.
الجريدة