الطائف حلاً ؟
قبل أن أدخل بصلب الموضوع أرغب بالاستفادة من المقالة الحالية بالتعقيب على مبادرة أنساني بالتواصل و التعريف بأنفسنا عبر المندسة. , لذلك سأشارككم مجدداً بالمقالات التي سبق و طرحتها عبر منبر المندسة نداء إلى رفاقي المثقفين , المخاطر الجديدة التي تتعرض لها سوريا و غيرها من الدول الثائرة العربية , قصص قصيرة و واقعية , رسالة إلى الدكتور بشار , الثقافة… أزمة , و نقطة نظام !
أما بالنسبة للمقالات التي شدت انتباهي على المندسة فهي كثيرة و لكن أذكر منها مقال تشي مندس غفارا حول حزب التحرير و خصوصاً النقاش الذي تلاه عبر تعليقات المشاركين ,و أعتقد أن المندسة تملك السبق بعرض موضوع هذا الحزب للنقاش و التعريف به بعيداً عن الكليشات التقليدية.
يعود الفضل إلى إنعاش رغبة الكتابة اليوم إلى الصديق سامر الذي طرح تساؤل هام عن ماذا تحمله المرحلة القادمة بمقاله حان دورنا ثوار النت .
كثير من الإجابات للأسئلة التي طرحها الأخ سامر يمكن تلمسها بكتابات شخصيتين من أفضل الشخصيات المعارضة و هما د.حازم نهار و مقالته حول العدالة الانتقالية و شخصية أقل شهرة و هي د.هيثم الخوري و الذي انصحكم بقراءة كافة مقالته المجموعة على الحوار المتمدن. طبعاً لا غنى عن التذكير بما يطرحه أيضاً مفكر الثورة السورية د. ياسين الحج صالح .
حسناً الآن ماذا لدي لأزيد به ؟ الحقيقة رغبت بعرض وجهة نظر مختلفة بعض الشيء أطرحها عليكم للنقاش…
بالنظر إلى كل من كان لا يتفق معنا بالموقف المناصر أو الفاعل بالثورة السورية منذ بداية الثورة و حتى هذا اليوم , هؤلاء الأشخاص الذين شملناهم بكلمة المنحبكجية , المؤيدين , و الآن الكثير بدء يميل إلى اختصارهم (للأسف دون بينة) بكلمة العلويين و بطريقة أكثر تهذيباً الأقليات و الطائفة الكريمة.
مع الوقت نسينا أن هؤلاء محركاتهم كثيرة و نسينا أن ليس كل معارض للثورة هو بالضرورة مقاتل بصف النظام…
صحيح أن هناك فئة هامة أقتصر محركها التأييدي للأسد من منطق طائفي بحت و لكن هناك الكثير ما زال يبرر موقفه من منطلق الاستناد إلى المؤامرة الأمريكية الوهابية أو التخوف من الاسلام المتشدد عموماً ( و مما لا شك به أن الدعم السعودي و الطابع الاسلامي للجيش الحر لم يساهم إلا بزيادة هذه القناعة رسوخاً ). النظام بدوره لا يريد و لا بشكل من الأشكال أن يقول عن نفسه علناَ أن يمثل طائفة من الشعب السوري دون غيرها و لذلك يستمر إعلامه الرسمي و غير الرسمي بالعمل على إظهار مؤيديه من كل الطوائف و التأكيد على أفكار المؤامرة و الأيدي الخارجية.
شخصياً اعتقد أن مقاربة كل فئة يجب أن تتم على حدة و بأسلوب مختلف , فبمقاربة الالتفاف الطائفي حول الأسد سأقتبس من الوضع اللبناني الحالي مثال للحل و أقول ما المانع من أن يخرج معارض سوري علوي و يدعوا إلى التمثيل السياسي للأقليات. ان أعرف أن هذه الفكرة موجودة بدوافع البعض و لكن حتى اليوم لم يجرؤ أحد على النطق بها علناَ ، و أحد الاشخاص الذين تحركوا من هذا المنطلق و لكن بمواربة كبيرة جعلت كثير من المعارضة و كثير من المؤيدين ينفرون منه على حد السواء هو المعارض لؤي حسين مؤسس تيار بناء الدولة السورية.
الأسد هو رمز لكل النظام الفاسد و سقوطه هو محرك الثورة و بالتالي فإن كامل ثوار اليوم لا يمكن لهم أن يقبلوا بأن يلعب بشار أو أحد من حاشيته المقربة دوراً بالحياة السياسية بسوريا المستقبل و لكن ما المانع من أن نتوقف اليوم عن المبارزة الكلامية بين المعارضة و النظام برغبتهم بالتأكيد على ” مدنية و علمانية ” سوريا و أن نقبل بأن يظهر المذهب العلوي و غيره من ديانات الأقليات السورية إلى العلن بشكل سياسي يشابه الوضع الحالي بلبنان مع تدارك المشكلة الكبرى الحالية بلبنان وهي السلاح خارج إطار الدولة. أنا اعتقد أن الأسد لا يمكن أن يلعب دور ممثل لطائفة فقط لأنه لا يملك حتى مقومات القائد الميداني كما يملك الرؤساء المتناحرين حاليأ بلبنان. ( بل و بحال تطور الأمر إلى صراع طائفي علني بسوريا على وضع الحرب الأهلية بلبنان فسيكون الأسد كبش الفداء الذي سيتم نحره باكراً ) و لكن ما المانع من أن يجد العلويون ممثلاً لهم على المستوى السياسي عدا الأسد حتى قبل سقوطه.
قد يكون هذا حلاً لمرحلة بعد سقوط الأسد و نقل الخلافات ,التي ستعاني منها سوريا بعد سقوطه, من ساحات القرى إلى ساحة مجلس الشعب ، و تحويل الخلاف المسلح إلى خلاف أقلام و حناجر. و ما ينطبق على العلويين ينطبق على باقي الطوائف السورية.
هذا بالنسبة لجنود الأسد الطائفيين، أما بالنسبة للدعم اللفظي أو الفعلي للأسد المنطلق من موقف “قومي” معادي للتدخل الأمريكي أو السعودي فاعتقد أن هذا الدعم سيتوقف بمجرد أن أجاد الأشخاص الذين سيستلمون إدارة الأمور و بشكل أساسي التحكم بأهم منبريين يخاطبون الشعب بهما و هما التعليم و الإعلام.
يجب أن يتم اعتماد خيرة الكتاب و المفكرين لاستلام مهمة ” نفض” هذين الجهازين , مع المسارعة بنشر ملفات الفساد التي تميزت بها حقبة الأسد و من ثم طرح أفكار جديدة تتعامل مع الفكر الذي كان يتهم بأنه ” معادي ” بطريقة مختلفة , لا محاربته كما كان يفعل النظام من قبل و تجريم السلفي من جهة و الشخص الذي ينادي بالسلام مع اسرائيل من جهة ، و لا الارتماء بأحضانهم كما لو أن محركنا هو ” النكاية” بأفكار البعث. و إنما التعامل معهم بكل موضوعية فاتحيين المجال لكل حوار و مناظرة فكرية ممكنة.
مما لا شك فيه بأن أصعب عمل بسوريا خاصة و العالم العربي عموماً هو خلق القدرة على تقبل الآخر مهما كانت أفكاره غريبة و خطيرة بالنسبة لنا. هذه القدرة تحتاج إلى جهد كبير لتعلم أساليب المناظرة الفكرية و النقاش الموضوعي و تضمين المعطيات الصحيحة المستندة إلى دراسات و إحصائيات موثقة. و هنا تبرز أهمية ” نفض” جهاز التعليم لغرس هذه الأفكار أبكر ما يمكن في عقول الجيل الناشئ الجيل الذي سينعم بسوريا ما بعد الأسد … فللأسف احتمال كبير أنو راحت علينا!
أخيراً و لرفع المعنويات بعض الشيء ، بعيد عملية اغتيال أعضاء خلية الأزمة تذكرت قصة اغتيال رينهارد هيدرش الذي كان من أكثر الضباط قرباً من هتلر و الذي تم اغتياله على يد المقاومة المسلحة التشيكية , و قد لفتت نظري صورة في معرض كان يروي قصة هذا الاغتيال هي المرفقة بأول المقال و هي تظهر براغ ثاني يوم تم به الاغتيال و قد جاء هتلر إليها و جمع قاطنيها كلهم بأكبر شوارعها ليقدموا فروض الطاعة ويتاجر بهم هتلر قائلاً للعالم انظروا هاهم التشيكيون يهللون لي و للحكم النازي و من اغتال ضابطي ليس إلا مارق عن القانون و متآمر خارجي.
اليوم نرى بشار لا يجرأ حتى على الظهور علناً عند دفن صهره! و الكل يعلم أنه لا يستطيع بعد اليوم أن يحشد 50 شخص بدمشق بمسيرة مؤيدة. و عليه أقول كما يقول الصديق فري سيريا ”النصر قريب… و الثورة ماضية بعون الله! “
ياسر خ. طبيب مغترب