سوريا و محاور الحلفاء… الحرب النائمة استفاقت 1
بيتروس بيتروسيان
حرب الحلفاء يبدأ من جديد، من البوابة السورية هذه المرة، لقد خرجت الازمة لتتخطى كل الاعتبارات الانسانية، لم تعد الاطراف السورية تسيطر على ما يجري في اراضيها، وتجد صعوبة في التعامل مع التغيرات والمستجدات الميدانية في الارض السورية، من كلا الطرفين، الحكومة والمعارضة، إن الاطراف التي لعبت، وتلعب دوراً في الازمة السورية، والتي تتألف من عدة محاور، اصبحت على مفترق الطرق، فالتداعيات ستكون خطيرة، كل المؤشرات في المنطقة بدئاً من احداث سيناء، إلى عمليات الخطف في لبنان، وإنهاء مهمة المراقبين الدوليين، وتأهب اسرائيل العالي، وتهديدات بعض المسؤولين الاسرائيليين، تشير إلى أن الامور تتجه نحو التصعيد، والعمل إلى توجيه الأنظار لمناطق اخرى، في المنطقة، هذا كله يؤكد ان هناك متغيرات في ما يخص القرارات الدولية في الازمة السورية.
هل من الممكن ان يكون هناك تدخل عسكري مباشر في سوريا، أم الاحتمالية الأرجح، بضربة مفاجئة لإيران، وتكون البداية لحرب إقليمية، ولا يستبعد أن تكون حرب عالمية ثالثة، بين محاور الحلفاء، المحور السوري، الإيراني، الروسي، والصيني، وحلفاء سوريا في لبنان، ضد المحور القطري، السعودي، التركي، الغربي، الأمريكي، والمحور الثالث، ” اسرائيل”، التي تعتبر نفسها مستهدفة من كل اطراف المنطقة، بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله ” حسن نصر الله “.
المحور الاول
محور الممانعة والمقاومة، كما تسميها سوريا، أو مثلث المقاومة، كما سمتها ايران، هذا المحور الذي طالما هدد اسرائيل ومازال يهددها، المحور الذي، انضم اليه في بداية الازمة السورية، كلا من روسية والصين.
روسيا و الصين
الدولتان العظمتان اللتان تترأسان مجموعة، دول ” البريكس، تبين دورهما وبشكل ملحوظ في الامم المتحدة، ومجلس الأمن، باستعمال حق الفيتو، ثلاث مرات، والذي سبب عجزاً غربياً، امريكياً، باتخاذ أي قرار ضد النظام السوري، ويمتد هذا المحور من موسكو إلى ايران مروراً بالعراق وصولاً الى لبنان، أما الصين فتتبع مثل العادة سياسة هادئة، ومحنكة، تمرر من خلالها، رسائل للولايات المتحدة الامريكية، والغرب، تأكد فيها إلى دور الصين في حل النزاعات الدولية، وبالأخص الشرق أوسطية، لأنها من أكبر مصادرها للطاقة، كما ترى بكين، أن الولايات المتحدة تعمل جاهداً لإغلاق هذا الباب عليها، مما سيسبب ضربة قوية لاقتصادها الذي نما بشكل ملحوظ، ولم تتأثر بالأزمة الاقتصادية كباقي الدول في العالم، ساعدت الصين، سوريا اقتصاديا، وقدمت بعض المساعدات العسكرية، حيث اعتمدت على روسيا بشكل أكبر، في هذا الصدد، بينما الدب الروسي ظهر من جديد، ليقول، أنه عاد ليعيد التوازن للعالم، الذي فقد توازنه، في غياب القطب الآخر، وتفرد أمريكا في اتخاذ القرارات الدولية، أما فيما يخص الشرق الأوسط، فهذا بالنسبة لروسيا خط أحمر، موسكو لها مصالح استراتيجية، اقتصادية وعسكرية في المنطقة، وخاصة في سوريا، كان الخطاب الروسي واضحاً وشديد اللهجة، حيث رفضت التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأكدت أنها ستقف ضد تمرير أي قرارات في مجلس الأمن تحاول استخدام القوة، أو التدخل العسكري على غرار ما حصل في ليبيا، وعملت على ارسال شحنات اسلحة إلى طرطوس، وبوارج حربية روسية، لتأكد دعمها لسوريا، وأنها متمسكة بها ولن تتخلى عنها بأي ثمن، ومن طرف آخر، سياسياً، كما قلت سابقاً، أنه استعمل حق الفيتو، ثلاث مرات، ومن الأسباب الرئيسية لدعمه النظام السوري، حرصه على ابقاء حليفه السوري على البحر الابيض المتوسط، الذي له فيها قاعدة عسكرية في مدينة طرطوس، وهي قاعدة استراتيجية مهمة جداً، ووحيدة لها على المتوسط، كما تعتبر سوريا ثالث أكبر سوق في العالم، يستورد الاسلحة الروسية، وترى روسيا أن سوريا، أصبحت الممر الرئيسي اليوم، لمرور الولايات المتحدة من خلالها، وهيمنتها على المنطقة، ومن ثم إلى إيران التي تعتبرها حليفها الاستراتيجي والاقتصادي القوي أيضاً، ومن خلال إيران إلى روسيا، عن طريق الاسلاميين الموجودين في مناطق متفرقة من البلاد، لهذه الاسباب لا تتزحزح موسكو عن موقفها في التخلي عن سوريا، فأدانت أخيراً الموقف الدولي وبشدة، لإنهاء مهمة المراقبين الدوليين في سوريا، وحذرت من المحاولة للتدخل العسكري المباشر، خارج مجلس الامن، وهناك سبب آخر وهو السبب الأساسي والاقوى، للدفاع عن سوريا وعن نظامها، هو في فرض روسيا عودتها للاشتراك، في اللعبة السياسية الدولية، واعادة تركيب بيئة سياسية جديدة خارج خدمة المصالح الأمريكية، وملئ الفراغ الذي تركه الاتحاد السوفيتي، في نهاية الحرب الباردة، التي اعطت الولايات المتحدة الأولوية في اتخاذ القرارات… اليوم تعمل الدولتين العظمتين، روسيا والصين، القوى الاقتصادية الصاعدة، على الانخراط في هذه اللعبة السياسية، وبالأخص الشرق اوسطية، التي تشكل مصادر الطاقة والقوة للدولتين، وإنهاء حكم وسيطرة القطب الواحد، وخلق توازن للقوى الدولية في العالم، واعادة تركيب المنطقة.
العراق
لا تلعب العراق دوراً رائداً في الازمة السورية، ولكنها تبقى جزئاً من محور الحلف القائم، وتعد العراق طريق المرور الإيراني إلى سوريا، وفي تصريحات سابقة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أشار إن إسقاط النظام السوري بالقوة، “والذي لن يسقط “، سيؤدي إلى احراق المنطقة بالكامل، وزعزعة الاستقرار الذي نعمل من أجله، وأنها ستؤدي إلى أزمة تراكمية في المنطقة، وأن لغة استخدام القوة لن تسقطه، قلناها سابقاً ونقولها اليوم، قالوا شهرين قلنا سنتين، ومرت سنة، والنظام لم يسقط… حاولت العراق التدخل، لإيجاد حل سياسي، عن طريق الجامعة العربية، وخارجها، بجهود شخصية، ولكن لم تنجح، في جمع الطرفين على طاولة الحوار، بطريقة مباشرة، أم غير مباشرة، فالعراق مشتركة، وهي جزء من هذا الحلف، وستقحم في حال حصول الحرب، لأسباب سياسية استراتيجية، وللحفاظ على بقائها، لعدم الانجرار، إلى تقسيم داخلي على غرار ما هو مخطط لسوريا، في حال سقوط النظام السوري.
ايران
تعتبر ايران من القوى الاقليمية التي لا تستهان بها في الشرق الاوسط وهي حليف قوي لسوريا، وتسمي إيران، حلفها مع سوريا وحزب الله، بمثلث المقاومة، تمتلك طهران، ترسانة صاروخية كبيرة قادرة على ضرب الاهداف المعادية لها، ومنظومة صاروخية توفر لها قدرات مراوغة ومناورة، تمكنها من ضرب اهدافها بدقة عالية، ومنظومة دفاعية وقدرات كبيرة على تطوير الصواريخ البالستية، وتمتلك الأسلحة المضادة للسفن التي ازدادت قدراتها على اصابة الاهداف بدقة اكثر وعلى مسافة ابعد، وقوتها الاساسية تتركز في ما تملكه من قاذفات متحركة لإطلاق الصواريخ التي من الصعب تحديد مواقعها، بسبب انتشارها الكثيف، ومن طرف آخر البرنامج النووي الإيراني، وهو محور آخر من محاور الصراع الدائر في المنطقة، حيث اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية، عن امتلاك ايران لهذه الترسانة الصاروخية الكبيرة، القادرة على ضرب اهدافها بدقة، من خلال، تقريرها السنوي عن القوة العسكرية الإيرانية، وهو تقرير تعده اجهزة الاستخبارات الاميركية كل عام لتقييم القدرات الإيرانية… وتعتبر طهران، أن أي تدخل عسكري، في سوريا، تعني ضربة مباشرة لمثلث المقاومة، وأنها سوف ترد وبقوة، والالتفاف حول اسقاط النظام السوري، مؤامرة صهيونية، تعمل على ضرب مخططات المقاومة في المنطقة، فيما تتهم إيران بالدعم اللوجستي للنظام السوري، والدعم العسكري، وتدريب ميليشيات داخل سوريا، ووحدات قتالية، أما من وجهة نظر إيران، أن سوريا شريك استراتيجي لها، وكما يدعم الغرب المعارضة، وشركائها الآخرين، فمن حق ايران ان تدعم شركائها في المقاومة، لتدمير المخططات الصهيونية.
حزب الله
العدو اللدود لإسرائيل، ودرع المقاومة للمحور السوري، الإيراني، وحلفاء سوريا في لبنان، ضد المخططات الإسرائيلية في المنطقة، كما يسميها الاطراف الثلاثة، تملك حزب الله ترسانة صاروخية كبيرة، اثبتت قدرتها على اصابات الاهداف والمواجهة، ففي حرب تموز 2006، وبعد فوز حزب الله الحرب، على الجيش الإسرائيلي، برزت العديد من التساؤلات عن حجم القوة العسكرية لحزب الله، وعن قوة ترسانته الصاروخية، والتي تتعدى عشرات الآلاف، وفي الفترة الاخيرة مئات الآلاف، حسب خبراء عسكريين، وعن امتلاكه منصات لإطلاق الصواريخ، مما يمكنهم من اطلاق مجموعة كبيرة من الصواريخ دفعة واحدة، وحسب الخبراء ان الحزب، أستكمل الخطة الدفاعية لتحقيق منظومة التحصين الدفاعي، لتغطية نفوذه العسكري في مناطق متفرقة من جنوب لبنان، إن الجناح العسكري لحزب الله، في حالة شبه دائمة من التدريب العسكري، ويعتبرون من أفضل المقاتلين في المنطقة و الإقليم، لأن انتمائهم عقائدي، وهم مدربون على تغيير مواقعهم وأسلحتهم، بشكل مستمر، مستعملين الأنفاق والخنادق، المتفرقة في جميع المناطق الجنوبية من البلاد، حيث عجزت الاستخبارات الإسرائيلية من رصدهم، وفشلت باستعمال أكثر الأجهزة التكنولوجية تطوراً، في اكتشاف الاهداف العسكرية الحساسة للحزب، وأماكن تموضع منصات الصواريخ، بسبب التمويه، وبسبب نقلها الدائم، وتغيير مواقعها، ومن المعروف أن هناك وحدات عسكرية لحزب الله، تدرب في الاراضي السورية والإيرانية، من قبل النظامين، للتصدي للإسرائيليين، حسب قولهم.
في خطاب سابق، أشار الأمين العام ” لحزب الله ” حسن نصر الله، إلى دعم النظام السوري للحزب، في حرب تموز، وتزويده بالصواريخ السورية الصنع، الذي أمكن الحزب من الفوز في الحرب، وأشار ايضاً، نصر الله، أنهم سيردون وبشدة، إن تعرضت سوريا لأي هجوم، أو تدخل عسكري مباشر في الاراضي السورية، وستسقط مئات الآلاف من الصواريخ على اسرائيل، مما جعلت تل ابيب، تأخذ احتياطاتها، وتعلن عن حالة تأهب عالية للجيش، واسرع مسؤولون اسرائيليون، بالتهديد المباشر، بأن حزب الله والدولة اللبنانية سيدفعان الثمن، فكان رد الأمين العام ” لحزب الله ” حسن نصر الله، في خطابه الأخير المصادف، ليوم الجمعة الوقع في 17. 08. 2012، في يوم القدس العالمي، كما تناولت وسائل الإعلام المختلفة، أن بإمكان حزب الله، أن يحول حياة “مئات الاف الاسرائيليين” الى جحيم في حال تعرضه لهجوم من الدولة العبرية، وفي حال حصولها “يمكن الحديث عن عشرات الاف القتلى، وليس عن 300 او 500 قتيل”، واشار إلى أن ” احداثيات الاهداف موجودة لدى الحزب”، وحسب خبراء ومحللين، ان “حسن نصر الله إذا وعد فعل”، وهدد ايضاً بأنه لن يتردد عن استعمالها في حال، ظهور أي خطر على البلاد.
هذا المحور، يعتبر نفسه مستهدفاً من قوى اقليمية، ودولية، وأنه يتعرض لمؤامرة، تحاول السيطرة على الموارد الاقتصادية، والاستفادة من الموقع الاستراتيجي، لهذه الدول، لفرض سيطرتها على العالم من هذه البوابة، وانها تدافع عن حقوقها المشروعة، للبقاء على اراضيها التاريخية، وان الامور الداخلية، تبقى داخلية، ولا يحق لأحد، ولأي قوى اقليمية، ام دولية، التدخل في شؤونها الداخلية… في الجزء القادم سنناقش، ونرى محاور الحلفاء الأخرى، ممن يتألفون، وعن تطلعاتهم، ووجهة نظرهم، لما يجري في هذه الدول، من انتهاكات لحقوق الانسان، حسب تعبيرهم، سنرى الامور من وجهة نظر مختلفة تماماً، والحديث ذو شجون.
ايلاف