صفحات الحوار

الطيب تيزيني : بؤر في النظام تمنع تنحي الأسد


 بيروت – ريتا فرج

 رأى المفكر السوري الطيب تيزيني أن التجربة المصرية يمكن أن تطبق على سورية «مع أهمية التأكيد على الخصوصيات»، مشيراً الى أن «تشكيل أي حكومة انتقالية يجب أن يضم كل قوة المعارضة، اضافة الى الشرائح التي لم يكن لها موقف من الأحداث الجارية في سورية».

وأكد تيزيني، الذي دعا الرئيس بشار الاسد الى تقديم استقالته أن «تنحي الاسد كان جزءا من الحل فأصبح جزءا من المشكلة»، موضحا أن «خيار التنحي كان ممكنا في السابق لكن البؤر التي تشكلت داخل النظام لم تعد تسمح بذلك».

وشدد على أن «مؤتمر جنيف يعكس المأزق الدولي في حل الأزمة السورية، فالمطلوب التركيز على مسائل أساسية من بينها ايقاف العنف والقتل ودخول السلاح»، مشيراً الى أن «أي تغيير سياسي لا يمكن أن يحدث تحت قبضة السلاح».

وعن رأيه بالنتائج التي خرج بها مؤتمر المعارضة في القاهرة، قال: «لا أتوقع حدوث تحول ايجابي. لكن من المهم جداً ألا تنشأ في جسد المعارضة نتوءات قد تتحول انقسامات كبرى».

«الراي» اتصلت بتيزيني وأجرت معه الحوار الآتي:

أشارت تقارير الى أن هناك خيارات دولية لتطبيق النموذج المصري في سورية بمعنى رحيل الأسد والابقاء على المؤسسات العسكرية لا سيما الجيش. ما رأيك بهذا السيناريو؟ وهل هو قابل للتطبيق في سورية؟

– في كل الأحوال هناك حال لا يمكن تجاوزها وكل تجربة لها خصوصيتها، وينبغي النظر الى الظروف التي تحول دون نسخ تجربة معينة في شكل ميكانيكي على تجارب أخرى. ان التجربة المصرية يمكن أن تُستلهم لأنها تتميز في الدرجة الاولى بحيويتها ولأنها انتهت الى النتائج الحالية والمصريون يعيشون الآن لحظات الانتصار. ما جرى في العالم العربي في العامين الاخيرين أمر ذو أهمية كبيرة يجبرنا على اعادة النظر في ثوابت كنا نعتقد بأنها غير قابلة للتغيير، فاليوم الاخوان المسلمين لم يعودوا اخوانا وخضعوا لتغيرات واضحة على مستوى الخطاب وأصبحوا أكثر موضوعية في التعاطي مع الواقع السياسي مع تعاظم الربيع العربي. ويمكن ان يُقال أن تجربة مصر مع تأكيدنا أهمية الخصوصيات يمكن أن تطبق على سورية بمعنى أن يتم تشكيل حكومة انتقالية تأتي بعد تنحي الأسد، ولا بد لهذه الحكومة أن تضم كل أطراف وقوى المعارضة حتى الشرائح التي لم يكن لها موقفا من الأحداث الجارية في سورية، أي أن على الحكومة الانتقالية تمثيل الجموع الواسعة لكل اطياف الشعب السوري حتى تلك التي لم تشترك بموقف لا مع المعارضة ولا مع النظام. أما في شأن الجيش فلا بد أن يُعاد النظر فيه كجيش وطني وظيفته الدفاع الوطني فقط وأن تنتزع منه وظيفته الايديولوجية التي تسيطر عليه الآن.

ماذا بعد مؤتمر جنيف؟

– في اعتقادي مؤتمر جنيف عبارة عن تجربة جديدة تؤكد فشل المجتمع الدولي في حل الأزمة السورية، وكان المطلوب من هذا المؤتمر التركيز على مسائل أساسية من بينها وقف العنف والقتل ودخول السلاح، لأن العنف في سورية بدأ يتعاظم في شكل واسع ومن الاخفاق القول ان تغييرا سياسيا يمكن أن يحدث في سورية تحت قبضة السلاح. لكن السؤال هل أطراف النزاع في السلطة والمعارضة العسكرية قادرة على ايقاف العنف؟ نحن في لحظة كلا الفريقين يسهم في تأجيج العنف ما يعني انسداد الأفق أمام الحل السياسي، ولا يمكن أن نغفل عن الدور الخطير الذي لعبته السلطة لجهة دفع الطرف الثاني نحو حمل السلاح، وهنا النظام يتحمل المسؤولية الكبرى في تصاعد العنف وكان عليه منذ البداية السير في الحل السياسي وتسهيل عملية انتقال سورية نحو الديموقراطية والتعددية السياسية، لكن اليوم الأمور أصبحت شديدة التعقيد والتداخل، وكان من المهم للرئيس الأسد قبل أن تصل الأمور الى هذه المرحلة تقديم استقالته.

لكن هل الأسد قادر على اتخاذ خيار التنحي في هذه المرحلة وسط اللغط الذي أثاره مؤتمر جنيف؟

– الأسد أضاع فرصا كثيرة ومهمة وكان في امكانه تحاشيها لو تحققت بعض الخطوات الحكيمة، وأرى أن تنحي الأسد الذي كان جزءا من الحل أصبح الآن جزءاً من المشكلة. الوضع في هذه المرحلة أصبح معقدا والرئيس في السابق كان أكثر تحررا من هذا القيد الذي يضغط عليه، لكن وجود البؤر التي تشكلت في النظام منذ فترة وجيزة لم تعد تسمح بخيار تنحي الأسد. الوضع الحالي شديد التعقيد ولم يعد الخيار المطروح داخل أروقة النظام يطرح تنحي الاسد، وهذا ما يدفع السلطة الى ممارسة المزيد من المراوغة السياسية واضاعة الفرص. ورغم هذا التعقيد الذي دخلنا فيه من المهم تقديم تنازلات لمصلحة الشعب السوري، والتنازلات جزء من العمل السياسي، فبعد نحو خمسين عاماً لا بد من تغيير جذري يطول كل الحياة السياسية في سورية.

ماذا تتوقع من مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة؟

– لا أتوقع حدوث تحول ايجابي. لكن من المهم جدا ألا تنشأ في جسد المعارضة نتوءات قد تتحول انقسامات كبرى وتاليا تؤدي الى اجهاض العمل السياسي لدى قوى المعارضة السورية.

كيف تقرأون كلام وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري خلال افتتاح مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة خصوصاً حين تحدث «عن آمال الشعب السوري وطموحاته للتخلص من نظام شمولي»؟

– أعتقد أن العراق الذي خرج من أزمة كبرى منذ العام 2003، وبعدما مرّ في اعوام قاسية جدا يخشى الآن من ان تمتد الأوضاع المضطربة في سورية الى أراضيه. وأرى أن زيباري أراد التحذير من دخول سورية في حرب أهلية وهو يخشى من تمدد هذه الحرب الى الأراضي العراقية. وثمة دعوة في خطاب الوزير العراقي الى ضرورة الدخول في حل سياسي سريع. وهو حين تحدث عن النظام الشمولي أراد التأكيد على أهمية التغيير في سورية. وأعتقد أن موقفه ينم عن تحول في المقاربة العراقية للازمة السورية رغم حديث البعض عن تضارب في الموقف الرسمي العراقي.

الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى