خورشيد دليصفحات سورية

سوريا: التطورات الميدانية تسبق كل شيء


خورشيد دلي

مع تفجير مبنى الأمن القومي السوري ومقتل وجرح العديد من كبار قادة الجيش والأمن تبدو التطورات الميدانية على الأرض وكأنها سبقت كل الجهود السياسية والدبلوماسية المتعلقة بالأزمة السورية، وقطعت الطريق لرسم ملامح كيفية وضع نهاية لها بعد أن أزهقت أرواح آلاف السوريين وهجرت مئات آلالاف منهم ودمرت العديد من المدن والبلدات وتحولت البلاد إلى جزر أمنية خطرة.

دون شك، الذي أخر وضع نهاية لهذه الأزمة رغم مرور أكثر من سنة ونصف السنة على بدءها، هو البعد الإقليمي والدولي، بعد ان تحولت الأزمة إلى حرب بالوكالة بين روسيا وإيران والصين من جهة والدول الغربية وتركيا ودول الخليج العربي من جهة ثانية، ولعل سبب ذلك هو الجغرافية السورية الممتدة سياسيا وأمنيا في ملفات المنطقة وتحالفاتها التي بنيت خلال العقود الماضية على شكل محور يمتد من طهران ويصل عبر دمشق إلى الضاحية الجنوبية مرورا ببغداد المالكي، وعليه فان انهيار النظام في سوريا سيؤدي إلى انهيار هذه المنظومة الأمنية وتبدل المعادلات الإقليمية في المنطقة .

على خلفية هذه المعادلة الإقليمية والدولية، والناتجة أساسا عن تضارب المصالح والاستراتيجيات والخشية من التداعيات راوحت الأزمة السورية مكانها فيما الثابت كان الارتفاع المستمر في اعداد الضحايا والمهجرين.

إضافة لدور الحرب بالوكالة اصطدم حل الأزمة السورية بالنهج الأمني للنظام، وهو ما أدى عمليا إلى عسكرة الحراك السلمي المعارض الذي بدأ في البداية على شكل مطالب حقوقية وسياسية قبل ان يتحول إلى العمل العسكري المنظم بقيادة الجيش الحر الذي وجد في تركيا خاصة إقليمية له، الا انه من الواضح ان هذا الجيش بدأ يكتسب المزيد من المتطوعين والملتحقين بصفوفه يوما بعد أخر، فضلا عن أمتلاكة أسلحة وتكتيكات عسكرية مكنته من أن يتحول إلى خصما قويا للجيش النظامي على شكل حرب عصابات في ضواحي المدن الكبرى .    اللافت في عمليات هذا الجيش مؤخرا هو تركيزه على نقل المعركة إلى قلب العاصمة دمشق بعد ان ركز طوال الفترة الماضية عملياته في محافظات حمص وأدلب وريف دمشق، ولعل ما ساعده أو أجبره على نقل معركته إلى دمشق هو العمليات التي قام بها الجيش في حمص وتحديدا في بابا عمر وأدلب، فوجد هؤلاء في ضواحي دمشق مكانا مناسبا للجوء إليه ومن ثم التخطيط لمعركة دمشق حتى أصبحت المدينة تحت دائرة النار بعد ان بقيت دمشق وحلب بعيدتان نسبيا عن الاحتجاجات والمواجهات.  دون شك، عملية مبنى الأمن القومي ستكون لها تداعيات كثيرة على معادلات المعركة الجارية في العاصمة وضواحيها، تداعيات ستفتح الباب أمام التطورات الميدانية على مصراعيها، وعلى رمادها ستبنى الجهود وربما الصفقات بعدما فشلت طوال المرحلة الماضية في التوصل إلى حل سياسي ينقذ الدم السوري.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى