صفحات العالم

إنخراط أميركي جدّي جدَّاً في الثورة السورية


    سركيس نعوم

قبل أقل من اسبوعين تلقيت من متابع اميركي مزمن للأوضاع في سوريا والمنطقة ولعلاقة الاولى بدولته تحليلاً   معلوماتياً يفيد ان الرئيس باراك اوباما وقّع مذكرة من نوع معيَّن سمح بموجبها بتقديم مساعدة سرية الى الثوار السوريين. ويفيد ايضاً ان موعد التوقيع المذكور قد يكون سابقاً للاعلان عن هذا الامر رسمياً من البيت الابيض. ذلك ان الاميركيين والاتراك كانوا يدربون وحدات من الثوار ويزودونها كل ما تحتاج اليه من معدات، من ضمن حدود طبعاً، بغية الاشتراك في معركة حلب. ويفيد ثالثاً، ان واشنطن كانت تتوقع ان توجع كثيراً هذه الوحدات جيش نظام بشار الاسد، وان تحيِّد أو بالأحرى تُبطِل “الارمادا” الجوية التابعة له (سلاح الجو) وذلك بفعل صواريخ ارض – جو تُستعمل يدوياً التي سُلِّمت اليها. ويفيد رابعاً، ان الوحدات الثائرة زُوِّدت ايضاً ما يمكنها من معرفة اماكن تمركز قوات النظام واوقات تحركها ووجهات سيرها بل خططها الموضوعة للتحرك. ويفيد خامساً، ان وحدات الثوار اياها تُساعَد استراتيجياً وتكتياً، وان اميركا ليست الدولة الوحيدة التي توفر هذه المساعدة وانواع اخرى منها بل تشاركها في ذلك فرنسا وبريطانيا. ويفيد سادساً ان لا أحد يستطيع ورغم كل المذكور اعلاه معرفة طريقة سير المعركة أو المعارك بين الثوار وجيش الاسد، أو معرفة اذا كانوا سيصمدون في مواقعهم داخل مدينة حلب. لكن ما يعرفه الجميع هو ان مجزرة في هذه المدينة التاريخية ستحصل، وان وحدات الاسد او كتائبه ستعاني كثيراً وستتكبد خسائر كبيرة. ويفيد سابعاً، وهذا امر تناولته وسائل الإعلام الاجنبية واللبنانية اخيراً، ان تركيا ستدخل “المعمعة” لمنع سقوط حلب في ايدي الاسد، وستعلن حظر الطيران فوقها كما فوق منطقتها. وقد تصبح هذه المدينة عاصمة الثورة السورية وخصوصاً بعد زيادة الدول المعنية مساعداتها لها. والمحافظة على المنطقة الواقعة بين حلب والحدود التركية في ايدي الثوار امر مهم من الناحية الاستراتيجية. ويفيد ثامناً، ان قوات الاسد في ورطة برغم نجاحها في طرد الثوار من العاصمة دمشق. ذلك ان هؤلاء انتشروا بل ذابوا في اوساط سكانها، وهم في وضع يمكّنهم من دخولها وتنفيذ عمليات ضد النظام ساعة يقررون، وخصوصاً إذا ارسل المزيد من قواته الى حلب لمواجهة نجاح الثوار في السيطرة على 60 في المئة منها على الاقل. ويفيد تاسعاً، ان قوات الثوار قد تشن هجمات في المدن الكبرى كلها داخل سوريا، الأمر الذي يربك جيش الاسد واحتياطيه وينهكهما. ويفيد عاشراً، ان جيش الاسد يعاني مشكلات عدة في معداته التي باتت تحتاج الى صيانة. والاخيرة ليست سهلة لصعوبة إيجاد قطع الغيار او “الميكانيكيين” الاختصاصيين.

هل لا يزال التحليل المعلوماتي المفصل أعلاه صالحاً اليوم؟

المتابع الاميركي المزمن نفسه لقضايا سوريا والمنطقة ولعلاقة الاولى بدولته، وهو للمناسبة صديق، قال قبل يومين في تحليل جديد ان لا شيء تغيّر في الاساسيات. لكنه اضاف اموراً قد تلقي اضواء أكثر قوة على الوضع السوري والتعاطي الدولي معه. الامر الاول، تأكيد تدريب اميركا وتركيا الثوار السوريين في قاعدة اميركية قريبة من الحدود السورية مع تركيا. لكن هؤلاء لم يُرسلوا الى حلب كما كان مقرراً لأن الطريق قُطِعت، ولأن الاسد ارسل نحو عشرين الف جندي لمحاصرة حلب واستعادة ما سيطر عليه الثوار فيها. لكن ذلك لم يكن السبب الوحيد، إذ ان قرار اميركا وتركيا وحلفائهما إقامة منطقة حرة وآمنة ومُغلقة اجواؤها امام الطيران الحربي ربما ينتظر الانتخابات الرئاسية الاميركية. وقد يكون موعده بعدها إلا إذا فرضت تطورات دراماتيكية اتخاذه قبل ذلك. وستشمل المنطقة المذكورة المنطقة الواقعة بين حلب وحدود تركيا كما المنطقة التي تتصل في نهايتها بالعراق. وستسيطر على هذه المناطق كتائب الثوار التي تدربت على ايدي اميركا وحلفائها. وستعمل لاستعادة حلب إذا استعادها النظام، كما ستتحرك في اتجاه المدن الكبرى الاخرى في سوريا. وستؤمّن للكتائب الثائرة اسلحة قاتلة ومعلومات وخرائط وصور ومال وعلى نطاق واسع.

في النهاية يقول المتابع الاميركي نفسه ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قالت مع المسؤولين الاتراك ان الجميع يحاولون التوصل الى نهاية سريعة للقتال في سوريا. وقال انه يحاول معرفة معنى ذلك، وإذا كان يعني، الى القتال، استهداف القادة والمؤسسات في نظام بشار. ورجح ان يصل الى معرفة ذلك قريباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى